أما بعد: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر. الله أكبر كلما صام الصائمون، الله أكبر كلما أفطر المفطرون، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الناس، اتقوا الله حق التقوى، اتقوا الله لترفع لكم الدرجات، اتقوه لتحط عنكم السيئات، اتقوا الله لتضاعف لكم الأجور والحسنات، وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ، منّ عليكم بإكمال شهر الصيام صيامًا وقيامًا، اسألوه أن يتقبلها منكم، وأن يغفر لكم ما حصل فيها من تقصير.
عباد الله، هذا اليوم يوم شكر وذكر، وأكل وشرب وفطر، يحرم صومه لما في صومه من الإعراض عن ضيافة الله سبحانه ومخالفة أمره، حيث شرع الإفطار فيه، فإنه لما قدم النبي المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ((إن الله قد أبدلكم يومين خيرًا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى))، فأبدل الله المؤمنين بيومي اللعب واللهو يومي الذكر والشكر والمغفرة والعفو، فليس للمؤمنين في الدنيا غير ثلاثة أعياد، كل عيد يأتي بعد استكمال عبادة من العبادات العظيمة في الإسلام.
عيد الأسبوع بعد استكمال عبادات الأسبوع من الصلاة وغيرها، وهو يوم الجمعة، وعيد الفطر بعد صيام رمضان وقيامه، كفر الله عنهم ذنوبهم، وأعتقهم من النار، شرع لهم هذا العيد ليشكروه ويكبروه وليفرحوا بمغفرة الله لهم، وعيد الأضحى بعد الحج، وهو أعظم هذه الأعياد وأفضلها، وليس وراء هذه الأعياد من عيد.
عباد الله، لئن كان العيد إنما شرع لذكر الله وشكره وحمده على هذه العبادات العظيمة فإنه لا بأس فيها من يسير اللهو المباح الذي يسلي النفس ولا يلهي عن طاعة الله، وينبغي الإكثار فيه من الاستغفار وتعظيم الله سبحانه والذل والخضوع له وعبادته حق عبادته.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون، أحوج ما يكون المسلم إليه في حياته وبعد مماته توحيد الله سبحانه والإيمان به، فهو أصل الحياة الطيبة في الحياتين، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ.
العبادة لا تصرف إلا لله على سنة رسول الله ، ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)) كما في الحديث القدسي عن ربنا سبحانه، ونبينا محمد يقول: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
وما ترك الله أمة إلا بعث فيها نذيرًا يأمرهم بتوحيد الله وينهاهم عن الشرك، وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ، بل لقد خاف أبو الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام على نفسه من الشرك فقال: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ، وقال خاتم الرسل : ((اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك)). أمر يخافه الأنبياء على أنفسهم حقيق بالمخافة والحذر، بل لقد بين النبي أن أشد ما يخافه على أمته الشرك الخفي: ((إن أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي))، فسئل عنه فقال: ((الرياء))، وقال: ((الشرك في أمتي أخفى من دبيب النملة السوداء على الصفاة السوداء في الليلة الظلماء)).
شرك في العبادة، وشرك في الرجاء، شرك في الخوف والمحبة، ناهيك عن أنواع السحر والكهانة والذهاب إلى العرافين ونحوهم. أمور وأشياء يخشى الإنسان أن يدركه مقت الله وعذابه وغضبه بانتشارها ووقوعها بين الناس.
إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ، ومن سلم من الشرك فقد سلم ونجا، ومن وقع فيه فقد هلك إن لم يتداركه الله برحمته.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون، الصلاة عمود دينكم، لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ((بين المرء وبين الكفر والشرك ترك الصلاة))، ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))، من ترك الصلاة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.
أقيموا الصلاة كما أمركم الله بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، أدوها مع جماعة المسلمين في المساجد لتكون لكم ذخرًا عند الله سبحانه، مروا أولادكم بإقامتها، واعتقدوا أنها راحة لكم، تكفر ذنوبكم وخطاياكم، ولقد كان نبينا محمد يقول لبلال: ((أقم الصلاة، أرحنا بها))، ويقول: ((وجعلت قرة عيني في الصلاة)).
قرينة الصلاة الزكاة، أدوها طيبة بها نفوسكم، أنفقوا مما رزقكم الله، فإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
لئن انتهى شهر الصيام فإن عمل المؤمن ليس له نهاية دون الموت، سن لكم نبيكم أنواعًا من الصيام، فليعمل كل بما تيسر له، وإن من أولاها في هذه الأيام صيام ست من شوال، فمن صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر، ومن كان عليه قضاء فلا يصمها حتى يقضي ما عليه.
ولئن انتهى شهر القيام فإن من هدي النبي أنه يصلي في الليل إحدى عشرة ركعة في رمضان وغيره.
اقرؤوا القرآن، وتدبروا كتاب الله، والزموا تلاوته آناء الليل والنهار لعلكم تفلحون.
الله أكبر.
العيد مناسبة كبرى لمراجعة النفس والعمل وإصلاح ذات البين وصلة الأرحام والرأفة باليتامى والمساكين والإحسان إليهم وإقامة أمر الله في الوالدين والأقربين والألفة والمحبة بين المسلمين والتزاور والتهنئة بهذه المناسبة، فلعل هذا العيد أن لا يمر مرة أخرى، فكم كان معنا في العيد الماضي من الأصحاب والأحباب، اخترمتهم يد المنون، وفرقهم مفرق الجموع، ولا يأمن الإنسان ذلك على نفسه، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، ولن يبقى للإنسان إلا ما قدمه من الأعمال، فهل من مشمر لطاعة الله؟! وهل من بائع نفسه لله؟! وهل طالب سلعة الله؟! ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة، فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا.
فبادروا أعماركم، وتنافسوا فيما بينكم، وأروا الله من أنفسكم خيرًا، بادروا بالأعمال سبعًا: فهل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا، أو غنى مطغيًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفندًا، أو موتًا مجهزًا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمرّ؟!
متى يصلح نفسه من لم يصلحها اليوم؟! ومتى يعبد ربه من لم يعبده اليوم؟! ومتى يحاسب نفسه الإنسان؟! حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
|