.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

زيارة المريض

5073

الأسرة والمجتمع, الرقاق والأخلاق والآداب

الآداب والحقوق العامة, فضائل الأعمال, قضايا المجتمع

عاصم بن لقمان يونس الحكيم

جدة

16/10/1426

جامع جعفر الطيار

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضل رد السلام. 2- فضل الصلاة على الجنازة واتباعها. 3- فضل عيادة المريض. 4- بعض الآداب المشروعة عند زيارة المريض.

الخطبة الأولى

أما بعد: جاء في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال النبي : ((حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس)).

عباد الله، إن هذه الحقوق التي فرط فيها المسلمون يترتب عليها الأجر الكبير عند الله وحصول النفع العظيم بين العباد، فإلقاء السلام ورده سبب للمحبة والمودة الموجبة لدخول الجنة، كما قال النبي : ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)).

ولا يخفى على أحد ما يتبع السلام من تحية وبشاشة توجب التآلف والرحمة، وتزيل الوحشة والتقاطع، وللأسف فإن من المسلمين من أعرض عن تحية الإسلام، فإما أن يحييك بتحية لا تمت للإسلام بصلةكقوله: صباح الخير، وإما أن لا يرد عليك السلام إذا ألقيته عليه، بل يكتفي بقوله: مرحبا أو نحو ذلك، وإما أن لا يسلم إلا على من يعرف وهذا فعل المتكبرين، وقد قال عليه الصلاة والسلام لمن سأله عن أي الإسلام خير: ((تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)).

وأما اتباع الجنائز فيقول النبي : ((من تبع جَنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا وكان معها حتى يُصلِّي عليها ويُفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين من الأجر، كل قيراط مثل أُحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تُدفن فإنه يرجع بقيراط من الأجر)). ومع عظم هذا الأجر إلا أنه قلة من المسلمين اليوم من يتحرى الذهاب إلى المقابر لزيارتها والاعتبار بحال أهلها والبحث عن جنازة ليصلي عليها ويشهد دفنها.

وأما إجابة الدعوة فلا يخفى على أحد ما فيها من جبر خاطر المسلم الذي خصك بدعوته وأكرمك، لذلك يجب عليك إجابة دعوته إلا لعذر، كوجود منكر أو كون الدعوة في منتصف الليل أو بعده.

وأما تشميت العاطس فهو مشروط بقول العاطس: الحمد لله، فقد جاء في صحيح البخاري أن النبي قال: ((إن الله يحب العطاس، فإذا عطس أحدكم فحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله)). ولعل سبب حب الله تعالى للعطاس لما فيه من حمد الله ودعاء الرحمة ومن ثم دعاء بالهداية وصلاح البال.

وأما عيادة المريض فهذه عبادة قد هجرها الكثيرون منا ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقول النبي : ((إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في مَخْرَفَةِ الجنة حتى يرجع))، بمعنى أنه ما يزال يجني من ثمار الجنة ونعيمها حتى يعود من تلك الزيارة، وفي رواية أخرى: ((فإذا جلس غمرته الرحمة، فإن كان غدوةً صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن كان عشيا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يُصبح)). إذًا عيادة المريض فيها أجر عظيم، وفيها أيضا تطييبٌ لقلب المريض وإدخالٌ للسرور عليه، كما أن فيها عظة وعبرة للزائر.

وينبغي للمسلم أن يُنفس عن المريض ما هو فيه، بتبشيره بالعافية والصحة العاجلة، وأن الله يغفر له بمرضه ويطهره من ذنوبه. ويُسن للمسلم أن يدعو بدعاء أمر به النبي بقوله: ((إذا عاد أحدكم مريضا فليقل: اللهم اشف عبدك، ينكأ لك عدوا أو يمشي لك إلى صلاة)). فالمسلم يدعو الله أن يشفي مريضه كي يقهر ويؤذي أعداء الله، أو ليذهب إلى المسجد لأداء الفروض الخمسة كما أوجبها الله.

فاحرص ـ يا عبد الله ـ أن تكون متمسكًا بدينك معتزًا بإسلامك، قاهرًا لأعدائك محافظًا على صلاتك.

أقول قولي هذا وأستغفر الله.

 

الخطبة الثانية

أما بعد: يشرع للزائر أن يحمد الله على العافية التي هو فيها، قال النبي : ((من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء)).

عباد الله، لقد كان أصحاب النبي يعودونه إذا مرض، وكان هو يعود أصحابه إن مرضوا، فلقد عاد سعد بن معاذ عندما أُصيب في غزوة الخندق، وعاد سعد بن أبي وقاص عندما مرض وأوشك على الهلاك في حديث الوصية المعروف، والأحاديث في عيادته لأصحابه كثيرة.

وينبغي للمسلم ـ عباد الله ـ أن يغتنم زيارته للمريض بالدعوة إلى الله، كأن يضع عنده كتيبات وأشرطة إسلامية تنفعه وتنفع من يجلس عنده، عوضًا عن إهدائه باقات الورد إذ تلك عادة دخيلة وليست هي من عادات المسلمين. ولقد عاد النبي صبيًا يهوديًا فدعاه إلى الإسلام فأسلم، ولنا في رسول الله أسوة حسنة.

وينبغي على المسلم أن يغض بصره إذا دخل المستشفيات، خاصة أن التبرج فيها هو السمة الغالبة، وليت الأمر اقتصر على الكافرات كما كان من قبل، لكنه انتشر وعمت به البلوى حتى أصبحنا نرى المواطنات المسلمات ـ اللاتي كن يصدرن العفة والحجاب إلى بلاد الإسلام الأخرى ـ سافرات ومتبرجات، وما ذلك إلا بكسب أيدينا، فإن المنكر إذا رضي به المسلمون وسكتوا عن إنكاره ولو بالمقاطعة عظُم وكبُر وانتقل إلى منكر أكبر منه، وهكذا حتى تصبح بلادنا كالبلاد التي نحذر دائما من السفر إليها، أما إذا أنكروه في بدايته ومهده زال وانمحى أو على الأقل صغر واضمحل.

فاتقوا الله ـ عباد الله ـ في نسائكم، وكونوا رجالا ذوي غيرة، فإن الذي يرضى بالمنكر في أهله كما نرى في الشوارع والأسواق والمستشفيات سوف يعض أصابع الندم والحسرة بعد الفضيحة، ولا ينفع آنذاك الندم.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً