|
||
. | ||
حقوق الجار: تاسعًا: آيات البحث: الصفحة السابقة الصفحة التاليـة (عناصر البحث) |
||
|
||
تاسعًا: آيات البحث: 1- قال الله تعالى: {وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً وَبِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّـٰحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} [النساء:36]. قال الماوردي رحمه الله: "{وَٱلْجَارِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ} فيه قولان: أحدهما: بمعنى ذي القرابة والرحم، وهم الذين بينك وبينهم قرابة نسب، وهذا قول ابن عباس ومجاهد. والثاني: يعني الجار ذي القربى بالإسلام. {وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ} فيه قولان: أحدهما: الجار البعيد في نسبه الذي ليس بينك وبينه قرابة، وهو قول ابن عباس ومجاهد. والثاني: أنه المشرك البعيد في دينه... {وَٱلصَّـٰحِبِ بِٱلجَنْبِ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الرفيق في السفر، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة. والثاني: أنها زوجة الرجل تكون في جنبه، وهو قول ابن مسعود. والثالث: أنه الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك، وهو قول ابن زيد"[1]. وقال الطبري: "وأولى القولين في ذلك بالصواب: قول من قال: معنى الجنب في هذا الموضع الغريب البعيد مسلمًا كان أو مشركًا، يهوديًا كان أو نصرانيًا؛ لما بينا قبل أن الجار ذي القربى هو الجار ذو القرابة والرحم، والواجب أن يكون الجار ذو الجنابة الجار البعيد؛ ليكون ذلك وصية بجميع أصناف الجيران قريبهم وبعيدهم. وبعد، فإنّ الجنب في كلام العرب البعيد، كما قال أعشى بني قيس: أتيت حريثًا زائرًا عن جنابة فكان حريث في عطائي جامدًا يعني بقوله: (عن جنابة) عن بُعد وغربة، ومنه قيل: اجتنبَ فلان فلانًا إذا بعُد منه، وتجنّبه غيره إذا منعه إياه، ومنه قيل للجنب: جنب؛ لاعتزاله الصلاة حتى يغتسل، فمعنى ذلك: والجار المجانب للقرابة... والصواب من القول في تأويل ذلك عندي أن معنى {وَٱلصَّـٰحِبِ بِٱلجَنْبِ} الصاحب إلى الجنب، كما يقال: فلان بجنب فلان وإلى جنبه، وهو من قولهم: جنب فلان فلانًا فهو يجنبه جنبًا إذا كان لجنبه، ومن ذلك جنَب الخيلَ إذا قاد بعضها إلى جنب بعض، وقد يدخل في هذا الرفيق في السفر والمرأة والمنقطع إلى الرجل الذي يلازمه رجاءَ نفعه؛ لأنّ كلّهم بجنب الذي هو معه وقريب منه، وقد أوصى الله تعال بجميعهم لوجوب حقّ الصاحب على المصحوب"[2]. وقال القرطبي رحمه الله بعد أن ساق أقوال المفسرين في قوله تعالى: {ٱلْجَارِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ}: "وعلى هذا فالوصاة بالجار مأمور بها مندوب إليها، مسلمًا كان أو كافرًا، وهو الصحيح. الإحسان قد يكون بمعنى المواساة، وقد يكون بمعنى حسن العشرة، وكف الأذى، والمحاماة دونه"[3]. وقال الجصاص رحمه الله أيضًا بعد أن ساق أقوال المفسرين في الآية: "والإحسان الذي ذكره الله تعالى يكون من وجوه: منها المواساة للفقير منهم إذا خاف عليه الضرر الشديد من جهة الجوع والعري. ومنها حسن العشرة، وكفّ الأذى عنه، والمحاماة دونه ممن يحاول ظلمه، وما يتبع ذلك من مكارم الأخلاق وجميل الفعال، ومما أوجب الله تعالى من حقّ الجوار الشفعة لمن بيعت دار إلى جنبه والله الموفق"[4]. وقال ابن العربي رحمه الله في هذه الآية: "والجيران ثلاثة: جار له حق واحد وهو المشرك، وجار له حقان الجار المسلم، وجار له ثلاثة حقوق الجار المسلم له الرحم. وهما صنفان: قريب وبعيد، وأبعده في قول الزهري من بينك وبينه أربعون دارًا. وقيل: البعيد من يليك بحائط، والقريب من يليك ببابه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل قال له: إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: ((إلى أقربهما منك بابًا))"[5]. 2- قال الله تعالى: {وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَـٰهَا لَكُمْ مّن شَعَـٰئِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰنِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَـٰهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحج:36]. ذكر بعض المفسرين أن معنى القانع في هذه الآية الجار، وهو قول مجاهد وإبراهيم[6]. 3- قال تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْء وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ} [فاطر:18]. قال عكرمة في قوله تعالى: {وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا} الآية، قال: "هو الجار يتعلّق بجاره يوم القيامة فيقول: يا ربّ، سل هذا لِمَ كان يغلِق بابه دوني؟"[7].
[1] النكت والعيون (1/485). [2] تفسير الطبري (5/80-82). [3] الجامع لأحكام القرآن (5/184). [4] أحكام القرآن (3/158). [5] أحكام القرآن (1/429). [6] انظر: تفسير الطبري (9/246)، وزاد المسير لابن الجوزي (5/433)، وأحكام القرآن للجصاص (5/82)، وفتح الباري (3/627)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/233). [7] انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/559). |
||
. |