أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، نِعمَةٌ الأَولادِ مِن أَجَلِّ النِّعَمِ وَأَعظَمِهَا؛ إِذْ هُمْ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَبَهجَتُهَا، وَهُم عُدَّةُ النَّوَائِبِ وَالذُّخرُ في الشَّدَائِدِ، يَبَرُّونَ الآبَاءَ وَيَحمِلُونَ أَسمَاءَهُم، وَيَصِلُونَ أَرحَامَهُم وَيَرفَعُونَ ذِكرَهُم، وَيَبَرُّونَ أَصدِقَاءَهُم وَيَدعُونَ لهم، عَلَى سَوَاعِدِهِم يُبنى المُستَقبَلُ، وَبِأَفكَارِهِم يَرتَقِي المُجتَمَعُ، وَبِهِمَمِهِم تَعلُو الأُمَّةُ، وَبِجِدِّهِم تُعمَرُ الدِّيَارُ، وَبِقُوَّتِهِم تُحفَظُ البِلادُ، لَكِنَّ هَذِهِ النِّعمَةَ في المُقَابِلِ أَمَانَةٌ ثَقِيلَةُ التَّبِعَاتِ، وَالعِنَايَةُ بها تَحتَاجُ إِلى بَذلِ جُهُودٍ وَصَرفِ أَوقَاتٍ، وَحِفظُهَا لا يَتِمُّ إِلاَّ بِتَكَاتُفِ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ، إِنَّهَا تُكَلِّفُ مَن تَحَمَّلَهَا مَالَهُ، وَتَستَهلِكُ صِحَّتَهُ وَتَشغَلُ بَالَهُ، وَكُلَّمَا كَانَ المَرءُ بِثِقَلِهَا أَشَدَّ شُعُورًا كَانَ ذَلِكَ دَاعِيًا لَهُ إِلى مَزِيدِ الرِّعَايَةِ وَشَدِيدِ العِنَايَةِ.
وَإِنَّنَا ـ أَيُّهَا الإِخوَةُ ـ فِيمَا سَيَأتي مِن أَيَّامٍ مُقبِلُونَ عَلَى مَوسِمٍ مِن أَشَدِّ مَوَاسِمِ التَّربِيَةِ حَسَاسِيَةً، إِنَّهَا الامتِحَانَاتُ الدِّرَاسِيَّةُ، وَالَّتي سَيَدخُلُ مُعتَرَكَهَا شَرِيحَةٌ مِن أَغلَى شَرَائِحِ المُجتَمَعِ، هِيَ أَسرَعُهُم تَأَثُّرًا بما يَجرِي حَولَهَا، وَأَكثَرُهُم تَشَرُّبًا لِمَا يُلقَى عَلَيهَا، أُولَئِكَ هُم طُلاَّبُ المَدَارِسِ المُتَوَسِّطَةِ وَالثَّانَوِيَّةِ مِنَ المُرَاهِقِينَ وَالشَّبَابِ، وَإِنَّهُ لَو كَانَتِ الامتِحَانَاتُ مَعلُومَاتٍ تُحفَظُ ثم تُلقَى عَلَى أَورَاقِ الإِجَابَاتِ لَكَانَ أَمرُهَا سَهلاً مُيَسَّرًا؛ إِذِ الإِخفَاقُ يَعقُبُهُ نَجَاحٌ، وَضَعفُ الدَّرَجَةِ قَد يُستَدرَكُ، وَالقُصُورُ قَد يُتَلافى، لَكِنَّ القَضِيَّةَ أَنَّ الامتِحَانَ امتِحَانٌ لِلمُجتَمَعِ كُلِّهِ عَلَى مُختَلِفِ مُستَوَيَاتِهِ، وَاختِبَارٌ لأَولِيَاءِ الأُمُورِ وَالآبَاءِ، وَمِقيَاسٌ لِكَفَاءَةِ التَّربَوِيِّينَ وَالمَسؤُولِينَ.
وَلَقَد ثَبَتَ بِشَهَادَةِ الوَاقِعِ وَتَتَبُّعِ كَثِيرٍ مِن رِجَالِ التَّربِيَةِ وَالتَّعلِيمِ أَنَّ أَيَّامَ الامتِحَانِ مِن أَصعَبِ مَا يَمُرَّ بِالفَتى المُرَاهِقِ وَالشَّابِّ اليَافِعِ؛ إِذْ فِيهَا يُرخَى العِنَانُ وَيَنفَلِتُ الزِّمَامُ، وَيَختَلِفُ النِّظَامُ وَيَتَغَيَّرُ الدَّوَامُ، وَيَكثُرُ الفَرَاغُ وَتَزدَادُ أَوقَاتُهُ، وَيَجِدُ الطُّلاَّبُ مِنهُ فِيمَا بَينَ فَتَرَاتِ الامتِحَانِ وَفِيمَا بَينَ خُرُوجِهِم مِنهُ وَعَودَتِهِم إِلى البُيُوتِ مَا قَد يَتَعَلَّمُونَ فِيهِ مِنَ الفَسَادِ الشَّيءَ الكَثِيرَ، وَمَا قَد يُؤذُونَ فِيهِ أَنفُسَهُم وَيَتَعَدَّونَ عَلى الآخَرِينَ، وَمَا قَد يَكتَسِبُونَ فِيهِ كَثِيرًا مِنَ العَادَاتِ السَّيِّئَةِ وَيَقَعُونَ في عَدَدٍ مِنَ الآفَاتِ المُهلِكَةِ، ممَّا لَو جُمِعَ ثم وُزِنَ بما اكتَسَبُوهُ في أَيَّامِ دِرَاسَتِهِم كُلِّهَا لَسَاوَاهُ أَو زَادَ عَلَيهِ.
وَمِن هُنَا ـ أَيُّهَا الآبَاءُ ـ فَإِنَّهُ يَجدُرُ بِنَا أَن نَقِفَ وَقَفَاتٍ نُوصِي بها مَن وَهَبَهُمُ اللهُ هَذِهِ الزِّينَةَ؛ لِئَلاَّ تَكُونَ لهم في يَومٍ مِنَ الأَيَّامِ شَجًى في الحُلُوقِ أَو قَذًى في العُيُونِ، فَيَعَضُّوا أَصَابِعَ النَّدَمِ عَلَى مَا فَرَّطُوا، وَقَد يَكُونُ قَد فَاتَ الفَوتُ وَلاتَ سَاعَةَ مَندَمٍ.
الوَقفَةُ الأُولى: إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَن رَزَقَهُ اللهُ الأَولادَ، أَن يَعلَمَ قَدرَ هَذِهِ النِّعمَةِ فَيَشكُرَهَا لِيُبَارَكَ لَهُ فِيهَا، وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتم لأَزِيدَنَّكُمْ. وَإِنَّهُ لا شُكرَ لِهَذِهِ النِّعمَةِ مِثل حِفظِهَا وَالقِيَامِ بما يَجِبُ نَحوَهَا مِنَ التَّربِيَةِ الحَسَنَةِ وَالتَّنشِئَةِ الصَّالحةِ؛ إِذْ هِيَ أَمَانَةٌ وَأَيُّ أَمَانَةٍ، قَالَ : ((كُلُّكُم رَاعٍ، وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ))، وََقالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا استَرعَاهُ: حَفِظَ أَم ضَيَّعَ، حَتى يَسأَلَ الرَّجُلَ عَن أَهلِ بَيتِهِ))، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((كَفَى بِالمَرءِ إِثمًا أَن يُضَيِّعَ مَن يَقُوت)).
وَإِنَّكَ لَتَعجَبُ مِن بُيُوتٍ لا يَتَجَاوَزُ دَورُ الأَبِ وَالأُمِّ فِيهَا الإِنتَاجَ، ثم تَرَاهُم بَعدَ أَن يَخطُوَ الوَلَدُ خُطُوَاتِهِ الأُولى يَفتَحُونَ لَهُ البَابَ عَلَى مِصرَاعَيهِ، لِيَخرُجَ إِلى أَيِّ مَكَانٍ شَاءَ، يُرَبِّيهِ غَيرُهُم وَيُعَلِّمُهُ مَن سِوَاهُم، وَلا يَبقَى في الخَارِجِ مِن كَلِمَةٍ سَاقِطَةٍ أَو فَعلَةٍ قَبِيحَةٍ أَو خُلُقٍ سَيِّئٍ إِلاَّ اكتَسَبَهُ وَتَشَرَّبَهُ، ثم هُم لا يَسأَلُونَ عَنهُ وَلا يَهتَمُّونَ بِهِ، وَلا يُوَجِّهُونَهُ وَلا يَنصَحُونَ لَهُ، وَلا يُبَيِّنُونَ لَهُ مَا يَنفَعُهُ ممَّا يَضُرُّهُ، ممَّا يَجعَلُ مِنهُ عُضوًا في المُجتَمَعِ فَاسِدًا، وَنَبتَةً لا تُثمِرُ لِلأُمَّةِ إِلاَّ الفَسَادَ وَالإِفسَادَ، وَلِهَذَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الوَالِدَينِ أَن يَتَّقِيَا اللهَ في أَولادِهِمَا مُنذُ الصِّغَرِ، فَيُنَشِّئَاهُم عَلَى الطَّاعَةِ وَالصَّلاةِ وَمَحمُودِ الصِّفَاتِ، وَعَلَى أَنَّ ثَمَّةَ صَالِحًا مِنَ العَمَلِ وَسَيِّئًا، وَجَمِيلاً مِنَ الأَخلاقِ وَقَبِيحًا، ومَقبُولاً مِنَ التَّصَرُّفَاتِ وَمَرفُوضًا، وَأَنَّ الإِنسَانَ مُقَيَّدٌ بِدِينٍ وَخُلُقٍ، وَلَهُ مَعَالِمُ يَجِبُ أَن يَقِفَ عِندَهَا، وَحُدُودٌ لا يَجُوزُ أَن يَتَجَاوَزَهَا، وَأَنَّ للهِ عَمَلاً بِاللَّيلِ لا يَقبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَعَمَلاً بِالنَّهَارِ لا يَقبَلُهُ بِاللَّيلِ.
أَلا وَإِنَّ مِن رِعَايَةِ الأَمَانَةِ في أَيَّامِ الامتِحَانَاتِ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ أَن يَضبِطَ الأَبُ مَوعِدَ مَنَامِ ابنِهِ وَصَحوِهِ، وَيُرَاقِبَهُ في ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ، وَيُحَدِّدَ وَقتَ خُرُوجِهِ وَدُخُولِهِ، وَأَن يَحرِصَ عَلَى أَن يَكُونَ استِذكَارُهُ دُرُوسَهُ في البَيتِ لا خَارِجَهُ، وَأَن لاَّ يَسمَحَ لَهُ بِالسَّهَرِ بِأَيِّ حَالٍ، فَإِنَّ مِنَ الشَّبَابِ مَن إِذَا عَادَ مِنِ امتِحَانِهِ قَبلَ الظُّهرِ ضَرَبَ بِجِسمِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، تَارِكًا صَلاةَ الظُّهرِ وَالعَصرِ، وَقَد يُلحِقُ بهما المَغرِبَ وَالعِشَاءَ، ثم لا يَبدأُ بِالاستِذكَارِ إِلاَّ بَعدَ العِشَاءِ، فَيُسهِرُ لَيلَهُ وَيُرهِقُ نَفسَهُ، حَتى إِذَا أَقبَلَ الفَجرُ نَامَ وَتَرَكَ الصَّلاةَ، وَلم يَصحُ إِلاَّ قُبَيلَ الامتِحَانِ، فَمِثلُ هَذَا كَيفَ يَنتَظِرُ تَوفِيقًا وَيَأمَلُ تَسدِيدًا؟! كَيفَ يَرجُو نَجَاحًا وَهُوَ قَد تَرَكَ فَرَائِضَ رَبِّهِ وَخَالَفَ سُنَنَهُ، فَنَامَ في وَقتِ العَمَلِ وَعَمِلَ في وَقتِ النَّومِ؟!
فَيَا مَعشَرَ الآبَاءِ، الحِرصَ الحِرصَ عَلَى أَن تَضبِطُوا أَوقَاتَ أَبنَائِكُم في النَّومِ وَالصَّحوِ وَالذَّهَابِ وَالإِيَابِ، وَاهتَمُّوا بِعَودَتِهِم بَعدَ انتِهَاءِ الامتِحَانَاتِ مُبَاشَرَةً، فَإِنَّ في بَقَائِهِم بَعدَ الامتِحَانَاتِ في الشَّوَارِعِ أَوِ البَرَارِي أَو في المَطَاعِمِ أَوِ الأَسوَاقِ، إِنَّ فِيهِ لَضَرَرًا كَبِيرًا عَلَى عُقُولِهِم وَأَخلاقِهِم، وَالحُرُّ تَكفِيهِ الإِشَارَةُ.
الوَقفَةُ الثَّانِيَةُ: إِنَّ الصَّاحِبَ سَاحِبٌ، وَالمَرءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، وَكُلُّ قَرِينٍ بِالمُقَارَنِ يَقتَدِي، وَمِن هُنَا فَإِنَّ عَلَى الأَبِ أَن يَحرِصَ عَلَى مَعرِفَةِ أَصدِقَاءِ أَبنَائِهِ وَمَن يُصَاحِبُونَ، وَأَن يَكُونَ عَلَى دِرَايَةٍ بِمَكَانٍ تَجَمُّعِهِم وَإِلى أَينَ يَذهَبُونَ، بَصِيرًا بما يَجرِي حَولَهُ، مُتَفَقِّهًا في الوَاقِعِ، عَارِفًا بِمُشكِلاتِ الشَّبَابِ وَقَضَايَاهُم، وَاعِيًا لما يَدُورُ في مُجتَمَعَاتِهِم، وَلَكَم كَانَ الأَصحَابُ سَبَبًا في صَلاحِ المَرءِ أَو فَسَادِهِ، فَجَدِيرٌ بِالأَبِ أَن يَحرِصَ عَلَى أَن يَصحَبَ ابنُهُ الصَّالِحِينَ وَيُمَاشِيَ ذَوِي الأَخلاقِ الحَسَنَةِ، وَأَن يَبتَعِدَ عَن أَهلِ الشَّرِّ وَالفَسَادِ وَالفِتنَةِ، وَعَلَيهِ في هَذَا الشَّأنِ أَن يَتَعَاوَنَ مَعَ المَدرَسَةِ، وَيَبنِيَ جُسُورًا مِنَ الثِّقَةِ بَينَهُ وَبَينَ مُدِيرِهَا وَمُعَلِّمِيهَا، وَإِذَا عَرَفَ صَالِحًا حَثَّ ابنَهُ عَلَى مُصَاحَبَتِهِ، وَإِذَا اكتَشَفَ أَنَّهُ يُصَاحِبُ الأَشرَارَ سَعَى لِتَخلِيصِهِ مِنهُم، وَلا يَجُوزُ لَهُ أَن يَتَهَاوَنَ في هَذَا الأَمرِ بِحَالٍ، أَو يَسمَحَ بِهِ سَاعَةً مِن نهارٍ، فَكَم مِن تَهَاوُنِ سَاعَةٍ أَعقَبَ فَسَادَ أَيَّامٍ، وَتَهَاوُنِ أَيَّامٍ أَنتَجَ فَسَادَ أَعوَامٍ.
أَلا وَإِنَّ مِنَ الخَطَرِ الَّذِي يُدَاهِمُ الشَّبَابَ في هَذِهِ الأَيَّامِ وَيُمَهِّدُ لَهُ وَيَنشُرُهُ رِفَاقُ السُّوءِ المُخَدِّرَاتِ، فَاحذَرُوا وَحَذِّرُوا أَبنَاءَكُم وَانتَبِهُوا، فَإِنَّ أَيَّامَ الامتِحَانَاتِ سُوقٌ لِلمُرَوِّجِينَ رَائِجَةٌ، نَسأَلُ اللهَ أَن يَرُدَّ كَيدَهُم في نُحُورِهِم.
الوَقفَةُ الثَّالِثَةُ: إِنَّ ممَّا يُؤخَذُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الشَّبَابِ في أَيَّامِ الامتِحَانَاتِ إِيذَاءَهُمُ الآخَرِينَ وَتَسَلُّطَهُم عَلَيهِم، حَيثُ يَكثُرُ دَوَرَانُهُم في الشَّوَارِعِ، وَتُلحَظُ عَلَيهِمُ القِيَادَةُ الجُنُونِيَّةُ وَالسُّرعَةُ الزَّائِدَةُ، وَيَكثُرُ مِنهُمُ الوُقُوفُ المُخَالِفُ وَسَدُّ الطُّرُقَاتِ في وُجُوهِ المَارَّةِ، وَلَرُبَّمَا صَادَفَ أَن يُؤذِيَ أَحَدُهُم شَيخًا كَبِيرًا، أَو يُضَايِقَ امرَأَةً ضَعِيفَةً أَو عَامِلاً مِسكِينًا، أَو يُرَوِّعَ غَافِلاً أَو يَعتَدِيَ عَلَى سَائِرٍ في طَرِيقِهِ، فَيَدعُوَ أَحَدُ هَؤُلاءِ عَلَيهِ دَعوَةَ مَظلُومٍ تَخرُجُ مِن قَلبٍ مَكلُومٍ، فَتَكُونُ سَببًا لِعَدَمِ تَوَفُّقِ هَذَا الوَلَدِ في دُنيَاهُ أَو أُخرَاهُ، أَو حُصُولُ مَا يُؤذِيهِ مِن حَادِثٍ أَو نَحوِهِ، قَالَ جَلَّ وَعَلا: وَالَّذِينَ يُؤذُونَ المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ بِغَيرِ مَا اكتَسَبُوا فَقَدِ احتَمَلُوا بُهتَانًا وَإِثمًا مُّبِينًا، وَقَالَ : ((مَن آذَى المُسلِمِينَ في طُرُقِهِم وَجَبَت عَلَيهِ لَعنَتُهُم))، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((وَاتَّقِ دَعوَةَ المَظلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيسَ بَينَهَا وَبَينَ اللهِ حِجَابٌ))، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((إِيَّاكُم وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ، فَإِنْ أَبَيتُم إِلاَّ المَجَالِسَ فَأَعطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا: غَضُّ البَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلامِ وَالأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ))، وَقَالَ : ((لا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أَن يُرَوِّعَ مُسلِمًا)).
فَلْيَحذَرِ الآبَاءُ مِن تَسلِيمِ السَّيَّارَاتِ لِلأَبنَاءِ دُونَ رَقَابَةٍ وَمُتَابَعَةٍ، فَإِنَّ المَسؤُولِيَّةَ كَبِيرَةٌ وَالأَمَانَةَ عَظِيمَةٌ، وَإِيذَاءَ المُسلِمِينَ ذَنبٌ كَبِيرٌ وَجُرمٌ خَطِيرٌ، وَالمُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم وَأَنتُم تَعلَمُونَ وَاعلَمُوا أَنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولاَدُكُم فِتنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌ.
|