.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

خطبة استسقاء 8/1/1426هـ

4230

الرقاق والأخلاق والآداب

آثار الذنوب والمعاصي

صالح بن محمد آل طالب

مكة المكرمة

8/1/1426

المسجد الحرام

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- استسقاء النبي . 2- أهمية الماء. 3- فضل الإيمان والتقوى. 4- شؤم المعاصي. 5- استعاذة النبي من زمان ظهور الفاحشة. 6- لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. 7- دعاء.

الخطبة الأولى

البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس بنِ مالك رضي الله عنه قال: أصابتِ الناسَ سَنةٌ على عهد رسول الله ، فبينا رسول الله يخطب على المنبرِ يومَ الجمعة قام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلَك المال وجاعَ العيال، فادعُ اللهَ لنا أن يسقيَنا، قال: فرفَع رسول الله يدَيه، وما في السماءِ قزَعة، قال: فثارَ سَحابٌ أمثالُ الجبال، ثم لم ينزل عن منبرِه حتى رأيت المطرَ يتحادر على لحيته، قال: فمطِرنا يومَنا ذلك وفي الغدِ ومِن بعد الغدِ والذي يليه إلى الجمعة الأخرى، إلى آخر الحديث، وهذا لفظ البخاري[1].

أيّها المسلمون، الماء أصلُ الحياة، وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ [الأنبياء:30]، ولو اجتمع الإنسُ والجن على أن يؤتوا به لم يستطيعوا إلاّ بإذن الله، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ [الملك:30]، أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ [الواقعة:68-70]. وهو نعمةُ عظيمة أنعَمَ الله تعالى بهِ علَى عِبادِه، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [النحل:18]. وحين يغفَل الناس عن ربِّهم تنقُص الأرزاق وتمسِك السماء قطرَها بأمر ربِّها؛ ليعودَ الناس لربهم، وليتذكَّروا حاجتهم إليه، وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ [الشورى:27].

أيّها المسلِمون، الإيمانُ والتّقوى سببُ النعم والخيراتِ، وبهما تفتَح بركات الأرض والسماء ويتحقَّق الأمن والرخاء، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الأعراف:96]. والتّقوى هي الخوف من الجليلِ والعمَلُ بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل. نعم، الاستعداد للحياةِ الآخرة، والتي نسيها كثير من الناس في غمرةِ السعي اللاهِث وراءَ حُطام الدنيا والتنافس في زخرُفها الزائل، غافِلين عن الاستعداد ليومٍ لا ريبَ فيه، يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا [آل عمران:30]، يومٌ لا بيع فيه ولا خُلَةٌ ولا شفاعَة، يومٌ تشخَص فيه الأبصار، يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ [إبراهيم:48]، يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ [النحل:111]، يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً [الإسراء:52]، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2]، فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلا ضَرًّا [سبأ:42]، يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16]، الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [غافر:17] يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا [الطور:9، 10]، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة:18]، يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار:18].

أيّها المؤمِنون، ولأجلِ ذِكرِ ذلك اليومِ والعَمل له فإنَّ الله تعالى يذكِّر عبادَه إذا غفلوا، وينذرهم إذا عصَوا، وقد أخبر سبحانَه أنّ ما يحلُّ بالبشر إنما هو من أنفسهم، أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165]، وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]. فاتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وتوبوا إليه واستغفروه.

ألا وإنَّ شؤم المعاصي وبيل، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41]، قال مجاهد: "إنَّ البهائم لتلعَن عصاةَ بَني آدم إذا اشتدَّت السَّنة وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤمِ معصيةِ ابن آدم"[2]، وعَن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّه قال: (إنَّ الحبارَى لتموت في وكرِها من ظلمِ الظالم)[3]. كما أنَّ الشركَ مِن أعظمِ أبوابِ الفّقر واندثارِ الخيرات ومحق البركات، يليه سفكُ الدمِ الحرام كما في آية الفرقان: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا [الفرقان:68].

وقد استعاذ النبيُّ بالله أن يدركَ أصحابُه زمانَ ظهور الفاحشةِ والإعلان بها ونقصِ المكيال والموازين ومنعِ الزكاة، كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: أقبَل علينا رسول الله فقال: ((يا معشرَ المهاجرين، خمسٌ إذا ابتُليتم بهنّ وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحِشة في قومٍ قطّ حتى يعلِنوا بها إلاّ فشا فيهم الطاعون والأوجاعُ التي لم تكن مضَت في أسلافهم الذين مضَوا، ولم ينقُصوا المكيالَ والميزان إلاّ أخِذوا بالسِّنين وشدَّة المؤونةِ وجَور السلطان عليهم، ولم يمنَعوا زكاة أموالهم إلاّ منِعوا القطرَ من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقُضوا عهدَ الله وعهد رسولِه إلاّ سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذَ بعضَ ما في أيديهم، وما لم تحكُم أئمّتهم بكتابِ الله ويتخيَّروا ممّا أنزل الله إلا جعَل بأسَهم بينهم)) رواه ابن ماجه وصححه الحاكم[4].

وسنّةُ الله في العصاةِ لا تتخلِّف، كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الأنفال:52، 53].

إنَّ الله لا يبدِّل أمنَ الأمم قلَقًا ولا رخاءَها شِدّةً ولا عافيتَها سَقامًا لأنه راغبٌ أن يذيقَ الناسَ المتاعبَ ويرميهم بالآلام. كلا، إنّه بَرٌّ بعبادِه، يغدِق عليهم فضلَه وسِتره، ويحيطهم بحفظِه، ويصبِّحهم ويُمَسّيهم برزقه، ولكنّ الناسَ يأخذون ولا يحسِنون الشكرَ، ويمرحون من النِّعَم ولا يقدِّرون ولِيَّها ومُسديها سبحانه. وعندما يبلغ هذا الجحودُ مداه وعندما ينعقِد الإصرارُ عليه فلا ينحلّ بندمٍ، عندئذٍ تدقُّ قوارعُ الغضبِ أبوابَ الأمم، وتسودّ الوجوهُ بمصائبِ الدنيا قبل نكالِ الآخرة، وما المصائب التي أحاطَت بالأمّة إلاّ سياطٌ تسوقها إلى العودةِ لباريها والبراءةِ من الذنوب ومخازيها والتنادي بالرجوعِ إلى الله بالتزامِ أمره واجتناب نهيِه وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاةِ وحربِ الربا ونبذِ الظّلم وإيقافِ وسائلِ الرّذيلة ودُعاتها والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر؛ لتسلَمَ سفينةُ المجتمَع وتُرَمَّم خروقُها وتسَدَّ ثقوبها، وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:117]، وإلاّ فإنّ فشوَّ المنكراتِ وإعلانَها مؤذنٌ بسيلِ عذابٍ قد انعقَد غَمامُه ومُؤذنٌ بليلِ بلاءٍ قد ادلهمَّ ظلامه، فبادِروا بتوبةٍ نصوح ما دام في العُمر فسحة والباب مفتوح، وأكثِروا من الاستغفار فبِه تُستَجلَب رحمة الله، لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النمل:46]، وقد قال نوح عليه السلام لقومه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12]، وقال هودٌ عليه السلام: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ [هود:52].

عبادَ الله، أما وقد خَرجتُم تستغيثونَ وتستَسقون فأظهِروا الحاجةَ والافتقارَ، واعقِدوا العزم والإصرار على اجتنابِ المآثِم والأوزارِ، وقد روَى أهل السنَن وأحمد عن ابن عباسٍ رضي الله عنه أنَّ النبي خرج للاستسقاءِ متذلِّلاً متواضِعًا متخشِّعًا متضرِّعًا[5]، والله تعالى أمر بالدعاءِ ووعَد بالإجابة وهو غنيٌّ كريم سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].

فاستغفِروا وادعوا، وأبشِروا وأمِّلوا، وارفعوا أكفَّ الضّراعة إلى الله مبتهلين.

الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمنِ الرحيم، ملِك يوم الدّين، لا إله إلاّ الله يفعل ما يرِيد، لا إلهَ إلا الله الوليّ الحميد، لا إله إلا الله غِياثُ المستغيثين وراحِم المستضعفين، نستغفِر الله، نستغفِرُ الله، نستغفِر الله الذي لا إلهَ إلاّ هو الحيّ القيوم ونتوب إليه.

اللّهمّ أنت ربّنا، لا إلهَ إلا أنت، خلقتَنا ونحن عبيدك، ونحن على عَهدك ووعدك ما استطعنا، نعوذ بك من شرِّ ما صنعنا، نَبوء لك بنعمتِك علينا ونبوء بذنوبنا، فاغفر لنا فإنّه لا يغفِر الذنوب إلا أنت.

لا إلهَ إلاّ أنت سبحانك إنّا كنا من الظالمين، لئن لم يَرحمنا ربُّنا ويغفِر لنا لنكوننّ من الخاسرين، ربّنا ظلَمنا أنفسنا وإن لم تغفِر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين، ربنا لا تؤاخِذنا إن نَسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملتَه على الذين من قبلنا، ربَّنا ولا تحمِّلنا ما لا طاقةَ لنا به، واعفُ عنا واغفِر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.

اللّهمّ اغفر لنا ما قدّمنا وما أخَّرنا، وما أسررنا وأعلنّا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر لا إله إلا أنت. نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفِر الله.

اللّهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهمّ أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغثنا، غثيًا هنيئًا مَريئًا غَدَقًا طبَقًا مجلِّلاً سحًّا عامًّا دائمًا نافعًا غيرَ ضار عاجلاً غير آجل، اللّهمّ تحيي به البلادَ وتسقِي به العبادَ وتجعله بلاغًا للحاضِر والباد، اللهم اسقِ عبادك وبهائمَك وأحيِ بلدَك الميت، اللهمّ سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، اللهمّ سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللّهمّ إنَّ بالعباد والبلادِ مِنَ اللواء والجَهد والضّنك ما لا نشكوه إلا إليك، اللهم أنبِت لنا الزرع وأدِرَّ لنا الضّرع وأنزِل علينا من بركاتك، اللّهمّ ارفَع عنا الجهدَ والجوعَ والعُري، واكشِف عنا من البلاءِ ما لا يكشفه غيرك.

اللّهمّ إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا. اللّهمّ إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنّا بذنوبِنا فضلك. اللهم أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوّةً لنا على طاعتك وبلاغًا إلى حين. اللّهمّ أسقِنا الغيثَ وآمِنّا من الخوف ولا تجعلنا آيسين ولا تهلِكنا بالسنين واغفِر لنا أجمعين واكشِف ما بالمسلمين من بلايا يا أرحم الراحمين.

ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار.

هذا وصلّوا وسلِّموا على الرحمةِ المهداة محمّدِ بن عبد الله، فقد أمركم الله تعالى بذلك فقال جلّ من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللّهمّ صلِّ وسلِّم وزد وبارك على عبدِك ورسولك محمّد وعلى آلِه وصحبه أجمعين.

عبادَ الله، اقتَدوا بسنّةِ النبيِّ ، فقد كان يقلِب رداءه حين يستسقي[6]، وتفاؤلاً بقَلب حالِ الشّدّةِ إلى الرخاء والقحط إلى الغيث، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابةِ.

ربَّنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، سبحان ربِّك ربِّ العزة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.

 



[1] صحيح البخاري: كتاب الاستسقاء (933، 1033)، صحيح مسلم: كتاب الاستسقاء (897).

[2] أخرجه سعيد بن منصور (236)، وابن جرير في جامع البيان (2/54، 55) بنحوه.

[3] أخرجه ابن جرير في جامع البيان (14/126)، والبيهقي في الشعب (7479).

[4] سنن ابن ماجه: كتاب الفتن، باب: العقوبات (4019)، مستدرك الحاكم (4/540)، وأخرجه أيضا الطبراني في الكبير (12/446) والأوسط (5/62)، والبيهقي في الشعب (3/197)، قال الهيثمي في المجمع (5/318): "رجاله ثقات"، وصححه الألباني بمجموع طرقه في السلسلة الصحيحة (106).

[5] مسند أحمد (2039)، سنن أبي داود: كتاب الصلاة (1165)، سنن الترمذي: كتاب الجمعة (559)، سنن النسائي: كتاب الاستسقاء (1489)، سنن ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة (1266) نحوه، وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وصححـه ابن خزيمة (1408)، وابن حبان (2862)، وابن الجارود (253)، والضياء في المختارة (9/501)، والنووي في المجموع (5/67)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1032).

[6] سنة قلب الرداء أخرجها البخاري في الاستسقاء (969)، ومسلم في الاستسقاء (1489) من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه.

 

الخطبة الثانية

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً