.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

خطبة استسقاء 5/2/1424هـ

3180

الرقاق والأخلاق والآداب

آثار الذنوب والمعاصي, الكبائر والمعاصي

عبد الرحمن السديس إمام الحرم

مكة المكرمة

5/2/1424

المسجد الحرام

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- سنة الابتلاء. 2- سنة الله تعالى في التغيير. 3- نعمة الماء. 4- ما نزل بلاء إلا بذنب. 5- من أسباب حبس المطر. 6- حالة المسلمين اليوم. 7- الحث على التوبة والرجوع إلى الله تعالى. 8- دعاء.

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فيا عباد الله، اتّقوا الله تعالى وأطيعوه، وتوبوا إليه واستغفِروه، وأنيبوا إلى ربّكم ولا تعصوه، فتقوى الله ـ يا عباد الله ـ خيرُ لِباس، وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26]، وأهل التقوى ـ لعمرو الحقِّ ـ خيرُ النّاس، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ [الحجرات:13]. فمن رامَ الظفرَ بالسّول وبلوغ المأمول وحصولَ المطلوب والنجاة من المرهوب والسلامةَ من الخطوب فعليه بتقوى العليم بذات السّرائر والقلوب، بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَٱتَّقَى فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ [آل عمران:76].

أيّها المسلمون، من حكمةِ الباري جلّ وعلا أن لا يديمَ عبادَه على حالٍ واحدة، بل يبتليهم بالسرّاء والضرّاء ويمتحِنهم بالشدّة والرخاء، وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء:35]، وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْء مّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ ٱلاْمَوَالِ وَٱلاْنفُسِ وَٱلثَّمَرٰتِ [البقرة:155].

وإنَّ مولاكم جلّت حكمته يوالي نعمَه على عبادِه لتكون رِفداً على طاعتِه والتقرّب إليه، فإذا استعانوا بنعمِه وفيوض خيرِه ورزقه على معصيتِه وفرّطوا في جنبِه وأضاعوا أوامرَه واستخفّوا بها غيّر حالَهم جزاءً وفاقاً، ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الأنفال:53].

فإن غيّر العباد حالَهم من الطّاعة إلى المعصية ومن الحقّ إلى الباطل ومن الجدّ إلى اللهو والعبث أحال الله عليهم الغِنى بالفَقر والنّعم بالنّقم والعزّة بالذّلة والقوّة بالضّعف والمَهانة والخصبَ بالجَدب والمَطر بالقَحط والخَير بالشّدّة والمؤونة، وأقامهم في دروب الضّيق تائهين.

وممّا أنعم الله به على عباده الماءُ العذب الزّلال الذي به حياةُ كلّ من على وجهِ الأرض من حيوانٍ ونبات، وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ [الأنبياء:30]. فبه تُغاث الأنعام، وتروى الهضاب والآكام، وتحيى النباتات والسّوام، وبه يستعين كلُّ زارع وغارس، ويرتوي الظّمآن من بَني الإنسان والحيوان في كلّ زمان ومَكان، أَفَرَءيْتُمُ ٱلْمَاء ٱلَّذِى تَشْرَبُونَ  أَءنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ لَوْ نَشَاء جَعَلْنَـٰهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ [الواقعة:68-70].

معاشِر المُسلِمين، وما ابتُلي المُسلمون اليومَ بقلّة الغيثِ ونقصِ الأمطار وغَور المِياه واتّساع الجَدب والمجاعة والفَقر في بقاع كثيرةٍ إلا بسبَب ذنوبِهم وانتشار المعاصي بينَهم وفشوّ المنكرات في مجتمعاتهم، ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ [الروم:41]، أَوَ لَمَّا أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلّ شَىء قَدِيرٌ [آل عمران:165].

ولن يُرفع ما هم فيه إلا بتوبة صادقةٍ وعودة حميدة إلى دينِهم، مع لزوم الاستغفار والضّراعة إلى الله عز ّوجلّ: وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَـٰهُمْ بِٱلْبَأْسَاء وَٱلضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ [الأنعام:42].

إخوةَ الإسلام، لقد شكوتُم إلى ربّكم جدبَ دياركم، وأنبتُم إلى ربّكم شاكين قحطَ ربوعِكم، وتأخُّر المطَر عن إبّان نزوله على بلادِكم، فما أحرَى ذلك أن يثير فيكم تلمُّسَ الأدواء ومعرفة الدّواء؛ لتكون نبراساً لتشخيص الدّاء الذي ألمّ بكم.

وإنَّ من أسباب حبسِ الغيث ـ يا عباد الله ـ انغماسَ كثير من العباد في الشهوات والملذّات، وغفلتَهم عن طاعة ربهم، وقسوة قلوبهم جرّاء ما غشيها من أدران الذنوب والمعاصي، حتى أصبحت كما قال المصطفى في الحديث الصحيح عند مسلم وغيره: ((كالكوز مجخِّياً، لا تعرف معروفاً، ولا تنكر منكَراً))[1]. أضِف إلى ذلك ضعفَ تحقيق الإيمان والتقوى، والتقصيرَ في أداء الصلاة وإيتاء الزكاة، يقول محذّراً وزاجراً: ((لم ينقُص قوم المكيالَ والميزان إلا أُخِذوا بالسّنين وشدّة المؤونة وجَور السلطان عليهم، ولم يمنَعوا زكاةَ أموالهم إلا مُنعوا القطرَ من السماء، ولولا البهائمُ لم يمطروا)) خرّجه البيهقي وابن ماجه والحاكم بسند صحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما[2].

ومِن الأسباب ـ يا عباد الله ـ إعراضُ كثير من الناس عن التّوبة إلى ربّهم واستغفاره، وعدمُ التفطّن لهذا الأمر المهمّ واستشعارِه، وإنهما لمن أعظم أسباب نزولِ القطر وحلول البركات، يقول الحقّ تبارك وتعالى عن نوح عليه السلام: فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10-12]، وقال جلّ اسمه على لسان هود عليه السلام: وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ [هود:52].

إخوَة الإيمان، في الأثرِ عن الخليفة الرّاشد علي رضي الله عنه أنه قال: (ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة)[3]. وإنّ ذنوبَنا ـ يا عباد الله ـ قد كثُرت، وإن تقصيرَنا قد تعاظم واستفحَل، وإنّ شؤم الذنوب والمعاصي لعظيمٌ وخطير، فما حلّت في ديارٍ إلا أهلكتها، ولا في قلوب إلا أفسدَتها، ولا في مجتمعاتٍ إلا دمّرتها، يقول ابن القيم رحمه الله: "وهل في الدنيا والآخرة وهل في الأرض والماء والهواء شرٌّ وبلاء إلا سببُه الذنوب والمعاصي؟!".

رأيتُ الذنوبَ تميت القلوبَ               وقد يورث الذلَّ إدمانُها

وتركُ الذنوبِ حياة القلوبِ                وخيرٌ لنفسِك عصيانُها

أوَليس ظلمُ العباد وغشُّهم ومطلهم حقوقَهم وبخسهم في المكاييل والموازين والمقاييس، أوَليس التعاملُ بالرّبا والمعاملات المحرّمة والمكاسب الخبيثة منتشراً بين صفوفِ كثيرٍ من المُسلمين في أسواقِهم ومعاملاتِهم؟! أمَا هذه قلوبُ كثيرين قد انطوت على الحِقد والحَسد والشّحناء والتقاطع والتدابر والبغضاء؟! أمَا هذه الزّكاة المفروضة قد بخِل بها كثيرٌ من النّاس، وظنّوها جبايةً وعناءً، لا مواساة ونماءً، وألهاهم التكاثر والتنافسُ في دنيا الغرور عن إخراج حقِّ الله فيها؟! أمَّا مظاهرُ التّبرّج والسّفور في كثيرٍ من المجتمعات وما تبثُّه الشبكات والقنوات والفضائيات فحدِّث ولا كرامةَ بما يعجز اللّسان عن وصفِه، وحسبُك من شرٍّ سماعُه، ولا حولَ ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.

أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَـٰتاً وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ [الأعراف:97-99].

ألا ما أحلمَ الله على عبادِه، لكن لعلّنا نُرحَم ونُغاث بحال المنيبين المخلِصين، ودعواتِ الأخفياء الصّالحين، فلولا الأطفالُ الرُّضَّع والشّيوخ الركَّع والبهائم الرتَّع لما أُمطِرنا بوابل ولا طَلّ، فاللهمّ سلِّم سلِّم، ورُحماك ربَّنا رُحماك، وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].

أنِيبوا إلى ربِّكم يا عباد الله، واعلَموا أنّ استنزالَ الغيث واستنبات الزّرع مُحالٌ أن يكونَ بالدّعوات الساهيَة أو بالقلوب الغافِلة والعقول اللاهية في أوديَة الدنيا وشِعابها، وإنّما بالخشيةِ والمُراقبة وتزكيَة النفوس والمتابعة، وإنّ حاجةَ الأمّة إلى الاستغاثة العَمليّة التطبيقيّة لا تقلّ أهميّةً عن استغاثتِها القوليَّة والدُّعائية، مع الجِدّ في الأخذِ بأسباب الصّلاح والإصلاح، وتعزيز جانب الحِسبة والدعوة إلى الله تبارك وتعالى، وحراسة العقيدة والفضيلة، وسدّ الثغرات في قنواتِ التّعليم ووسائل الإعلام. يجِب أن تُحسن الأمّة من شأنها في مرآة الشريعة ما شانَها.

أمّة الإسلام، وإنّما يُخوّفكم الله بالجفافِ والقَحط والجَدب ومَنع القطرِ وشدّة المؤونة لئلا تستمرِئوا الذنوبَ وتصرّوا على الغفلة. ألا فإنّ مواهبَ ربّنا لجليلة، وإنَّ عطاياه لجزيلة، فبابُ رحمتِه ومنّه مفتوح، وبابُ خيره وجودِه ممنوح، وفضلُه سبحانه يغدو ويروح.

ولتعْلَموا ـ يا رعاكم الله ـ أنَّ ما ضاق أمرٌ إلا جعل الله معه فرَجاً، ولا عظُم خطبٌ إلا جعَل الله مِنه مخرجاً، وإنَّ في طياتِ المِحن لمِنحاً، قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ [الزمر:53].

فاشكروه جلّ وعلا على ما بِكم من النّعمة والأمنِ في الدّيار، وأقلعوا عن الذنوب والأوزار، والجؤوا إليه بغاية الذلِّ والافتقار، فبيدِه وحدَه إنزالُ الغيث وتقدير الأرزاق، حقِّقوا التوبةَ من ذنوبِكم بشروطِها المعروفة؛ بالنّدم على ما سلف من الذّنوب، والإقلاع عنها، والعزم على عدم العَود إليه. رُدّوا المظالم إلى أهلِها، جدِّدوا التوبةَ إلى الرحمن قبلَ قواتِ الأوان، جرّدوا القلوبَ من الحَسد والبغضاء، وصونوا ألسنتَكم عن الغيبَة والنّميمة وقولِ البهت والزور على البرآء، واتّقوا الله واحذَروا الولوغَ في الأعراض وترويجَ الأكاذيب والشائعات.

أدّوا زكاة أموالكم طيِّبة بها نفوسُكم، تراحَموا وتسامَحوا، صِلوا الأرحام وبرّوا الآباءَ والأمهات، وأحسنوا إلى الفقراء والمساكينِ والأرامل والأيتام والمحاويج، وليكُن ذلك دأبَكم مع هذه الفئَة من المجتَمع.

كونوا إخوةً متحابّين، على الخير متعاوِنين، تحلّوا بالأخلاق الكريمة، وتخلّوا عن الأوصاف الرّذيلة، وتأسّوا بنبيّكم عند استسقائه، فقد خرج متذلِّلاً متخشِّعاً تائباً ملِحًّا على الله بالدّعاء، فاهتدوا بهديِه، واقتدوا بسنّته ، وادعوا ربَّكم وأنتم موقنون بالإجابة، ملظّين بيا ذا الجلال والإكرام، ولا تقنَطوا من رحمة الله، ولا تيأسوا من رَوح الله، فإنّه يحبّ الملحّين في الدعاء، وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186]، ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ [الأعراف:55، 56].

مُروا بالمعروف وانهَوا عن المنكر، فإنّه قوامُ الدين، وبه نالت هذه الأمّة الخيريّةَ على العالمين، كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ [آل عمران:110].

ارفَعوا أكفَّ الضراعة إلى ربّكم، والهَجوا بالثناء عليه مؤمّلين نوالَه وكرمَه، ملحّين في الدعاء أن يكشفَ هذه الشدّة وهذا الكرب، وأن يغيثَ البلادَ والعباد، وأن ينصرَ دينَه ويُعليَ كلمتَه، إنّه جواد كريم.

لا إله إلا الله غياثُ المستغيثين، لا إله إلا الله راحم المستضعفين، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيّوم ونتوب إليه.

لا إله إلا أنت سبحانك إنّا كنّا من الظالمين، لا إله إلا أنت سبحانك إنّا كنّا من الظالمين، لا إله إلا أنت سبحانك إنّا كنّا من الظالمين.

إلهَنا، كلّ فرَحٍ بغيرك زائِل، وكلّ شُغل بسواك باطِل، والسّرور بِك هو السّرور، والسّرور بغيرك هو الغرور.

اللهمّ يا حيّ يا قيّوم برحمتِك نستغيث، فلا تكِلنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ ولا أقلَّ من ذلك، لئِن لم يرحمنا ربّنا ويغفرْ لنا لنكوننَّ من الخاسرين، ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمْنا لنكوننَّ من الخاسرين.

سمعنا وأطعنا، غفرانك ربّنا وإليك المصير، ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربّنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربّنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنّا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا، فانصُرنا على القوم الكافرين.

على الله توكّلنا، على الله توكّلنا، ربّنا لا تجعلنا فتنةً للقوم الظالمين، ونجِّنا برحمتك من القوم الكافرين.

اللهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهمَ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهمّ أغِثنا، اللهمّ أغثنا، اللهمّ أغثنا، اللهمّ اسقنا وأغثنا، اللهمّ أغث قلوبَنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار يا ربّ العالمين.

اللهمّ إنّا خلق من خلقك فلا تمنَع عنا بذنوبنا فضلَك، اللهمّ إنّا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك.

اللهمّ إنّا نستغفرك إنّك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، اللهمّ إنّا نستغفرك إنّك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.

اللهمّ أغثنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سَحًّا غَدَقاً طَبقاً واسِعاً مجلِّلاً نافِعاً غيرَ ضارّ عاجِلاً غير آجل، اللهمّ سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عَذاب ولا بلاءٍ ولا هدم ولا غرق.

اللهمّ اسق عبادَك وبهائمك وبلدَك الميّت، وانشر رحمتَك، اللهمّ أغثنا غيثاً مباركاً تُحيي به البلادَ، وترحم به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضِر والباد.

اللهمّ أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلته قوّةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين.

اللهمّ أنبِت لنا الزرع، وأدرّ لنا الضّرع، وأنزل علينا من بركات السّماء، وأخرِج لنا من بركاتِ الأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهمَّ ارفَع القحطَ والجفاف والجوعَ والجهد، واكشِف ما بالمسلمين من البلايا والرزايا، فإنَّ بهم يا رحيم يا كريم من اللأواء ما لا يكشِفه ولا يعرفُه إلا أنت.

سبحانك وبحمدِك، اللهمّ اكشِف الضرَّ عن المتضرّرين، والكربَ عن المكروبين، وأسبِغ النّعم على عبادِك أجمعين.

اللهمّ هؤلاء عبادك، رفعوا أكفَّ الضراعة والحاجة إليك، يسألونك الغيثَ، اللهمّ يا ذا الجلال والإكرام أعطِهم سؤلَهم، وحقِّق أملَهم، يا حيّ يا قيّوم.

عبادَ الله، لقد كان من سنّة نبيّكم بعدما يستغيث ربّه أن يقلبَ رداءَه[4]، فاقلبوا أرديَتَكم اقتداءً بهديِه ، وتفاؤلاً أن يقلِب الله حالَكم من الشدّة إلى الرّخاء، ومن القَحط إلى الغيث والنّماء، وليكون ذلك ميثاقاً وعهداً تأخذونَه على أنفسِكم بتغيير لباسِكم الباطِن إلى لباسِ الإيمان والتّقوى.

ربّنا تقبَّل منّا إنّك إنت السميع العليم، وتُب علينا إنّك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا برحمتك ومنِّك يا أرحم الراحمين.

اللهمّ لا تردَّنا خائبين، اللهمَّ لا تردّنا خائبين، اللهمّ لا تردّنا خائبين، ولا عن بابك وجنابك مطرودين، ونعوذ بك اللهمّ أن نكون من رحمتك ولطفك وعفوك محرومين.

سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد.



[1] أخرجه مسلم في الإيمان (144) عن حذيفة رضي الله عنه.

[2] أخرجه ابن ماجه في الفتن، باب: العقوبات (4019)، والطبراني في الكبير (12/446) والأوسط (5/62)، والبيهقي في الشعب (3/197)، وصححه الحاكم (4/540)، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في المجمع (5/318): "رجاله ثقات"، وصححه الألباني بمجموع طرقه في السلسلة الصحيحة (106).

[3] انظر: طريق الهجرتين (ص415). وروي من كلام العباس رضي الله عنه في دعائه لما طلب منه عمر بن الخطاب أن يستسقي لهم، عزاه الحافظ في الفتح (2/497) للزبير بن بكار في الأنساب وسكت عنه. وروي من كلام عمر بن عبد العزيز، انظر: مجموع الفتاوى (8/163).

[4] سنة قلب الرداء أخرجها البخاري في الجمعة (969)، ومسلم في الاستسقاء (1489) من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه.

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً