|
||
. | ||
مخالفات في شهر رمضان: ثانيًا: محرمات يقع فيها البعض في رمضان: قائمة محتويات هذا الملف |
||
|
||
ثانياً: محرمات يقع فيها البعض في رمضان: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))([1]). قال ابن بطال: "قال المهلب: فيه دليل أن حكم الصيام الإمساك عن الرفث وقول الزور، كما يمسك عن الطعام والشراب، وإن لم يمسك عن ذلك فقد تنقَّص صيامه وتعرّض لسخط ربه وترك قبوله منه. وقال غيره: وليس معناه أن يؤمر بأن يدع صيامه إذا لم يدع قول الزور؛ وإنما معناه التحذير من قول الزور، وهذا كقوله عليه السلام: ((من باع الخمر فليشقص الخنازير))([2]) يريد أن يذبحها، ولم يأمره بشقصها، ولكنه على التحذير والتعظيم لإثم شارب الخمر، فكذلك حذر الصائم من قول الزور والعمل به ليتم أجر صيامه" ([3]). ونقل الحافظ ابن حجر عن السبكي قوله: "الرفث والصخب، وقول الزور، والعمل به مما عُلم النهي عنه مطلقاً، والصوم مأمور به مطلقاً، فلو كانت هذه الأمور إذا حصلت فيه لم يتأثر بها لم يكن لذكرها فيه مشروطةً فيه معنى يفهمه، فلما ذكرت في هذين الحديثين نبهتنا على أمرين: أحدهما زيادة قبحها في الصوم على غيرها. والثاني: البحث على سلامة الصوم عنها، وأن سلامته منها صفة كمال فيه، وقوة الكلام تقتضي أن يقبح ذلك لأجل الصوم، فمقتضى ذلك أن الصوم يكمل بالسلام عنها، قال: فإذا لم يسلم عنها نقص"([4]). قال تعالى: {قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ} [النور:30]. وقال أيضا: {وَقُل لّلْمُؤْمِنَـٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـٰرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[النور:31]. قال الحافظ ابن كثير عن الآية الأولى: "هذا أمرٌ من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرّم عليهم فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يغمضوا أبصارهم عن المحارم"([5]). وقال في الآية الأخرى: "هذا أمرٌ من الله تعالى للنساء المؤمنات وغيرةٌ منه لأزواجهن عباده المؤمنين، وتمييزٌ لهن عن صفة نساء الجاهلية وفعال المشركات"([6]). "للعين أيضاً صيام وأي صيام! صيام العين غضها عن الحرام وإغماضها عن الفحشاء، وإغلاقها عن المناهي، إذا دخل رمضان طُلب من العين أن تصوم طاعة للحي القيوم، فكم للجوع من فضل على العين! ولما أطلق العابثون أبصارهم، وطفحوا بأعينهم؛ وقعوا في براثن المعصية وفي أحابيل الفاحشة، ومن الناس من يصوم بطنه عن الشراب والطعام وترتع عينه في خمائل الحرام، فهذا الصائم ما عرف حقيقة الصيام"([7]). عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما الغيبة؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذكرك أخاك بما يكره))، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته))([8]). قال القاضي عياض: "الاغتياب محرم، وأصله: ذكر الإنسان بما يسوءه في غيبته والبهت في وجهه، وكلاهما مذموم بحق أو باطل"([9]). قال الحافظ ابن حجر " [فيه] إشارة إلى أن الغيبة تضر بالصيام"([10]). وقال الشيخ ابن جبرين بعدما تكلم عن الغيبة: "فالحاصل أن هذه الأشياء مما تخل بالصيام وإن كانت غير مبطلة إبطالاً كلياً، ولكنها تنقص ثوابه"([11]). قال تعالى: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [لقمان:6]. قال ابن مسعود رضي الله عنه في تفسيرها: (الغناء، والذي لا إله إلا هو)، يرددها ثلاث مرات([12]). وجاء عن ابن عباس نحوه([13]). "الأذن تصوم عن سماع الخنا والغناء، وعن الفحش والبذاء، وللأبرار صيام عظيم عن سماع ما يغضب الله عز وجل في رمضان وغيره"([14]). قال سماحة الشيخ ابن عثيمين: "المؤسف أن كثيراً من الصائمين لا يفرقون بين صومهم وفطرهم، فهم على العادة التي هم عليها من الأقوال المحرمة من كذب وغش وغيره، ولا تشعر أن عليهم وقار الصوم، وهذه الأفعال لا تبطل الصوم ولكن تُنقص من أجره، وربما عند المعادلة تضيِّع أجر الصوم كله، والله المستعان"([15]). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام جُنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم – مرتين –)) الحديث([16]). قال الإمام الشافعي: "وأحب له أن ينزه صيامه عن اللغط والمشاتمة، وإن شوتم أن يقول: أنا صائم"([17]). قال الحافظ ابن حجر: "المراد من الحديث أنه لا يعامله بمثل عمله بل يقتصر على قوله: ((إني صائم))"([18]). وانظر كلام الشقيري في الفقرة التالية. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))([19]). قال الشقيري: "ومن الجرائم والفظائع الكبيرة شدة حماقة وغضب كثير من الصائمين لأدنى سبب يعرض لأحدهم، وربما أدَّاه جهله إلى سب دين الإسلام فيكفر وهو متلبّس بأعظم قربة شرعها الله لتهذيب النفوس وتدريبها وحثِّهم على التعوّد على الخصال الحميدة، والأخلاق الطاهرة، والأفعال المرضيّة، وَيْ ! كأنهم لم يقرءوا قول الله تعالى: {وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَـٰهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً} [الفرقان:63]. أي: إذا سفه عليهم الجهال بالقول السّيئ لم يقابلوهم عليه بمثله، بل يعفون ويصفحون ولا يقولون إلا خيراً، كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم لا تزيده شدة الجهل إلا حلماً"([20]). ويكثر اللغط والسباب وتبادل الشتائم قُبيل المغرب أمام بعض المحلات، كما هو مشاهدٌ في الأسواق، والله المستعان. فالواجب على كل مسلمٍ أن يتجنّب مواقع اللغط ليصون بذلك صومه، ويحفظه عن كل نقص، إذ ليس من المعقول أن ينقص الإنسان صومه لأجل حفنةٍ من طعام أو حسوة من شراب!. 8/1 الاختلاط الواقع يوم الختم: قال الطرطوشي: "وأما إن كان على الوجه الذي يجري في هذا الزمان، من اختلاط الرجال والنساء، ومُضامة أجسامهم، ومزاحمة من في قلبه مرضٌ من أهل الريبة، ومعانقة بعضهم لبعض كما حكي أن رجلاً وُجد يطأ امرأة وهم وقوفٌ في زحام الناس، وحكت لنا امرأة أن رجلاً واقعها فما حال بينهما إلاّ الثياب، وأمثال ذلك من الفسق واللغط ؛ فيفسق الذي يكون سبباً لاجتماعهم"([21]). قال الله تعالى : {ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:55]. عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أنه سمع ابنًا له يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض من الجنة عن يميني، قال له: يا بني سل الله الجنة، وتعوذه من النار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيكون بعدي قومٌ من هذه الأمة يعتدون في الدعاء والطهور))([22]). 2. محرمات متعلقة بالإمساك والإفطار: قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: "حكم من ترك صوم رمضان وهو مكلّف من الرجال والنساء أنه قد عصى الله ورسوله، وأتى كبيرةً من كبائر الذنوب، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وعليه القضاء لكل ما ترك، مع إطعام مسكين عن كل يوم إن كان قادراً على الإطعام، وإن كان فقيراً لا يستطيع الإطعام كفاه القضاء والتوبة ؛ لأن صوم رمضان فرضٌ عظيم قد كتبه الله على المسلمين المكلفين، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحد أركان الإسلام الخمسة. والواجب تعزيره على ذلك، وتأديبه بما يردعه إذا رُفع أمره إلى ولي الأمر أو إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. هذا إذا كان لا يجحد وجوب صيام رمضان، أما إن جحد وجوب صوم رمضان، فإنه يكون بذلك كافراً مكذباً لله ورسوله، يستتاب من جهة ولي الأمر بواسطة المحاكم الشرعية، فإن تاب وإلا وجب قتله لأجل الردّة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من بدّل دينه فاقتلوه))([23])"([24]). 2/2 بلع الدم أو القلس ([25]) أو القيء أو أي شيء: قال ابن قدامة: " فإن سال فمه دماً، أو خرج قلسٌ أو قيء، فازدرده أفطر، وإن كان يسيراً لأن الفم في حكم الظاهر، والأصل حصول الفطر بكل واصلٍ منه، لكن عُفي عن الريق ؛ لعدم إمكان التحرز منه، فما عداه يبقى على الأصل، وإن ألقاه من فيه، وبقي فمه نجساً، أو تنجس فمه بشيء من خارج، فابتلع ريقه، فإن كان معه جزءٌ من المنجّس أفطر بذلك الجزء، وإلاَّ فلا"([26]). قال تعالى: {يَـٰبَنِى ءادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31]. وقال تعالى: {وَءاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا Z إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوٰنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِرَبّهِ كَفُورًا} [الإسراء:26، 27]. أصبح رمضان في أذهان كثير من الناس – بل في تطبيقاتهم العملية كذلك – مقترناً بالشَّرَه، والإسراف، والصائم بعيدٌ عنهما. أما بُعده عن الشره؛ فلأن الشره والشهوة أخوان، وإنما افترض الله رمضان على المسلمين ليضيقوا على الشهوة مساربها، ويضيعوا على النفس الأمارة مآربها، فمن هنا كان الصائم بعيداً عن الشره. وأما بُعده عن الإسراف، فلأن الله لا يحب المسرفين، ولكنه يحب الصائمين. "ومن أجل هذا يتحتم على الصائمين أن يوازنوا في هذا الشهر الكريم المبارك وأن يقارنوا بين الملذات الروحية والملذات الجسدية، ولتكن الأولى في حياتهم أكثر نصيباً، ذلك لأن تغليب لذة الجسم إنما يكون على حساب لذة الروح"([27]). قال سماحة الشيخ ابن عثيمين عن ظاهرة التهافت على الأطعمة في رمضان: "أرى أن هذا في الحقيقة يتضمن إضاعة الوقت وإضاعة المال، إذا كان الناس ليس لهم همٌ إلا تنويع الطعام – إلى أن قال - وكذلك لا يسرف في المآكل والمشارب، وينبغي لمن عندهُ القدرة أن يحرص على تفطير الصوام، إما في المساجد أو في أماكن أخرى ؛ لأن من فطّر صائماً كان له مثل أجره، فإذا فطر الإنسان إخوانه الصائمين، فإن له مثل أجورهم، فينبغي أن ينتهز الفرصة من أغناه الله تعالى حتى ينال أجراً كثيراً"([28]). 4/2 الفطر مع عدم التيقُّن من الغروب: عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلاً وعراً فقالا لي: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا أنا بأصوات شديدة فقلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عويّ أهل النار، ثم انطلق بي فإذا أنا بقومٍ معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دماً قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم))([29]). قال ابن حزم: "من أكل شاكاً في غروب الشمس أو شرب فهو عاصٍ لله تعالى، مفسدٌ لصومه"([30]). وقال ابن القيم: "إذا شك الصائم في غروب الشمس لم يجز له الفطر، ولو أكل أفطر"([31]). قال ابن حزم: "... لو أفطر على خمرٍ أو لحم خنزير أو زنى فصومه تام وهو عاصٍ لله تعالى"([32]). ومن ذلك الفطر على الدخان أو الشيشة أو على طعام من كسب حرام، فكل هذا من المحرمات التي تستوجب الإثم، وتنقص من أثر الصيام في النفس. 3. محرّمات تقع فيها بعض النساء: 1/3 خلوة المرأة بالسائق الأجنبي عند توصيلها إلى المسجد: "بعض النساء لا يَذْهَبن إلى هذه المساجد إلا مع سائق، وقد يكون غير مسلم، وهذه - والله - أعظم حرمة وفتنة، فلا تُدرك النوافل بارتكاب المحرمات"([33]). 2/3 تطيب النساء عند الذهاب إلى المسجد: عن أبي رُهم أن أبا هريرة لقي امرأة قبطية، تريد المسجد، فقال: يا أمة الجبار، أين تريدين؟ قالت: المسجد، قال: وله تطيبت؟ قالت: نعم، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أيما امرأة تطيبت، ثم خرجت إلى المسجد، لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل))([34]). "من المخالفات التي يجب على المرأة أن تتجنبها حين ذهابها إلى المسجد التطيب، وهذا منهيٌ عنه؛ للحديث المذكور، فلا يجوز للمرأة أن تتعطر أو تتطيب وهي خارجة من منزلها، كما أنه لا يجوز أن تتبخر بالمجامر لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء)) ([35]). وعليه فإنه لا يجوز للمرأة أن تصيب بخوراً في المسجد كما هو حاصلٌ في كثير من المساجد، إذ النساء يصبن بخوراً وهن في المساجد، فالنهي عام داخل المسجد أو خارجه"([36]). 3/3 التساهل في الخروج إلى الأسواق: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته))([37]). وللأسف الشديد قد تنازل الرجال عن قوامتهم وأهملوا مسؤولياتهم من جهة "التسهيل للنساء ليخرجن إلى الأسواق في ليالي رمضان، ومع سائق أجنبي، وبلا محرم بدون حاجة غالباً"([38])، والله المستعان. 1/4 أخذ القناديل من مسجد إلى مسجد آخر، أو إلى البيت، وتعبّدهم بكثرة الإيقاد. قال ابن الحاج: "وبعضهم يفعلون فعلاً محرماً، وهو أنهم يستعيرون القناديل من مسجد آخر وهو لا يجوز، لأن قناديل هذا المسجد وقف عليه، فلا يجوز إخراجها منه، ولا استعمالها في غيره، ومنهم من يفعل ما هو أشد مما ذكر ؛ وهو أن من كان عنده فرح في طول السنة استعار القناديل من مسجد استعملها في بيته للسماع والرقص وما شاكل ذلك، ثم أفضى ما ذكر من الوقود إلى اجتماع أهل الريب والشك والفسوق، ومن لا يرضى حاله، حتى جر ذلك إلى اجتماع الرجال والنساء في موضع واحدٍ مع اختلاط بعضهم ببعض، وانضاف إلى ذلك سبب كثرة الوقود اجتماع اللصوص وتشويشهم على بعض الحاضرين، وانضاف إليه أيضاً كثرة اللغط في المسجد ورفع الأصوات فيه والقيل والقال، إذ أنه يكون الإمام في الصلاة، وكثير من الناس يتحدثون ويخوضون في الأشياء التي ينزه المسجد عن بعضها في غير رمضان، فكيف بها في شهر رمضان، فكيف بها في ليلة الختم منه، فليتحفظ من هذا كله وما شاكله جهده"([39]). 2/4 مجالس القمار وحفلات الرقص والمنكرات وغيرها: قال الشيخ أبو بكر الجزائري: "وانظر ما عليه أغلب المسلمين اليوم من استهتارٍ برمضان، واستخفاف بحرمة الصيام، حتى إن الأغاني الماجنة ومجالس القمار، وندوات الغيبة والنميمة، وحفلات الرقص والدعارة، لا يعرفها الكثير إلا في شهر رمضان المبارك، ثم احكم بما تراه، وهل تستطيع أن تحكم بغير فساد حال المسلمين اليوم، وضعفهم في دينهم"([40]). قال سماحة الشيخ ابن باز: "الصحيح أن تارك الصلاة عمداً يكفر بذلك كفراً أكبر، وبذلك لا يصح صومه ولا بقية عباداته حتى يتوب إلى الله سبحانه، لقول الله عز وجل: {وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام:88]، وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث. وذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنّه لا يكفر بذلك، ولا يبطل صومه، ولا عبادته إذا كان مقراً بالوجوب، ولكنه ترك الصلاة تساهلاً وكسلاً. والصحيح القول الأول، وهو أنه يكفر بتركها عامداً، ولو أقر بالوجوب لأدلةٍ كثيرة منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الكفر الشرك ترك الصلاة))([41]). خرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))([42])، خرّجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه"([43]). 4/4 السهر المفضي إلى ترك صلاة الفجر أو ترك الجماعة: مِن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين: السهر ليلة الصيام، ثم النوم عن صلاة الصبح، فلا يصليها البعض إلا في الضحى، وذلك تفريطٌ في هذه الفريضة([44]). وكذلك التفريط في أداء الصلاة جماعة كالظهر والعصر لعذر الكسل أو النوم، أو الاشتغال بما لا يجدي([45]). 5/4 إضاعة الأوقات في المحرمات: مِنَ المخالفات في رمضان: "إضاعة الأوقات الشريفة في اللهو واللعب، ومشاهدة الألعاب والأفلام والألغاز، والأحاجي، والتسكع في الطرقات"([46]). "وهؤلاء على صنفين: 1. من يهمل رعيته التي استرعاه الله إياها بتركهم في بلدهم بلا رقيب، والبعد عنهم مدة طويلة؛ فيضيع الأولاد، وتختل تربيتهم، وتهمل المرأة، والبيت يحتاج إلى راعٍ فيه يأمر بالمعروف، ويوقظ أهل البيت للصلاة، وينهى عن المنكر فيه، ويسوسه ويرعاه. 2. الصنف الثاني في الإهمال والتفريط من يذهب بأهل بيته جميعاً معه من زوجة وبنات وأبناء، ثم يتركهم في مكة المكرمة، لا ضابط لدخولهم وخروجهم، فتحدث مفاسد عظيمة لا يعلمها إلا الله عز وجل في هذه البقعة المباركة التي قال الله تعالى عنها: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:25]. وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أبغض الناس إلى الله ثلاثة)) وذكر منهم: ((ملحدٌ في الحرم)) ([47]). وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: ((لو أن رجلاً همّ فيه بإلحادٍ وهو بِعَدْنِ أَبْيَنِ، لأذاقه الله عذاباً أليماً))([48]). وغالب من يسافر إلى هناك يرى من تصرّفات المراهقين والمراهقات والنساء عموماً، ما يندى له الجبين وينزف له القلب، بسبب الإهمال وعدم وجود الرقيب، وكفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يعول. فلا تكن أيها الأب بإقامتك واعتكافك في الحرم آثماً، وترجع وأنت تحمل أوزار من تعولهم، والأولى والأحسن والأتمّ في ذلك كله: أن يذهب الأب وأهل بيته سواء لأداء العمرة، ثم يعودون إلى ديارهم بعد انتهائها مباشرةً، فيكون الأب قد جمع الحُسنيين من عمرةٍ له ولأهل بيته، وتعويدهم على فعل الطاعات، وأهم من ذلك محافظته على فلذات كبده"([49]). "ومن صور الإسراف الإسراف في الإعداد لعيد الفطر، وتكليف النفس فوق طاقتها، والتبذير من الإنفاق من لباس وهيئة ولعب ومباهج، حتى إنك لترى بعض الفئات من الناس ينفقون الألوف المؤلفة في هذه الترهات بينما هم من أبخل الناس في أبواب الخير وفي طريق البر، فيا من أنعم الله عليه بالمال، في المجتمع يتيم، وفي الناس مسكين، وفي جوارك فقير، ألا تطعم جائعاً، ألا تكسو عارياً، ألا تبني مسجداً، ألا توصل منقطعاً، ألا تفكّ كربة مكروب!"([50]). ([1]) رواه البخاري (2/31) كتاب الصوم، باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم رقم (1903). ([2]) رواه أبو داود (3/759)، كتاب البيوع والإجارات، باب في ثمن الخمر والميتة رقم (3489) والإمام أحمد في المسند (4/253). والدارمي في السنن كتاب البيوع باب النهي عن بيع الخمر وشرائها (2102)، والحديث أعله الإمام أحمد في العلل (2/7)، وأبو حاتم في العلل (1/385). ([3]) شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/23). ([4]) فتح الباري (4/117). ([5]) تفسير ابن كثير (3/451). ([6]) المرجع السابق (3/453). ([7]) ثلاثون درساً للصائمين لعائض القرني (ص32-34) باختصار. ([8]) رواه مسلم (4/2000) كتاب البر والصلة باب تحريم الغيبة رقم (2589). ([9]) إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (8/60). ([10]) فتح الباري (4/104). ([11]) فتاوى الصيام لابن جبرين. ([12]) أخرجه الطبري في جامع البيان (20/127). ([13]) أخرجه الطبري في جامع البيان (20/128). ([14]) ثلاثون درساً للصائمين (ص35). ([15]) فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (1/502). ([16]) رواه البخاري (2/29) كتاب الصوم باب فصل الصوم رقم (1894)، ومسلم (2/806)، كتاب الصيام باب حفظ اللسان للصائم رقم (1151) ([17]) الأم (2/138). ([18]) فتح الباري (4/105). ([19]) رواه البخاري (4/112) كتاب الأدب باب الحذر من الغضب، ومسلم (4/2014) كتاب البر والصلة، باب فضل من يمسك نفسه عند الغضب رقم (2609). ([20]) السنن المتبدعات (ص141). ([21]) كتاب الحوادث والبدع (ص75) وانظر: المدخل لابن الحاج (2/446). ([22]) رواه أحمد في مسنده (4/87)، وأبو داود (1/169) كتاب الصلاة باب الدعاء رقم (1480)، وابن ماجه (2/1271): إسناده حسن لا بأس به. ([23]) رواه البخاري (4/279) كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم باب إثم من أشرك بالله رقم (6922). ([24]) مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (3/219، 220) وانظر: المحلى (6/242)، والكبائر للذهبي (ص64) والزواجر عن اقتراف الكبائر (1/445-446). ([25]) القلس: ما خرج من الجوف ملء الفم، أو دونه وليس بقيء، انظر: النهاية في غريب الحديث (4/100). ([26]) المغني (4/355-356). ([27]) التبيان والإتحاف في أحكام الصيام والاعتكاف للدكتور فضل حسن عباس (ص45). ([28]) الفتاوى لابن عثيمين كتاب الدعوة (1/178، 179). ([29]) رواه الحاكم (1/431)، وابن حبان (16/536)، والبيهقي في الكبرى (4/216) والطبراني في الكبير (8/184) رقم (7667)، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ولم يتعقّبه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/76-77): رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. ([30]) المحلى (6/230). ([31]) بدائع الفوائد (3/231)، وانظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/446). ([32]) المحلى (7/31). ([33]) المرأة في رمضان لمحمد بن راشد العقيلي (ص24). ([34]) رواه ابن ماجه (2/1326) كتاب الفتن باب فتنة النساء رقم (4002) واللفظ له وأبو داود (4/401) كتاب الترجل باب ما جاء في المرأة تتطيب للخروج (4174)، وابن خزيمة (3/92) في جماع أبواب صلاة النساء في الجماع، باب إيجاب الغسل على المتطيبة للخروج إلى المسجد رقم (1682) وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (3233). ([35]) رواه مسلم كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد (444)، وأبو داود كتاب الترجل ما جاء في المرأة تتطيب للخروج (4175)، والنسائي كتاب الزينة باب النهي للمرأة أن تشهد الصلاة، إذا أصابت طيباً (5128). ([36]) المرأة في رمضان لمحمد بن راشد (ص24-25) باختصار. ([37]) رواه البخاري (1/304) كتاب الجمعة باب الجمعة في القرى والمدن رقم (853)، ومسلم(3/1459) كتاب الإمارة باب فضيلة الإمام العادل رقم (1829). ([38]) 40 درساً لمن أدرك رمضان (ص28). ([39]) المدخل (2/450). ([40]) رسالة رمضان للشيخ أبي بكر الجزائري (ص133). ([41]) رواه مسلم (1/88) كتاب الإيمان باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة رقم (82). ([42]) رواه الترمذي (5/13) كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة رقم (2621) والنسائي (1/231) كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة رقم (463) وابن ماجه (1/342) كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب ما جاء فيمن ترك الصلاة رقم (1079) وأحمد (5/346)، رقم (22987) وقال العجلوني في كشف الخفاء (1/347) :رواه الطبري عن ثوبان بإسناد صحيح. ([43]) تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص177-178). ([44]) 40 درساً لمن أدرك رمضان (ص27). ([45]) 40 درساً لمن أدرك رمضان (ص26). ([46]) 40 درساً لمن أدرك رمضان (ص27). ([47]) رواه البخاري (4/269) كتاب الريات باب من طلب دم امرئ بغير حق رقم (6882). ([48]) رواه الحاكم (2/420) وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"،وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/70): "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح". ([49]) 40 درساً لِمَنْ أدرك رمضان (ص122-123). ([50]) ثلاثون درساً للصائمين (ص60). |
||
. |