أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله وتوبوا إليه.
عباد الله، القرآن هو كلام الله الذي لا يشبهه كلام، تنزيلٌ من حكيمٍ حميد، تكفَّل الله بحفظهِ فلا يتطرق إليه نقص ولا زيادةٍ، مكتوب في اللوح المحفوظ وفي المصاحف ومحفوظ في الصدور، متلو بالألسن، ميسر للتعلم والتدبر، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. إنه المعجزة الخالدة والحجة الباقية في زمن تحزب الأمم على المسلمين وزمن تلاطم الأفكار وتغير المفاهيم وزمن مواجهة الشهوات والتشويه والشبهات.
عباد الله، نقفُ مع القرآن في موضوع ورد فيه وتكرّر، إنه الحديث عن اليهودِ، فماذا قال الله عنهم في القرآن الكريم؟ وكيف ذكر تاريخهم؟ ونتذكر ونُذكِّرُ بكلامِ الله عن اليهودِ ونحن نرى فِعلَهم هذه الأيام مع إخواننا في غزة، ولن نستطيع فهم اليهود إلا بما قالَ اللهُ عنهم ووصفهم في القرآنِ، وما ضَعُفنا وذَلَلْنا ورَخُصَت دِماؤنا بهذا الشكل إلا حينَ تركنا القرآن وتعاليم القرآن في صراعنا مع يهود وغيرهم، واستبدلنا بها قوانينَ دولية وأحكامًا سياسية وشرائعَ ونظمًا لا تُحَرّرُ أرضًا ولم تحفظْ حقًا ولا تحقن دمًا ولم تُحَقِق كرامة.
إنها صفاتُ اليهودِ التي نتعرَّف إليها ونُعرِّف بها ونطبقُها على ما نراه من أفعال يهود، فليس تحليلاً سياسيًا أو رأيًا فكريًا، لكنه كلام رب العالمين عن يهود الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه، وتصرفاتهم مع رسول الله والإسلام أثبته التاريخ ولا زال يثبته الواقع عبر تعاملهم مع إخواننا في فلسطين.
أيها الإخوة المؤمنون، مجموعةٌ من العفوناتِ الفكريةِ والسوءاتِ العقديةِ هي ما آلت إليه عقيدةُ اليهودِ نقضة العهود فأوجدت نوعًا من البشرِ فقدوا الأدبَ بدءًا مع الله جلَّ جلاله فقالوا لموسى: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً، وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ.
إنهم اليهود الذين قتلوا الأنبياء بغير حق، ومن لم يقتلوه بهتوه وكذبوا عليه، لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ.
واليهود هم الذين سعوا في الأرض فسادا، والله لا يحب المفسدين. وعقيدةُ اليهودِ تُربيِّ فيهم الأنانيةَ واحتقارَ كلِّ البشرِ من غيرهم، فهم كما يقولون: شعبُ الله المختار، وهم أبناءُ الله وأحباؤه، وتعلِّمهم كتبهم تحريم الإحسان إلى غير اليهودي، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. وهم من عرف بالغدر والمكر والخيانة، وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ.
يخرج بهم موسى عليه السلام من أرض مصر بعد مَذلَّةِ فرعونَ لهم الذي يستحيي نساءَهم ويُقَتِّلُ أبناءَهم، ثم يقطعُ بِهمُ البحرَ ويُغرقُ الله فرعونَ وجندهُ، فبماذا شكروا ربَهُم ونبيِّهم؟ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَة، وبم كافؤوا موسى عليه السلام؟ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ. وآذوا موسى فبرأه الله مما قالوا، ثم اتخذوا العجل إلهًا، ثم تاب الله عليهم وعفا عنهم وأنزل عليهم الغمام والمنّ والسلوى، وقال: وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ، فاستهزؤوا وبدّلوا القول، وقالوا: لن نصبر على طعامٍ واحد، واعتدوا في السبت، وعارضوا في ذبح البقرة، ثم قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة، ويسمعون كلام الله ثم يحرفونه، ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ.
إنها عقيدةٌ مظلمةٌ لا تُؤهِلُ إلا لغضبِ اللهِ ولعنتهِ، فاستوجَبت تِلك الأمةُ ذلك، فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ. إنها لعنةٌ تَوارَثها اليهودُ جيلاً إثرَ جيلٍ وأمةً بعد أمة، وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ.
إن اليهود الذين نراهم اليوم هم اليهود الذين غَضِبَ عليهم ربُّنا ولعنهم من فوقِ سبعِ سمواتٍ، لم يختلفوا عن أجدادِهِم، بل إنهم حاربوا الإسلامَ اليوم بوسائلَ أشدّ مكرًا وأعظمَ، وما عملهم في الأقصى وجنين وغزة وسائرِ فلسطين عنكم ببعيد، وحين تردُ الآياتُ في القرآنِ تترى متحدثةً عن حال اليهودِ فإنما ليحذر الله منهم، ولذلك كان تاريخُهُم مع الإسلام وعبر التاريخ ظلامٌ في ظلام، وأيديهم القذرة ملأى بالإجرامِ، فلقد بدأت عداوةُ اليهودِ للدين منذ سطع نورهُ وأشرقت شمسه، فشرق به اليهود وأعلنوا عداوتهم له منذ أن والوه حقدًا، نَزَعَ الله النبوة مِنهم لما كانوا لها غير أهل، وجعلها لمحمدٍ ، وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ. روي في الحديث الصحيح عن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها بنت حيي بن أخطب رأس اليهود قالت: لما قدم رسول الله إلى قباء أول مقدمه إلى المدينة ذهب إليه أبي حُيي وعمي أبو ياسر مُغلّسين عند الفجر، ثم رجعا عند غروب الشمس كالَّين كسلانين، وكنت أحبَّ بني أبويَّ إليهما، لا يراني أبي ولا عمي مع أحد من أبنائهم إلا أقبلا عليّ وتركوا بنيهم، قالت: فلقيتُهما عند رجوعهِما فأسرعتُ إليهما، فو الله ما نظرا إليّ وما أبها بي، ورأيتهما مغرومين حزينين، وسمعت عمي أبو ياسر يقول لأبي حيي: أهو هو؟ أمحمدٌ النبي الذي تنتظره؟ فقال حيي: نعم إي والله هو، قال: فما عندك فيه؟ قال: عداوتُه ما بقيت. إنهم يعرفون النبيّ كما أخبر الله كما يعرفون أبناءهم، عرفوا رسالته، وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا.
وهؤلاء هم الذين يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون، ويأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وإلا أينهم مع إخواننا المدنيين من نساءٍ وأطفال في غزة من قرارتٍ لمجلس الأمن وحقوق الإنسان التي سارعوا إلى تطبيقها في العراق والسودان وغيرها، ولما صدرت ضدّهم تنكّروا لها هم وأمريكا راعيةُ شرّهم ومكرهم وقنواتهم التي تخفي جرائمهم.
وبدأت العداوةُ من يهود مذ أقسمَ بها حُيي، ليست عداوة مواجهةٍ في غالبها, بل عداوةٌ كائدةٌ جبانةٌ ذاتُ غدرٍ وخيانةٍ وتخطيطٍ ومكرٍ ودهاء، أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ. إن اليهود أمة ذليلة بحكم الله، ضربت عليها الذلة والمسكنة، فلا تجرؤ على المواجهة، ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. انظر ـ يا رعاك الله ـ قوله تعالى إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ، الناس الذين يضعفون ويذلّون لهم ويهملون تعليمهم وسياستهم ودينهم.
واستمرت عداوةُ اليهودِ لهذا الدين ولأُمَتهِ ونبيِّه عبر القرون، رُوي في السير أنَّ النبي لما قدمِ إلى المدينة وجدَ فيها ثلاثَ قبائلَ من اليهودِ، فعقدَ معهم أن لا يخونوا ولا يؤُذوا، لكنَّ طبعهَم اللئيم وسجيتهم أبت إلا أن ينقضوا ويغدروا، فأظهر بنو قينقاع الغدر بعد أن نصَر الله نبيَّه في بدر، فأجلاهم عليه الصلاة والسلام، وأظهر بنو النضير الغدرَ بعد غزوة أحد، فحاصرهم عليه الصلاة والسلام وقذف اللهُ في قلوبهم الرعب، وبنو قريظة نقضوا العهد في أشد أزمة مرت بها المدينة يوم الأحزاب، فقبل فيهم رسول الله حكم سعد بن معاذ بقتل مقاتليهم وسبي نسائهم وقسم أموالِهم. ومن غدرهم بخاتم الأنبياء حين فتح خيبر أن أهدت له امرأةٌ يهوديةٌ شاةً مسمومةً، فأكلَ منها فأثرت عليه حين وفاته، فكان يقولُ: ((ما زلتُ أجدُ من الأكلةِ التي أكلتُ من الشاةِ يومَ خيبر وهذا أوانُ انقطاعُ أبهري)). ولبيد بن الأعصم اليهودي هو الذي سحر النبي ، فصرف الله أذى السحر عن جسد رسول الله بسرِّ الدعاء والالتجاء إليه، وأنزل عليه سورتي المعوذتين حفظًا له وللمسلمين من بعده. فاليهودُ تعلموا أصول السحر باتباع ما تتلو الشياطين ومن ملكي بابل هاروت وماروت.
إنها خلالُ اليهودِ، يسفهُون إذا أمنُوا، ويَقْتلُون إذا قَدِرُوا، ويذكِّرون الناسَ بالمثل العليا وبالحقوق إذا وجلوا لفائدتهم وحدهم، وأما العهود والمواثيق فهي آخر شيءٍ يقفون عنده، أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. بالغوا في وصف ما وقع لهم من مذابح في أواسط القرن الماضي إن صحت، فجعلوا العالم يكفِّر عن ذلك حتى اليوم، قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ.
واستمرت مكائدُ اليهودِ بعد وفاته لتتحرك في زمن الخليفة الراشد الطيب عثمان بن عفان رضي الله عنه على يد ابن السوداء عبد الله بن سبأ اليهودي الذي تنقل بين الكوفة والبصرة والشام ومصر يزرعُ بذورَ الفتنةِ ويُؤلبُّ الناس على خليفة المسلمين، حتى نبتت فتنتُه وتألَّبت فرقةٌ خارجةٌ اعتدت على خليفة المسلمين فقتلته وهو يقرأ القرآن، فسال دمه على المصحف لتحدث تلك الفتنة في الأمةِ جرحًا ما التأمَ إلى اليوم.
وتلك مكائدُ اليهود التي لا يُحسنون غيرها، ويسيرُ تاريخُ المسلمين تماشيه مكائد اليهود، فظهرت حركة أبو عيسى الأصفهاني وحركة داود الرائي، ثم أولُ من قال بفتنةِ خلق القرآن المغيرةُ بن سعيدٍ العجلي اليهودي، ثم يأتي ميمون بن ديصان القداح اليهوديُ يُنشئ في الأمةِ مذهبَ الباطنيةِ وغلاة الرافضة الذي ظاهره التشيعُ والرفضُ وباطنه الكفر المحض، فأثر هذا المذهب في الإسلام تأثيرا لا زلنا نرى مظاهره، فوُجدت دولة العبيديةِ المسماةِ زورًا وبهتانًا الفاطمية التي بطشت بالمسلمين في مصر وتونس، وأضعفت الخلافة العباسية، وسهلت للصليبيين احتلالهم.
ومن فرقهم فرقة إخوان الصفاء التي ترتبط في شعارها مع يهود. ومن دولهم دولة القرامطة شرق الجزيرة في الأحساء التي عاثت ضلالا وإفسادًا بين المسلمين وقتلاً وهتكًا للحرم المكي حين قتلوا الحجاج وسرقوا الحجر الأسود، وحين سقطت خلافة المسلمين في بغداد على يد المغول كان اليهود عونًا لهم.
ودولة الخلافة الإسلامية العثمانية كان سقوطها على يد اليهود يوم نخر يهود الدونمة في عقر الخلافة العثمانية وتسلَّطوا وهم يتظاهرون بالإسلام، فنقموا على السلطان عبد الحميد حين رفض تسليم فلسطين لليهود، فتم خلع السلطان بعد ذلك بمكائد اليهود وضعف المسلمين، وغيروا صبغة تركيا الإسلامية إلى صبغة علمانية بعد سقوط الخلافة، ودمّروا العالم بأخلاقياتهم التي نشروها من عري وشذوذ وسينما وفضائح دعمها اليهود إضافةً إلى بناءِ اقتصاد العالم على الربا فدمّروه، وحروب عالمية كبرى سعوا فيها، ومنظمات للتجسس فرقوا من خلالها.
انظر إلى الجريمة والخلاف لتجد وراءها يهودي كما يقر بذلك العالم بأجمعه، وتاريخ أوروبا القديم والحديث المسطر يشهد على ذلك، ومحافلهم الماسونية سوّقت مخططاتهم؛ لأنهم يسعون في الأرض فسادًا، وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ.
واستمرت مكيدة اليهود وعداوته وحقدهم فيما نراه عبر سنوات طويلة من الأذى والقتل والمكر والكيد مع المسلمين في فلسطين ولبنان والجولان ومذابح القدس وغزة وجنين وانتهاك المقدسات، وصدق الله: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا الآية.
أيها الإخوة المؤمنون، بعد هذه المسيرة المريرة المتعاقبة من العداوة والكيد والتي أخبر عنها قبلاً القرآن الكريم، فهل ترى أمة تعقلُ التاريخ وتدرس ماضيها وتراثها وتعي حاضرها ومستقبلَها أن تُكذِّبَ القرآن فتظنَّ أن هذه العداوةَ يمكن أن تخبو جذوتها أو تنطفئَ نارُها لدى يهود وكتاب الله عز وجل يعلن غضب الله على يهود ومقته ولعنته في سور وآيات متعددة حتى كاد القرآن أن يكون عن بني إسرائيل يحذرُ المسلمين منهم، يحذر من خيانتهم، ويخبر بعداوتهم، ويوضح جرائمهم، ويفضحُ للأمةِ تاريخهم, ويبين كذبهم وغدرهم. وليس الصراع بيننا وبين يهود عبر ستين سنة مضت، بل هو صراع تاريخي منذ بدء هذه الرسالة الخالدة، فهل يا ترى يدرك الضعفاء المنهزمون ذلك الذين يظنون أن يهود بدولتهم الحديثة يختلفون عن أجدادهم الملعونين من ربِّ العالمين؟!
إن العربَ قد ضعفُوا هم وساستهم، وقد ذلُّوا حين تركوا القرآن وأحكام القرآن، ليُعلِّقوا آمالهم ويطلبون حلولهَم ونصرهم من قوى الكفر والأنظمة الدولية النصرانية، فهل تحقّق لهم شيء أم أنهم لا زالوا في ثنايا النكبات والنكسات؟! وأحكام القرآن تتضحُ كلَّ يوم في وصفِ هؤلاء اليهود وحلفائهم ومكْرهم وخيانتهم للعهود ومواثيق السلام التي يلهث ركضًا إليها كثيرٌ من العرب وقادتهم.
أيها الأحبة، نتحدث عن مواصفات اليهود في القرآن لكي نحذَر من الوقوعِ في تلك الصفاتِ الممقوتة، حتى لا يحصل لنا ما حصل لهم من الغضب والذُلِّ والمهانةِ والطردِ والإبعادِ من رحمةِ الله، ولكي نعرفَ واقعَ أولئك القوم، فلا نُصدِّقهم ولا نُهادنهم ولا نتعاون معهم إلا بشروطٍ عادلة، وحتى نُطبق ما قررَّه ربنا جلَّ وعلا عن يهود القرآن على صراعنا معهم وحربهم على إخواننا في غزة اليوم.
نقولُ لمن يفاوضهُم ويبادرُ بالسلام معهم اقرؤوا القرآن عنهم، واعرفوا يهود على حقيقتهم، وتستغرب قول البعض أن يهودَ إسرائيلَ اليوم غير يهودِ القرآن، فهذا والله العجب العجاب، فهدف اليهود واضحٌ من مؤامراتهم وقتالهم بينه ربُّ العزة: وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا.
أيها الإخوة المؤمنون، لقد أمرنا الله تعالى بالحذر والابتعاد عن صفات أهل الكتاب بشكل عام، واليهودِ بشكل خاص، كما أمرنا بمخالفتِهِم في أشياءَ كثيرةٍ، ومما يدلُّ على ذلك أمرُه تعالى لنا بأن ندعوه في كل ركعةٍ من صلاتنا بأن يبعدنا عن طريقهم ومن سار على نهجهم، بأن نقول: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ، ثم نقول بعد ذلك: آمين، نرفع بها أصواتنا، معلنين البراءة من اليهود المغضوب عليهم ومن النصارى الضالين.
وقد حذرنا القرآن فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ. كما حذرنا الله من قسوة القلب التي يتصف بها أهل الكتاب ومنهم اليهود، فقال سبحانه: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ. ونهانا عن التفرقِ والاختلاف الذي حل بهم، فقال جل وعلا: ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.
اللهم اجعلنا لقرآنك من التالين، ولآياته من المتدبرين العالمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
|