.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

وقفات قبل صلاة الاستسقاء

4763

الرقاق والأخلاق والآداب

آثار الذنوب والمعاصي

خالد بن عبد الله الجبير

المجمعة

13/10/1425

القادسية

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- الوصية يتقوى الله. 2- من سنن الله الابتلاء لعباده. 3- بعض أسباب منع القطر من السماء. 4- أحوال الناس تجاه صلاة الاستسقاء.

الخطبة الأولى

أما بعد: عباد الله، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته، فهي وصيته جل وعلا لهذه الأمة، كما هي وصيته سبحانه لمن سبق من الأمم، فهلم ـ عبد الله ـ نتقي الله في السر والعلن، لنستنزل البركات ولتحل علينا الرحمات، ولتفرج لنا الكربات وتتساقط عنا المعوقات والصعوبات، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأعراف:96]، ويقول سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [الطلاق:2، 3]. فاتقوا الله عباد الله، اجتنبوا ما نهى عنه الله ورسوله، واعتنوا بما أوجب عليكم الله ورسوله؛ تستحقوا ما وعدتم وتفوزوا بمطلبكم.

عباد الله، لقد مضى من سنة الله جل في علاه مع عباده وأوليائه أن يبتليهم بنزول بعض ما يكرهون في حياتهم؛ في أمنهم وفي عيشهم ومطعمهم ومشربهم وأموالهم وصحّتهم واجتماعهم بأحبتهم، كل هذه أمور مضى من سنة الله أن يبتلي عباده فيها، كما مضى من سنته سبحانه أن يزيد في بلائه لهم كلما زاد إيمانهم وارتفعت عنده منزلتهم، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: ((الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ)).

وأيضا مضى من سنته سبحانه وعدله أن يعاقب من عباده من غفل عنه وصد عنه، وتزداد العقوبة مع زيادة البعد، وتشتد في حال الجهر بالمعصية وإظهار عدم الخوف منه جل وعلا، وفي هذا قال عمر بن عبد العزيز: "كان يقال: إن الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم". نسأل الله العافية من سخطه وغضبه.

وإن من أكثر ما يبتلي به المؤمنون ويعاقب به العصاة في كل العصور هو حرمانهم من خيرات السماء وبركاتها، وفي هذا الأمر يبين جل وعلا حقيقةً مفادُها أن الغفلة والإعراض عن الله سبب في الحرمان من بركات السماء، يقول تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأعراف:96].

وقد ذكر المفسرون في تفسير قول الله جل وعلا: وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ [البقرة:159]: "أن البهائم تلعن عصاة بني آدم؛ تقول: منعنا القطر من السماء بسبب ذنوبكم".

والغفلة والمعصية كما تحدث من العصاة والفسقة فهي قد تحدث من المؤمنين الطائعين، وإن اختلفت درجة الخطيئة ودرجة العقوبة المترتبة عليها، ولكن الفرق بين الطائفتين أن المؤمنين الطائعين كما وصفهم ربهم جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف:201]، قال الطبري في تفسير هذه الآية: "وإنما هذا خبر من الله عن فريقَي الإيمان والكفر، بأن فريق الإيمان وأهل تقوى الله إذا استزلهم الشيطان تذكروا عظمة الله وعقابه، فكفتهم رهبته عن معاصيه وردتهم إلى التوبة والإنابة إلى الله مما كان منهم من زلة. وأن فريق الكافرين يزيدهم الشيطان غيا إلى غيهم إذا ركبوا معصية من معاصي الله، ولا يحجزهم تقوى الله ولا خوف المعاد إليه عن التمادي فيها والزيادة منها".

ولعل ما يوحي بتمادي الناس في المعاصي هذا الابتلاء الحال بهذه البلاد الآن من تأخر نزول الأمطار وانحباسها، وهم الذين لا قوام لحياتهم بدونها، وقد يصابون بجهد وبلاء لا يدرك حجمه إلا من عانى بسببه وشعر بفقده، فانحباس المطر علامة على بعد وإعراض الخلق عن ربهم جل وعلا، ولأجل هذا شرع المولى جل وعلا لعباده عبادة مناسبة لمثل هذا الحدث، عبادة يرجعون بها إلى ربهم، يرفعون فيها شكواهم ويطلبون بها رضا مولاهم؛ ألا وهي عبادة الاستسقاء، إما بالصلاة المعروفة أو بالدعاء، سواء في خطب الجمع أو سرًا بين العبد وربه.

وهي صلاة تشرع لسببها الخاص بها، فليست كالسنن الرواتب ونوافل العبادات مفتوح وقتها، بل هي مقيدة بحدوث سببها وهو انحباس الأمطار واحتياج الناس إليه، كما في صلاة الكسوف التي لا تشرع إلا عند ورود سببها، وهو كسوف الشمس أو خسوف القمر.

والسر في مشروعيتها أن يظهر المسلمون المذنبون اعترافهم لربهم بخطيئتهم، وأن يعلنوا البراءة من كل ذنب وخطيئة اقترفته أياديهم علموه أو جهلوه، فما أن يعلن عن إقامة صلاة الاستسقاء إلا وتجد المؤمنين الأوابين يتسابقون لأدائها، ليس رغبة في نزول المطر فقط، وليس رغبة في أداء سنة من السنن فقط، بل برغبة رئيسة في إعلان التوبة إعلانًا عامًا يظهرونه أمام الخلق جميعا بطريقة خاصة شرعها جل وعلا ورضيها وبينها رسوله الكريم ، وهي معلومة بتفاصيلها لدى عامة المسلمين وخاصتهم. كما تجد أنهم مع هذا التسابق لإعلان التوبة وأداء تلك العبادة تجد أن قلوبهم قد ملئت يقينا باستجابة دعائهم، وملئت يقينا بتفريج ما حل بهم قبل استسقائهم.

ولما كان رسول الله وصحبه الكرام وسلف الأمة المتقدمون منهم والمتأخرون، لما كانت قلوبهم تمتلئ بهذا اليقين وهذه الثقة بالرب الكريم ما كان الغيث ليتأخر حتى وقت انصرافهم من المصلى، فهم يدركون أن الله جل وعلا ما كان ليخذل عبدا تلبس بلباس الذل لمولاه واعترف بخطئه وأقر بذنبه فيرده خائبا لم يستجب له، ولكن لما كان في مثل هذا الزمان أناس يصلون صلاة الاستسقاء وهم فاقدون لتلك الصفات أو بعضها فيستسقون وهم متلبسون بلباس الظلم لأنفسهم أو لغيرهم، فأموال مستحقة لله جل وعلا منعت، وأجسام بالحرام غذيت، وملابس بالحرام حيكت ولبست، ونوايا بحب الذات والتنكر لحقوق الآخرين غلفت، وكذلك قلوب قد ملئت شرًا فأساءت الظن بربها وشاب فكرَها شك في موعود مولاها باستجابة دعاها. لما كان هذا حال بعض ممن يخرج لصلاة الاستسقاء كان لله جل وعلا جزاء مناسبٌ لحالهم، إذ قد يرد سبحانه كثيرا منهم بسبب خلل في توبة واستسقاء بعضهم.

ولنا أن نقف مع مثل هذه الأحوال، فأما ظلم النفس بالحرام ومنع الحقوق الواجبة فلا يخفى على مسلم ما أبيح له وما حرم عليه، إذ الحلال بين والحرام بين، وليس المقام مقام ذكر هذه الأمور، ولكن للنبي حديثان يوضحان هذين الأمرين: منع الحقوق الواجبة وظلم النفس بالأموال المحرمة، ويبينان دورهما في منع خيرات السماء، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ))، وذكر منها: ((وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا)) الحديث. ولك أن تتخيّل حجم الزكوات والنفقات الواجبة الممنوعة من أهلها لتدركَ معها حجم الخطر والعقوبة التي عرضوا الناس لها.

وأيضا روى مسلم وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون:51]، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:172]))، قَالَ: ثم َذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ: ((فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!)).

عباد الله، يقول جل في علاه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12].

أقول قولي هذا...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله مالك الملك ومدبر الأمر، يصرف الرياح ويسخر السحاب تبصرة وذكرى لقوم يعقلون، أمره بين الكاف والنون، ورحمته حق للعباد المؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الكريم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه، وحشرنا ووالدينا وأحبابنا في زمرته، وأسعدنا في الجنة بصحبته.

عباد الله، إن كان المال والمطعم والمشرب والملبس الحرام قد ابتلي به أناس كثير، ولعل الله جل في علاه أن يلطف بنا فيتوب علينا وعليهم، ولا يحاسبنا على ما فعل السفهاء منا، فإن كثيرا أيضا قد وقع ـ عياذا بالله ـ في إساءة الظن بربه ومولاه جل وعلا وإن كان فيه خير كثير، إلا أنه يخرج لصلاة الاستسقاء أو يرفع يديه مع إخوانه عند الدعاء وقد شاب قلبَه سوءُ الظن بربه جل في علاه.

تأمل حال بعض من الناس وللأسف هم كثير، وذلك حين الإعلان عن إقامة صلاة الاستسقاء وبعدها، فستعرف سببا من أسباب انحباس بركات السماء وتأخر استجابة دعاء المصلين، وهو حال يتكرر في كل عام عافانا الله وإياكم من ذلك؛ يقول قائل: "كانت هناك سحب وخيرات فما أن صلى هؤلاء حتى زالت تلك السحب وتحولت عنا"، وقد يقول البعض: "لو تركونا من صلاتهم تلك لنزلت الأمطار"، ونحو تلك العبارات.

قد يقولها يمزح أو يقصد بها أن صلاتهم غير سليمة ولا تامة، أو يبرر بحدوث عيب في ذات المصلين السائلين الذين هم خير منه؛ إذ مع عيوبهم قد سعوا فصلّوا وسألوا، وليس مثلَه فضَّل النوم والكسل على القدوم على ربه. وعموما فمهما برر واعتذر فعذره مردود عليه، قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [التوبة:65].

ثم تجد لدى بعض ممن أنعم الله عليهم بأداء الصلاة أنهم يخرجون للمصلى وفي أنفسهم شك في استجابة الدعاء أو قبول التوبة أو نزول المطر بعد الصلاة، وهنا مكمن الخطر؛ إذ قد ورد في الأحاديث الصحيحة عند البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي))، وفي رواية: ((إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ)). وهنا ينكشف سرّ وتتجلى حقيقة، هي أن كثيرًا من الناس قد ظن أن ربه لن يستجيب له، فكان ربه جل وعلا كما ظن به. وقد يُلبّس إبليس على البعض فيقول: بأن هذا الظن ـ أي: ظن عدم استجابة الدعاء ـ هو من باب احتقار النفس والعلم بعدم أهليتها لاستجابة الله لها، وهذا هو باب الشيطان الذي يلج منه لإخراج الناس من دينهم، فيشككهم في موعود الله لهم بحجج لا يقبلها جل وعلا، وحذّر منها رسوله ، كما روى الأئمة الترمذي وأحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ))، ويقول : ((لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لا مُكْرِهَ لَهُ)).

ثم إذا تأملت فيما ذكره بعض المفسرين والمؤرخين عن حال بعض أرباب الديانات الكافرة التي كانت تعيش مع المسلمين آنذاك، في أنهم كانوا حين خروج المسلمين لصلاة الاستسقاء كانوا يخرجون معهم فيجلسون قريبا من مصلاهم، لعل ما ينزل من السماء للمسلمين من خير يصيبهم أيضا، فهم إن لم يكسبوا شيئا لم يخسروا بخروجهم، هذا مع كفرهم يوقنون بأن هناك استجابة من السماء لمن دعا من أهل الأرض. إذا تأملت هذا جيدا نزل بك عجب شديد لمن يستثقل الخروج لأداء الصلاة أو يستخف بها، أو بمن يؤديها ويشكك في استجابة الله لهم، عياذا بالله تعالى. ولو أن كل من خرج لصلاة الاستسقاء كان على شاكلة من سبق الذين كانوا يجهزون أمورهم استعدادا لنزول الخير بمجرد الإعلان عن صلاة الاستسقاء، ويخرجون إليها وهم يعلمون أنهم يتجهون لباب من الأبواب الربانية، يرفعون عن طريقه الشكوى ويستنزلون من خلاله الرحمة، فيتذللون ويخشعون ويذكرون ويسألون ويتوبون ويستغفرون، لو كان لهم حال مثل تلك الحال لكان الله مستجيبا لهم لِما أظهروه من حال، ولما أبطنوه من يقين واعتقاد.

عباد الله، إذا علمنا أن الله جل وعلا كما قال : ((حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ)) فإننا نرفع أيدينا سائلينه جل وعلا ومنتظرين إجابته لنا، فهو الغني الكريم والرب الرحيم.

اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت ربنا لا رب لنا سواك نرجوه، ولا إله غيرك ندعوه، ونتوسل إليك ربنا بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، نتوسل إليك بأنك أنت ربنا وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد وأنت على كل شيء قدير، نتوسل إليك سبحانك بأننا لا نشرك بك شيئا أن تفرج عنا ما حل بنا، وأن تنزع عنا ما ابتليتنا به في أي شأن من شؤوننا، فأنت ربنا ومولانا، إليك تضرُّعنا وشكوانا.

اللهم أغثنا, اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وبلادنا بالصيّب النافع يا رحمن. اللهم إن بالبلاد والعباد من البلاء والجهد ما لا نشكوه إلا إليك، يا ربنا اللهم اسق بهائمك وعبادك وأحيِ بلدك الميت. اللهم قد رفعنا إليك أيدينا فلا تردنا بذنوبنا خائبين، ولا من عطاياك محرومين يا أكرم الأكرمين. لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين. نستغفرك ربنا ونتوب إليك. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. وصلّى اللهم على محمد وعلى آل محمد.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً