أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18].
إخوة الإسلام،
غَصَّ الثرى بدم الأضاحي وتلهّبت سوحُ الكفاحِ
وتبرّجت جنـد اليهـودِ وأطرقت جندُ الصّلاحِ
والنـور طـال غيـابه والليل مسدول الجناحِ
وحناجر العملاء بُحّـت مـن مبـادلة النبـاحِ
والـدهر لاث جبـاهَهم بالعـار بالكفر البواحِ
والقـدس في أسر اليهود وهم علـى دن وراحِ
والمسجد الأقصى غدا في الأسر مغلولَ السراحِ
أيها الإخوة الكرام، لقد بلغت المعركة مع اليهود أوجها، وتعالت نيرانها، واشتد حنقها، والأمة الإسلامية والعربية تعاين الحدث، متفرجةً عن كثب، لاغيةً باللغط, مشغولةً بالنغَم.
المعركة في فلسطين حرب صليبيّة يهوديّة تشن على الأبطال البواسل، ولا يزال عندنا وقت للعب وساعات للهو، ولحظات للتأمل والتفكير!!
فأين أنتم ـ يا مسلمون ـ عن حرب شعواء ضروس، ترعاها أمريكا الصليبية والتي طبل لها الآلاف، وغنى لها الخونة والعلمانيون بأنها راعية السلام وأمة الحرية والعدالة وبلاد حقوق الإنسان وأنها وأنها؟!
ها هي أمريكا اللعينة تقدم دعمها السخي لليهود أسلحةً وأموالاً ورأيًا وحنقًا على أبطال المقاومة في فلسطين، وتقول لخنزير اليهود: دمّر المقاومة، صفِّ الأبطال، أهلك كلَّ معترّض ومعاند قبل وصولنا وقبل أن تتّسع المعركة.
ها هم ـ يا مسلمون ـ النصارى والعالم أجمع مسرور بما يحل بإخواننا المسلمين في فلسطين، ويقولون: "يجب أن يقف إطلاق النار من الطرفين"، والجميع يشاهد ما يصنع المجرمون من حرب شديدة على فلسطين؛ هدموا المباني، وسحقوا المنشآت، وجرفوا الشهداء، وقتلوا ودمروا بلا توقف ولا هوادة مع دوام الاحتلال للمدن الكبيرة، فماذا ننتظر بعد ذلك؟!
أما قرأتم في القرآن: وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]؟! وهل وعيتم قوله سبحانه وتعالى: لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ [آل عمران:118]؟!
فأين هم مطبِّلو السلام ودعاة الصلح والمعايشة مع إسرائيل؟! ها هي إسرائيل تدوس كلَّ ذلك بتوقيعات أمريكية صريحة وبتأييد نصراني شامل. وإن لهذه المعركة لدلالات وعظات منها:
أن هذه الحرب كشفت الشيطان الصليبي للسُّذَّج والبلَهاء، وأنه راضٍ وفرح بما يجري في فلسطين، فهو يقود المعركة ويدعمها ويغذيها؛ لكي يصفي كل جهاد ومقاومة ضد إخوان القردة والخنازير، وأن هذه الحرب تؤكد لنا أن ملة الكفر واحدة، وأنهم يتحزبون على الإسلام وأهله مهما كلّفهم الثمن أو أضناهم الجهد، قال تعالى: وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا [البقرة:217].
ومن دلالات الحرب أن خيار الفلسطينيين هو الجهاد والمقاومة؛ لأن اليهود ما برحوا يدوسون كل سلام، ويهينون كل اتفاقية ومحادثة وحاور.
وإننا لسعداء بما يقدمه الأبطال في (مخيم جِنين) من مقاومة باسلة وتضحيات جبارة، انذهل لها الشيطان الصليبي أمريكا التي هي شريك إسرائيل في هذه الحرب. ولقد ارتعب اليهود من أناس يحبّون الموت كحب اليهود للحياة، بل أشدّ، وقد قال أبو بكر لأبى سليمان خالد: (اطلب الموت توهَب لك الحياة).
إن منازل الموت وساحات البطولات لا تَهب الحياة فحسب، بل تهب حياة العزّ والشرف، وتسجّل تاريخ البذل والصمود، وتمسح العار وتزيل الهوان. فلله درهم من مجاهدين أشاوس، رفعوا العار عن أمتنا، وأرخصوا دماءهم لله تعالى، وما بالوا بالهوان العربي الكبير، ولا تهيّبوا الغطرسة الصليبية تجاههم، التي تحمي خنزير اليهود وتسميه رجل السلام.
هذا رجل السلام الذي يبيد الأخضر واليابس، ويرتكب المجازر البشعة تجاه المخيّمات والعزّل، ويضرب بكل قواه وإمكاناته، تحت المتابعة والتأييد الأمريكي الصليبي، فهل وعيتم عدوكم يا مسلمون؟!
عباد الله، إنّ النصارى ـ ولا سيما أمريكا ـ شركاء اليهود في المذابح الشرِسة تجاه الإخوة المسلمين في فلسطين، فكيف بعد ذلك تظهر لنا من يسميهم بأرباب العدالة وحماة الديمقراطية ومجتمعات السلام والوفاق؟! إن هذا شيء عجيب!
لا بد ـ أخي المسلم ـ أن تجدّد عقيدة الولاء والبراء تجاه هذه الأحداث، فتحبّ المؤمنين وتواليهم، وتبغض المجرمين وتعاديهم، ومن صور معاداتهم الدعاء عليهم بالهزيمة والخذلان ومقاطعة منتجاتهم، لا سيما الأمريكية، وقد أفتى الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين بضرورة مقاطعة المنتجات الأمريكية ولو بصورة فردية، جراء ما يصنعون في بلاد المسلمين، وقد صحّ قول نبينا : ((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)).
وتأكد أنّ كل بلاء يحصل في العالم الإسلامي هو من صنيع النصارى والصليبيين الذين قال الله فيهم: وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]. ولا يزال العرب والمسلمون إلى هذه اللحظات يعانون سوء المعاملة منهم، قاتلهم الله ووقانا شرهم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم...
|