أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، ولما كانت عبادة الصوم مرتبطة برؤية هلال رمضان لحديث النبي : ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين))، فالشهر القمري يكون تسعة وعشرين يوما أو ثلاثين يوما فقط، وهذا مرتبط بأحوال القمر ومطالعه، فعلى المسلمين في هذه الديار المباركة وفي غيرها من ديار المسلمين التماس هلال رمضان يوم الجمعة القادم بعد غروب الشمس، وهذا اليوم التاسع والعشرون من شهر شعبان الجاري، فإن ثبتت رؤية الهلال بشهادة عدل واحد دخل الناس في عبادة الصيام، وإن لم تثبت رؤية هلال رمضان أكمل المسلمون عدة شعبان ثلاثين يوما، فعلى كل مسلم يرى هلال رمضان في هذه الديار أن يتوجه إلى إحدى دور الفتوى أو إلى أقرب محكمة شرعيّة في منطقته لأداء الشهادة على الوجه الشرعي.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كلّ مكان، لقد تناقلت وسائل الإعلام يوم أمس الأول تفوّهات منسوبة لرأي الكنيسة الكاثوليكية في حاضرة الفاتيكان، مفادها أن العقيدة الإسلامية يجب أن تخضع لمقياس العقل كما أن محمدا نبيّ المسلمين لم يأت إلا بما هو سيّئ، تعالى الله عما يقولون، يقولون منكرات القول وزورا.
إن العقيدة الإسلامية السمحة هي التي عاش في ظلها الآخر ومنحته الحقوق المدنيّة والدينية كافة انطلاقا من قوله تعالى: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ. وهي العقيدة التي رحبت بجيوشها رعايا الدولة الرومانيّة زمن الفتوحات الإسلامية هربا من ظلم إخوتهم في الدين، وإن الذي جاء به رسول الإنسانية محمّد عليه السلام هو الخير والرحمة للبشرية جمعاء، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ، ولكنها البغضاء قد بدت من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:32].
إننا من على المنبر الشريف ندين هذه التفوّهات بشدّة، ونطالب بالاعتذار عنها، كما ندين كل إساءة أو تعرّض للإسلام ونبيّه وأهله ممن يزعمون رعاية حوار الأديان وحرية الإنسان.
أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، وهنا في القدس في المسجد الأقصى المبارك يتعرّض أحد العاملين في لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك لاعتداء الشرطة الإسرائيلية لمنعه من الاستمرار في أعمال الترميم والصيانة في المصلى المرواني يوم الاثنين الماضي. إن هذا الاعتداء على عامل الإعمار في المسجد الأقصى ليس الأول من نوعه، بل قامت الشرطة الإسرائيلية بالاعتداء على حراس المسجد الأقصى، ومنعت عددا منهم من دخول المسجد لفترات متفاوتة, وهنا لا بد من التأكيد على ما يأتي:
أولا: إن المسجد الأقصى المبارك هو مسجد إسلامي، تقوم إدارة الأوقاف الإسلامية بالإشراف عليه ورعايته وإعماره وترميمه نيابة عن كل المسلمين في هذا العالم الذي يشكل المسجد الأقصى جزءا من عقيدتهم.
ثانيا: إن دائرة الأوقاف الإسلامية هي الجهة الوحيدة التي تدير المسجد وترعى شؤونه، ولا يحق لأية جهة أخرى شرطية أو غيرها أن تتدخل في شؤون هذا المسجد.
ثالثا: إن محاولات التدخل في شؤون المسجد الأقصى من قبل السلطات الإسرائيلية لفرض واقع جديد في المسجد ومحاولة سحب الصلاحيات من إدارة الأوقاف الإسلامية هي محاولات مكشوفة ومدانة، كما نرفض الاستهتار بكرامة العاملين، وإن الذي أفشل كلَّ المحاولات في المسجد الرامية للتسلل إلى المسجد سابقا سيفشِل كل محاولة في الحاضر والمستقبل.
فلا زالت عيون المرابطين في المسجد الأقصى وأكنافه ساهرة على حمايته، وما زال الإيمان الذي يعمر الصدور يسبح الصدور برعايته.
يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، إن وحدتكم والتفافكم حول مقدّساتكم والعمل على إنجاز أهدافكم في الحرية وصون حقوقكم المشروعة فوق هذه الأرض المباركة لهو الكفيل بإفشال كل المخططات الرامية للنيل من صمودكم.
|