مليونان وأربعمائة ألف طالب وطالبة سيتقدمون لإجراء الاختبارات في يوم غد بإذن الله سبحانه وتعالى، وإذا حسبت وتصوّرت هذا العدد وعرفت أن وراءهم أسرًا تنفق عليهم وإدارات للتعليم تعدّ المناهج ومدرسين وأنظمة تعليمية ومتابعة تقويمية عرفت أن قضية الاختبارات ليست سؤالاً وجوابًا، بل هي جزء من قضية كبرى في حياة المجتمع والأمة.
نعيش في هذه الأيام مع الاختبارات، وفيها من الطلاب الباذل والمقتصد والكسول، ولن يضيع الله جهد من أحسن عملا، فنسأل الله أن يعينهم ويسدّدهم ويرشد خطاهم ويحقّق مأمولهم.
في هذه الأيام يستعد الطلاب والطالبات ويتهيّئون لدخول الاختبارات بعد أن أمضوا شهورًا من العمل والجد والاجتهاد، فتجد الكل ينشطون بأنواع النشاط والاستعداد، فالاختبار فيه شيء من الرهبة، وهو يحدد مصير صاحبه ومستقبله الدنيوي، فتغمره الفرحة بالنجاح فيسرّ ويبتهج، أو يسودّ وجهه ويعلوه الاكتئاب بالفشل، ولذا فقد أصبحت قلوب الآباء والأولاد وجلة وأذهانهم قلقة، وقد أُعلنت في كثير من البيوت حالة الطوارئ، فالأب ينتظر بفارغ الصبر نتيجة ولده، وتراه يعِده ويمنِّيه ويتوعّده ويحذّره، وقد بذل من ماله وراحته وأعصابه من أجل ولده ونجاحه وشهادته، وهذا الأمر لا تثريب فيه لأنه من الأحاسيس الطبيعية التي فطر عليها الإنسان.
ولكن أيها الأبُ المشفقُ على ولده الخائفُ من إخفاقه وفشله، وأنت قد اهتممت بولدك هذا الاهتمام بشأن الاختبار، تعالَ معِي ننظر إلى جانب آخر مما يحتاجه هذا الولد؛ هل كان اهتمامك به بالقدر الذي أوليتَه لدراستِه واختباره؟! ولك أن تقارن وتستخرج النتيجة.
هب أن ولدك تأخّر في نومه عن وقت الاختبار: ما هي حالك؟ ما هو شعورك؟ كيف ستصنع؟ ألستَ ستسابق الزّمن ليدرك الاختبار؟! ولكن أرأيتَ إن نام يومًا أو أيامًا عن صلاته كيف سيكون موقفك يا تُرى؟ وأنت ـ أيها الأب المشفق ـ في كل يوم تسأله عما قدّمه في اختباره، وهل وُفّق للجواب الصواب؟ ولكن هل تسأله كلّ يوم عن أمر صلاته؟ وهل أداها في وقتها وحافظ عليها حيث ينادى بها؟
أيها الأب المشفق، هب أن ولدك قصّر في أداء ذلك الاختبار ولم يسدَّد للجواب الصحيح، ألا يضيق صدرك ويشتدّ همّك وغمّك ويأخذ بك الغضب كل مأخذ؟! وقد تنزِل به أشدّ أنواع العقوبة، ولكن أين ذلك كله حين تعلم بل وترى ولدك يرتكب معصية أو يضيّع واجبًا شرعيًا؟! وها أنت أيها الأب تمنعه أيام الاختبارات مما بين يديه من ملذّات ومُتَع كالتّلفاز والإنترنت والسهر مع الأصحاب والأصدقاء؛ لئلا يُشغل عن اختباره بأي شاغل، وهذا أمر حسن ولا شك، ولكن أين أنت عنه طوال العام حين يغلق عليه بابه ويشاهد ما يعرض عبر الشاشة مما هو معروف؟! وأين أنت عنه حين يخلو بنفسه أو يرتاد تلك المقاهي ويتنقّل بين مواقع الإنترنت السيّئة؟! وكم ليلة أمضاها ونهارٍ قطعه خارج البيت مع أصحابه وأصدقائه وأنت تعلم جيدًا ما يفعل كثير من الشباب حين يجتمعون؟! فماذا كان موقفك؟!
أيها الأب الحنون، ماذا فعلت لإعداد ولدك لاختبار مهمّ جدًا؛ اختبارٍ من فصلين لا ثالث لهما: فصلٍ في القبر، وآخرَ يوم القيامة، وليس هناك دورٌ ثانٍ ولا إعادة ولا حمل للمواد، ما هو إلا نجاحٌ لا رسوبَ بعده، أو رسوبٌ قد لا يكون بعده نجاح، ما هي إلاّ جنةٌ أو نار، فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ.
اختبارُ القبر سيسأل عنه كلّ إنسان: من ربك؟ ما دينك؟ ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ وهو اختبار مكشوف ليس فيه شيء من السّرِّية، وقد يبدو سهلاً يسيرًا، ولكن من الناس من إذا سئِل فيه أجاب، ومنهم من إذا سئل قال: هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون ذاك، فيقال له: لا دريت ولا تليت، يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ.
وأما الاختبار الآخر فيوم القيامة حين لا تزولُ قدما عبدٍ حتى يسأَل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟
أيها الأب الفاضل، ماذا تغني عنه شهادته أو تفوّقه؟! ماذا يغني عنه مركزه ومكانته إذا أوتي كتابه بشماله وقال: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ؟!
أيها المؤمنون، إن قضية التربية قضية مؤرقة وشائكة جدًا؛ حيث إن العوامل التي تدخل فيها وتؤثّر في مخرجاتها كثيرة ومعقّدة، بل ومتناقضة في كثير من الأحيان، وبالتالي فكما جاء في الأثر: (لا يجنَى من الشوك العنب)، وتأمل في واقع المجتمع وانظر حولك ترَ كلّ ما يهدم القيم والأخلاق، فكيف ترجَى ثمراتٌ طيبة للتربية في واقع لا يساعد على نجاحها بل هو يهدمها ويناقضها؟! فذاك أب مشغول بتجارته، وآخر غارق في عقاراته وعماراته، وثالث مستهلك بوظيفته صباح مساء، ورابع لا يكاد يضع عصا الترحال عن عاتقه، وخامس يقطع ليله مع أصدقائه ونهاره في عمله، وسادس مشغول بزوجه الجديدة التي أخذت عقلَه ولبَّه وقلبَه ووقته حتى أضحى كثير من الأولاد أيتامًا وآباؤهم على قيدِ الحياة.
وليست المشكلة فحسب أن هؤلاء الأولاد لم يجدوا من يربيهم، بل المشكلة أيضًا أن هناك وسائل بديلة قامت بتربيتهم، نسأل الله أن يصلح أولادنا، وأن يحفظهم من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
أيّها الإخوة، إنّ التربية تحتاج إلى صبر ومصابرة ودعاء ومتابعة، فربما استجاب الولد بعد حين وادّكر بعد أمة.
أيها الإخوة، ثمّة أمرُ الدعاء، فهذا إبراهيم عليه السلام يقول: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ، وزكريا عليه السلام دعا ربه فقال: رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ، وحين وهب الله له يحيا قال: وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا، ومن دعاء المؤمنين: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا. فما أحرانا أن نخصَّهم بدعوة خالصة في ساعة من ليل أو نهار، لعل الله أن يفتح لها باب القبول.
معشر المؤمنين، بعد خروج النتائج نجد أن أعذار الطلاب المخفقين لا تتجاوز ثلاثة أعذار، من خلال تلك الأعذار يبرئون أنفسهم ولا يتهمونها بالتقصير، فمن الطلاب من يرجع سبب إخفاقه إلى المنهج الدراسي، فيرميه بأوصاف عدة، منها أنه غير واضح أو أنه أكبر من مرحلتنا أو أنه طويل وشاق، ومنهم من يجعل التبعة والخلل في أسئلة الامتحانات النهائية فيقولون: إنها من نمط جديد، أو: إنها صعبة الفهم، أو: إنها من خارج المنهج... إلى غير ذلك، وهذا هو العذر الثاني. وأما العذر الثالث الذي يلقيه الطلاب المخفقون حتى لا يلومهم أحد بسبب إخفاقهم فيصبّون جامّ غضبهم على المعلم وأستاذ المادة، فيقولون: إنه لم يقم بدوره كما يجب؛ فلم يشرح لنا الدرس وأهمل في عمله، أو: إن المدرس لم تكن لديه تلك الأهلية التي تجعله يقوم بواجبه كما ينبغي، إلى غير ذلك من تلك التبريرات التي لا تقدم في الأمر شيئا بل قد تؤخره.
ولكن هل يستطيع أحد أن يعتذر بمثل هذه الأعذار يوم القيامة عندما يفوز طائفة وتخسر طائفة، فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ، أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ.
فمن يستطيع يوم القيامة أن يعتذر لنفسه ويلقي اللائمة على المنهج الدراسي وهو الدين والشريعة ويقول: إنها ـ أي: الشريعة ـ غير مفهومة، أو: إنها صعبة التطبيق، أو: إنها شاقة وعسيرة، لا سيما أن من قواعد الشريعة أن المشقة تجلب التيسير، ولم يكلفنا الشرع بما لا نطيق، بل جعل لكل مسلم ما يناسبه إذا كان له خصوصيته: لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ، وعن عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ قال: كانت بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النبي عن الصَّلاةِ، فقال: ((صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لم تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لم تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)) رواه البخاري، وقال سبحانه عن الصيام: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. والشريعة في منتهى الوضوح وسهلة التطبيق، والنجاح فيها في متناول اليد بعد توفيق الله، فعن جابر أن رجلا سأل رسول الله فقال: أرأيت إن صليت المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئا أأدخل الجنة؟ قال: ((نعم))، قال: والله، لا أزيد على ذلك شيئا. رواه مسلم.
ومن يستطيع أن يقول يوم القيامة بمثل ما يعتذر به الطلاب في الدنيا، ويلقي اللائمة على المعلم وهو الرسول الذي قال في ذلك: ((وايم اللَّهِ، لقد تَرَكْتُكُمْ على مِثْلِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ)). ولما انتهت صلاة الكسوف قام النبي فحمد الله وأثنى عليه، وشهد أن لا إله إلا الله وشهد أنه عبده ورسوله، ثم قال: ((يا أيها الناس، إنما أنا بشر ورسول الله، فأذكركم الله، إن كنتم تعلمون إني قصرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي لما أخبرتموني حتى أبلغ رسالات ربي كما ينبغي لها أن تُبَلَّغ، وإن كنتم تعلمون أني قد بلغت رسالات ربي لما أخبرتموني))، فقام الناس فقالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك وقضيت الذي عليك. وقد شهد بنصح رسول الله حجاج بيت الله الذين حجوا معه، ففي صحيح مسلم أن النبي في حجة الوداع في يوم عرفة قال لصحابته الحجاج: ((وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فما أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟)) قالوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قد بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فقال: ((اللهم اشْهَدْ، اللهم اشْهَدْ)) ثَلاثَ مَرَّاتٍ. فمن يستطيع إذًا إن يتهم محمدا بالتقصير؟! والله شاهد على نصحه لأمته وتبليغه لرسالته.
وأما العذر الثالث الذي يعتذر به الطلاب وهو عن أسئلة الامتحان، وأما عن أسئلة امتحان الآخرة فالحق أننا لا نستطيع أن نقول: إنها سهلة أو إنها قصيرة، بل هي كما يقال: أسئلة متسرّبة معروفة، نشرها محمد تسهيلا لأمته حتى لا يفاجَأ أحد بها، ولا يقول أحد: إنها من خارج المنهج، بل وذكر عليه الصلاة والسلام تفصيلات دقيقة عن تلك الأسئلة نصحًا لأمته، فقد ذكر لنا أنها سبعة أسئلة: ثلاثة في الاختبار الأول، وأربعة في الاختبار الثاني، أخرج البخاري عن أنس بن مالِكٍ قال: قال رسُولُ اللّهِ: ((يتْبعُ الْميِّت ثلاثةٌ، فيرْجِعُ اثْنانِ ويبْقى معهُ واحِدٌ، يتْبعُهُ أهْلُهُ ومالُهُ وعملُهُ، فيرْجِعُ أهْلُهُ ومالُهُ، ويبْقى عملُهُ))، وعن الْبَرَاءِ عن النبي في قَوْلِ اللَّهِ: يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وفي الآخِرَةِ قال: ((في الْقَبْرِ إذا قِيلَ له: من رَبُّكَ؟ وما دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟)) فهذه أسئلة الاختبار الأول.
أما الأسئلة التي في الاختبار الثاني فهي كما صح عنه عليه الصلاة والسلام من قوله: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟ وماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟)).
أيها المسلمون، إذا كانت هذه الأعذار مردودة مرفوضة فهلا قدمنا ما يشفع لنا عند مليكنا؟! وهلا قدمنا ما يكون سببا لنجاتنا؟! وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
بل قطع الله عنا سبيل الأعذار، ففي صحيح البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي قال: ((أَعْذَرَ الله إلى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حتى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً)) أي: لا عذر عند الله لمن بلغ وتجاوز الستين عامًا، فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ، يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ.
خذوا بأسباب النجاح وأسباب الصلاح والتوفيق والفلاح، استذكروا واجتهدوا، فإن تعبتم اليوم فغدًا راحة كبيرة، عندما يحزن الكسلاء لكسلهم، ويفرح حينها الفائزون بفوزهم، عندها وكأنه لم يكن هناك تعب ولا نصب. واعلموا أننا في زمن لا يحترم الضعفاء ولا يلتفت إلى الكسالى، بل نحن في عصر يقول للرجل المتوسط: وداعًا.
ألا واعلموا أن أفضل أسباب النجاح وأجمعها وأصلحها أن تعلموا علم اليقين أنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله رب العالمين، ثم التوكل على الله وتفويض الأمور كلها له سبحانه، فلا تعتمدوا على الذكاء والحفظ ولا على النبوغ والفهم فقط، بل فوضوا مع ذلك أموركم لله، والتجئوا إليه، واعلموا أن الذكي لا غنى له عن ربه، وأن الذكاء وحده ليس سببًا للنجاح، بل إرادة الله وتوفيقه أولاً، ولقد أوصى النبي ابنته فاطمة أن تقول: ((يَا حَيّ يَا قَيُّوم، بِرَحْمَتِك أَسْتَغِيث، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلّه، وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَة عَيْن)).
يا معاشر الطلاب، إياكم والغش والتزوير فإنه خيانة، ومن كانت حياته على الغش سلبه الله الخير في دنياه وأخراه، قال حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (من خادع الله يخدعه الله).
|