وبعد: أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، في ظل أية شريعة يقتل الأبرياء من أبناء الشعوب الإسلامية في العراق وفلسطين وأفغانستان والفلبين وغيرها من بقاع المعمورة؟! فكل الشرائع السماوية حرمت ومنعت قتل النفس إلا في حالات ثلاث: المرتدين عن الدين، والنفس بالنفس، والثيب الزاني.
وقد أكدت الآيات القرآنية والسنة النبوية هذه الأحكام، من ذلك قول الرسول : ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)).
إنه قانون الغاب وغطرسة القوة والحقد الأسود على الإسلام والمسلمين والطمع في نهب ثرواتهم والسيطرة على ديارهم هي الدوافع الحقيقية لقتل المسلمين دون تفريق بين مقاتل أو طفل أو شيخ أو امرأة ما دامت المحصلة والنتيجة هي القتل بسبب أو بدون سبب.
ألم تهدم أمريكا والمتعاونون معها منازل المواطنين على رؤوسهم في الفلوجة التي حوصر فيها المؤمنون بلا ماء ولا كهرباء ولا غذاء، وقصفت طائرات العالم الحر أكثر من مرة حفلات الأعراس ومواكب الجنائز في العراق وفي أفغانستان؟! ثم يكون التبرير بأنهم لاحظوا إرهابيين أو كانت المعلومات الاستخبارية التي وصلتهم ليست دقيقة! فأي إرهاب أكثر من إرهابهم؟! إنهم يريدون شعوبا لا تغار على أرضها وعرضها وتقبل بمخططات الاحتلال والاستعمار والاستيطان. هذا ما ترفضه الشعوب الإسلامية التي ما زالت تحركها العقيدة وتدفعها العزة إلى ميادين الكرامة ذودا عن الإنسان والحضارة والدين.
أيها المسلمون، يا إخوة الإسلام في كل مكان، لما كان هدف الغزاة والمحتلين ذبح الشعوب الإسلامية وإطفاء جذور مقاومتها لتسهيل السيطرة على مقدراتها ونهب أراضها وخيراتها فلا عذر لمن يعاون المحتل من أبناء الأمة على تنفيذ أهدافه مرورا فوق جسور أجساد الأبرياء من أبناء الشعوب التي تتعرض للغزو والاحتلال.
فالأمة الإسلامية بدولها وحكوماتها وشعوبها وحكامها مسؤولة أمام الله ثم أمام التاريخ عن نصرة هذه الشعوب التي تتعرض للقتل والسجن والتشريد فوق أرضها وخارج أوطانها، ولن يقبل عذر المعتذرين بالسكوت عن هذه الجرائم بحالة الضعف التي تمر بها الأمة وقلة الإمكانيات لرد العدوان.
فأمتنا تملك من عوامل القوة والوحدة لو صدقت النوايا ما يكفي لحماية شعوبها ودفع العدوان عن ديارها، فعقيدتها واحدة، وأرضها متجاورة، وموقعها بين قارات العالم يؤهلها لدور ريادي في زمان تحكمه المصالح وتسوده القوة في ظل شعارات ثبت زيفها وبان عوارها، كالدعوة إلى حرية الشعوب والمحافظة على حقوق الإنسان. فأي حرية في ظل العدوان والاحتلال؟! وأين حقوق الإنسان حينما تسلب الحياة من أطفال لم تفارقهم براءة الفطرة والطفولة؟!
نقول هذا للمخدوعين من أبناء الأمة بالمستقبل الواعد تحت حراب المحتل، وللشعوب التي لم تكتو بعد بنار الغزاة، وللساسة والمسؤولين في دنيا المسلمين الذين شغلتهم الدنيا عن الآخرة وأقعدتهم الشهوات عن بلوغ الغايات، رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ [التوبة:87].
|