.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

فضل العشر الأواخر

3979

الرقاق والأخلاق والآداب

فضائل الأزمنة والأمكنة

محمد أحمد حسين

القدس

22/9/1425

المسجد الأقصى

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- اجتماع الفضائل في هذه العشر الأواخر. 2- تمسك الشعب الفلسطيني بقضيتهم. 3- مدلولات صلاة المسلمين في المسجد الأقصى. 4- ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية. 5- فضل العشر الأواخر من رمضان. 6- هدي النبي في العشر الأواخر. 7- من شروط الاعتكاف. 8- دعاء ليلة القدر.

الخطبة الأولى

أيها الصائمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، يا أحباب رسول الله، وقد شددتم رحالكم منذ بواكير الصباح إلى هذا المسجد الطاهر المبارك لتشهدوا صلاة الجمعة الرابعة من شهر رمضان الفضيل، وقد اجتمع لكم الفضل من جميع أطرافه بفضيلة الزمان والمكان والانتساب.

فيوم الجمعة هو سيد الأيام، فيه ساعة ما وافقها عبد يدعو الله إلا استجاب له، وشهر رمضان هو سيد الشهور، وهو شهر شرف الله بنزول القرآن فيه، شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185].

وأما المكان فهو المسجد الأقصى الذي بارك الله فيه وبارك حوله، أول القبلتين وثاني المسجدين وثالث مسجد تشد إليه الرحال بعد المسجد النبوي الشريف والبيت الحرام، يضاعف الله فيه ثواب الأعمال، فالصلاة فيه بخمسمائة صلاة فيما سواه كما ورد عن حبيبنا وقائدنا ونبينا المصطفى.

وأما فضيلة الانتساب فحسبكم شرفا وفضلا أنكم مرابطون في هذه الديار المقدسة، وقد أجازكم نبينا عليه الصلاة والسلام بذلك فيما رواه الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ((يا معاذ، إن الله سيفتح عليكم الشام من بعدي من العريش إلى الفرات، رجالهم ونساؤهم مرابطون إلى يوم القيامة، فمن اجتاز منكم ساحلا من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو جهاد وإلى يوم القيامة)).

أيها المسلمون، أيها الصائمون، إن زحفكم الميمون إلى المسجد الأقصى في هذا اليوم المبارك العظيم ليؤكد للقاصي وللعدو والصديق التفافكم حول مسجدكم وتمسّككم بمقدّساتكم وعقيدتكم، كما يؤكد الوجه الإسلامي لمدينة القدس زهرة مدائن الدنيا وبوابة الأرض إلى السماء وموئل الأنبياء والصالحين والعلماء.

هذه المدينة المقدسة التي ما فتئت معاول الاحتلال تطمس حضارتها في حملة محمومة لتهويدها عن محيطها الفلسطيني والعربي والإسلامي من خلال بناء المستوطنات وتسريب عقاراتها إلى أيدي المستوطنين وعزل أحيائها عن بعضها البعض بجدار الفصل العنصري.

أيها الصائمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، إن جمعكم المبارك وحشدكم الكريم ليؤكد حقيقة جوهرها إيمانكم الذي لا يتزعزع بأن الله ناصر عباده الصادقين مهما اشتدت الخطوب وتوالت الكروب وتكالبت الأمم، كما يبرهن احتشادكم في هذه الرحاب الطاهرة أن الحواجز والعوائق التي يقيمها الاحتلال لن تحول دون وصولكم إلى المسجد الأقصى مع أن هذه الممارسات الظالمة تمنع عشرات الألوف من أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة والعبادة في هذه الأيام الفضيلة من شهر الصيام، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة:114].

أيها الصائمون، أيها المرابطون في بيت المقدس، إن جمعكم هذا لهو الردّ العملي على إشاعات الإعلام الإسرائيلي وما يصدر من تصريحات على ألسنة الجهات الأمنية التي حذرت وما زالت تحذر من احتمال عدوان يرتكبه المتطرفون اليهود ضد المسجد الأقصى وضد المصلين فيه، وقد جاءت هذه التحذيرات بعد الضجة المفتعلة باحتمال انهيار جدران المصلى المرواني خاصة في شهر رمضان جراء ازدحام وتدافع المصلين فيه.

إن المسجد الأقصى بكل أجزائه وجميع مصاطبه ومحاربه وساحاته وأرضه وفضائه سيبقى بحول الله وقوته عامرا بالإسلام والمسلمين، ولن يتخلى هذا الشعب المسلم المرابط عن واجبه في رعايته وحمايته وشد الرحال إليه، ولن يفت في عضده تصريح المسؤول الإسرائيلي أو تهديد من قبل المستوطنين والمتطرفين اليهود الحالمين بهيكل مزعوم على أنقاضه لا سمح الله.

فلا زالت ذرية المرابطين تفد إليه وتروح بالمهج والأرواح وتدفع عنه خطط الاحتلال وغوائل الزمان إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:21].

في هذه الظروف العصيبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في غياب القيادة والتي أدعو الله لها بالشفاء العاجل تتطلّب من كافة فئات شعبنا الفلسطيني تعزيز الوحدة الوطنية والتضامن والوعي واليقظة وتفويت الفرص على الحاقدين المتربصين بشعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة.

أيها الصائمون، نحن في العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل، وهي أيام العتق من النار كما ورد عن النبي في وصفه لأيام رمضان حيث قال: ((وهو شهر أوله رحمه، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار)), نسأل الله تعالى أن يعتق رقابنا ورقاب المسلمين من النار، إنه العزيز الغفار.

ومن هدي النبي في العشر الأواخر من رمضان الاجتهاد في العبادة، فقد روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيى الليل وأيقظ أهله وجدّ وشدّ المئزر. وفي حديث آخر: كان رسول الله يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره. وكان يعتكف في المسجد في العشر الأواخر في رمضان، ويحثّ أصحابه على الاعتكاف، وفي ذلك تفرّغ للعبادة والذكر وتحصيل مزيد من الثواب.

ومن شروط الاعتكاف أن يكون المرء صائما، وأن يعتكف في مسجد الجمعة والجماعة، ولا يخرج من المسجد إلا لضرورة كالطهارة أو التداوي أو إحضار الطعام أو حضور صلاة الجمعة.

أيها الصائمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وفي العشر الأواخر من رمضان تلتمَس ليلة القدر، وهي ليلة عظيمة القدر والأجر، أنزل الله فيها كتابه الكريم إلى سماء الدنيا فقال بحقها: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [سورة القدر].

والعبادة في هذه الليلة المباركة خير من عبادة ألف شهر، وليلة القدر من خصائص هذه الأمة الكريمة، فقد أخرج الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله أرِي أعمار الناس قبله، فكأنه تقاصر أعمار أمته ـ أي: رآها قصيرة ـ أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغه غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر.

وقد أخفى الله تعالى هذه الليلة على الأمة ليجتهدوا في العبادة طيلة ليالي شهر رمضان طمعا في إدراكها، وفي فضيلتها ورد عن رسول الله: ((من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه))، وقد أمر رسولنا الأكرم بتحريها فقال: ((تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)).

وقد علمنا رسول الله الدعاء في ليلة القدر حينما سألته عائشة رضي الله عنها قال: ((قولي: اللهم إنك عفوّ تحبّ العفو فاعف عني))، اللهم إنك عفو تحبّ العفو فاعف عنا يا كريم، وتقبل منا الصيام والقيام، وأدخلنا جنّتك دار السلام من باب الريان.

فاحرص ـ أخي المسلم ـ على الصيام والقيام، وصن نفسك عن الخطايا والآثام حتى تفوز بالتقوى وهي خير زاد، ولله در القائل:

ترحل عن الدنيا بزاد من التقى   فعمرك أيام وهي قلائل

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً