.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

بنو إسرائيل وفلسطين

5746

أديان وفرق ومذاهب, الرقاق والأخلاق والآداب

أديان, فضائل الأزمنة والأمكنة

عبد الرحمن بن الصادق القايدي

جدة

16/7/1421

جامع الأنصار

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- مناسبة الحديث عن اليهود. 2- صفات اليهود وجرائمهم كما وردت في القرآن والسنة. 3- سبب تمكين اليهود في هذا الزمان. 4- فضل بيت المقدس.

الخطبة الأولى

لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [يوسف: 111].

أيها الإخوة، لا زلنا نتدبّر القرآن الكريم ونعتبر بما فيه من قصص، ووصلنا في الجمعة الماضية إلى أن إخوان يوسف نجحوا في إقناع والدهم النبيّ يعقوب بإرسال شقيق يوسف بنيامين إليه في مصر، وبما أن الأحداث الحالية التي نعيشها الآن في فلسطين في نفس المنطقة أرض كنعان وكلّنا يسمع ويرى ما يحدث لإخواننا في أرض فلسطين من اليهود الغاصبين، وكما حسدوا أخاهم يوسف وحاولوا قتله فإن هذه البذرة السيّئة لا تزال فيهم، ولن تنفك عنهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

واسمحوا لي ما دام الوضع كما نرى أن نتحدث عن بني إسرائيل وما فعلوه في الأنبياء والرسل، وذلك بأن نتدبر القرآن الكريم أيضًا، وأن نأتي بشواهد منه أو من سنة نبينا محمد .

قال الله تعالى عنهم: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة: 60]. لم تجتمع كل هذه الصفات الذميمة إلا في اليهود قاتلهم الله، فقد لعنهم الله وطردهم من رحمته وغضب عليهم مبالغة وتأكيدا على جرمهم وفسادهم، بل مسخهم إلى قردة وخنازير، وهؤلاء عبدوا الطاغوت وهو كل ما عبد من دون الله من بشر أو شجر أو حجر أو هوى نفس أو مادة أو نساء أو غرض دنيوي زائل، وختم الله سبحانه الآية بقوله: أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ أي: أدنى منزلة من غيرهم وأبعد الناس عن طريق الهدى والاستقامة.

ورُبَّ قائل يسأل: ماذا فعل اليهود حتى استحقّوا كل هذه الأوصاف الدنيئة والعاقبة الفظيعة؟ فأقول: إن بني إسرائيل ـ وإسرائيل هذا هو اسم نبي الله يعقوب أبي يوسف ـ ما تركوا جريمة منكرة إلا فعلوها، ولا ضلالة إلا اتبعوها، والآيات الكريمة في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في وصفهم وبيان ما فعلوه كثيرة، حتى إنها لتصوّر جرائمهم أبلغ تصوير، فهم الذين عبدوا العجل لما ذهب موسى عليه السلام لميقات ربه ليلقيَ إليه الألواح التي فيها شرائعهم وعقائدهم، وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ [البقرة: 51]. ولما أنزل الله عليهم المن والسلوى وهما أطيب أنواع الطعام وجعل السحاب والغمام يظلّهم وساترًا لهم من حرارة الشمس جحدوا نعمة الله عليهم وقالوا: يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ [البقرة: 61]، وطلبوا بدلاً من ذلك العدس والبصل والثوم. ولما أمرهم بدخول القرية المقدسة ماذا كان موقفهم؟ فلنستمع سويًا للسياق القرآني في ذلك: وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ [البقرة: 58، 59]، ومعنى فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ أي: أن الكلمة التي بدلوها وهي قوله تعالى: وَقُولُوا حِطَّةٌ أي: قولوا: اللهم احطط عنا خطايانا وذنوبنا، فبدلاً من ذلك سخروا وقالوا: حبة حنطة في حبة شعير؛ مستهزئين وساخرين بالله ورسوله، فهل رأيتم ـ معشر المؤمنين ـ أناسا بمثل هذه الأخلاق يسخرون بأوامر الله سبحانه وتعالى وبأوامر رسوله موسى عليه السلام؟!

ولقد أرسل الله إلى بني إسرائيل من الأنبياء والرسل ما لم يرسل إلى أمة من الأمم، ذلك لكثرة تكذيبهم ولحقارة ودناءة نفوسهم، فلقد كانوا يقتلون أنبياءهم ويقدمون رؤوس بعضهم مهورا للبغايا منهم ولبنات الهوى، ولنستبين ونعرف عظيم جرمهم فاسمعوا ماذا يقول لكم الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود : (كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبي، ثم يقيمون سوقَ بقلهم في آخر النهار) أي: أنهم يبيعون ويشترون وكأنهم لم يقتلوا أنفسا بشرية، إنما قتلوا حشرات، والرسول يقول: ((أشد الناس عذابًا يوم القيامة رجل قتله نبي أو قتل نبيًا)) رواه أحمد. تأملوا شدة العذاب ومع ذلك لا يبالون؛ لأن أنفسهم خبيثة، وهذا متوارث فيهم جيلا بعد جيل. ولقد حاولوا قتل الحبيب محمد لما ذهب إلى يهود بني النضير يستعين بهم على قضاء ديتين كانتا على المسلمين، أجلسوه تحت جدار وأرادوا أن يلقوا على رأسه حجرًا ليقتلوه بأبي هو وأمي ، فأتاه الخبر من السماء سريعًا، فأمر بإجلائهم وإخراجهم من المدينة المنوّرة، مع أن النبي كان قد عمل معهم اتفاقيات وعهودا ومواثيق حين دخوله إلى المدينة في أول هجرته مع أصحابه رضي الله عنهم. ووضعت يهوديّة سمّا له حينما علمت من أي موضع من الشاة يحب ، فأُخْبِرَت بأنه الذراع، فسمت ذراع الشاة وقدمتها له هدية، فأكل ولم يستسِغه، فتفله وقال: ((إن هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة)) أو كما قال ، وأكل معه صحابي جليل فمات .

ولقد بلغ اليهود أحقر وأخسّ مرتبة من الدناءة حينما سبوا الله، تعالى الله علوا كبيرًا عما يقول هؤلاء الأنجاس، وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة: 64].

واليهود هم أعدى أعداء المسلمين، وعداوتهم لنا تاريخية قديمة قدم التاريخ نفسه، ويشهد بذلك ربنا ولا أعظم شهادة من الله إذ يقول: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة: 82]، ويصفهم الله بوصف قبيح: وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [المائدة: 64] أي: أنهم يجتهدون في نشر الفساد بكل أنواعه في الأرض، فتجدهم وراء نشر دور الدعارة في العالم، وهم وراء نشر الأفلام الإباحية والجنس في كل مكان، وهم الذين ينشرون الفساد الخلقي والعقائدي وينقضون العهود والمواثيق، ونقض العهود من سماتهم وصفاتهم المتأصلة في نفوسهم، يتوارثون هذه الصفة كابرًا عن كابر وأبًا عن جد، ويتفاخرون بذلك، ولقد نقضوا عهودَ موسى وعيسى وسيّدنا محمّد حينما خذلوا المسلمين في غزوة الأحزاب بالتفاهم والتآمر مع مشركي مكة بأن يطبقوا على النبي وصحبه من الجهتين: المشركون من جهة واليهود من خلف المسلمين، ولكن الله خيب أملهم، وبعد انتهاء الغزوة لم يتركهم النبي ، بل بأمر الله قام بقتل مقاتليهم وكل من بلغ من الرجال، وسبى ذريتهم ونساءهم، ولا يؤدبهم إلا هذا الأسلوب منذ عهد نبينا محمد حتى قيام الساعة؛ لأن هذا ديدنهم وهذه طبيعتهم؛ لا يتوقفون عن نقض العهود والخيانة إلا بالسيف، أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة: 100].

ومن هنا يجب على جميع المسلمين العارفين لدينهم جيدًا أن لا يطمعوا أو يأملوا في ودّ أو صلح مع بني إسرائيل في يوم من الأيام، وهذا حكم القرآن فيهم، وهذا وصف الله لهم، والذي يشك في هذا فليراجع إيمانه، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً [النساء: 122]، يقول تعالى مؤكدًا وضعهم الحقير: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ [آل عمران: 112]، إن في الآية حكمًا عليهم من الله بالصَّغَار والهوان والذلة إلى يوم القيامة.

ورُبّ سائل يقول: كيف ضربت عليهم الذلة وهم الذين يتسلطون على المسلمين في فلسطين ويقتلون يوميًا عشرات من المسلمين العزل دون خوف من ردع قوي فعال؟! والجواب بمراجعة الآية السابقة في قوله تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ، والمعنى: أن الذلة مضروبة عليهم دائمًا وأبدًا، والاستثناء هو بحبل من الله أي: إلا بعهد الله لهم إن كانوا تحت حماية المسلمين تحت ظل الدولة الإسلامية، وهذا غير متوفر في وقتنا الحاضر، إذًا يبقى حبل من الناس ومعناه أي: وسيلة تؤدّي إلى عز اليهود وتمكنهم وذل المسلمين لابتعادهم عن دينهم وتفرقهم وتشتتهم وتركهم الجهاد الذي قال عنه النبي : ((ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا))، وهذا هو الذي استفاد منه أعداء الدين، ونشروا الفساد، وأخرجوا المرأة من بيتها، واستخدموها كأداة إضلال وإفساد، وأقاموا نوادي العراة السرية، وأمدّوها بالأموال، ونشروا المخدّرات بين أبناء المسلمين؛ لأنهم يعلمون بأنهم لا يستطيعون أن يتحركوا أو يعيشوا إلا باستغلال هذا الحبل، وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ، والعمل على إشغال المسلمين بكل ما يبعدهم عن دينهم. وانظروا إليهم كيف هم خائفون من شباب الحجارة حكومة وشعبًا، وصدق الله تعالى إذ يقول: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ [الحشر: 14].

أيها المؤمنون، هل من عودة صادقة إلى تعاليم القرآن الكريم وتدبره والعمل بما يأمر به واجتناب ما ينهى عنه واتباع سنة نبينا محمد ؟! إن مقدسات المسلمين وديارهم لا يعيدها إلا جهاد صادق في سبيل الله، وإلا فلا نصر ولا كرامة ولا عزة، وصدق رسول الله حيث يقول: ((إذا تبايعتم بالعينة ـ أي: تبايعتم بالربا، وهذا ما يحدث عياذا بالله في جميع أنحاء العالم ـ وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً، لا ينزعه عنكم حتى تعودوا إلى دينكم)) رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله يحيي موات القلوب بروح الإيمان، وينشئ من موات الأمم جند الرحمن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الجبار الديان، نادى عباده فقال: انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة: 41]، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، خير من أذل بني يهود مشرّدا بهم في الأرض وأذاقهم كأس المرارة والحرمان، وحرم دخولهم ودخول أبناء عمومتهم النصارى جزيرة العرب، ونهى أن يجتمع في جزيرة العرب دينان، فصلى الله عليه وسلم ما تعاقبت الأجيال والأزمان، قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32].

معاشر المسلمين، عظّموا ما عظم الله، وأحلوا ما أحلّ الله، فذلك دليل التقوى، فلقد ورد في شأن بيت المقدس ـ ردّه الله إلى المسلمين ـ نصوص كثيرة، منها ما ورد عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أوَّل؟ قال: ((المسجد الحرام))، قال: قلت: ثم أي؟ قال: ((ثم المسجد الأقصى))، قلت: كم كان بينهما؟ قال: ((أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصلِّ فهو مسجد)) رواه البخاري ومسلم، وروى ابن ماجه والنسائي عن عبد الله بن عمرو عن النبي قال: ((لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثًا: حكمًا يصادف حكمة، وملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، وأن لا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه))، فقال النبي : ((أما اثنتان فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة)).

ومن فضله أن الرّحال تشد إليه كما قال النبي : ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا)) أخرجه البخاري ومسلم. ويكفي شرفًا لبيت المقدس أن إليه أسري نبينا ، ومنه كان المعراج الذي صعد منه إلى السماء، وقيل: إنه أيضًا الذي تصعد منه الأرواح إلى السماء، ينظر إليه العبد إذا شخص بصره عند طلوع روحه، ووردت آثار كثيرة عن بيت المقدس وفضله، وبمسجده صلى النبي إمامًا بالنبيين والمرسلين، وقال عبد الله بن عمر : (بيت المقدس بنته الأنبياء وعمرته، وما فيه موضع شبر إلا وقد سجد عليه نبي أو قام عليه ملك). وفي بيت المقدس بشر الله زكريا بيحيى، وسخر الله لداود الجبال والطير في بيت المقدس، وكانت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يقربون القرابين ببيت المقدس، ويهلك الله يأجوج ومأجوج في بيت المقدس، وولد عيسى عليه السلام في المهد في بيت المقدس، وأنزلت عليه المائدة فيها، ورفعه الله إلى السماء منها، وينزل من السماء فيها ليقتل المسيح الدجال، وصلى نبينا محمد إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا قبل أن يوجهه الله إلى المسجد الحرام، وغير هذا من الفضائل كثير.

مما تقدم من الفضائل العظيمة يتضح لنا ما لبيت المقدس من المكانة العظيمة في نفوس وقلوب المسلمين، فجميع المسلمين اليوم مطالبون أن يطهّروا مصلى الأنبياء ومعراجهم إلى السماء من رجسِ اليهود والنصارى، والذين سجل الله عز وجل عليهم سخَطه في كل ركعة من الصلاة، فالمغضوب عليهم هم اليهود، والضالون هم النصارى، وهذا مسجد الأقصى ينادي، نساؤه وأطفاله يرمون بالحجارة، وشبابه يعتقلون من اليهود الحقيرين، ولسان الحال يقول: هذا المسجد الأقصى فتحه عمر وأعاده صلاح الدين فمن له اليوم؟! إلا أنني أبشر إخواني المسلمين بأنّ هذا المسجد لن يتخلى عنه المؤمنون المجاهدون حتى لو تنكر لهم بعض إخوانهم، وهذه البشرى من النبي ، قال النبي فيما رواه الإمام أحمد في مسنده: ((لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك))، قال: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: ((ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس)) فصدق رسول الله .

إنها من معجزاته ، أظنكم قد عرفتموهم أيها الأحبة في الله، إنهم شباب فلسطين الذين يواجهون اليهود بصدور عارِية وقلوب مؤمنة.

واعملوا أن الله صلى وسلّم على نبيه قديمًا، فقال تعالى ولم يزل قائلا عليمًا وآمرًا حكيمًا تنبيهًا لكم وتعليمًا وتشريفًا لقدر نبيه وتعظيما، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

لبيك اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر من نصر المسلمين، واخذل من خذل الإسلام والمسلمين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين العزل في بيت المقدس وفي فلسطين، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم سدد رميهم وحجارتهم...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً