أما بعد: جاء في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال النبي : ((حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس)).
عباد الله، إن هذه الحقوق التي فرط فيها المسلمون يترتب عليها الأجر الكبير عند الله وحصول النفع العظيم بين العباد، فإلقاء السلام ورده سبب للمحبة والمودة الموجبة لدخول الجنة، كما قال النبي : ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)).
ولا يخفى على أحد ما يتبع السلام من تحية وبشاشة توجب التآلف والرحمة، وتزيل الوحشة والتقاطع، وللأسف فإن من المسلمين من أعرض عن تحية الإسلام، فإما أن يحييك بتحية لا تمت للإسلام بصلةكقوله: صباح الخير، وإما أن لا يرد عليك السلام إذا ألقيته عليه، بل يكتفي بقوله: مرحبا أو نحو ذلك، وإما أن لا يسلم إلا على من يعرف وهذا فعل المتكبرين، وقد قال عليه الصلاة والسلام لمن سأله عن أي الإسلام خير: ((تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)).
وأما اتباع الجنائز فيقول النبي : ((من تبع جَنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا وكان معها حتى يُصلِّي عليها ويُفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين من الأجر، كل قيراط مثل أُحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تُدفن فإنه يرجع بقيراط من الأجر)). ومع عظم هذا الأجر إلا أنه قلة من المسلمين اليوم من يتحرى الذهاب إلى المقابر لزيارتها والاعتبار بحال أهلها والبحث عن جنازة ليصلي عليها ويشهد دفنها.
وأما إجابة الدعوة فلا يخفى على أحد ما فيها من جبر خاطر المسلم الذي خصك بدعوته وأكرمك، لذلك يجب عليك إجابة دعوته إلا لعذر، كوجود منكر أو كون الدعوة في منتصف الليل أو بعده.
وأما تشميت العاطس فهو مشروط بقول العاطس: الحمد لله، فقد جاء في صحيح البخاري أن النبي قال: ((إن الله يحب العطاس، فإذا عطس أحدكم فحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله)). ولعل سبب حب الله تعالى للعطاس لما فيه من حمد الله ودعاء الرحمة ومن ثم دعاء بالهداية وصلاح البال.
وأما عيادة المريض فهذه عبادة قد هجرها الكثيرون منا ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقول النبي : ((إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في مَخْرَفَةِ الجنة حتى يرجع))، بمعنى أنه ما يزال يجني من ثمار الجنة ونعيمها حتى يعود من تلك الزيارة، وفي رواية أخرى: ((فإذا جلس غمرته الرحمة، فإن كان غدوةً صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن كان عشيا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يُصبح)). إذًا عيادة المريض فيها أجر عظيم، وفيها أيضا تطييبٌ لقلب المريض وإدخالٌ للسرور عليه، كما أن فيها عظة وعبرة للزائر.
وينبغي للمسلم أن يُنفس عن المريض ما هو فيه، بتبشيره بالعافية والصحة العاجلة، وأن الله يغفر له بمرضه ويطهره من ذنوبه. ويُسن للمسلم أن يدعو بدعاء أمر به النبي بقوله: ((إذا عاد أحدكم مريضا فليقل: اللهم اشف عبدك، ينكأ لك عدوا أو يمشي لك إلى صلاة)). فالمسلم يدعو الله أن يشفي مريضه كي يقهر ويؤذي أعداء الله، أو ليذهب إلى المسجد لأداء الفروض الخمسة كما أوجبها الله.
فاحرص ـ يا عبد الله ـ أن تكون متمسكًا بدينك معتزًا بإسلامك، قاهرًا لأعدائك محافظًا على صلاتك.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
|