أما بعد: قال الله عز وجل في كتابه العزيز وهو أصدق القائلين: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ [الأنفال:73].
أيها الإخوة المصلون الكرام، يا أبناء شعبنا، يا أمتي، يا خير أمة أخرجت للناس، مؤتمر القمة العربي سينعقد بعد أيام في بيروت في ظل مرحلة حرجة خطيرة؛ فشعبنا الفلسطيني يتعرض لعدوان وإرهاب إسرائيلي مستمر، إلا أن شعبنا لن يلقِيَ السلاح أبدًا ولن يستسلم، بل سيقاوم، وما هذه العمليات الجهادية البطولية والاستشهادية والتي هي كأمواج البحر، عملية إثر عملية، تمزق أجساد اليهود، هذا هو الرد على العدوان الإسرائيلي.
أيها الإخوة، ينعقد مؤتمر القمة والولايات المتحدة الأمريكية تقرع طبول الحرب لشنّ عدوان على العراق الشقيق، نسأل الله عز وجل أن يرد كيد اليهود في نحورهم، وأن يرد كيد أمريكا لنحرها، وأن يحفظ شعبنا، وأن يحفظ العراق وأمتنا من كل مكروه يا رب العالمين.
أيها الإخوة الكرام، ولما كان من واجب العلماء أن ينصحوا ولاة الأمور، فلا خير فينا إن لم ننصح الحكام، ولا بارك الله في الملوك والرؤساء الذين لا يسمعون نصيحة العلماء؛ لذا فإننا نتقدم بمجموعة مطالب من مؤتمر القمة العربية:
أما المطلب الأول: يا حكام العرب والمسلمين، حكموا شرع الله في دوَلكم وعلى شعوبكم امتثالاً لقول الله عز وجل: وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:49]، فالحكم بما أنزل الله هو المعروف الأكبر، وتعطيل الحكم بما أنزل الله هو المنكر الأعظم.
ثانيًا: يا حكام العرب والمسلمين، وحّدوا صفوفكم وأزيلوا الخلافات فيما بينكم؛ فالعالم لا يقيم وزنًا للضعفاء ولا المتفرقين، والله عز وجل يقول: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]، ويقول : ((يد الله مع الجماعة))، ونحن نقول لهذه الجماعة:
إلامَ الْخـلف بينكم إلامَـا وهذه الضجة الكبرى علامَا
وفيم البغض بعضكم لبعض وتبدون العداوة والْخصاما
المطلب الثالث: يا حكام العرب والمسلمين، قفوا مع شعبنا الفلسطيني في انتفاضته، وادعموه ماديًا ومعنويًا على خيار المقاومة لا على خيار المفاوضات والاقتراحات التي تطرح من هنا وهناك، فشعبنا يريد منكم أن تدعموه على خيار المقاومة والجهاد. ونحن نقول لهؤلاء الحكام: إن المسجد الأقصى والقدس وفلسطين هي أمانة في أعناق كل العرب والمسلمين، حكامًا وشعوبًا، فلا تفرطوا في حمل هذه الأمانة، ولا تتركوا الشعب الفلسطيني وحده في الميدان، وإن تخليتم عن نصرة قضيتنا وشعبنا فنقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، حسبنا الله ونعم الوكيل.
وإننا نطالب الملوك والرؤساء أن يفتحوا المجال لشعوبهم أن تعبِّر عن دعمها المادي والمعنوي لنصرة شعبنا في انتفاضة الأقصى، وإنه لممَّا يدمي القلوب أن نشاهد هنا وهناك دولا عربية تجمح الشعوب، ولا تفتح لها المجال أن تعبر عن دعمها لشعبنا، حتى على شكل مظاهرة.
يا حكام العرب والمسلمين، أوقفوا كافة أشكال التطبيع مع العدو الإسرائيلي، إن التطبيع بأشكاله سواء كان التطبيع سياسيًا أو اقتصاديًا أو عسكريًا أو أمنيًا، إنه في ديننا يعتبر موالاة للكفار، والله عز وجل حذر من موالاة أعداء الله فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51]. إنه مما يدمي القلوب أنه في الوقت الذي يشن العدو الإسرائيلي عدوانًا وإرهابًا على شعبنا وها هي وسائل الإعلام الإسرائيلي تقول: إنه قد زادت صادرات إسرائيل لبعض الدول العربية في وقت الانتفاضة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، ونحن نشكو إلى الله كل من يعمل على التطبيع السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي وغيره مع العدو الصهيوني.
ومطلب آخر من ملوك ورؤساء العرب الذين سينعقد اجتماعهم في بيروت: لا تخذلوا العراق الشقيق، ولا تستجيبوا لأوامر الولايات المتحدة الأمريكية التي نسأل الله أن يذلَّها وأن يذلّ كل من يتعاون معها ضد الإسلام والمسلمين، لا تخذلوا العراق الشقيق، فإن قوة العراق هي قوة لشعبنا ولأمتنا، وإن ضعف العراق وهزيمته ـ لا قدر الله ـ هو إضعاف لشعبنا ولأمتنا. إن العدوان الأمريكي المرتقب على العراق والذي من أهدافه تقسيم دولة العراق إلى دولة كردية وشيعية وسنية، إنهم يريدون تمزيق العراق ليكون النظام مواليًا لأمريكا مما يشكل خطرًا على سوريا وعلى إيران وعلى الدول في الجزيرة العربية، لذلك فإن الواجب الديني والواجب القومي والإنساني يفرض على ملوك العرب والمسلمين أن يدعموا شعبنا الفلسطيني في انتفاضته، وأن يدعموا شعب العراق، وإن أي حاكم يسهّل لأمريكا مهمّتها لضرب العراق سواء عن طريق إيجاد قواعد لأمريكا في البر أو تسهيل مهمتها برًا أو بحرًا أو جوًا فهذه جريمة عظمى، خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين. اللهم احفظ شعب فلسطين من العدوان الإسرائيلي، واحفظ شعب العراق من عدوان أمريكا المرتقب يا رب العالمين.
وأخيرًا إننا نطالب المؤتمرين في مؤتمر القمة أن يرتقوا وأن يرتفعوا إلى مستوى الأحداث الخطيرة المتلاحقة، فها هم كل أعداء الإسلام: أمريكا وأوروبا وإسرائيل وروسيا وأستراليا وكندا والهند، هذه الدول على اختلاف دياناتها وعقائدها وجنسياتها إلا أنها تجتمع على شيء واحد، هو الحرب على الإسلام والمسلمين، هو الحرب لشعبنا الفلسطيني والعراقي وأمتنا العربية والإسلامية، مصداقًا لقول الله تبارك وتعالى: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [التوبة:36]، وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ [الأنفال:73]. يعني أوروبا وإسرائيل وكندا والهند كلها تتعاون مع أمريكا لحرب الإسلام والمسلمين، إِلاَّ تَفْعَلُوهُ أي: إن لم يتحد المسلمون تحت راية المقاومة والجهاد ضد اليهود وضد أمريكا وضد كل من يعادي الإسلام ستكون هناك فتنة وفساد كبير.
ألا إني قد بلغت، اللهم فاشهد. إن لم يستجب الملوك والرؤساء لهذا المطلب وهو مطلب الجميع فإنه سيصدق عليهم قول الله عز وجل يقول الله تبارك وتعالى: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38]. سيسقط هؤلاء الملوك والرؤساء، ستسقطهم شعوبهم، وسوف يحاسبهم الله عز وجل يوم القيامة، وصدق رسول الله القائل: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)) أو كما قال.
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة...
|