الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمام المتقين وقدوة الخلق أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعد: فاتقوا الله ـ عباد الله ـ فيما استرعاكم الله تعالى من الأبناء، وأحسنوا تربيتهم فإنّ الله سائلكم عنهم يوم القيامة، أصلح الله لنا ولكم ذرياتنا، إنه سميع مجيب.
عباد الله، أما الوقفة الثالثة فمع العيد، وهو يوم النحر، يوم الثجّ والعجّ، يوم الفرح بطاعة الله تعالى.
فاحرص ـ أخي ـ على شهود صلاة العيد مع المسلمين، والتكبير من فجر يوم التاسع إلى آخر أيام التشريق، ولتأتِ من طريق وترجع من آخر، وتتجمّل بأبهى زينة وأفضل حله، واحذر من اتخاذ زينة محرمة كإسبال الثياب وحلق اللحى؛ فإن الله ورسوله أمر بإعفائها وعدم أخذ شيء منها.
ومن السنة عدم الأكل قبل الصلاة حتى ترجع بعد صلاة العيد والخطبة، فتذبح الأضحية وتأكل منها.
وتجنب في اختيار الأضحية العوراء والعرجاء والمريضة والهزيلة والعضباء والهتماء، وأفضلها أكرمها وأسمنها وأغلاها ثمنًا، وقم بذبحها بنفسك، وإذا وكّلت أحدًا غيرك فلا بأس بذلك، وارفق بالأضحية عند ذبحها فلا تحدّ السكين أمامها، ومكّنها من الأكل والشرب قبل ذلك، وحدّ شفرتك قبل ذبحها، ولا تذبح واحدة بحضرة الأخرى، ويجب عند ذبحها قطع المريء والحلقوم وأحد العرقين اللذين في العنق أو كلاهما.
والسنة في تقسيمها ثلاثًا، ثلث يؤكل، وآخر يهدى، وآخر يتصدّق به على الفقراء. ووقت الذبح بعد صلاة العيد إلى آخر يوم الثالث عشر من ذي الحجة.
وتوبوا إلى الله ـ عباد الله ـ توبة نصوحًا عسى ربكم أن يغفر لكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار.
قال ابن القيم رحمه الله يصف حال الحجيج في بيت الله الحرام:
فللَّـه كم من عبـرة مهراقـة وأخرى على آثـارها لا تقـدم
وقد شرقت عيـن المحب بدمعها فينظر من بين الدموع ويسحـمُ
وراحوا إلى التعريف يرجون رحمته ومغـفرة مـمن يجـود ويكـرم
فللَّـه ذاك الموقف الأعظم الذي كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم
ويدنو به الجبـار جـل جلاله يبـاهـي بهم أملاكـه فهو أكرم
يقول: عبادي قد أتونـي محبةً وإني بهـم بـرّ أجـود وأكـرم
فأشهدكم أني غفرت ذنوبـهم وأعطيـهم مـا أمّـلوه وأنعـم
فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي به يغـفر الله الذنـوب ويـرحم
فكم من عتيـق فيه كمّل عتقه وآخر يستسعـي وربـك أكرم
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
|