.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

متى نستفيق؟!

4595

الرقاق والأخلاق والآداب, العلم والدعوة والجهاد

اغتنام الأوقات, المسلمون في العالم, فضائل الأزمنة والأمكنة

يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

القدس

25/9/1426

المسجد الأقصى

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضل كلمة التوحيد. 2- تدهور أحوال الأمة الإسلامية. 3- أثر النزاع والفرقة في إضعاف الأمم. 4- الحث على اغتنام الأيام الأخيرة من رمضان. 5- مستحبات يوم العيد. 6- الإفساد الأمريكي في بلاد المسلمين. 7- تردّي الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. 8- الاستعدادات الأمريكية لضرب سوريا.

الخطبة الأولى

عباد الله، ينادي الله تعالى يوم القيامة على رجل من أمة سيدنا محمد والناس في عَرَصَات القيامة سُكَارَى، ينادي الله على هذا الرجل ويقول له: عبدي، تعال لتحضر وزن أعمالك، ويُنصَب الميزان، والوزن يومئذ الحق، فيُنشر له تسعة وتسعون سِجِلاًّ، كل سِجِلٍّ منها على مَدّ البصر، وكلها خطايا وسيئات، فيسأله مولانا وهو العليم، ويقول له: عبدي، هل ظلمتك؟ فيقول العبد: لا يا رب، فيقول له الله: ظلمك كَتَبَتِي؟ فيقول العبد: لا يا رب، فيقول له الله: ألك حسنه يعود عليك خيرها اليوم؟ فيقول: لا يا رب.

إذًا العبد ينتظر الزبانية لتسلسله إلى جهنم، وعندها لا مال ولا أهل ولا دفاع ولا استئناف ولا نقض، العبد ينتظر الأوامر من الله لتحمله الزبانية إلى جهنم، الميزان مائل والسجلات مليئة بالخطايا، وعندما يحار العبد يقول له الرب جل جلاله: فإن لك عندنا شيئًا ونحن لا تضيع الأمانات عندنا، فيخرج الله له بطاقة مكتوب فيها: لا إله إلا الله، فيضعها في كفة الحسنات فتطيش السجلات كلها في الهواء، وترجح الحسنات، فيقول العبد: يا رب، ما هذه؟ فيقول له الله: إنها لا إله إلا الله.

تسعة وتسعون سِجِلاًّ مُلئت خطايا، وعلم العبد أن المصير إلى جهنم، ولكن يتداركه الله ببر لطفه، ثم يقول له: يا عبدي، إنها لا إله إلا الله، قلتها في دنياك فاحتفظنا لك بها عندنا.

فتوجهوا ـ أيها المؤمنون ـ إلى الله تبارك بكلمة التوحيد، الكلمة الطيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أُكُلَها كل حين بإذن ربها، وقد ورد من حديث أنس عن النبي أنه قال: ((إن مثل الإيمان كمثل شجرة ثابتة، الإيمان عروقها، والصلاة أصلها، والزكاة فرعها، والصيام أغصانها، والتأذّي في الله نباتها، وحسن الخلق ورقها، والكف عن محارم الله ثمرتها)).

عباد الله، أحوالنا اليوم لا تسرّ واحدًا من الناس، أحوال أمتنا الإسلامية لا ترضي إلا أعداء الإسلام، فهل سألنا أنفسنا: لماذا ضعفت أحوالنا؟! والجواب واضح: هو أننا ابتعدنا عن المنهج المستقيم الذي جاءنا به إسلامنا العظيم وبينه لنا رسولنا الكريم .

عباد الله، لماذا عاش سلفنا الصالح حياة طيبة؟ كيف فتحوا البلاد وحرّروا العباد؟ كيف استطاعوا القضاء على الفساد والاستبداد؟ كيف سادت أحوالهم وتميزت أعمالهم؟ كل منا يطرح هذه الأسئلة، وكلنا يعرف الإجابة، ولكن كثير منا لا يطبقون أوامر الله تطبيقًا سليمًا صحيحًا. ومن هنا يجب علينا أن نقوم بدورنا في الحياة، أن نجعل من إسلامنا دستورًا لنا ومنهاجًا لحياتنا، فنحيا حياة طيبة مطمئنة، فكثير من الناس أحياء ولكنهم كالأموات، لا يدركون سر حياتهم، ولا يقدمون لمستقبلهم ولا لأمتهم ولا لأنفسهم خيرًا، رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ [التوبة:87].

تذكروا ـ يا عباد الله ـ أن الله يحب المؤمنين الأقوياء الذين يقفون أمام الشدائد والمحن بصبر وجَلَد، فلا يَهِنون، ولا يُصابون بالإحباط واليأس، ولا تنهار قواهم، بل يصمدون ويواصلون ويرابطون، وهي ثمرة إيمانهم بربهم وبرسولهم وبدينهم.

عباد الله، حافظوا على إيمانكم ويقينكم، وكونوا على ثقة بربكم، فهو صاحب اللطف الخفي، وهو القادر على نصرتكم وكشف الضر عنكم، وتذكروا أن الله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فقد سَلَّمَ رسولنا في الغار من الكفار، ورحم في الغار أهل الكهف، وفرَّج عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار، وهو الذي نجّى إبراهيم من النار، ونجّى موسى من الغرق، ونوحًا من الطوفان، ويوسف من غَيَابَات الجُبّ، وأيوب من المرض، وكتب النصر لداود على جالوت، وهو الذي نجّى عيسى عليه السلام من أعدائه، وهو الذي نصركم في يوم بدر وأنتم أذِلّة، وهو الذي فتح لكم مكة المكرمة، وهو الذي نصركم في مواطن كثيرة في يوم حُنَين وفي عَمُّورية وعَيْن جالوت، وفتح عليكم بيت المقدس، وجعلكم سادة العالم، يوم تمسُّككم بدينكم ونصركم ربكم أعزكم الله بنصره، وأيدكم بجنده، فكنتم خير أمة أخرجت للناس.

أيها المسلمون، أقيموا دولة الإسلام تعود لكم عزتكم وكرامتكم، سوف تحكمون الدنيا بعدلكم وسماحة دينكم وبقوة عقيدتكم وعلو همتكم وإيمانكم بربكم.

عباد الله، اسمعوا ماذا قال موسى عليه السلام لبني إسرائيل، قال لهم: (يا بني إسرائيل، سيأتي عليكم زمان تقاتلون قومًا وتنتصرون عليهم، واعلموا أنكم لا تنصرون لأنكم صلحاء، بل أنتم يومئذ مفسدون، ولكنكم تنصرون عليهم لأنهم سيكونون أشد منكم فسادًا).

إن الله تعالى نصر الأتقياء، فإذا لم يكن هناك أتقياء فإن نصر الله يكون للأقوياء، ونحن للأسف ـ يا عباد الله ـ لا تقوى ولا قوة، ولذلك ضاعت الأرض، ضيعنا البلاد والعباد، ضاع المسجد الأقصى، أمة الإسلام ومنذ أربعين سنة لم تعرف أين المسجد الأقصى، لم تعمل لتحرير المسجد الأقصى، أمة نائمة غافلة تغط في سبات عميق، ليس لنا إلا التوجه إلى الله.

عباد الله، إن الشقاق والنزاع والخصام يضعف الأمم القوية، ويميت الأمم الضعيفة، فالعدو لا يتمكن منا ما دمنا متحدين، ما دمنا مجتمعين يدًا واحدة. واعلموا ـ عباد الله ـ أن أعداءكم لا ينامون ولا يغفلون، وأن سياسة الغرب في احتلال الشرق تقوم على قاعدة: "فَرِّقْ تَسُد"، فهلاّ اعتصمنا بحبل الله، هلاّ تمسكنا بكتاب الله، ألم تسمعوا قوله تعالى: وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]؟!

عباد الله، هذا شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومن فرّط فليختمه بالحسنى والعمل بالختام، فاغتنموا منه ما بقي من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحًا يشهد لكم به عند الملك العلاّم، وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام، فيا أصحاب الذنوب العظيمة، الغنيمة في هذه الأيام الكريمة، فمن يُعتَق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العظيمة.

عباد الله، كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: (يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنّيه، ومن هذا المحروم فنعزّيه). قلوب المؤمنين المتقين إلى هذا الشهر تحنّ، ومن ألم فراقه تئنّ. فيا شهر رمضان تَرَفَّق، ودموع المحبين تَدَفَّق، قلوبهم من ألم الفراق تَشَقَّق، عسى وقفة الوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقّع من الصيام ما انخرق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى من استوجب النار يعتق.

عباد الله، ومن شرف هذه الأيام المباركة أن ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر في وتر منها، وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه)). فالمبادرة المبادرة إلى اغتنام العمل فيها، فعسى أن تستدرك ـ أيها المسلم ـ ما فاتك من ضياع العمر، قالت عائشة رضي الله عنها للنبي : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: ((قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)).

وتذكروا ـ يا عباد الله ـ أن العفُوّ من أسماء الله تعالى، وهو يتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهو يحب العفو، فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفوا بعضهم عن بعض، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه ولطفه، وعفوه أحب إليه من عقوبته، وكان النبي يقول: ((أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك)). وقد ورد في بعض الآثار أن الله ينظر ليلة القدر إلى المؤمنين من أمة محمد فيعفو عنهم ويرحمهم إلا أربعة: مدمن خمر، وعاقًّا، ومُشاحِنًا، وقاطع رحم.

يا كبير الذنب، عفو الله من ذنبك أكبر، أكبر الأوزان في جنب عفو الله يصغر، ومن دعاء الصالحين يا عباد الله: اللهم ارض عنّا، فإن لم ترضَ عنّا فاعفُ عنّا.

عباد الله، أخرجوا زكاة أموالكم، وأخرجوا زكاة الفطر قبل يوم العيد إلى من يستحقها من الفقراء والمساكين والمحتاجين، ويسن للمسلم أن يغتسل ليلة العيد في النصف الثاني منها، وأن يتطيب ويلبس أحسن ثيابه، ويأتي إلى المسجد لأجل صلاة العيد، وأن يأكل تمرات قبل المجيء، ويندب حضور الولدان والنساء لشهود الصلاة والدعاء.

عباد الله، ويستحب لكم صيام الأيام الست من شوال، لما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي أيوب الأنصاري : ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر)). ولا مانع من صيامها متتابعة أو مفرقة، ويقدّم قضاء الصوم عليها لمن كان عليه صوم قضاء.


 

الخطبة الثانية

عباد الله، ما زالت الأنظار تتجه إلى الحرب القائمة والتي تشنها أمريكا الظالمة وبريطانيا الحاقدة على شعب العراق المسلم، وأمتنا ـ وللأسف ـ لا تحرّك ساكنًا، أمريكا الظالمة والتي تَتَعَالَى بقوتها العسكرية نسيت أن هناك قوة أقوى منها، نسيت أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يخسف بها الأرض، ويجعلها عبرة لمن يعتبر، ألم يسمعوا قول الله تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:97-99].

فكفاكم ـ أيها الظلمة ـ فسادًا ودمارًا في الأرض، قتلتم وشرّدتم وهدمتم، فأنتم تعيثون في الأرض فسادًا، وسوف يأتي اليوم الذي تندمون فيه على سوء أفعالكم، وإننا من هذا المبنى الشريف نقول لكم: ارحلوا عن أرضنا المسلمة، لا نريدكم بيننا، فنحن مسلمون، وأنتم مفسدون في الأرض، تعشقون سفك الدماء، وتأكلون أموال الناس بالباطل، وتصدون عن الله، اللهم عليك بأمريكا وحلفائها، وخذهم أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين، واجعل الدائرة عليهم، وخَلِّص المسلمين من شرهم يا عزيز يا حكيم.

أيها المسلمون، أيها الوافدون إلى رحاب المسجد الأقصى المبارك من أنحاء فلسطين المسلمة رغم الحواجز والموانع، يا من يباهي بجمعكم الكريم رب العرش العظيم، وأنتم تسألونه هذه الساعة الرحمة والمغفرة والقبول والعتق من النار، حَدَثان هامّان يحتلاّن صدارة الأحداث واهتمام عالمنا الإسلامي العربي: أولهما: تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وثانيهما: الضربة العسكرية الأمريكية الوَشِيكة لسوريا.

أيها المؤمنون، إن تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة يعود أساسًا للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة لحقوق شعبنا الفلسطيني الذي لا يزال يكتوي بنار الاحتلال تحت سمع وبصر العالم أجمع، وفي عقاب جماعي لم يشهد التاريخ له مثيلاً، فأي استعمار حال دون استخدام السيارات الخاصة للمواطنين بالتنقّل والسفر عبر الشوارع؟! هل تريد إسرائيل من الفلسطينيين أن يعودوا لاستخدام الدواب والبغال والحمير في تنقلاتهم للحفاظ على أمن إسرائيل؟! إن هذا الإجراء القَمْعِي هو استخفاف بالفلسطينيين، فإسرائيل يحق لها عمل أي شيء دون اعتراض أحد، فإسرائيل عندما أعلنت انسحابها من قطاع غزة صدر عن زعمائها السياسيين والعسكريين سلسلة من التصريحات تنقض كل المواثيق والعهود والالتزامات، كما وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز: أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة:100]، وفيها استفزاز لمشاعر المسلمين: "لا انسحاب من مدن الضفة الغربية، ولا عودة للفلسطينيين من أرض الشتات إلى وطنهم، لا للسيادة الفلسطينية على القدس، لا لإطلاق سراح المعتقلين"، حتى إن معبر رَفَح الحدودي أصبح قضية أساسية للتفاوض: من يتسلّم إدارته؟ فأي انسحاب هذا؟! وأي سلام مزعوم؟!

وواصلت إسرائيل عمليات الاغتيالات للعديد من الفلسطينيين عشية انسحابها من غزة، وزَجَّت بالمئات في السجون من أبناء شعبنا الفلسطيني المسلم الصامد الصابر، واستمرت في بناء جدار الفصل العنصري ومصادرة الأراضي، وكشفت النقاب عن الحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي الشريف، وسمحت للمتطرفين اليهود بالدخول إلى ساحات المسجد الأقصى المبارك، في حين منعت وتمنع حاليًّا آلاف الفلسطينيين من أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة المتلهّفين شوقًا للصلاة في المسجد الأقصى من الوصول إليه، فنقاط التفتيش تعيد أبناء الضفة الغربية قبل وصولهم إلى مشارف القدس الشريف.

كل هذه الممارسات الظالمة هي بواقع الأمر طعنة لآمال الفلسطينيين وتطلعاتهم واستخفاف بهم، وكان طبيعيًّا أن تتصاعد أعمال العنف والعنف المضاد، وأن تنقشع سحب الضلالة والوهم عن زيف السلام المزعوم، فلا سلام في ظل الاحتلال، ولا تعايش مع الغاصبين.

أيها المسلمون، إسرائيل في سياستها تعتمد وتستند إلى الدعم الأمريكي اللامحدود، فخلال لقاء الرئيس الفلسطيني مع نظيره الأمريكي الأسبوع الماضي رفض الرئيس الأمريكي الوفاء بعهوده ووعوده بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حد قوله، في حين شدد على ضرورة تجريد الفلسطينيين أو الجماعات المسلحة من السلاح، إسرائيل وأمريكا يسيران على نهج واحد ونسق مدروس وهو دفع الفلسطينيين إلى الاقتتال الداخلي والانشغال بأنفسهم بدل تكريس الجهود لإنهاء الاحتلال.

ولكن ليعلم الجميع وتعلم إسرائيل وأمريكا أن الدم الفلسطيني غال ومحرّم، وأن وحدة شعبنا الفلسطيني الصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات، وسيبقى شعبنا الصامد الصابر عَصِيًّا على المحتلين.

أيها المسلمون، أما الحدث الثاني فهو الضربة الأمريكية الوَشِيكة لسوريا، فقد ذكرت وسائل الإعلام الأمريكي أن الإدارة الأمريكية وضعت خطة عسكرية لتوجيه ضربة محدودة لسوريا؛ لزعزعة الوضع وتغيير نظام الحكم، وستتركز الضربة على تجمعات القوات السورية المتاخمة لحدود العراق الشمالية، والتي تزعم أمريكا أنها مراكز ينطلق منها المسلحون المناهضون للاحتلال الأمريكي لأرض الرافدين، وتعمل الإدارة الأمريكية جاهدة لحشد التأييد الدولي لسياستها العدوانية، تمامًا كما فعلت خلال حملتها العسكرية ضد العراق، خاصة بعد أن زَجَّ تقرير لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة والمعروف بتقرير "ميلتس" بسوريا في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق، وتسعى الإدارة الأمريكية بالتعاون مع حلفائها لتحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي، غير أن التردد في توجيه الضربة العسكرية لسوريا يعود إلى جماعات الضغط الصهيوني في وزارة الحرب الأمريكية [التي] تنقسم على نفسها بين مؤيد ومعارض لهذه الحرب القذرة، فكثيرون يرون أن النظام الحاكم في سوريا لا يشكل خطرًا حقيقيًّا على إسرائيل، ويخشون من تغيير الواقع واستلام زمام الحكم في سوريا للتيار الشيعي العلوي كما حدث في العراق، فتصبح إسرائيل مهددة بامتداد شيعي من إيران حتى لبنان، حيث يتمركز حزب الله.

أما الفريق المؤيد للضربة العسكرية فيرون فيها فرصة للقضاء على التنظيمات الفلسطينية المناهضة لمشروع التسوية في الشرق الأوسط، وإضعاف حزب الله، وإضعاف الموقف السوري في أية معارضات مستقبلية، وتعزيز القبضة الإسرائيلية على هضبة الجولان إلى الأبد.

أيها المسلمون، الأعداء يخططون ويدرسون ليل نهار للإجهاز والقضاء على الأمة الإسلامية العربية رغم ما فيها من وَهَن وتخاذل واستسلام، وقادة وزعماء عالمنا الإسلامي ساهون غافلون مستسلمون.

أيها المسلمون، تذكروا وأنتم في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان شهر الانتصارات، كونوا على يقين أن خلاص الأمة الإسلامية من حالة الضعف والانقسام والهوان لن يكون إلا بإقامة دولة الإسلام، ولا يكفي لقيام الدولة الأماني والآمال والأحلام والدعاء، بل العمل الجاد البَنّاء، وتضافر الجهود، ونبذ كل الحلول الأمريكية لقضايا الأمة. فإلى متى التمسك بالوعود الأمريكية؟! إلى متى تصديق العهود الإسرائيلية؟! فإنهم لا عهد لهم ولا ذمة.

أفيقوا من سباتكم أيها القادة والزعماء، أفيقوا من غفلتكم، واعملوا على نهضة الأمة وعزتها بالعودة إلى كتاب الله وسنة المصطفى ، فهما السبيل الوحيد لعزة الأمة الإسلامية وانتصارها.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً