.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة

5876

العلم والدعوة والجهاد, موضوعات عامة

المسلمون في العالم, جرائم وحوادث

يوسف بن جمعة سلامة

غزة

19/1/1430

المغازي الكبير

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فصل الصبر. 2- سنة الابتلاء. 3- جرائم العدوان على غزة. 4- واجبنا تجاه الحدث. 5- دعوة للتكاتف والوحدة والائتلاف. 6- ثلاث نداءات. 7- إشادة بمواقف الشعوب العربية والإسلامية.

الخطبة الأولى

أيها المسلمون، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.

فضيلة الصبر من أعظم الفضائل، ومنزلة الصابرين عند الله من أشرف المنازل، وأسعد الناس من رزق لسانًا ذاكرًا وقلبًا شاكرًا وجسدًا على البلاء صابرًا، وذلك هو المؤمن الكامل.

إن أثبت الناس في البلاء وأكثرهم صبرًا أفضلهم عند الله منزلة وأجلهم قدرًا، وأشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فقد جاء في الحديث: أي الناس أشد بلاء يا رسول الله؟ فقال: ((الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان رقيق الدين ابتلي حسب ذاك، وإن كان صلب الدين ابتلي على حسب ذاك، فما تزال البلايا بالرجل حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة))، وما يبتلي الله عبده بشيء إلا ليطهره من الذنوب، أو يرفع قدره ويعظم له أجرًا، وما وقع الصابر في مكروه إلا وجعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن ضاق بالقدر ذرعًا وسخط قضاء الله فاته الأجر وكان عاقبة أمره خسرًا.

أيها المسلمون، ما زال العدوان الإسرائيلي مستمرًا على قطاع غزة، حيث تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بهجمة شرسة على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة الصامد، فقد استشهد أكثر من ألف شهيد، نصفهم من الأطفال والنساء، كما أصيب آلاف الجرحى بإصابات مختلفة، بالإضافة إلى تدمير المساجد والمدارس والمراكز الصحية والمنازل والجامعات والمؤسسات، فقد تم قصف وتدمير عشرات المساجد، واستشهد على أثر ذلك العشرات من المصلين، وأصيب المئات منهم بجروح متعددة، كما قصفت المدارس التابعة لوكالة الغوث الدولية للاجئين في كل من غزة ومعسكر جباليا، ففي القصف الذي تعرضت له إحدى المدارس في معسكر جباليا يوم الثلاثاء الماضي سقط أكثر من خمسة وأربعين شهيدًا، بالإضافة لمئات الجرحى من الأطفال والنساء والشيوخ، كما تمّ قصف العيادات والمراكز الصحية التي تعالج الجرحى والمصابين، وكذلك قصف سيارات الإسعاف، ومنع رجال الإسعاف من القيام بواجبهم الإنساني في إنقاذ الجرحى والمصابين، وكذلك الاعتداء على رجال الدفاع المدني حيث استشهد عدد منهم، وكذلك اغتيال الصحفيين من أجل قتل الحقيقة وإخفاء الجرائم البشعة، وقد نتج عن هذا القصف الإجرامي تشريد أكثر من خمسين ألف فلسطينيّ من بيوتهم، حيث لا مأوى لهم في ظل هذا الجو البارد القارس، فهناك أطفال رضع ونساء وشيوخ يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وليس هناك مكان آمن في قطاع غزة، فماذا ينتظر العالم حتى يصحو من سباته؟! أين حقوق الإنسان يا دعاة الحضارة والتقدم؟! وأين حقوق الإنسان أيتها المنظمات الإنسانية الدولية؟!

أيها المسلمون، إن الواجب علينا أن نعود إلى الله، وأن نعلن الصلح معه، وأن نتضرع إليه أن يرد كيد الكائدين، وأن يهزم قوات الاحتلال الغاشمة، وأن يحفظ شعبنا ومقدساتنا من كل سوء، فالدعاء سلاح المؤمن، وقد ساق لنا القرآن الكريم نماذج متعددة لعدد من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام والأخيار من الناس الذين تضرعوا إلى خالقهم بالدعاء، فاستجاب سبحانه وتعالى لهم، كما في قوله تعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ، وفرج كروبهم، وفي قصة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام درس للمؤمن بضرورة اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والتضرع إليه في حال الضيق والكرب، ليكشف الله عنه ذلك، فسيدنا يونس عليه الصلاة والسلام تضرع إلى ربه سبحانه وتعالى وهو في بطن الحوت بقوله: وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ، كما ورد في الحديث الشريف عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت رسول الله يقول: ((اسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى))، قال: قلت: يا رسول الله، هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال: ((هي ليونس بن متى خاصة، ولجماعة المؤمنين عامة إذا دعوا بها، ألم تسمع قول الله عز وجل: فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ، فهو شرط من الله سبحانه وتعالى لمن دعاه به)).

أيها المسلمون، إن دموع الثكالى من الأمهات والأرامل والزوجات ومن اليتامى والأطفال لن تضيع دعواتهم هدرًا، ولن تضيع شكواهم إلى الله هباء، كما جاء في الحديث: ((ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتُفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين))، وكما قال الشاعر:

أتَهزأ بالدعـاء وتزدريـه      وما يدريك ما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطي ولكن      لهـا أمد وللأمد انقضـاء

فيمسكها إذا ما شاء ربِّي       ويرسلها إذا نفذ القضـاء

لذلك يجب على الجميع الدعاء بقنوت النوازل بعد الركوع الأخير من الصلوات، خصوصًا الصلوات الجهرية: صلاة الفجر والمغرب والعشاء.

ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله.

 

الخطبة الثانية

أيها المسلمون، إننا في هذه الأيام بحاجة إلى وقفة تأمل نلتقط فيها العبر والعظات، حيث اقتضت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يختبر المؤمنين، تلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا؛ لذلك نقول بأن شعبنا الفلسطيني أحوج ما يكون إلى الوحدة والمحبة، والتكاتف والتعاضد، ورص الصفوف، وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة، خصوصًا في هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها شعبنا الفلسطيني، في هذا الوقت العصيب من حياة شعبنا، حيث يتعرض شعبنا لهجمة شرسة طالت كلَّ شيء من بشر وشجر وحجر، انظر إلى الأمهات الثكلى وإلى النساء الأرامل، انظر إلى الأيتام والمعوقين، انظر إلى المنازل والمؤسسات والجامعات والمساجد التي دمرت، انظر إلى مئات الأسر التي فقدت أبناءها وأحباءها، إذًا فالواجب علينا أن نتكاتف ونتعاضد، فالمسلم سند وعونٌ لأخيه المسلم، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا))، لذلك علينا أن نتراحم، وأن ننشر التكافل فيما بيننا، فنحن أسرة واحدة وشعب واحد، ونحن هنا نتساءل: لماذا هذا الاختلاف بين أبناء الشعب الواحد؟! أنسينا ما يفعله بنا المحتلون صباح مساء من قتل واعتقال وتدمير وغير ذلك؟! وأقول: إن لم توحّدنا دماء وأشلاء أطفال ونساء وشيوخ غزة فمتى سنتوحد؟! إن صوتنا لم ولن يسمع إذا بقينا متفرقين مختلفين.

أيها المسلمون، كما نتوجه من أرض الإسراء والمعراج من أرض غزة الصابرة بنداء عاجل إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي والأمين العام للأمم المتحدة وكل الأحرار في العالم أن يقفوا مع شعبنا الذي يتعرض للقتل والقصف والتدمير والتشريد، وأن يعملوا جاهدين على وقف العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا الفلسطيني، أليسوا عربًا يا جامعة الدول العربية؟! أليسوا مسلمين يا منظمة المؤتمر الإسلامي؟! أليسوا آدميين يا هيئة الأمم؟! أليسوا بشرًا يا أحرار العالم؟! لماذا هذا السكوت على الجرائم التي تقترف ضد أبناء شعبنا الفلسطيني؟! فماذا تنتظرون لمحاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم؟! أليس الذين قتلهم المحتلون واستشهدوا في قطاع غزة بشرًا؟! وإلا كما قال الشاعر:

قتل امرئ في غـابة جريمة لا تغتفر      وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر

فها هو الشعب الفلسطيني ينتظر اليوم الذي يرى فيه قادة الاحتلال يحاكمون على جرائمهم التي ارتكبت بحقّ أطفالنا ونسائنا وشيوخنا.

أيها المسلمون، يا أبناء أمّتنا العربية والإسلامية، نقول لكم: جزاكم الله خيرًا على وقفتكم المشرفة، فمواقفكم أكدت لنا أن أمتنا العربية والإسلامية لا تزال بخير والحمد لله، فالمسيرات التي قمتم بها في كل مكان في العالم العربي والإسلامي من المحيط إلى الخليج ومن طنجة إلى جاكرتا قد أكدت ذلك، حيث انطلقت المظاهرات الغاضبة والمسيرات الشعبية من المساجد والجامعات والنقابات، فجزاكم الله خير الجزاء، ونحن نحييكم على هذه الوقفة المشرفة، ونأمل أن تستمروا في تأييدكم للشعب الفلسطيني عامة، وأهالي قطاع غزة خاصة، حتى يتوقف العدوان الهمجي على قطاع غزة إن شاء الله.

 نسأل الله أن يحفظ شعبنا وأمتنا ومقدساتنا من كل سوء...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً