.

  أشراط الساعة الصغرى: 50-62:         الصفحة السابقة       (عناصر البحث)

 

50- حسر الفرات عن جبل من ذهب:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيقتل من كلّ مائة تسعة وتسعون، ويقول كلّ رجل منهم: لعلّي أكون أنا الذي أنجو))[1].

قال الشيخ يوسف الوابل: "وليس المقصود بهذا الجبل من ذهب النفط البترول الأسود كما يرى ذلك أبو عبية في تعليقه على النهاية لابن كثير[2]، وذلك من وجوه:

1- أن النص جاء فيه: ((جبل من ذهب)) والبترول ليس بذهب على الحقيقة؛ فإن الذهب هو المعدن المعروف.

2- أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن ماء النهر ينحسر عن جبل من ذهب، فيراه الناس، والنفط أو البترول يستخرج من باطن الأرض بالآلات من مسافات بعيدة.

3- أن النبي صلى الله عليه وسلم خصّ الفرات بهذا دون غيره من البحار والأنهار، والنفط نراه يستخرج من البحار كما يستخرج من الأرض، وفي أماكن كثيرة متعددة.

4- أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الناس سيقتتلون عند هذا الكنز، ولم يحصل أنهم اقتتلوا عند خروج النفط من الفرات أو غيره"[3].

51- كثرة المطر وقلة النبات:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطرا لا تكنّ منه بيوت المدر، ولا تكنّ منه إلا بيوت الشعر))[4].

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليست السِّنة بأن لا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئا))[5].

52- نفي المدينة لشرارها ثم خرابها آخر الزمان:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلمّ إلى الرخاء، هلمّ إلى الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. والذي نفسي بيده، لا يخرج منهم أحد رغبةً عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه. ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث. لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد))[6].

53- استحلال البيت الحرام وهدم الكعبة:

عن سعيد بن سمعان قال: سمعت أبا هريرة يخبر أبا قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يبايع لرجل ما بين الركن والمقام، ولن يستحلّ البيتَ إلا أهله، فإذا استحلّوه فلا تسأل عن هلكة العرب، ثم تأتي الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبداً، وهم الذين يستخرجون كنزه))[7].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة))[8].

وقد حدث القتال في مكة مرات عديدة، وأعظم ما وقع من القرامطة في القرن الرابع الهجري، حيث قتلوا المسلمين في المطاف، وقلعوا الحجر الأسود، وحملوه إلى بلادهم، ثم أعادوه بعد مدة طويلة[9].

54- صدق رؤيا المؤمن:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة))[10].

قال ابن أبي جمرة رحمه الله: "معنى كون رؤيا المؤمن في آخر الزمان لا تكاد تكذب أنها تقع غالبا على الوجه الذي لا يحتاج إلى تعبير، فلا يدخلها الكذب، بخلاف ما قبل ذلك، فإنها قد يخفى تأويلها، فيعبرها العابر فلا تقع كما قال، فيصدق دخول الكذب فيها بهذا الاعتبار. والحكمة في اختصاص ذلك بآخر الزمان أن المؤمن في ذلك الوقت يكون غريباً، كما في الحديث: ((بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً)) أخرجه مسلم[11]، فيقل أنيس المؤمن ومعينه في ذلك الوقت، فيكرم بالرؤيا الصادقة"[12].

وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في تحديد الزمن الذي يقع فيه صدق رؤيا المؤمن على أقوال:

قال ابن حجر رحمه الله: "وحاصل ما اجتمع من كلامهم في معنى قوله: ((إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب)) إذا كان المراد آخر الزمان ثلاثة أقوال:

أحدها: أن العلم بأمور الديانة لما يذهب غالبه بذهاب غالب أهله، وتعذرت النبوة في هذه الأمة عوِّضوا بالمرأى الصادقة ليجدّد لهم ما قد درس من العلم.

والثاني: أن المؤمنين لما يقل عددهم ويغلب الكفر والجهل والفسق على الموجودين يؤنس المؤمن ويعان بالرؤيا الصادقة؛ إكراما له وتسلية.

وعلى هذين القولين لا يختصّ ذلك بزمان معين، بل كلّما قرب فراغ الدنيا وأخذ أمر الدين في الاضمحلال تكون رؤيا المؤمن الصادق أصدق.

والثالث: أن ذلك خاص بزمان عيسى ابن مريم. وأولها أولاها، والله أعلم"[13].

55- كثرة الكتابة وانتشارها:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم))[14].

وعن عمرو بن تغلب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أشراط الساعة أن يفشو المال ويكثر، وتفشو التجارة، ويظهر العلم، ويبيع الرجل البيع فيقول: لا حتى أستأمر تاجر بني فلان، ويلتمس في الحي العظيم الكاتب فلا يوجد))[15].

قال الشيخ حمود التويجري: "ومعناه والله أعلم ظهور وسائل العلم وهي كتبه، وقد ظهرت في هذه الأزمان ظهوراً باهراً، وانتشرت في جميع أرجاء الأرض، ومع هذا فقد ظهر الجهل في الناس، وقلّ فيهم العلم النافع، وهو علم الكتاب والسنة والعمل بهما، ولم تغن عنهم كثرة الكتب شيئاً"[16].

ومن وسائل انتشار العلم في هذا الزمان الشبكات العنكبوتية (الإنترنت).

56- التهاون بالسنن التي رغب فيها الإسلام:

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه السلام وهو يقول: ((إن من أشراط الساعة: أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين))[17].

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أمارات الساعة:... أن تتخذ المساجد طرقا))[18].

57- انتفاخ الأهلة:

 عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة))[19].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة، وأن يرى الهلال لليلة، فيقال: لليلتين))[20].

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أمارات الساعة أن يرى الهلال لليلة، فيقال: لليلتين))[21].

58- كثرة موت الفجأة:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أمارات الساعة:... أن يظهر موت الفجأة))[22].

قال الشيخ يوسف الوابل: "وهذا أمر مشاهد في هذا الزمن، حيث كثر في الناس موت الفجأة، فترى الرجل صحيحاً معافى ثم يموت فجأة، وهذا ما يسميه الناس في الوقت الحاضر بـ(السكتة القلبية). فعلى العاقل أن ينتبه لنفسه، ويرجع ويتوب إلى الله تعالى قبل مفاجأة الموت"[23].

59- كثرة النساء وقلة الرجال:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لأحدثنكم حديثا لا يحدثكم أحد بعدي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد))[24].

قال ابن حجر رحمه الله: "قيل: سببه أن الفتن تكثر فيكثر القتل في الرجال؛ لأنهم أهل الحرب دون النساء. وقيل: هو إشارة إلى كثرة الفتوح، فتكثر السبايا، فيتخذ الرجل الواحد عدة موطوءات. قلت: وفيه نظر؛ لأنه صرح بالقلة في حديث أبي موسى، فقال: ((من قلة الرجال وكثرة النساء))[25]. والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر، بل يقدر الله في آخر الزمان أن يقلَّ من يولد من الذكور، ويكثر من يولد من الإناث، وكون كثرة النساء من العلامات مناسبة لظهور الجهل ورفع العلم.

وقوله: ((لخمسين)) يحتمل أن يراد به حقيقة هذا العدد، أو يكون مجازا عن الكثرة، ويؤيده أن في حديث أبي موسى: ((وترى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة))[26].

وقال القرطبي رحمه الله: "في هذا الحديث علم من أعلام النبوة إذ أخبر عن أمور ستقع فوقعت، خصوصاً في هذه الأزمان"[27].

60- كثرة الكذب وعدم التثبت في نقل الأخبار:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم))[28].

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم))[29].

قال الشيخ يوسف الوابل: "وما أكثر الأحاديث الغريبة في هذا الزمان، فقد أصبح بعض الناس لا يتورّع عن كثرة الكذب ونقل الأقوال بدون تثبت من صحتها، وفي هذا إضلال للناس وفتنة لهم، ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تصديقهم"[30].

61- كثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق:

عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن بين يدي الساعة... شهادة الزور وكتمان شهادة الحق))[31].

قال الشيخ يوسف الوابل: "وشهادة الزور هي الكذب متعمّداً في الشهادة، فكما أن شهادة الزور سبب لإبطال الحق، فكذلك كتمان الشهادة سبب لإبطال الحق. وما أكثر شهادة الزور وكتمان الحق في هذا الزمن"[32].

62- وقوع التناكر بين الناس:

عن حذيفة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: ((علمها عند ربي، لا يجليها لوقتها إلا هو، ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين يديها. إن بين يديها فتنة وهرجاً))، قالوا: يا رسول الله، الفتنة قد عرفناها، فالهرج ما هو؟ قال: ((بلسان الحبشة القتل. ويلقى بين الناس التناكر، فلا يكاد أحد أن يعرف أحداً))[33].

قال الشيخ يوسف الوابل: "فوقع التناكر عند كثرة الفتن والمحن وكثرة القتال بين الناس، وحينما تستولي المادة على الناس، ويعمل كل منهم لحظوظ نفسه، غير مكترث بمصالح الآخرين ولا بحقوقهم، فتنتشر الأنانية البغيضة، ويحيى الإنسان في نطاق أهوائه وشهواته، فلا تكون هناك قيم أخلاقية يعرف بعض الناس بها بعضا، ولا يكون هناك من الأخوة الإيمانية ما يجعلهم يلتقون على الحب في الله والتعاون على البر والتقوى"[34].


[1] أخرجه البخاري في الفتن، باب: خروج النار (7119)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (2894) واللفظ له.

[2] النهاية (1/208).

[3] أشراط الساعة (ص 205).

[4] أخرجه أحمد (2/262)، وصححه ابن حبان (6770)، قال الهيثمي في المجمع (7/331): "رجاله رجال الصحيح"، وصحح إسناده أحمد شاكر.

[5] أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2904).

[6] أخرجه البخاري في الحج، باب: فضل المدينة وأنها تنفي الناس (1871) مختصرا، ومسلم في الحج (1381).

[7] أخرجه أحمد (2/291)، وأبو داود الطيالسي (1/312)، وابن أبي شيبة في المصنف (7/462)، وصححه ابن حبان (6827)، والحاكم (4/499)، والألباني في الصحيحة (579).

[8] أخرجه البخاري في الحج، باب: هدم الكعبة (1591)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (2909).

[9] أشراط الساعة (ص234-235).

[10] أخرجه البخاري في التعبير، باب: القيد في المنام (7017) واللفظ له، ومسلم في الرؤيا (2263).

[11] صحيح مسلم: كتاب الإيمان (145).

[12] ينظر: فتح الباري (12/406).

[13] فتح الباري (12/406-407).

[14] أخرجه أحمد (1/407)، وصحح إسناده أحمد شاكر.

[15] أخرجه النسائي في البيوع، باب: التجارة (4456)، وقال التويجري في إتحاف الجماعة (2/109): "إسناده صحيح على شرط الشيخين".

[16] إتحاف الجماعة (2/110).

[17] أخرجه الطبراني في الكبير (2/296)، والبيهقي في الشعب (8778)، وصححه ابن خزيمة (1326).

[18] أخرجه الطبراني في الأوسط (9376)، قال الهيثمي في المجمع (7/325): "رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه الهيثم بن خالد المصيصي، وهو ضعيف"، وصححه الضياء المقدسي في المختارة (2325)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5775).

[19] أخرجه الطبراني في الكبير (10/198)، وفيه عبد الرحمن بن يوسف، قال عنه الذهبي في الميزان (2/600): "مجهول"، والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع (5774).

[20] أخرجه الطبراني في الأوسط (6864) وفي الصغير (877)، قال الهيثمي في المجمع (3/146): "وفيه عبد الرحمن بن الأزرق الأنطالي، ولم أجد من ترجمه".

[21] أخرجه الطبراني في الأوسط (9376)، قال الهيثمي في المجمع (7/325): "رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه الهيثم بن خالد المصيصي، وهو ضعيف"، وصححه الضياء المقدسي في المختارة (2325)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5775).

[22] أخرجه الطبراني في الأوسط (9376)، قال الهيثمي في المجمع (7/325): "رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه الهيثم بن خالد المصيصي، وهو ضعيف"، وصححه الضياء المقدسي في المختارة (2325)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5775).

[23] أشراط الساعة (ص199).

[24] أخرجه البخاري في العلم، باب: رفع العلم وظهور الجهل (81) واللفظ له، ومسلم في العلم (2671).

[25] أخرجه مسلم في الزكاة (1012).

[26] أخرجه مسلم في الزكاة (1012).

[27] ينظر: فتح الباري (1/179).

[28] أخرجه مسلم في المقدمة (6).

[29] أخرجه مسلم في المقدمة (7).

[30] أشراط الساعة (ص195).

[31] أخرجه أحمد (1/407)، وصححه الحاكم (4/110)، وصحح إسناده أحمد شاكر.

[32] أشراط الساعة (ص196-197) بتصرف يسير.

[33] أخرجه أحمد (5/389)، قال الهيثمي في المجمع (7/309): "ورجاله رجال الصحيح". وله شاهد من حديث أبي موسى عند أبي يعلى (7228).

[34] أشراط الساعة (ص200).

 
.