.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

أخطاء ومخالفات في الخطوبة

3859

الأسرة والمجتمع, فقه

النكاح, قضايا المجتمع

عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

الرياض

11/7/1425

جامع الإمام تركي بن عبد الله

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- اشتراط رضا الطرفين في عقد النكاح. 2- مشروعية النظر إلى المخطوبة. 3- ضوابط النظر إلى المخطوبة. 4- مفاسد التحدّث ومبادلة الرسائل مع المخطوبة. 5- تحذير الفتياتِ من تغرير الشبابِ الفاسد. 6- تحذير الزوجين من فتح سِجِلاّت الماضي.

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.

عبادَ الله، إنَّ من شرطِ صِحّةِ النكاح رضَا كلٍّ من الزّوجين بصاحبِه، ومِن أسبابِ هَذا الرّضا عِلمُ كلٍّ مِنَ الزوجَين بحقيقةِ صاحِبِه فيما يَظهَر من تصرُّفاتِه وحتّى في شَكلِه الظّاهريّ، ولذا جَاءَت سنّةُ محمّدٍ تبيحُ للخاطِبِ نظرَه إِلى مخطوبَتِه وتُبيح لها نَظرَها إلى خَاطبِها، فنظرُ الخطِيبِ إلى مخطوبتِه ونظرُها إليه أمرٌ أرشَدَ إليهِ النّبيّ ، وبيَّن علَّةَ ذلك وسببَه، وأنّ النّظرَ يؤدِّي إلى تكوينِ فِكرةٍ في قَلبِ ذلك الخاطب، فيكون سببًا لالتِئامِ الزوجَين بتوفيقٍ من الله. وهذَا النظرُ الشرعيّ أمرٌ مرغَّب فيه، فلا يجوزُ للأبِ أن يمنعَ الخاطبَ منَ النّظر إلى مَن خطب لأنَّ هذا ليسَ مِن شأنِه، فرسولُ الله رغّب وأمَر أمْرَ استحبابٍ بذلك. روى المغيرةُ بن شعبةَ أنّ النبيَّ قال له: ((إذا خَطَبتَ امرأةً فانظُر إليها فلعلَّه أن يُؤدَم بَينَكما))[1]، يعني أنّ نظرَك إليهَا سَبَبٌ لأن يجعلَ الله بينك وبينها مودّةً ومحبّة، وقال لرجلٍ من أصحابِه وقد خطَبَ امرَأةً: ((انظر إليها فإنّ في أعيُنِ الأنصَارِ شيئًا))[2]، وأخبَرَ أنّ الخاطِبَ إذا نظَر إلى بعضِ ما يدعوه إلى الزواج بمخطوبتِه ولو لم تعلَم المرأةُ بذلك فلا جناحَ عليه[3]. هذا إذا كانتِ النظرةُ آتِيةً لأجلِ الخطبة، لا نظرة تَشَهٍّ وتطلُّعٍ على عوراتِ الآخرين.

أيّها المسلم، وهَذِه النظرةُ الشّرعيّة إنما تَكون بحضُورِ وَليِّ المرأةِ، سواء كان الأب أو أيّ محرمٍ لها؛ لأنَّ حضورَها مَعَ خاطبها الذِي لم يتمَّ عقد النّكاح له عليها يعتَبَر خلوةً بأجنبيّة بعيدةٍ عنه، فلا بدَّ في هذه النظرةِ أن تَكونَ نظرةً بحضورِ محرَمِ المرأة حتى نَأمَنَ مِنَ الخلوةِ بالأجنبيّة.

أيّها المسلم، هذه السنّةُ النبويّة الدالةُ على الترغيبِ في نَظَر الخاطبِ لمخطوبَتِه سنّةُ خيرٍ وهُدى، والتِزام المسلمِ لها مع الضوابطِ الشرعيّة بعدمِ الخلوة وبحضورِ محرَمها هذه هي السنّة، ولذا دلّت سنّةُ رسول الله على تحريمِ خَلوةِ الرجل بالمرأةِ التي ليست مِن محارمِه إذا لم يحضُرهما محرَم، يقول : ((ما خَلا رجلٌ بامرأة إلاَّ كانَ ثالثَهما الشّيطان))[4]، وحذّر من الدّخولِ على النّساء فقال: ((إيّاكم والدّخولَ على النّساء))، فقال رجلٌ: أرأيتَ الحَموَ يا رسول الله؟! قال: ((الحَموُ الموتُ))[5]، وحذَّر المرأةَ أن تسافرَ بلا محرَم وناشدها إيمانَها بالله واليومِ الآخر أن لا تسافرَ إلاَّ بمحرَم يصحَبُها[6] حفظًا لكرامتها وصيانةً لأخلاقها.

أيّها المسلم، ولكن للأسفِ الشديد يغلَط البعضُ من المسلمين ممّن اغترّوا بتقليد الأعداءِ وانساقوا وراءَ تلكَ الشّعارات الزائفةِ والأفكار المنحرفةِ حيث أنّ الخطيب ربما التَقَى بمخطوبتِه لُقيا غيرَ شرعيّة سببُها الاتِّصال الهاتفيّ، الرسائل الجوال، وأمثال ذلك، فمجرَّدِ الخطبة يتَّخذ بعضُ ضعفاءِ الإيمان ذلك وسيلةً إلى الاتصالِ بالمرأة المخطوبةِ والتحدُّث معها عبرَ الجوال أو الهاتف وتبادُل الرّسائل، وذا منكَر يا أخي المسلم، فإنّ هذه الاتصالاتِ والرسائلَ ربما تقرِّب بعضَهم إلى بعض، فيجري اتِّصالٌ ولِقاء وخَلوَة، وربّما وقع المحذور والعياذ بالله.

أختي المسلمة، قد يخدَعُك بعضُ الشباب، فيذكُرُ أنّه يريد خطبَتَك وسيتقدَّم لخطبَتِك لوليِّك، فيكثِر الاتصالَ، ويكثِر التحدّث، ويكثِر بَعثَ الرسائل، وما قصدُه إلاَّ خِداع ومَكر وتضلِيل وتغرير، فإن تكن الفتاةُ فتاةً مؤمنة حقًّا ذات دينٍ واستقامة ومحافظةٍ على دينها وشرفِها لم تمكِّن هذا المتطفِّل منَ الاتصالِ بها وتقول: الأمورُ تُؤتَى من أبوابها، والسنّةُ أباحتِ النظرَ عندما تدعو الحاجةَ إليه، أمّا اتصالاتٌ وأحاديثُ يوميّة، يعلِّل بعضُ أولئك أنّه يريدُ أن يكشِفَ أخلاقَها، ويريدُ أن يسبُر العلاقَةَ النفسيّة، ويريد ويريد، ويتشاوَرَان في تأثيثِ المسكَن أو المشترياتِ للزواج، إلى غيرِ ذلك من هذه العِلَل الواهية، فهذا من تزينِ الشيطان وتحسينِه الباطلَ لبعضِ ضُعفاءِ الإيمان. فلا يخدعنَّك ـ أختي المسلمة ـ ممارِسٌ في الشّرِّ ومتردِّد في الفسادِ وساعٍ في الشرّ والبلاء، إن تقدَّم خاطبًا نظَر وتكفيه النظرةُ الأولى، وأما الأحاديثُ ومبادلَة الأحاديث فذا أمرٌ ينبغي إغلاقُ بابِه إلاَّ بعد العقدِ الشرعيّ الذي يستبيح به المرأةَ المسلمة.

أيّتها المرأةُ المسلمة، كم من شبابٍ خدَعوا بعضَ الفتيات وغرّروا ببعضِ الفتيات وتجرَّؤوا على بعض الفتيات، حتّى حمَلهم ذلك الباطلُ إلى التقاطِ صورٍ لتلك الفتاة وهي تحادِثُ هذا الرجل وتلتقي به، ثمّ يجعلها وسائلَ ضغطٍ على هذهِ الفَتاةِ ليقتَنِصَها ويدمِّر أخلاقَها وفضائلها.

فيا أختي المسلمة، احذَري من هذا الضَّربِ من الناس، وأغلِقِي بابَ الاتصال، واجعلي الأمرَ يأخُذ قنواتِه المعروفة ويأخُذ طُرُقَه الشرعيّة، أمّا اتصالاتٌ ولقاءات مشبوهَة فإنّ ذلك خداعٌ لك من أولئك القوم؛ لأنّ بعضَهم لا يهدِف من ذلك سوى الإفساد، هو فاسِد في نفسِه فيريد أن ينقُلَ الفسادَ والشرَّ إلى غيره، ويفرَح مع عُشَراء السّوء بإفسادِ فتَياتِ المسلمين وإيقاعهنّ في البلاء حتى يقضِيَ غَرضَه المحرّم بأسباب هذه الاتّصالاتِ المشبوهَة.

أختي المسلِمَة، أخي المسلِم، لا بدَّ من تقوَى الله للجميع، وأن نكونَ صادقين في إخبارِنا، فإن تكن صادِقًا فقدِّم الخطبةَ لأبي المرأة، واجعَل حَديثَك مع وليِّ أمرها، وابتعِد عن هذه اللقاءاتِ والأحاديث المشبوهَة، فبإمكانِك عقدُ الزّواج وتعجيل الدخولِ فتكون على طريقةٍ واضحةٍ ومنهَج سليم بعيدٍ عن الحرام قليلِه وكثيرِه.

أيّتها المسلمة، لا بدَّ من تقوى الله ومراقبتِه، لا بدّ من أخذِ الحيطة والحذر من بعضِ أولئك الفاسقين الفاسِدين، أن لا نمكِّنَ لهم الأمرَ، وأن نحولَ بينهم وبين إجرامِهم، وأن نردَعَهم ونوقِفهم عند حدِّهم، فوليُّ الفتاةِ المسلمة يجِب أن يشعِرَها بعد الخِطبة على أنّ هذا الخاطبَ لا يزال أجنبيًّا عنها إلى أن يتمَّ العقدُ الشرعيّ، وأنَّ اتصالَها به واتصالَه بها والتحدّثَ بينهما لا يؤدِّي إلى نتائجَ طيّبة.

أخي المسلم، أختي المسلمة، كم مِن محادَثةٍ أفسدت حتَّى الخِطبة وجَلَبت على المرأةِ وأوليائِها العار، وكم محادَثةٍ جَلبَت المصائبَ والبلايا؛ أقوامٌ هم فاسِدون في أنفسِهم، متمرِّسون في الفساد، مجرِّبون لطُرُق الغواية والإفسادِ والإضلال، فيأخُذ بالهاتِف هذه الفتاةَ بأسلوبٍ معسول، ثم يقلِب المِجنَّ عليها ويبتعِد عنها، وربما تعلَّق قلبُها به فأصابها ما أصابها. إذًا فلا تعطِي الانقيادَ إلى أولئك، ودعوا الأمورَ الشرعية تأخُذ مجراها، بعدَ العقدِ الشرعيِّ يبادَر بالدخول حتى تُغلَق أسباب الشرّ، ويحرِص المسلم على الامتناع عن الشرّ والفساد، ويكون زواجُه زواجًا شرعيًّا قائمًا على أسسٍ ثابتة بعيدًا عن هذه الغواياتِ والتضليل.

فلتتَّقي اللهَ الفتاةُ المسلمة في نفسها، وليتّقِ اللهَ الشابّ المسلم في نفسه، وليتّق الله أولياءُ الرجل وأولياء المرأة، ولتكن البيوتُ مبنيّةً على زواجٍ شرعيّ بعيدٍ عن هذه التّرّهات وعن هذهِ الخداعات والأباطيل. أسأل اللهَ أن يوفِّق الجميع لما يحبّه ويرضاه.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33].

بارَك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذَا، وأستغفر اللهَ العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.




[1] أخرجه أحمد (4/244)، والترمذي في النكاح (1087)، والنسائي في النكاح (3235)، وابن ماجه في النكاح (1688) نحوه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وصححه ابن الجارود (675)، وابن حبان (4043)، وهو مخرج في السلسلة الصحيحة (96).

[2] أخرجه مسلم في النكاح (1424) عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه.

[3] أخرجه ابن أبي شيبة (4/21)، وأحمد (3/334)، وأبو داود في النكاح (2082) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله : ((إذا خطب أحدكم المرأةَ فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل))، وصححه الحاكم (2696)، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (9/181)، والألباني في الإرواء (1791).

[4] أخرجه أحمد (1/18)، والترمذي في الفتن (2165)، والنسائي في الكبرى (9219) من حديث عمر رضي الله عنه نحوه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه"، وصححه ابن حبان (5586)، والحاكم (387)، والضياء في المختارة (98)، والذهبي في السير (7/102، 103)، وهو في صحيح سنن الترمذي (1758).

[5] أخرجه البخاري في النكاح (5232)، ومسلم في السلام (2172) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.

[6] روى البخاري في الجمعة (1088)، ومسلم في الحج (1339) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: ((لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرةَ يوم إلا مع ذي محرم)).

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه، وسلّم تَسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدّين.

أمّا بعد: فيَا أيّها الناس، اتقوا الله تَعالى حقَّ التّقوَى.

عبادَ الله، إنَّ هناك فئةً من الأزواجِ ـ هدانا الله وإياهم ـ طِباعُهم سيّئة وماضيهِم سيّئ، وقد تردَّدوا في الفسادِ وطرُقه؛ لهذا ترى بعضَهم عندما يخطب الفتاةَ ويدخل بها يحاوِل فتحَ ملفٍّ عن الماضي فيقول لها: أخبِرني عن ماضيك السابِق ماذا حصل؟ التقيتِ بمن؟ ماذا عملتِ؟ مَنِ الصاحب؟ مَنِ الصديقة؟ إلى آخره، ويبني على هذا الشكوكَ في المرأةِ وكراهيّتها وربما أضرَّ بها.

يا أخي المسلم، ما مضى من ماضٍ فلستَ مسؤولاً عنه، وفتحُ الماضي والتحدُّث عن الماضِي لستَ مسؤولاً عنه، أنتَ مسؤولٌ عن المرأةِ مِن أوّل يومٍ انتقلت إليك وخلوتَ بها، فالماضي بما مضى لستَ مسؤولاً عنه، ومحاولةُ إرغامُ المرأة على أن تتحدَّثَ وربما يحمِلها على الكذب ليتَّخِذ ذلك ذريعةً للإضرارِ بها أو إيذاءِ أهلها أو استرجاعِ المهرِ من أهلها، ويكون ذا بذاءةٍ في اللسان وفجورًا في القول، وأضرُّ الناسِ من يُكرمه الناس اتّقاءَ شرِّ لسانِه.

يا أخي المسلم، لستَ مسؤولاً عن الماضي، لنَكُن جادّين في إصلاح حاضِرنا ومستقبَلنا إن شاء الله، أما أمورٌ مضَت فإنّ التحدّثَ بها ومحاولة البحثِ لا جدوى له ولا مصلحةَ منه.

يا أخي، وُجِد عند بعضِ هؤلاء الأزواجِ من يقول لها بعدَ مضيِّ سنين معها: إن لم تخبريني بماضيك فأنت طالق إلى آخره، ويهدِّدها بالطلاق لماذا؟ لأنّ شلّتَه الفاسدة أوحَوا إليه بأكاذيبَ وأباطيل أرادوا بها التفريقَ بينه وبين امرأته، ربما يكون صدقٌ في شيء، لكن الكذب والباطل هو المسيطِرُ على هذه الآراءِ الخطيرة. كريمُ النّفسِ طيّبُ الخلُق يعامِل المرأةَ بالحسنى ويسوسُها السياسةَ الشرعيّة ويتّقي اللهَ فيها، وأمّا فتحُ بابِ الشكوكِ والوساوسِ والأوهامِ الماضِية وأنتَ لا تعلم ولا علاقةَ لك به، لكن شيطانٌ أراد أن يفرِّقَ بينك وبين امرأتك، فربما أتى بأمرٍ يصدُق في واحدةٍ ويكذب في مائة ليفرِّقَ بينك وبين امرأتك ويُحدثَ شرخًا بينكما ويهدِمَ البيتَ ويقضي على الحياةِ الزوجية السعيدة.

فليتَّق اللهَ شبابُنا، وليبتعِدوا عن هذه التّرّهات، وليستقيموا على الطّاعة، وكلُّ ظنونٍ وشكوك مبنيّةٌ على غير أساسٍ كلُّها ضلالٌ وخطأ، وكلّها مبنيّة على باطل، واعلَم أن قذفَ المرأة المسلمة بما هي بريئةٌ منه كبيرةٌ من كبائرِ الذنوب، وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:4، 5].

أخِي المسلم، شُلَل الفسادِ وعُشَراء الباطل احذرهم على نفسِك، واحذرهم على أهلِك وولدك، احذَرهم أن يدمِّروا منزلَك، احذرهم أن يفرِّقوا أسرتك؛ لأنهم قومٌ لا خلاقَ لهم، يحبّون الفسادَ والإفساد، ولا تهنأ نفوسُهم إلاَّ إذا فرَّقوا بين الرجل وبين امرأتِه، وربما يتَّخذونها وسائلَ ضغط على تلك المرأة ليوقِعوها في شَبَكات الفسادِ والعُهر والعياذ بالله.

فلنتّقِ الله في أنفسنا وفي عوراتِ المسلمين عمومًا، وأن لا نسعَى بالفساد والإفساد، فلعن الله من خبَّب امرأةً على زوجها، فمن أفسَدَ الحياةَ الزوجية بالأكاذيب والأباطيل فإنّه مستحقٌّ للعنة الله لأنه شيطان من الشياطين لا خيرَ فيه، إذِ المؤمن يسعَى في الخير جُهدَه ويسعى في التأليف، وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128]، أمّا أولئك الهادِمون للبيوتِ المفرِّقون بين الأزواج هؤلاء فِئةٌ ماردة وفئة فاسِدة.

أسأل الله أن يردَّ ضالَّ المسلمين للهداية، وأن يوفِّقَنا وإياكم لصالح القول والعمل، ويجنّبَنا وإياكم طريق الزّلل، إنه على كلّ شيء قدير.

واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسنَ الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي محمّد ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.

وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على نبيّكم محمّد كما أمركم بذلك ربّكم، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدِك ورسولِك محمّد، وارضَ اللهمّ عن خلفائه الراشدين...

 

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً