إنّ الله اصطفى محمدًا على سائر الأنبياء والمرسلين، وجعله رسولاً للعالمين أجمعين، فاختار له صحابة أخيارًا صالحين، آمنوا به واتبعوه وآزروه ونصروه، وفدوه بالنفس والنفيس، فكانوا خير صحبة لخير نبي.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه )، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (كان أصحاب رسول الله خير هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ونقل دينه).
إنهم صحابة رسول الله ، هذا الجيل العظيم الذي رباه النبي وأحسن تربيته، فأصبحوا صدارة هذه البشرية بعد الأنبياء والرسل، تحقق فيهم رضي الله عنهم ما لم يتحقق في غيرهم منذ بدء الخليقة، ولن يتحقق في غيرهم حتى قيام الساعة. لقد اجتمع فيهم من عوامل الخير ما لم يتجمع في جيل قبلهم، ولن يتجمع في جيل بعدهم، فتعالوا لنسمع ما وصفهم الله به في كتابه، وما شهد لهم رسول الله به في سنته، فأنصتوا يرحمكم الله.
قال عز وجل: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح:29].
هكذا يصف القرآن محمدًا وأصحابه، ذلك الجيل القرآني المثالي، فقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ أي: يوالي بعضهم بعضًا، ويناصر بعضهم بعضًا، ويحادون من سواهم من غير المسلمين، فكانوا كما قال تعالى في آية أخرى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [النساء:54]، ثم وصفهم الله بكثرة العمل، وكثرة الصلاة، وهي خير الأعمال، ووصفهم بالإخلاص فيها مع احتساب جزيل الثواب عند الله تعالى، فقال سبحانه: تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا، ثم قال: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ أي: ترى في وجوههم السمت الحسن والخشوع والتواضع، لكثرة صلاتهم وسجودهم، فما من شيء يحسن الله به الوجه مثل الصلاة والسجود، وكما قال بعض السلف: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار". ثم قال تعالى: ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ، فلما عظم فضل الصحابة وكبّر شأنهم نوّه الله بذكرهم في الكتب السماوية السابقة من توراة وإنجيل، ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ، مثلهم الله بالزرع، فقال سبحانه: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ أي: مثل الصحابة في قوة وجودهم، وامتدادهم، ونصرتهم، وتآزرهم، وتأييدهم، وجهادهم؛ كمثل الزرع الذي يتفرع وينتشر، ويزداد ويقوى، ويطول ويشتد ساقه، فيعجب أهله الذين غرسوه، ليغيظ بهم الكفار، وهل هناك أغيظ على الكفار وأشد حنقًا على قلوبهم ما رأوه من نصرة الصحابة لرسوله ، وجهادهم لأعداء الله، حتى هزموا المجوس والروم, وأذلوا أهل الشرك وطواغيت الكفر في الأرض جميعًا.
ومن الآيات ما جاء في قوله عز وجل: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100].
قال ابن كثير رحمه الله: "فقد أخبر الله العظيم أنه رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض بعضهم أو سب بعضهم".
وقال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [الفتح: 18، 19].
فهذه بيعة الرضوان، وكانت بالحديبية، وعدد المبايعين فيها من الصحابة ألف وخمسمائة، فأخبر الله تعالى أنه قد رضي عن هؤلاء الصحابة جميعًا. وفي صحيح مسلم قال رسول الله : ((لا يدخل النار ـ إن شاء الله ـ من أصحاب الشجرة أحد؛ الذين بايعوا تحتها)).
والصحابة ـ عباد الله ـ هم الجيل الذي وصفه النبي بالخيرية والأفضلية المطلقة على سائر الأجيال، روى البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)).
وهذه الخيرية تجعل من جيل الصحابة مثلاً عاليًا للمسلمين في كل زمان ومكان، فهم يتطلعون إليهم، ويعتزون بهم، ويسترشدون بسيرهم، تلك السير المتنوعة في الحرب والعبادة والمجاهدة والمعاملة، مما يكفل للمسلمين في مختلف العصور نماذج متنوعة صالحة للاقتداء.
فالصحابة كانوا في السلم هداة معلمين، مصلحين عاملين، وصفهم رسول الله بأنهم أمنة لأمته، ففي صحيح مسلم قال رسول الله : ((النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبتْ النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)).
وكان الصحابة في الحرب مؤمنين محتسبين مجاهدين ثابتين، وصفهم القرآن في قوله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:172، 173]. وقد أخبرنا الله كيف كان موقفهم في غزوة الأحزاب: وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً [الأحزاب:22، 23].
وما غزوة بدر عنا ببعيد، لما لقي النبي وأصحابه العدو على غير ميعاد، وعلى غير استعداد، قام فيهم رسول الله خطيبًا فقال: ((أشيروا عليّ أيها الناس))، فقام الصديق فقال وأحسن القول، ثم قام عمر فقال وأحسن القول، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى بَرْك الغِمَاد لجالدنا معك دونه حتى تبلغه. ثم قام سعد بن معاذ فقال: والله، لكأنك تريدنا يا رسول الله، قال: ((أجل))، قال: فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض ـ يا رسول الله ـ لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضتَ بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصُبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقرّ به عينك، فسِر بنا على بركة الله. فسر رسول الله ثم قال: ((سيروا وأبشروا، فإنّ الله تعالى وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم)).
وكان الصحابة في بذل المال والمتاع المثلَ الأعلى، فوالله الذي لا إله إلا هو لم تشهد الأرض في مسيرة بني آدم الطويلة أن توارثَ قوم فيما بينهم من غير قرابة ولا نسب ولا رابطة دم، وعن طواعية واختيار، إلا في أصحاب رسول الله ، ولم يظهر السخاء والكرم والإيثار في أمة من الأمم كما ظهر في صحابة رسول الله ، ولذلك استحقوا ثناء الله عز وجل عليهم: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُون [الحشر:9].
ولم يكن الصحابة متساوين في الفضل والدرجة، بل كانوا يتفاضلون في السابقة والجهاد وكثرة البذل في سبيل الإسلام، قال تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [الحديد:10].
وقد فصلت الأحاديث الشريفة مقامات الصحابة وتفاضلهم ودرجاتهم، وقد بشر رسول الله العديد من أصحابه بالجنة، مما يدل على سبقهم وفضلهم، فقال : ((أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة)) وعاشرهم سعيد بن زيد راوي الحديث، فهؤلاء هم العشرة المبشرون بالجنة.
وقد دل الرسول على فضل وخصائص بعض أصحابه العلمية والخُلقية والجهادية، مما لا يتسع ذكره في هذا المقام، وكتُب الحديث والسيرة والتراجم ملأى بذكر هذه الفضائل لمن أراد الرجوع إليها، والمستفاد أن مناقب وفضائل الصحابة كثيرة وظاهرة، حتى قال العلماء: ولو لم يَرد شيء من الآيات والأحاديث في فضل الصحابة رضي الله عنهم لأوجبت الحالة التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد ونصرة الإسلام وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين والصبر والورع واليقين القطع بتعديلهم، والاعتقاد بنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع من أتى بعدهم.
فكما تعلمون ـ عباد الله ـ أن الصحابة كان لهم من الشرف والكرامة والمنزلة عند الله جل وعلا ما ليس لغيرهم، فالسؤال الذي قد يطرحه البعض: ما الذي فعله الصحابة رضوان الله عليهم لتكون لهم هذه المنزلة عند الله تعالى؟ وكيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه من عزة وتمكين؟
والجواب: اعلموا ـ عباد الله ـ أن لسبقهم وفضلهم أسبابًا، فالصحابة كانوا على قوة إيمان ويقين، وكانوا على صدق وإخلاص، وكانوا يبتغون العزة عند الله، ولم يبتغوها عند الفرس ولا الروم، بل كانوا يعتزون بنبيهم و دينهم فأعزهم الله، وباعوا أنفسهم لله تعالى، وتابعوا رسوله على التمام والكمال، وكانوا يحملون أنفسهم على الاجتهاد والمجاهدة في الطاعات والقربات، و كانوا يتسابقون في الخيرات، عظمت الآخرة في قلوبهم فهانت الدنيا في أعينهم، فقد كان هم أحدهم كيف يرضي الله عز وجل، وكيف يمكن أن ينصر دينه.
وهذا ظاهر في سيرهم، فبعد وفاة النبي خرج الصحابة إلى الدعوة إلى الله في مختلف بقاع الأرض، راضين مختارين، غادروا الأوطان وهي عزيزة عليهم، وخرجوا إلى أراضيٍ لا عهد لهم بها، لا يعرفون شيئًا عنها، ذهبوا إلى أمم لا نسب لهم بها، ولا ألفة بينهم وبين أهلها، لقد بذلوا في سبيل ذلك قصارى جهدهم، سهروا وضحوا من أجل تبليغ كلمة الله تعالى ونشرها ليلاً ونهارًا، دون ملل ولا كلل، بل كانوا كما أخبر الله عنهم: فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا [آل عمران:146]، حتى أعز الله دينه، ونصر جنده، وأعلى كلمته، وانتشر الإسلام في بقاع الأرض، حتى قال الله فيهم: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
نزلت هذه الآية على النبي وأصحابه رضي الله عنهم، فهم المعنيون بهذا الخطاب، فأثبت الله عز وجل لهم الخيرية على سائر الأمم، ولا شيء يعدل شهادة الله تعالى لهم بذلك، ولا شك أن الخطاب والثناء بالخيرية عام في هذه الآية لكل أمة النبي عبر الأزمان، ولكن بشرط أن يتصفوا بنفس الصفات التي كانت في النبي وأصحابه رضي الله عنهم، لأن الخيرية تتمثل وتكون كما قال الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله، ولا شك أن الإيمان بالله أساس هذا الدين وأصله، ولكن الله في الآية الكريمة صدر وبدأ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأهميته، ولما يعود على المسلمين بالخير والصلاح، وبردع الشر والفساد، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل النصيحة بجميع أنواعها، ويشمل الدعوة إلى الله للقريب والبعيد وللمسلم والكافر، فأين نحن من هذا كله في هذا اليوم؟
قد يرى الواحد منا ابنه أو بناته أو عائلته على الخطأ والزلل والإثم والمعصية، ولا يكون لهم لسانًا ناصحًا، ولا يدًا رادعة. إنك قد ترى الضلال والجهل في غيرك فتقدم له ولو كلمة صغيرة طيبة يفتح الله بها قلبه، فيرى بها طريق الرشاد، فتفوز بخير الدنيا وما فيها: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]. هكذا كان صحابة رسول الله ، وبهذا استحقوا تلك المنزلة: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
|