.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

في إطلالة رمضان

4989

الرقاق والأخلاق والآداب, العلم والدعوة والجهاد

المسلمون في العالم, فضائل الأزمنة والأمكنة

محمد أحمد حسين

القدس

22/8/1427

المسجد الأقصى

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- استعداد المسلمين لاستقبال شهر رمضان. 2- فضل رمضان. 3- التحذير مما يخدش الصوم وينقص ثوابه. 4- كيفية ثبوت شهر رمضان. 5- افتراءات الكنيسة الكاثوليكية بالفاتيكان. 6- عدوان اليهود على المسجد الأقصى والقائمين عليه.

الخطبة الأولى

أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، يستعدّ المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها لاستقبال شهر رمضان المبارك بعد أيام معدودات؛ ليخرجوا من شهر رسول الله شهر شعبان ويدخلوا في شهر رمضان، شهر المغفرةِ والرحمة والرضوان والعتق من النار.

وقد كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يدعون الله تعالى أن يبلغهم رمضان لما فيه من الخير والبر والطاعة التي تقرّب العبد إلى الله وتبعده عن سبيل الشيطان، فقد ورد عن النبي العدنان عليه أفضل الصلاة والسلام قال: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين)).

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إن شهر الصيام هو موسم النفوس الطائعة، وهو مدرسة كاملة للتربية على الأخلاق الفضيلة؛ من الأمانة والصبر والرحمة والشعور بآلام الفقير والمحتاج، فالصائم أمين على هذه العبادة التي لا يشوبها الرياء؛ لأن الصيام سرّ بين العبد وربه، وعهد على الطاعة والعبادة يقطعه المخلصون على أنفسهم، والصائمون على المعاصي طمعا في فضل ومغفرة خالقهم، وبهذا تسمو الأرواح، وتطيب الأعمال، وتصقل القلوب، وتنقّى السرائر، وتزكّى النفوس، ويذهب درَنها، ويتساقط وزرها. فهنيئا لمن أقبل بهمّة على صوم شهر رمضان، وأعدّ عدته ليكون من الصائمين القائمين احتسابا؛ لما روي عن الحبيب المصطفى عليه السلام: ((من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)). إذًا فليغتنم المسلمون هذه الفرصة من أيام رمضان، ويقبلوا على مائدة الله فيه بنفوس راخية للطاعة في موكب العابدين السائرين بيقين نحو باب الريان يوم ينادي المنادي: أين الصائمون؟ فيقومون فلا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل أحد غيرهم.

أيها المسلمون، يا من تعّدون أنفسكم لصيام رمضان وقيام ليله وإحياء سنة نبيكم وخلفائه في التراويح والتسابيح وفعل الخيرات والبعد عن المعاصي والآثام والمنكرات ليقينكم أن الخاسر من أدراك رمضان ولم يغفر له، أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، وحتى يفوز المسلم بقيام جزيل الأجر أدعى للقبول عند الله تعالى عليه أن يتجنب كل ما يخدش الصيام ويذهب بثوابه كالغيبة والنميمة والإفساد بين الناس وخمش الكلام وسوء العمل لقول رسول الله : ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))، والرسول يقول: ((رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر)).

 

الخطبة الثانية

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، ولما كانت عبادة الصوم مرتبطة برؤية هلال رمضان لحديث النبي : ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين))، فالشهر القمري يكون تسعة وعشرين يوما أو ثلاثين يوما فقط، وهذا مرتبط بأحوال القمر ومطالعه، فعلى المسلمين في هذه الديار المباركة وفي غيرها من ديار المسلمين التماس هلال رمضان يوم الجمعة القادم بعد غروب الشمس، وهذا اليوم التاسع والعشرون من شهر شعبان الجاري، فإن ثبتت رؤية الهلال بشهادة عدل واحد دخل الناس في عبادة الصيام، وإن لم تثبت رؤية هلال رمضان أكمل المسلمون عدة شعبان ثلاثين يوما، فعلى كل مسلم يرى هلال رمضان في هذه الديار أن يتوجه إلى إحدى دور الفتوى أو إلى أقرب محكمة شرعيّة في منطقته لأداء الشهادة على الوجه الشرعي.

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كلّ مكان، لقد تناقلت وسائل الإعلام يوم أمس الأول تفوّهات منسوبة لرأي الكنيسة الكاثوليكية في حاضرة الفاتيكان، مفادها أن العقيدة الإسلامية يجب أن تخضع لمقياس العقل كما أن محمدا نبيّ المسلمين لم يأت إلا بما هو سيّئ، تعالى الله عما يقولون، يقولون منكرات القول وزورا.

إن العقيدة الإسلامية السمحة هي التي عاش في ظلها الآخر ومنحته الحقوق المدنيّة والدينية كافة انطلاقا من قوله تعالى: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ. وهي العقيدة التي رحبت بجيوشها رعايا الدولة الرومانيّة زمن الفتوحات الإسلامية هربا من ظلم إخوتهم في الدين، وإن الذي جاء به رسول الإنسانية محمّد عليه السلام هو الخير والرحمة للبشرية جمعاء، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ، ولكنها البغضاء قد بدت من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:32].

إننا من على المنبر الشريف ندين هذه التفوّهات بشدّة، ونطالب بالاعتذار عنها، كما ندين كل إساءة أو تعرّض للإسلام ونبيّه وأهله ممن يزعمون رعاية حوار الأديان وحرية الإنسان.

أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، وهنا في القدس في المسجد الأقصى المبارك يتعرّض أحد العاملين في لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك لاعتداء الشرطة الإسرائيلية لمنعه من الاستمرار في أعمال الترميم والصيانة في المصلى المرواني يوم الاثنين الماضي. إن هذا الاعتداء على عامل الإعمار في المسجد الأقصى ليس الأول من نوعه، بل قامت الشرطة الإسرائيلية بالاعتداء على حراس المسجد الأقصى، ومنعت عددا منهم من دخول المسجد لفترات متفاوتة, وهنا لا بد من التأكيد على ما يأتي:

أولا: إن المسجد الأقصى المبارك هو مسجد إسلامي، تقوم إدارة الأوقاف الإسلامية بالإشراف عليه ورعايته وإعماره وترميمه نيابة عن كل المسلمين في هذا العالم الذي يشكل المسجد الأقصى جزءا من عقيدتهم.

ثانيا: إن دائرة الأوقاف الإسلامية هي الجهة الوحيدة التي تدير المسجد وترعى شؤونه، ولا يحق لأية جهة أخرى شرطية أو غيرها أن تتدخل في شؤون هذا المسجد.

ثالثا: إن محاولات التدخل في شؤون المسجد الأقصى من قبل السلطات الإسرائيلية لفرض واقع جديد في المسجد ومحاولة سحب الصلاحيات من إدارة الأوقاف الإسلامية هي محاولات مكشوفة ومدانة، كما نرفض الاستهتار بكرامة العاملين، وإن الذي أفشل كلَّ المحاولات في المسجد الرامية للتسلل إلى المسجد سابقا سيفشِل كل محاولة في الحاضر والمستقبل.

فلا زالت عيون المرابطين في المسجد الأقصى وأكنافه ساهرة على حمايته، وما زال الإيمان الذي يعمر الصدور يسبح الصدور برعايته.

يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، إن وحدتكم والتفافكم حول مقدّساتكم والعمل على إنجاز أهدافكم في الحرية وصون حقوقكم المشروعة فوق هذه الأرض المباركة لهو الكفيل بإفشال كل المخططات الرامية للنيل من صمودكم.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً