.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

اغتنام الإجازة

4828

الرقاق والأخلاق والآداب, العلم والدعوة والجهاد

اغتنام الأوقات, القرآن والتفسير

عبيد بن عساف الطوياوي

حائل

2/6/1426

جامع الخلف

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- نعمة الفراغ. 2- ضرورة الاستفادة من الفراغ. 3- قراءة القرآن. 4- صلة الأرحام. 5- زيارة الحرمين الشريفين.

الخطبة الأولى

أيها الإخوة المؤمنون، الفراغ نعمة من النعم العظيمة التي ينعم بها الله عز وجل على عباده، يقول النبي : ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ))، ونحن في هذه الأيام يتمتع أكثرنا بنعمة الفراغ، وبعض الناس يفرّط تفريطا عظيما بهذه النعمة، بل بعض الناس يستغل هذه النعمة بما يعود وبالا عليه والعياذ بالله. فمن باب الذكرى إليكم ـ أيها الإخوة ـ بعض المشاريع العظيمة التي يمكن عملها في مثل هذه الإجازة.

أيها الإخوة، هناك أمور كثيرة جدا تجعل المسلم يستفيد من فراغه، تجعل هذا الفراغ وسيلة لجلب الأجور العظيمة والحسنات الكثيرة بإذن الله تعالى.

من هذه الأمور ـ إخوتي في الله ـ كتاب الله عز وجل، فلا بد أن يكون لكتاب الله ـ أخي المسلم ـ نصيب في جدول أعمالك اليومي، لا بد من تخصيص وقت حتى ولو كان يسيرا لكتاب الله، وخير ما تقضي به الأوقات هو كتاب الله جل جلاله.

بعض الناس يفرغ جزءا من وقته لقراءة مجلّة أو جريده، أو لمشاهدة مسلسل أو مباراة، ولكن لا تجد للقرآن في وقته نصيبا، وهذا من الخطأ العظيم، ومن الهجر لكتاب الله، ويوم القيامة يكون هذا وأمثاله من الذين يشتكيهم النبي كما قال تبارك وتعالى: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا. فاجعل ـ أخي المسلم ـ للقرآن من وقتك نصيبا، وخاصة في مثل هذه الإجازة، يقول تبارك وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ.

تأمل هذا الفضل العظيم لتلاوة كتاب الله، يقول قتادة عن هذه الآية: "هذه آية القراء" أي: الذين يقرؤون القرآن. فتلاوة كتاب الله وتفريغ الوقت له لها مكانة عند الله عز وجل، بل هي دليل على صدق الإيمان بهذا القرآن، يقول تبارك وتعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ.

فاغتنموا أوقاتكم في تلاوة كتاب الله، اقرؤوا القرآن فإن النبي يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن أصحابهما ـ يعني تدافعان عنه الجحيم والزبانية ـ، اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة)).

أيها الإخوة المؤمنون، ومن الأمور التي ينبغي للمسلم أن لا تفوتَ عليه في مثل هذه الإجازة صلة الرحم؛ لأن شأن صلة الرحم شأن عظيم، فهي سبب لطول العمر ووسيلة لكثرة الرزق، يقول النبي : ((من سرّه أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه)).

بل ـ أيها الإخوة ـ صِلة الرحم سبب لصلة الله عز وجل، فالذي يصل رحمه يصله الله، والذي يقطع رحمه يقطعه الله، يقول النبي : ((إن الله تعالى خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم؛ أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك)).

فالله الله؛ صِلوا أرحامكم، واحذروا من القطيعة، فإن لقطيعة الرحم شؤما عظيم، يكفي أنها سبب للعنة الله وعقابه، يقول تبارك وتعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ، وفي الحديث يقول : ((لا يدخل الجنة قاطع)) يعني قاطع رحم.

وأعظم القطيعة جرما وأكبرها أثما قطيعة الوالدين، فليس ذنب يلي الشرك إلا القطيعة بالوالدين، قال النبي : ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟)) قال الصحابة: بلى يا رسول الله، قال: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟)) قال الصحابة: بلى يا رسول الله، قال ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟)) قال الصحابة: بلى يا رسول الله، ثلاث مرات يسألهم، ثم قال: ((الإشراك بالله وعقوق الوالدين...)) الحديث. فجعل العقوق بعد الشرك مباشره، وعقوق الوالدين يعني قطع برهما والإحسان إليهما.

فالحذر الحذر أيها الإخوة، من كان له والد أو والدة فليبادر إلى البر به، وليسرع في صلته، وليحسن إليه، قبل أن يأتي يوم يتمنى وجوده ولا يجده.

أسأل الله لي ولكم علما نافعا وعملا خالصا وسلامة دائمة إنه سميع مجيب.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.

أيها المسلمون، ومن الأمور التي ينبغي للمسلم أن لا تفوتَ عليه في مثل هذه الإجازة شدّ الرحال إلى بيت الله الحرام وإلى مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام، عمرة وزيارة، يقول النبي : ((تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإن المتابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد))، وعن أبي هريرة أن النبي قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)). فهي ـ والله ـ فرصة في هذه الإجازة، رحلة مباركة إلى بيت الله الحرام، مرورا بمسجد رسول الله ، يقول جابر بن عبد الله: (وفد الله ثلاثة: الحاج والمعتمر والغازي، أولائك الذين يسألون الله فيعطيهم سؤلهم). فشدّ الرحال ـ أيها المسلم ـ إلى تلك البقعة المباركة الطاهرة، ففي الحديث يقول نبيك : ((لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول ، والمسجد الأقصى)).

ولا تنس ـ أخي ـ فضل الصلاة في المسجد الحرام وفي مسجد النبي ، فإن الصلاة في المسجد الحرام عن مائة ألف صلاة، يعني تصلي فجرا يحسب لك أجر مائة ألف فجر، كل ركعة بمائة ألف ركعة، فضلٌ عظيم، والصلاة في مسجد النبي بالمدينة المنوّرة عن ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.

فاتقوا الله عباد الله، واغتنموا باقي أعماركم، وأشغلوا أنفسكم بمثل هذه العبادات الجليلة، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فحسابكم لها اليوم أهون من حسابها غدا، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ.

ألا وصلوا على البشير النذير والسراج المنير، فقد أمركم بذلك اللطيف الخبير، فقال جل من قائل عليم: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.

فاللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن التابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم واحم حوزة الدين...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً