أما بعد:
أيها الناس: اتقوا لله تعالى وعظموا شعائره، فإن ذلك من تقوى القلوب ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه، يكفر عنه سيئاته، ويرفع درجاته، وينجيه من كل مكروب، ألا وإن من شعائر الله مناسك الحج والعمرة فعظموها واحترموها واجتنبوا محظوراتها لعلكم تفلحون.
واعلموا أيها الناس أن من محظورات الإحرام حلق الشعر أو قصه أو إزالته بأي مزيل كان، فلا يجوز للمحرم رجلا كان أو امرأة أن يزيل شيئا من شعره، ويجوز له أن يحك رأسه برفق فإن سقط بذلك شعر من غير قصد فلا حرج عليه، وإذا كان في عين الإنسان شعر يؤذيه فلا بأس أن يأخذه بالمنقاش.
ومن محظورات الإحرام إزالة الأظفار بتقليم أو قص، فلا بأس أن يقص المنكسر الذي يؤذيه خاصة، ولا شيء عليه.
ومن محظورات الإحرام الطَّيب فلا يجوز للمحرم أن يتطيب لا بثوبه ولا بدنه ولا بما يأكل أو يشرب، أما الطيَّب عند عقد الإحرام قبل أن ينوي الإحرام فهو سنة للرجال والنساء، ولا يضر بقاؤه بعد الإحرام.
ومن محظورات الإحرام الرفث وهو الجماع وما يتصل به، من مباشرة بشهوة أو نظر بشهوة أو تقبيل لشهوة ونحوها، فلا يجوز للمحرم أن يفعل شيئا من ذلك.
ومن محظورات الإحرام عقد النكاح فلا يجوز للمحرم عقده لنفسه ولا لغيره، ومن محظورات الإحرام لبس القفازين وهما شراب اليدين فلا يجوز للمحرم أن يلبسهما، وهذه المحظورات عامة للرجال والنساء.
وهناك محظورات خاصة فمنها لبس الثياب والأكوات والمشالح والفنايل والصدرية والشراب والكنادر والسراويل والغتر والطواقي، كل هذه الملبوسات لا يجوز للرجل خاصة إذا أحرم أن يلبسها على صفة ما يلبسها عليه عادة.
ومن محظورات الإحرام على الرجل خاصة تغطية رأسه بشيء ملاصق يقصد به الستر مثل الغترة والطاقية وغيرهما ممن يستر به الرأس متصلا به، فأما الشيء الذي ليس متصلا به مثل الشمسية والخيمة وسقف السيارة فلا بأس به، وكذلك لا بأس أن يحمل الرجل على رأسه فراشه وعفشه وإذا خشي المحرم من الضرر ببرد أو غيره إذا كشف رأسه، فإنه لا بأس أن تغطيه، ولكن يجب عليه أن يفدي، والفدية إما ذبح شاة يفرقها على المساكين أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة فقراء، لكل فقير ربع صاع من البر أو نصف صاع من غيره.
ويجوز للمحرم أن يلبس الساعة، والسبتة، والكمر الذي فيه النفقة، والمناظر التي على العين، وأن يشبك رداءه بمشبك، ولا شيء عليه بذلك خصوصا مع الحاجة.
أما المحظورات التي تختص بالمرأة فهي تغطية الوجه فلا تغطي المحرمة وجهها، إلا أن يمر الرجال قريبا منها فإنه يجب أن تتغطى عنهم إذا لم يكونوا من محارمها، ويجوز أن تتغطى ولو مس الغطاء وجهها وتلبس ما شاءت من الثياب إذا لم يكن فيها تبرج عندَ من لا يَجُوز التبرج له.
وهنا مسائل أحب أن أنبهكم عليها وهي:-
أنه يجوز للنساء وللرجال أن يلبسوا بدل الثوب الذي أحرموا به فإذا أحب الرجل أن يغير إزاره بإزار آخر أو رداءه برداء برداء آخر فلا بأس، و كذلك إذا أحبت المرأة أن تلبس غير ثيابها التي أحرمت بها فلا بأس.
يجوز للمحرم أن يقلع الشجر الأخضر وغير الأخضر إلا إذا كان داخل الأميال فإنه لا يجوز له قلع الشجر والحشيش وعلى هذا يجوز قلع الشجر بعرفة ولا يجوز في منى ومزدلفة لأن عرفة خارج الأميال ومنى ومزدلفة داخل الأميال.
يجوز للمرأة أن تلبس الشراب والكنادر ولو كانت عند عقد الإحرام حافية ولا يجوز للرجل أن يلبس الكنادر والشراب وإنما يجوز له لبس النعال ولو كان حافيا عند الإحرام.
يجوز للمرأة أن تعقد الإحرام وهي حائض وتغتسل وتتطيب عند الإحرام كما يفعل الناس وتحرم بالعمرة، فإذا وصلت بمكة فإن طهرت قبل الطلوع قضت عمرتها وحلت من إحرامها ثم أحرمت بالحج مع الناس، وإن جاء الطلوع قبل أن تطهر فإنها تنوي بالحج وتكون قارنة ويحصل لها حج وعمرة، فإذا طافت وسعت نوت الطواف للحج والعمرة والسعي للحج والعمرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب [البقرة:197]. |