.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

حصاد المسلمين

3898

العلم والدعوة والجهاد

قضايا دعوية

علاء الدين بن محمود زعتري

حلب

9/4/1425

جامع الصديق

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- حقيقة مشروع الشرق الأوسط. 2- الظروف العصيبة التي تمر بالأمة الإسلامية. 3- المخرج من الهوان. 4- التحذير من طلب العزة من غير الله تعالى. 5- ضرورة إصلاح ما بالأنفس. 6- أهمية الأمر بالمعروف والني عن المنكر وأدب ذلك.

الخطبة الأولى

اتقوا الله عباد الله، واعلموا أن مشروع الشر أوسط يقتحم المنطقة نهارًا جهارًا، بعد أن كان يحاول التسلل خفية وإسرارًا. نعم، إنه الشر أوسط الجديد، ولا تلوموني فلم أخطئ في الكلمة، فغياب قوّة إيمان المسلمين قد أسقطت في طريقها (قاف) الشرق فأضحى المشروع (الشر أوسط).

يـا أمة الحق والآلام مقبلـة    متى تفيقي ونار الشرّ تستعر

متى يعود إلى الإسلام مسجده    متى يعود إلى محرابـه عمر

أكلَّ يوم يُرى للديـن نازلة      وأمة الحق لا سمع ولا بصر

عباد الله، يقول تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40، 41].

فيا أمة الإسلام أفيقي، ومن غفلتك فانتبهي، فلينصرن الله نصرًا عزيزًا مَن ينصر دينه، ويؤيد شريعته، ويعمل بكتابه، ويتّبع سنة رسوله . وفي المقابل يكون الخزي والعار والذل والهوان لِمَن يهمل شريعة الله. هذه سنة الله في عباده الذين ارتضوا لأنفسهم الإسلام.

إخوتي في الله، يعيش المسلمون اليوم زمنًا عصيبًا ووقتًا دقيقًا وجرحًا مميتًا وألمًا فظيعًا وجراحًا مذففة وجثثًا متفحمة وسيارات مفخخة وأشجارًا مقتلَعة وبيوتًا مهدمة وأسرًا مشرّدة وأطفالاً ميتّمة ونساءً ثكلى، وقد لا تسعفك الكلمات في القواميس عن وصف حال المسلمين التي لا تُسرّ صديقًا ولا تجعل العدو حاسدًا. مشاكل تستهدف الأمّة بتدمير مستقبلها وتدنيس حاضرها وتغييب ماضيها.

ويأتي السؤال: فماذا نفعل؟ ومن المنقذ؟ وما سبيل النجاة؟ ما درب السلامة مما نحن فيه؟

أقول: لا خلاص للأمة إلا بانقيادها لكتاب ربها واتباع سنة نبيها محمد ، فلقد كُتب لهذه الأمة حين تحيد عن الشرع أن تتقلب في الإهانات والمذلاّت، وأن تنتقل من هزيمة إلى هزيمة، كما كُتب لهذه الأمة حين تعتصم بحبل الله المتين أن ترتفع رايات نصرها وتعلو أبراج سؤددها. هذه حقيقة لا ينبغي أن تغيب عن الأذهان، ولا أن تُمنع عن سماعها الآذان، ولا أن تحجَب عن رؤيتها العينان.

فلنرفع الغطاء عن أنفسنا، ولنكشف الغشاوة عن أبصارنا، ولنفتح بالوعي أذهاننا، ولتكن حياتنا ملؤها التواصي بالحق والمصارحة، والتناصح في الله والمكاشفة، كفانا نكباتٍ تجرح مشاعرنا، كفانا كوارثَ تهزّ كياننا، كفانا نكسات تسوّد وجوهنا.

أما يئسنا من تلمّس النصر عند البشر من دون الله؟! ألم نتّعظ من استجداء النصر من مجلس الأمن؟!

قتل وتشريد وهتك محـارم      فينـا وكأس الحادثات دهاق

وحشية يقف الخيال أمامهـا    متضـائلا وتمـجهـا الأذواق

أين النظـام العالمي؟! أما لـه   أثـر؟! ألم تنعق به الأبـواق؟!

أين السـلام العالمي؟! لقد بدا   كذب السلام وزاغت الأحداق

يا مجلس الخوف الذي في ظله    كسر الأمـان وضيّع الميثـاق

أوما يحركك الذي يجري لنا؟!   أومـا يثيرك جرحنا الدفّاق؟!

قالت:

أنا أيها الأحبـاب مسلمة طوى أحلامها الأوبـاش والفساق

أخذوا صغيري وهو يرفع صوته: "أمـي" وفي نظراته إشفـاق

ولدي ويصفعني الدعي ويكتوي  قلبي ويُحْكِم بـابي الإغلاق

أضافت:     

أنا لا أريد طعامكم وشرابكم    فدمي هنا يا مسلمون يراق

عرضي يدنس أين شيمتكم؟!     أما فيكم أَبِيٌّ قلبه خفاق؟!

أجيبت:

أختاه أمتنـا التي تدعينهـا      صارت على درب الخضوع تساق

مدّي إلى الرحمن كف تضرع     فلسـوف يرفـع شأنـك الخَلاَّق

كفانا استعطافًا من مجلس الأمم الظالمة، ولنعمل بإسلام ربنا الذي يبني مجتمعات وأممًا عادلة. كفانا عن كتاب الله بعدًا، كفانا عن سنة رسوله حيادا؛ فإن الحق تبارك وتعالى أرادنا أن نكون مسلمين مؤمنين، وهو القائل: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71].

هذه موازين تـنزُّل الرحمات إن أردتموها أيها المسلمون، هذه مقاييس مَن يستحقّ الرحمة من الله إن رغبتم فيها. فيا مَن تطلبون الرحمة من الله والعنايةَ والرعاية، هل بذلتم أسبابها، أم تراكم زرعتم بذورًا تعطي عكس الرحمة من الغضب والنقمة؟! فما الرحمات الإلهية والعنايات الربانية وكذا السّخط الرباني والغضب الرباني إلا بسبب أعمالكم، فهو زرع قدمتموه تنتظرون حصاده، فماذا تتوقعون مما تفعلون؟!

قولوا بالله عليكم: ما نتيجة إقرار الناس على الجرائم والمنكرات؟! ما نتيجة سكوت الناس عن الفواحش والضلالات؟! ما نتائج تقديم العصاة في المسؤوليات وتأخير المؤمنين والمؤمنات؟! ما نتيجة ترك الصلوات وإهمال الزكوات؟! ما نتيجة تسهيل المسكرات وتعاطي المخدرات؟! ما نتيجة سماع الأغاني الماجنات والترويجِ للغانيات الفاسقات؟! ما نتيجة إطلاق العنان لإرواء الملذات والجري وراء الشهوات؟! ما نتيجة الركون إلى الذين فسقوا ومداهنة الذين كفروا وموالاة الذين ظلموا؟! وماذا تنتظرون بعد المجاهرة بكل أصناف المعاصي والمنكرات والفواحش والسيئات؟!

إن ما تمر به الأمة اليوم ما هو إلا حصاد زرعٍ سابق ونتيجة سلوك ماضٍ، والنتيجة يراها الناس بأم أعينهم؛ فالأمور قد اختلّت، والقيم قد تغيرت، والبركة قد نزِعت، والنقمة قد حلّت، مع أن القرآن قد حوى قصّة مماثلة وحكاية معبّرة عن أقوام فعلوا في الماضي ما وقع فيه المسلمون اليوم، ولكن للأسف جعلنا القرآن للموت والموتى، ولم نشعر به عملاً وسعادة ونجاة للحياة والأحياء.

اقرؤوا قول الله تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:78، 79].

واليوم يُلاحظ كل مسلم أن المنكرات في حياة المسلمين ظاهرة للعيان، فالزنا قد انتشر، ودور الخمر قد فشت، وقطيعة الرحم قد ذاعت، والغش والتدليس والكذب قد استفحل، والموبقات قد عمت، والفجور رائحتُه فاحت، والمعاصي راياتها ارتفعت، فهل يستحقّ النصر مَن هذا حاله؟!

انظروا حولكم: أما انتشر الفحش وعم الفساد؟! أما استبدلت الأغاني بالقرآن؟! أما ضُيّعت الصلوات؟! أما أحيِيت الليالي على الماجنات من المغنّين والمغنيات بدل إحياء الليالي بالقيام والركعات؟! أما أُكل الميراث ومُنع من أصحابه وضاعت أموال الناس بالباطل؟! فهل يتحقّق نصرٌ والحالة هذه؟!

أمراض وعلل، وأوبئة أوصلت إلى الشلل؛ تعصف بجسد الأمة فتضعفه، وتنخر في إيمانه فتذيبه وتمحقه، وتنال من شموخ الأمة لتلّها. وفي المنطق السليم والعقل الرصين والفكر الرشيد أن المريض يبحث عن الدواء، وأن المعلول يفتش عن الاستشفاء.

فوالله، لا دواء للأمة إلا بشرع ربها، ولا شفاء إلا بكتاب بارئها، ومَن عرف الدواء استعمله، ومَن انتفع به نصح به غيره باستعماله.

وهذا هو أوان الاستشفاء، وهذا زمان أخذ الدواء، وهذا وقت التناصح، وميعاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71].

أيها المسلمون، مَن يأمر بالمعروف إن لم تأمروا به أنتم؟! ومَن ينهى عن المنكر إن لم تنهوا عنه أنتم؟!

ألا واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الطريقة المحمدية؛ بالحكمة والرفق واللين، بالشفقة والرأفة والرحمة، ((اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون))، فما هو إلا دواء يعطيه الطبيب للمريض. فلا ندعو لضرب المخطئين وإيذائهم، ولا لشتم المذنبين وسبهم، ولا لكسر خواطر العاصين وجرح مشاعرهم، ولا للتشهير بالفاسقين وتكفيرهم، بل ندعو إلى إنقاذ الناس من الضلالة، وإدخالهم إلى ساحة الرحمة والهداية، ندعو إلى أخذ الناس بمراكب النجاة، وإيصالهم إلى بر السلامة والأمان، فالدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، ونبهني الله وإياكم من نومة الغافلين، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً