.

اليوم م الموافق ‏22/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

خطبة عيد الفطر

5541

الرقاق والأخلاق والآداب

مواعظ عامة

فريح بن محمد الفريح

الذيبية

جامع بلدة السمار

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- العيد يوم شكر وذكر. 2- أعياد المسلمين. 3- أهمية التوحيد وخطورة الشرك. 4- التذكير بأهمية الصلاة والزكاة. 5- الحث على الاستمرار على طاعة الله. 6- محاسبة النفس. 7- سنن العيد. 8- التذكير باليوم الآخر. 9- كلمة للنساء.

الخطبة الأولى

أما بعد: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر. الله أكبر كلما صام الصائمون، الله أكبر كلما أفطر المفطرون، الله أكبر ولله الحمد.

أيها الناس، اتقوا الله حق التقوى، اتقوا الله لترفع لكم الدرجات، اتقوه لتحط عنكم السيئات، اتقوا الله لتضاعف لكم الأجور والحسنات، وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ، منّ عليكم بإكمال شهر الصيام صيامًا وقيامًا، اسألوه أن يتقبلها منكم، وأن يغفر لكم ما حصل فيها من تقصير.

عباد الله، هذا اليوم يوم شكر وذكر، وأكل وشرب وفطر، يحرم صومه لما في صومه من الإعراض عن ضيافة الله سبحانه ومخالفة أمره، حيث شرع الإفطار فيه، فإنه لما قدم النبي المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ((إن الله قد أبدلكم يومين خيرًا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى))، فأبدل الله المؤمنين بيومي اللعب واللهو يومي الذكر والشكر والمغفرة والعفو، فليس للمؤمنين في الدنيا غير ثلاثة أعياد، كل عيد يأتي بعد استكمال عبادة من العبادات العظيمة في الإسلام.

عيد الأسبوع بعد استكمال عبادات الأسبوع من الصلاة وغيرها، وهو يوم الجمعة، وعيد الفطر بعد صيام رمضان وقيامه، كفر الله عنهم ذنوبهم، وأعتقهم من النار، شرع لهم هذا العيد ليشكروه ويكبروه وليفرحوا بمغفرة الله لهم، وعيد الأضحى بعد الحج، وهو أعظم هذه الأعياد وأفضلها، وليس وراء هذه الأعياد من عيد.

عباد الله، لئن كان العيد إنما شرع لذكر الله وشكره وحمده على هذه العبادات العظيمة فإنه لا بأس فيها من يسير اللهو المباح الذي يسلي النفس ولا يلهي عن طاعة الله، وينبغي الإكثار فيه من الاستغفار وتعظيم الله سبحانه والذل والخضوع له وعبادته حق عبادته.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون، أحوج ما يكون المسلم إليه في حياته وبعد مماته توحيد الله سبحانه والإيمان به، فهو أصل الحياة الطيبة في الحياتين، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ.

العبادة لا تصرف إلا لله على سنة رسول الله ، ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)) كما في الحديث القدسي عن ربنا سبحانه، ونبينا محمد يقول: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).

وما ترك الله أمة إلا بعث فيها نذيرًا يأمرهم بتوحيد الله وينهاهم عن الشرك، وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ، بل لقد خاف أبو الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام على نفسه من الشرك فقال: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ، وقال خاتم الرسل : ((اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك)). أمر يخافه الأنبياء على أنفسهم حقيق بالمخافة والحذر، بل لقد بين النبي أن أشد ما يخافه على أمته الشرك الخفي: ((إن أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي))، فسئل عنه فقال: ((الرياء))، وقال: ((الشرك في أمتي أخفى من دبيب النملة السوداء على الصفاة السوداء في الليلة الظلماء)).

شرك في العبادة، وشرك في الرجاء، شرك في الخوف والمحبة، ناهيك عن أنواع السحر والكهانة والذهاب إلى العرافين ونحوهم. أمور وأشياء يخشى الإنسان أن يدركه مقت الله وعذابه وغضبه بانتشارها ووقوعها بين الناس.

إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ، ومن سلم من الشرك فقد سلم ونجا، ومن وقع فيه فقد هلك إن لم يتداركه الله برحمته.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون، الصلاة عمود دينكم، لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ((بين المرء وبين الكفر والشرك ترك الصلاة))، ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))، من ترك الصلاة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.

أقيموا الصلاة كما أمركم الله بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، أدوها مع جماعة المسلمين في المساجد لتكون لكم ذخرًا عند الله سبحانه، مروا أولادكم بإقامتها، واعتقدوا أنها راحة لكم، تكفر ذنوبكم وخطاياكم، ولقد كان نبينا محمد يقول لبلال: ((أقم الصلاة، أرحنا بها))، ويقول: ((وجعلت قرة عيني في الصلاة)).

قرينة الصلاة الزكاة، أدوها طيبة بها نفوسكم، أنفقوا مما رزقكم الله، فإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

لئن انتهى شهر الصيام فإن عمل المؤمن ليس له نهاية دون الموت، سن لكم نبيكم أنواعًا من الصيام، فليعمل كل بما تيسر له، وإن من أولاها في هذه الأيام صيام ست من شوال، فمن صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر، ومن كان عليه قضاء فلا يصمها حتى يقضي ما عليه.

ولئن انتهى شهر القيام فإن من هدي النبي أنه يصلي في الليل إحدى عشرة ركعة في رمضان وغيره.

اقرؤوا القرآن، وتدبروا كتاب الله، والزموا تلاوته آناء الليل والنهار لعلكم تفلحون.

الله أكبر.

العيد مناسبة كبرى لمراجعة النفس والعمل وإصلاح ذات البين وصلة الأرحام والرأفة باليتامى والمساكين والإحسان إليهم وإقامة أمر الله في الوالدين والأقربين والألفة والمحبة بين المسلمين والتزاور والتهنئة بهذه المناسبة، فلعل هذا العيد أن لا يمر مرة أخرى، فكم كان معنا في العيد الماضي من الأصحاب والأحباب، اخترمتهم يد المنون، وفرقهم مفرق الجموع، ولا يأمن الإنسان ذلك على نفسه، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، ولن يبقى للإنسان إلا ما قدمه من الأعمال، فهل من مشمر لطاعة الله؟! وهل من بائع نفسه لله؟! وهل طالب سلعة الله؟! ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة، فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا.

فبادروا أعماركم، وتنافسوا فيما بينكم، وأروا الله من أنفسكم خيرًا، بادروا بالأعمال سبعًا: فهل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا، أو غنى مطغيًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفندًا، أو موتًا مجهزًا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمرّ؟!

متى يصلح نفسه من لم يصلحها اليوم؟! ومتى يعبد ربه من لم يعبده اليوم؟! ومتى يحاسب نفسه الإنسان؟! حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، منَّ علينا بصيام رمضان وإدراك العيد، وأمهل عباده ليتوبوا إليه ووعدهم سبحانه بالجنة والمزيد. أحمده سبحانه ما تعاقب الجديدان، وأشكره سبحانه في كل حين وآن. وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الديان، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله إلى الثقلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه كرام النفوس والأبدان، بذلوا أرواحهم في طاعة الرحمن، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم القيامة، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.

أيها الناس، اتقوا الله وأطيعوه، والتزموا أمره ولا تعصوه.

عباد الله، في يوم العيد سنن ينبغي أن لا تهمل إكثارًا من مواضع العبادة، وإظهارًا لشعائر الإسلام، واقتداء بنبي الإسلام، فقد كان من هديه الخروج إلى العيد بسكينة ووقار، يذهب من طريق، ويعود من آخر، يكثر من الذكر، ويغتنم الأجر، ويحسن إلى الناس.

التهنئة بالعيد من عمل السلف، فيها تأليف للقلوب وإزالة للضغائن بين المسلمين ودفع للشحناء والأحقاد.

الله أكبر.

عباد الله، تذكروا بجمعكم هذا يوم الجمع الأكبر عند الله، حين تقومون من قبوركم لله رب العالمين، حافية أقدامكم، عارية أجسادكم، شاخصة أبصاركم، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ، يوم يبعثر ما في القبور، ويحصل ما في الصدور، يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، يوم تفرق الصحف، فآخذ صحيفته باليمين، وآخذ بالشمال، يوم توضع الموازين، فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ، يوم ينصب الصراط على متن جهنم، يمر عليه الناس على قدر أعمالهم.

استبقوا الخيرات، والتجئوا إلى فاطر الأرض والسماوات، واعلموا أن الأعمال بالخواتيم.

يا نساء المسلمين، اتقين الله في أنفسكن، احفظن حدوده، عليكن بالستر والعفاف والحشمة والبعد عن أماكن الرجال، أطعن الله، وأطعن الرسول وأزواجكن، فمن صلت فرضها وصامت شهرها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها. ربين أولادكن تربية إيمانية تحفظهم في دينهم ودنياهم، حتى يكونوا ذخرًا لكنَّ عند الله عز وجل.

اللهم إن عبادك خرجوا إلى هذا المكان، يرجون ثوابك وفضلك، ويخافون عذابك، اللهم حقق لنا ما نرجو، وآمنا مما نخاف، ولا تخزنا يوم الفزع الأكبر، واجعل لنا ذكرًا حسنًا في العالمين.

اللهم تقبل منا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً