|
||
. | ||
حقوق الجار: حادي عشر: ملحقات البحث: الصفحة السابقة (عناصر البحث) |
||
|
||
حادي عشر: ملحقات البحث: 1- من أقوال السلف: 1- قال الحسن رحمه الله تعالى: "ليس حُسن الجوار كفّ الأذى، ولكن حسن الجوار احتمال الأذى"[1]. 2- قال بعض العارفين: احفظ حقّ الجوار والجار، وقدّم الأقرب دارًا، وتفقّدهم بما أنعم الله به عليك، فإنّك مسؤول، وادفع عنهم الضّرر، وأردف عليهم الإحسان، وما سمّي جارًا لك إلا لميلك بالإحسان له، ودفع الضرر عنه، وميله لك بذلك، مِن جار إذا مال، إذ الجَور الميل، فمن جعله من الميل إلى الباطل الذي هو الجَور عرفًا فهو كمن يسمّي اللديغ سليمًا في النقيض، وإن كان الجار من أهل الجور أي: الميل إلى الباطل بكفر أو فسق فلا يمنعك ذلك من رعاية حقه[2]. 3- عن سلمان الفارسي قال: (إن من اقتراب الساعة أن يظهر البناء على وجه الأرض، وأن تقطع الأرحام، وأن يؤذي الجار جاره)[3]. 4- قال عبيد بن عمير: كان يقال: من حقّ الجار عليك أن تعرفه معروفك، وتكفّ عنه أذاك[4]. 2- قصص ومواقف: 1- عن مجاهد أن عبد الله بن عمرو ذبحت له شاة في أهله، فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه))[5]. 2- اشترى عبد الله بن عامر من خالد بن عقبة داره التي في السوق بتسعين ألف درهم، فلما كان الليل سمع بكاء أهل خالد، فقال لأهله: ما لهؤلاء؟ قالوا: يبكون على دارهم، قال: يا غلام، ائتهم فأعلمهم أن الدار والمال لهم جميعًا[6]. 3- باع أبو الجهم العدوي داره بمائة ألف درهم، ثم قال: فبكم تشترون جوار سعيد بن العاص؟ قالوا: وهل يشترى جوار قط؟ قال: ردوا عليّ داري، ثم خذوا مالكم، لا أدع جوار رجل إن قعدت سأل عني، وإن رآني رحّب بي، وإن غبت حفظني، وإن شهدتُ قرّبني، وإن سألته قضى حاجتي، وإن لم أسأله بدأني، وإن نابتني جائحة فرّج عني. فبلغ ذلك سعيدًا فبعث إليه بمائة ألف درهم[7]. 4- قسم أسماء بن خارجة قسمًا، فنسي جارًا له، فاستحى أن يعطيه وقد بدّى غيره، فدخل عليه، وصبّ عليه المال صبًا[8]. 5- أراد جار لأبي حمزة السكّري أن يبيع داره، فقيل له: بكم؟ قال: بألفين ثمن الدار، وبألفين جوار أبي حمزة، فوجّه إليه أبو حمزة بأربعة آلاف، وقال: لا تبع دارك[9]. 6- قال ابن الجنيد الدقاق: سئل أحمد بن حنبل عن الوليد بن القاسم الهمداني فقال: ثقة، كتبنا عنه، وكان جارًا ليعلى بن عبيد، فسألت يعلى عنه، فقال: نِعمَ الرجل، هو جارنا منذ خمسين سنة، ما رأينا إلا خيرًا[10]. 7- قال أبو داود السجستاني: إني لأغبط جيران سعيد بن عامر[11]. 8- روي عن سهل بن عبد الله التستري رحمه الله أنه كان له جار ذمّي، وكان قد انبثق من كنيفه إلى بيت في دار سهل بثق، فكان سهل يضع كلّ يوم الجفنة تحت ذلك البثق، فيجتمع ما يسقط فيه من كنيف المجوسي، ويطرحه بالليل حيث لا يراه أحد، فمكث رحمه الله على هذه الحال زمانًا طويلاً إلى أن حضرت سهلاً الوفاة، فاستدعى جاره المجوسي، وقال له: ادخل ذلك البيت، وانظر ما فيه، فدخل، فرأى ذلك البثق والقذر يسقط منه في الجفنة، فقال: ما هذا الذي أرى؟ قال سهل: هذا منذ زمان طويل يسقط من دارك إلى هذا البيت، وأنا أتلقّاه بالنهار، وألقيه بالليل، ولولا أنه حضرني أجلي وأنا أخاف أن لا تتّسع أخلاق غيري لذلك وإلا لم أخبرك، فافعل ما ترى، فقال المجوسي: أيها الشيخ، أنت تعاملني بهذه المعاملة منذ زمان طويل وأنا مقيم على كفري؟! مدّ يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ثم مات سهل رحمه الله[12]. 9- بلغ ابن المقفّع أن جارًا له يبيع داره في دَين ركبه، وكان يجلس في ظلّ داره، فقال: ما قمت إذًا بحرمة ظلّ داره إن باعها معدِمًا، فدفع إليه ثمن الدار، وقال: لا تبعها[13]. 10 - كان لأبي حنيفة جار بالكوفة إسكاف، يعمل نهاره أجمع، حتى إذا جنه الليل رجع إلى منزله وقد حمل لحمًا فطبخه، أو سمكة فيشويها، ثم لا يزال يشرب، حتى إذا دبّ الشراب فيه غنى بصوت وهو يقول: أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا ليوم كريهـةٍ وسـداد ثغـر فلا يزال يشرب ويردّد هذا البيت حتى يأخذه النوم، وكان أبو حنيفة يسمع جلبته، وأبو حنيفة كان يصلّي الليل كلّه، ففقد أبو حنيفة صوته، فسأل عنه، فقيل: أخذه العسس منذ ليال، وهو محبوس، فصلّى أبو حنيفة صلاة الفجر من غد، وركب بغلته، واستأذن على الأمير، قال الأمير: ائذنوا له، وأقبلوا به راكبًا، ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط، ففُعل، ولم يزل الأمير يوسّع له من مجلسه، وقال: ما حاجتك؟ قال: لي جار إسكاف، أخذه العسس منذ ليال، يأمر الأمير بتخليته، فقال: نعم وكلّ من أخذه بتلك الليلة إلى يومنا هذا، فأمر بتخليتهم أجمعين، فركب أبو حنيفة، والإسكافي يمشي وراءه، فلمّا نزل أبو حنيفة مضى إليه فقال: يا فتى أضعناك؟ قال: لا، بل حفظت ورعيت، جزاك الله خيرًا عن حرمة الجوار ورعاية الحقّ، وتاب الرجل ولم يعد إلى ما كان[14]. 11- شكا بعضهم كثرة الفأر في داره، فقيل له: لو اقتنيت هرًّا، فقال: أخشى أن يسمع الفأر صوتَ الهر، فيهرب إلى دور الجيران، فأكون قد أحببت لهم ما لا أحبّ لنفسي[15]. 12- قال الحسن بن عيسى النيسابوري: سألت عبد الله بن المبارك فقلت: الرجل المجاور يأتيني فيشكو غلامي أنه أتى إليه أمرًا، والغلام ينكره، فأكره أن أضربه، ولعله بريء، وأكره أن أدعه فيجد عليّ جاري، فكيف أصنع؟ قال: إن غلامك لعلّه أن يحدث حدثًا يستوجب فيه الأدب، فاحفظه عليه، فإذا شكاه جارك فأدّبه على ذلك الحدَث، فتكون قد أرضيتَ جارَك وأدّبت غلامك على ذلك الحدَث[16]. 13- جاءت امرأة إلى الحسن البصري تشكو الحاجة، فقالت: إني جارتك، قال: كم بيني وبينك؟ قال: سبع دور، أو قالت: عشر، فنظر تحت الفراش، فإذا ستّة دراهم أو سبعة، فأعطاها إياها، وقال: كدنا نهلك[17]. 14- قيل: نزل جراد بفناء شريف من العرب، فخرج أهل الحيّ ليأكلوه، فسمع أصواتهم، فخرج من خبائه، وقال: ما تبغون؟ قالوا: جارك الجراد، فقال: إذ سمّيتموه جاري لأقاتلنّكم عنه، فقاتلهم حتى دفع عنه؛ لكونهم سموه جارًا[18]. 15- كان لبعض جيران مالك بن دينار كلب ضعيف، فكان مالك يخرج له كل يوم طعامًا فيلقيه إليه[19]. 16- كان حسان بن أبي سنان بن ثابت تدخل العنز إلى منزله، فتأخذ الشيء، فإذا طردت قال لهم: لا تطردوا عنز جاري، دعوها تأخذ حاجتها[20]. 3- أحكام فقهية تخصّ الجوار: قال ابن رجب رحمه الله: "ومذهب أحمد ومالك أن يمنع الجار أن يتصرف في خاص ملكه بما يضر بجاره، فيجب عندهما كفّ الأذ ى عن الجار بمنع إحداث الانتفاع المضر به، ولو كان المنتفع إنما ينتفع بخاص ملكه"[21]. ومن فروع هذه المسألة: 1- ذهب بعض الفقهاء إلى منع الجار من التعلّي في بنائه على جاره إذا أدّى ذلك إلى الإضرار به، وبه قال الحنابلة وبعض متأخري الحنفية وبه قال ابن نافع من المالكية[22]. 2- ليس للجار الإشراف على دار جاره إن كان ذلك يؤدّي إلى الإضرار به، ككشف داره ورؤية نسائه، وينبغي أن يمنع منه، سواء أكان ذلك من خلال سطحه، أو من خلال الكوى والنوافذ التي في ملكه، وهو قول الإمام وأكثر المالكية، وعليه الفتوى عند متأخري الحنفية، وهو مذهب الحنابلة[23]. ومن الأحكام التي تتعلق بالجوار أيضا: 3- إذا امتدّت أغصان شجر الجار إلى ملك جاره، وانتشرت في هوائه، أو جاوزت جداره، وانتشرت عليه، فطالبه جاره بإزالتها، فإنه يلزم صاحب الأغصان إزالتها إذا طلب الجار ذلك، إما بليها إن أمكنه ذلك، وإما بقطعها، وإليه ذهب معظم الفقهاء[24]. 4- وحكم العروق هو حكم الأغصان عند الجماهير[25]. 5- من الحقوق المالية التي يستحقها الجار: تمكينه من الشفعة في ملك جاره إذا كان بين الجارين حقّ مشترك من حقوق الأملاك من طريق أو ماء أو نحو ذلك، وإلا فلا، وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم[26]. 4- مراجع للتوسع: - التقصير في حقوق الجار لمحمد بن إبراهيم الحمد. - حق الجوار لعبد الله بن فهد الحيد. - تذكير الأبرار بحقوق الجار لعبد الله بن جار الله الجار الله. - حق الجار لطه عبد الله العفيفي. - أحكام الجوار في الفقه الإسلامي لعبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن فايع (بحث ماجستير مطبوع). - إحياء علوم الدين. - جاري العزيز لأحمد بن عبد العزيز الحمدان. - مكارم الأخلاق للخرائطي. - مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا.
[1] انظر: جامع العلوم والحكم (1/273). [2] انظر: فيض القدير (3/79). [3] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (37547). [4] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (8323). [5] أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة، باب: ما جاء في حق الجوار (1943)، وقال: " هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وهو في صحيح سنن الترمذي (1585). [6] مختصر منهاج القاصدين (ص 203). [7] وفيات الأعيان (2/535). [8] سير أعلام النبلاء (3/536). [9] سير أعلام النبلاء (7/387) بتصرف. [10] سير أعلام النبلاء (9/439). [11] سير أعلام النبلاء (9/386). [12] الكبائر للذهبي (ص 208-209). [13] إحياء علوم الدين (2/232). [14] تاريخ بغداد (13/362-363). [15] إحياء علوم الدين (2/233). [16] إحياء علوم الدين (2/233). [17] مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (1/104). [18] فيض القدير (3/79). [19] مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (1/104). [20] مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (1/104). [21] جامع العلوم والحكم (1/271). [22] انظر: أحكام الجوار (ص 104-108). [23] انظر: أحكام الجوار (ص 112 –119). [24] انظر: أحكام الجوار (ص 124-125). [25] انظر: أحكام الجوار (126-128). [26] انظر: أحكام الجوار (ص 204-217). |
||
. |