|
||
. | ||
الاعتكاف: ثالثًا: الحكمة من مشروعيته: قائمة محتويات هذا الملف |
||
|
||
ثالثًا: الحكمة من مشروعيته: قال ابن القيم: "لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفاً على جمعيّته على الله، ولمّ شَعَثِه بإقباله بالكليّة على الله تعالى، فإن شعث القلب لا يلمّه إلا الإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام، مما يزيده شعثاً ويشتّته في كل وادٍ، ويقطعه عن سيده إلى الله ـ تعالى ـ، أو يضعفه، أو يعوقه ويوقفه: اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوِّقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة، بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يضره ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم"([1]). والحكمة من تخصيصه صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان قد بيَّنها عليه السلام، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط... ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه، فقال: ((إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أتيت فقال: إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف))، فاعتكف الناس معه...([2]). |
||
. |