.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

محمد صلى الله عليه وسلم

4348

سيرة وتاريخ

السيرة النبوية, الشمائل

ناصر بن عمر العمر

المدينة المنورة

جامع جابر الأحمدي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- الحديث عن العظماء. 2- النبي من الولادة إلا النبوة. 3- نزول الوحي عليه . 4- دعوته إلى دين الله تعالى. 5- صفاته الخِلقية والخُلقية. 6- خصائصه . 6- فضائل الأمة المحمدية. 7- من معجزاته . 8- مرضه ووفاته. 9- حب النبي واتباع سنته.

الخطبة الأولى

أما بعد: يحلو الحديث عن الرجال العظماء من الناس، ولكن الحديث عن هذا الرجل العظيم لا يجاريه أي حديث في روعته وحلاوته والطرب به والشوق إليه، رجل ملأ حبه القلوب، واصطفاه الله على الناس، فجعله أكرمهم وأحبهم إليه، وكان خليل الله، إنه رسول الله .

حديث اليوم عن الحبيب الذي تشتاق إليه النفوس، وبذكره ترق وتلين القلوب، وعند الحديث عنه تطمع النفوس المؤمنة إلى رؤيته والالتقاء به في الجنان، والموعد حوضه الشريف حيث ينتظر المؤمنين، يأتون إليه غرًا محجلين عن باقي الأمم كي يشربوا من حوضه الشريف شربه هنيئة لا يظمؤون بعدها أبدا.

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب من بني هاشم من قريش، أعز الناس نسبًا، وأشرفهم مكانة، ولد في بطاح مكة، فرأت أمه نورًا أضاءت له قصور الشام، نشأ حين نشأ يتيمًا، فكفله جده ثم عمه، واسترضع في ديار بني سعد، أرضعته حليمة السعدية، فكانت أسعد الناس به، نزلت الملائكة من السماء فشقت صدره وغسلت قلبه، فنشأ نشأة طهر وعفاف في مجتمع جاهلي يعج بالشرك والظلم والمنكرات، لم يتجه يومًا بقلبه إلى صنم، ولم يعاقر خمرًا، ولم يتسابق كغيره إلى النساء. صادق اللسان، لم يجرب عليه قومه كذبةً واحدة، أمين وأي أمين.

تزوج في شبابه وقبل مبعثه بأكرم النساء وأحصنهم وأعفهم وأرجحهم عقلاً أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، فأنجب منها جل أبنائه وبناته. حبب الله إليه الخلوة والتعبد لربه بعدما كره بفطرته السليمة ما كان عليه قومه من عبادة الأصنام، فكان يصعد إلى غار حراء، فيمكث به الليالي ذوات العدد ناظرًا للكعبة الشريفة والسماء.

بشر بقدومه الأنبياء من قبله، وهتفت الجن ببعثته، وامتلأت السماء حرسًا شديدًا وشهبًا. بعثه الله للناس على رأس أربعين سنة، فلما اقتربت طلوع شمسه كان لا يمر بحجر ولا شجر إلا سمع من يقول له: السلام عليك يا رسول الله، فيلتفت فلا يرى إلا الحجر والشجر، فلما كان ذات ليلة على عادته في الغار وإذا بجبريل عليه السلام يأتيه رسول مرسل من ربه بـاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ [العلق:1، 2]، فرجع بها إلى بيته خائفًا يرجف منها فؤاده قائلاً: ((زمّلوني زملوني))، فسكبت عليه خديجة رضي الله عنها أعذب الكلام وأروعه حتى هدأت نفسه: كلا والله، لا يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصِل الرحم وتحمل الكلَّ وتكسب المعدوم وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحقّ.

ثم تتابع الوحي عليه من ربّه آمرًا له بالدعوة إلى الله، فخرج يدعو سرًّا من كان يرجو قبول الحق، فلما تكاثر المؤمنون من حوله أتاه الأمر: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ [الحجر:94]، فلقي منذ ذلك الوقت صنوف الأذى والسخرية والاستهزاء، وتحمل هو ومن معه من المؤمنين الذين كانوا يزدادون يومًا بعد يوم الشدائد لتمسكهم بالإسلام والمحافظة على هذا الدين العظيم، فلما رأى من قومه الصدود والإعراض بدأ بإخراج دعوته خارج مكة، فوصل الطائف ولاقى من أهلها أكثر مما لاقاه من قومه في مكة، فأخذ يعرض دعوته على القبائل حتى هيأ الله له نفرًا من أهل المدينة قدموا مكة في الموسم، فعرض دعوته عليهم، فأوقع الله في قلوبهم الإيمان، فاتفق معهم على الهجرة للمدينة وأن ينصروه ويمنعوه مما يمنعون أبناءهم وأهليهم، فكانت تلك الهجرة العظيمة وذلك الحدث التاريخي الذي قلب الأمور على الأرض رأسًا على عقب، وانطلقت دولة الإسلام من المدينة، وبدأ الجهاد لما توافرت أسبابه، فجاهد رسول الله هو وأصحابه بأموالهم وأنفسهم حتى فتح الله له القرى وأمها، ودانت له جزيرة العرب، وهابته الأعاجم في ديارها، فكان من آخر أمره حجه بالناس، فنصح وبلغ رسالة ربه حتى حانت ساعة وفاته عليه الصلاة والسلام التي نقف عندها بعد أن نقف على شيءٍ يسير من صفاته وشمائله وخصائصه التي خصه الله بها في الدنيا والآخرة.

فإن سألت عن شكل خِلقته: كيف كان؟ فإنك تسأل القمر ليلة تمامه، فكان أجمل الناس وأبهاهم منظرًا، أبيض مشربًا بحمرة، ربعة من الناس، فليس بالطويل ولا بالقصير، عظيم الهامة، واسع الجبين، مقوس الحواجب في غير اقتران، طويل الأنف مع صغر أرنبته، له نور يعلوه، كث اللحية، واسع الفم، مفلوج الأسنان، ليس بالنحيف ولا بالسمين، مستوي البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، أشعر الذراعين والمنكبين والصدر، لين الملمس كأن يده الحرير.

يمشي وكأن مشيته في منحدر، إذا التفت التفت بكل جسمه، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، يمشي وأصحابه أمامه، طويل السكوت، دائم الفكرة، لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح كلامه ويختمه باسم الله تعالى، يتكلم بجوامع الكلم، ولا يضحك إلا تبسمًا، لا يتكلم فيما لا يعنيه، يؤلف الناس ولا ينفرهم، يتفقد أصحابه ويسأل عنهم، يحلم على الجاهل والسفيه، ويصبر على من يحادثه حتى يكون محدثه هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور جميل من القول، قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أبًا.

مجلسه مجلس علم وحياء وأدب، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تذاع فلتاته، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بصخاب ولا فحاش ولا عياب. يبيع ويشتري، يضحك مما يضحك له الناس، ويتعجب مما يتعجبون.

بين كتفيه خاتم النبوة، وهي غدة حمراء بها شعرات مجتمعات، كان شعره إلى أنصاف أذنيه، وعدت شعيراته البيضاء فبلغت عشرين شعرة، وقال عنها: ((شيبتني هود وأخواتها)). يحسبه الرائي له أنه يخضب بالحناء شعره، ولكنه كان وبيص الطيب الذي يضعه، يحب الطيب وأمر بأن لا يرد.

عاش عيشة الزهد، فلم يشبع من خبز الشعير قط، يمر على بيوته الهلال ثم الهلال ثم الهلال ولا يوقد في بيوت آل محمدٍ نار، ربما وضع حجرين على بطنه ليسكت جوع بطنه. كان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقها إذا انتهى بأدب. أحب من الطعام الدباء والحلوى والعسل، وكان لا يذم طعامًا قط.

قسم وقته داخل بيته ثلاثة، فقسم لله، وقسم لأهله، وقسم لنفسه، وقسم الذي لنفسه ما بينه وبين الناس. كان يمازح أصحابه ولا يقول إلا حقًا، كان يسمر مع نسائه ويحدثهن ويحدثونه فيستمع إلى أحاديث النساء.

كان راجح العقل، صادق الفراسة، ثابتًا في الشدائد، صابرًا في البأساء والضراء وحين البأس، حليمًا وقورًا وفيًا للعهد والناس، يصفح ويعفو عمن أساء له، فعفا عمن سحره، وعفا عمن دس له السم، وصفح عن أهل مكة. كان وسطًا يحب الاعتدال، كريمًا سخيًا كالريح المرسلة.

أيها المؤمنون، لقد انفرد نبيكم عن إخوانه من الرسل والأنبياء والناس أجمعين بخصائص في الدنيا والآخرة لم تكن لغيره كرامة وتشريفًا لهذا النبي الكريم.

منها أن الله أخذ العهد والميثاق على الأنبياء من قبله على الإيمان به ونصرته والبشارة به، ومنها أن رسالته كانت للناس كافة وكانت رسالة من قبله من الأنبياء لأقوامهم خاصة، ومنها أنه خاتم الأنبياء والمرسلين وكانت رسالته رحمة للعالمين، ومنها أنه النبي الوحيد الذي خاطبه الله بوصف النبوة والرسالة، فكان القرآن ينزل بـيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ويَا أَيُّهَا الرَّسُولُ، ونادى بقية الأنبياء بأسمائهم.

ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام أن جعل الله له ولأمته الأرض مسجدًا وطهورًا، ونصر على أعدائه بالرعب، وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. كانت معجزات الأنبياء من قبله وقتيةً تنتهي بموتهم وكانت معجزته خالدة إلى يوم الدين: القرآن الكريم.

تفرد عن بقية الأنبياء بالإسراء والمعراج حتى أدناه الله منه في سدرة المنتهى.

خصه الله يوم القيامة فأعطاه الله الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود، وهو مقام الشفاعة العظمى للخلائق عند ربهم حتى يفصل فيهم، ويشفع لأمته حتى يبلغوا ثلثي أهل الجنة.

أكرم الله أمته كرامة له، فكانت خير الأمم أخرجت للناس، وأحل الله لها الغنائم، ووضع عنها الآصار والأغلال التي كانت على من قبلهم، وتجاوز عنهم الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، وحفظ هذه الأمة من الهلاك والاستئصال، وجعلها أمة لا تجتمع على ضلالة، وأعطاهم الله الأجر العظيم على العمل القليل، ويأتون يوم القيامة غرًا محجلين من أثر الوضوء، ويسبقون الأمم إلى الجنة.

أظهر الله على يديه من المعجزات ما يبهر العقول، ففلق له القمر فلقتين، وتكلمت الحيوانات بحضرته، وسبح الطعام بين يديه، وسلم عليه الحجر والشجر، وتكاثر له الطعام والشراب كرامة، وأخبر بالمغيبات، فما زالت تتحقق في حياته وبعد وفاته.

فاللهم اجز نبينا عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأوفره، اللهم وآته الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة، وأوقفه المقام المحمود الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد.

عباد الله، استغفروا ربكم يغفر لكم، إن ربكم لغفور رحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتق الله أيها المسلم، واعلم أن الدنيا ليست بدار قرار.

أيها المسلمون، عاش نبيكم ثلاثا وستين سنة، قضى منها ثلاثا وعشرين في النبوة والرسالة والبلاغ والإنذار والجهاد، فلما أتم الله الدين وكملت الرسالة بدأت الإشارات بدنو ساعة رحيل الحبيب ، فكان أول هذه الإشارات نزول قول الله عز وجل: اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3]، وقول الحق تبارك وتعالى: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1]، وكان يقول في حجة الوداع: ((خذوا عني مناسككم؛ لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا))، وكان يخبر الناس بعد حجة الوداع: ((إن عبدًا خيره الله بين الدنيا وبين لقاء ربه فاختار لقاء ربه)).

في العام الحادي عشر من الهجرة الشريفة وفي غرة شهر ربيع الأول رجع النبي من البقيع فدخل بيته ووجد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تشتكي رأسها و تقول: وارأساه، فيقول لها النبي : ((بل أنا وارأساه يا عائشة))، فكان بداية مرضه وجعا في رأسه الشريف، ثم بدأت به الحمى، وأخذت تشتد عليه حتى بلغت منه مبلغًا عظيمًا، فكان يصب عليه من سبع قرب من الماء ليبرد، وكانت توضع على جسده الشريف القطيفة فيجد اللامس حرارته من فوقها، وكان من شدتها بعد ذلك أن كان يغمى عليه المرة تلو المرة وهو يحاول القيام للصلاة بالناس فلا يستطيع، فيأمر صاحبه في الغار أن يصلي بالناس، فلما روجع في اختياره لأبي بكر لرقة أبي بكر في الصلاة أصر عليه الصلاة والسلام على إمامته للناس. واستأذن في أثناء ذلك من جميع زوجاته أن يبيت ويمرض في بيت عائشة فأذنَّ له.

صلى الناس في أحد أيام مرضه الظهر فوجد رسول الله خفة فخرج للمسجد، وكاد الناس أن يفتنوا في صلاتهم حينما رأوا نبيهم وحبيبهم يخرج إليهم، فتأخر أبو بكر وتقدم رسول الله ليكمل الصلاة بالناس، فكان يصلي جالسًا وأبو بكر يقتدي به والناس يقتدون بأبي بكر.

واشتد المرض عليه، وكان يقول: ((ما زلت أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم))، وكان يدخل عليه العارفون بالطب فلم يجدوا له علاجا، وكانت عائشة تأخذ يده الشريفة لتضعها بالماء ثم تضعها على وجهه الشريف رجاء بركتها.

وفي مرض موته عليه الصلاة والسلام كان يوصي بآخر وصاياه للأمة من بعده، فأوصى الأمة بالصلاة، وأوصى الرجال خيرًا بالنساء، وأوصى أن لا يجعل قبره وثنًا يعبد، وأن لا تتخذ القبور مساجد.

في صلاة الفجر من يوم الاثنين الذي مات فيه يكشف الستار الذي على الحجرة فينظر إلى جموع المسلمين من أمته صفوفًا خلف أبي بكر، فتقر عينه بهذا المنظر الذي كان ثمرة ثلاث وعشرين سنة من الدعوة والجهاد.

وفي ساعته الأخيرة يدخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما وفي يده سواك، فجعل النبي يطيل النظر إلى السواك ولا يستطيع الحديث، فتفهم عائشة رضي الله عنها مراده وتأخذ السواك من أخيها فتلينه له ثم أعطته إياه، فجعل يستاك به كأحسن ما يكون لآخر مرة في حياته، وكان يشتد عليه الألم فيقول: ((لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات))، ثم سمعت منه عائشة رضي الله عنها وهو واضع رأسه الشريف على صدرها وهو يقول: ((بل الرفيق الأعلى))، فكان آخر ما نطق به وخرجت روحه الشريفة الطاهرة إلى روح وريحان وربٍ راضٍ غير غضبان، يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30].

ومات نبي الله، ومات رسول الله، وبموته انقطع الوحي من السماء، وما إن علم الناس حتى طاشت منهم العقول، وتراهم سكارى وما هم بسكارى ولكن موت رسول الله شديد. يخرج عمر رضي الله عنه يهدد ويتوعد كل من يقول: رسول الله مات، رافضًا وجدانه تصديق خبر موته، ووصل أبو بكر الصديق وكان في ناحية من المدينة، ودخل حجرة عائشة حيث رسول الله مسجى، فكشف عنه وبكى وقبله قائلاً: أما الموتة التي كتبت عليك فقد ذقتها، والله لن يجمع الله عليك موتتين أبدًا، ثم خرج للناس وهم في هياج وحيرة، فحاول إسكات عمر فلم يستطع، فتوجه بكلامه للناس، كلامًا لا يصدر إلا من أبي بكر في مثل هذه المواقف: (أيها الناس، من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت)، ثم تلا على مسامعهم قول الحق تبارك وتعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران:144]، يقول عمر بعد ذلك: وكأني أسمع هذه الآية لأول مرة.

ودفن عليه الصلاة والسلام في المكان الذي توفي فيه في حجرة عائشة، وهكذا تدفن الأنبياء، وأخذ الناس يدخلون عليه جماعات يصلون عليه، تقول فاطمة بنت محمد لأنس بن مالك بعدما فرغوا من دفنه عليه الصلاة والسلام: (يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله ؟!).

أيها المسلمون، تلكم لمحة عن الحبيب المصطفى، ألا وإن في القلوب لهيب الشوق إليه، لا يطفئه إلا لقاؤه على الموعد في جنات عدن، فنسأ الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن لا يحرمنا رؤيته ولقاءه والشرب من حوضه يا رب العالمين.

أيها المسلم، يا محب رسول الله ، أبشّرك بقول حبيبك : ((المرء يحشر مع من أحب))، ولكن ذلك الحب وحده لا يكفي، وتلك العاطفة وحدها لا تبلّغك المقصود، ولكن هذا الحبّ يجب أن يترجم إلى تعظيم لسنة الحبيب والعمل بها واتخاذه أسوة حسنة في أقوالنا وأفعالنا، في غدونا ورواحنا، في يسرنا وعسرنا، في منشطنا ومكرهنا، في رضانا وغضبنا.

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً