أما بعد: فيقول الله عز وجل في سورة الأنفال: وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِى ٱلدّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مّيثَاقٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الأنفال:72]، صدق الله العظيم.
أيها المسلمون، يا أحبة الله، تفيد هذه الآية الكريمة بأن المسلمين إذا طلبوا النصرة والنجدة من إخوانهم، فيتوجب عليهم أن يلبوا النداء وأن ينصروهم وأن يقفوا إلى جانبهم إلا إذا وجد عهد وميثاق مع الدول المعاهدة والمسالمة، كما نصت الآية الكريمة.
أما أمريكا المجرمة فهي دولة معادية محاربة، وكذلك بريطانيا الحاقدة، فلا يجوز شرعاً إجراء أي عهد وميثاق مع هاتين الدولتين المعتديتين على أرض العراق.
وعلى المسلمين جميعاً الوقوف ضد هذه الحرب.
وهاتان الدولتان تهددان الآن بغزو سوريا وإيران، وسبق لأمريكا أن غزت دول الخليج فليست أمريكا دولة معاهدة كما يزعمون، بل هي دولة معادية ومحاربة، ولا يجوز شرعاً أن نفسر هذه الآية الكريمة حسب الأهواء والأمزجة.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، وعليه لا يجوز شرعاً أن تقف الأنظمة في الدول العربية والإسلامية مكتوفة الأيدي، بل لا يحوز شرعاً أن نساعد أو نعاون أمريكا وبريطانيا على غزوهما واحتلالهما لأرض الرافدين، فالإثم أشد وأشد.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة: وَإِنْ أَحَدٌ مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ [التوبة:6]، ويفهم من هذه الآية الكريمة أنه إذا طلب أحد من المشركين الضعفاء النصرة والحماية، فينبغي حمايته والدفاع عنه حتى يسمع كلام الله، وحتى يصل إلى المكان الآمن له، فما بالكم ـ يا مسلمون ـ إذا كان المستجير والمستنجد مسلماً، فمن باب أولى أن نجير المسلم، وأن ننجده، ونقدم له الحماية وندافع عنه، ونقف إلى جانبه، ونحمي ظهره لا أن نطعنه من الخلف، حتى العرب في الجاهلية كانوا يجيرون وينجدون ويحمون من يستجير بهم، فكيف ببعض الأنظمة العربية تعين القوات الأمريكية والبريطانية في عدوانها على العراق، إنهم يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر، وما ينطبق على العراق فإنه ينطبق على أي قطر من أقطار العالم الإسلامي بما في ذلك فلسطين.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إننا نؤكد على حقيقة ناصعة لا جدال فيها، وهي أن المؤمن هو أخ للمؤمن، وأن المسلمين جميعاً بمختلف ألوانهم وأصولهم وقومياتهم يشكلون أمة إسلامية واحدة ذات رسالة خالدة، هي رسالة الإسلام العظيم، فأين المؤمن الصادق في هذه الأيام الذي يقف إلى جانب أخيه ويشد من أزره؟ ما الذي نراه على أرض الواقع في العراق؟ إنه يشد على أخيه ليقتله! ولا يشد معه! فأين الأخوة الإيمانية في ما بين المسلمين؟ اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إننا نذكر الحكام والملوك والأمراء والرؤساء في البلاد العربية والإسلامية أن يتقوا الله في أنفسهم وفي شعوبهم وفي بلادهم، ونذكرهم بواجباتهم تجاه فلسطين والقدس والأقصى وتجاه العراق الشقيق، العراق الجريح، أرض الرافدين، بلد المنصور والرشيد والمعتصم وصلاح الدين، ونقول لهؤلاء الحكام: لا يجوز شرعاً التخلي عن مسؤولياتكم، لا يجوز شرعاً معونة الكفار على المسلمين، يتوجب عليكم شرعاً الوقوف إلى جانب إخوانكم في أرض العراق، وإن الله عز وجل سائلكم يوم القيامة عن أعمالكم وعن مواقفكم، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
كما لا يجوز شرعاً التشفي بما يحصل بإخوانكم في العراق، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله، ويبتليك))[1]. أكرر: لا تظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، نذكر الحكام، ونذكركم بثلاثة أحاديث نبوية شريفة تنص على وجوب النصرة وعلى تحريم الخذلان والتقاعس، فيقول رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن الله عز وجل: ((وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوماً، فقدر أن ينصره فلم ينصره))[2] فالله عز وجل يحذر الظالمين بسبب ظلمهم، وأنه سينتقم منهم، وأنه سيحاسبهم عاجلاً أم آجلاً، كما سينتقم من الشخص الذي يتخلى عن نصرة المظلوم، وفي حديث نبوي آخر: ((ما من امرئ يخذل مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته))[3] وهذا ما هو مشاهد في علاقات المسلمين فيما بينهم من الخذلان والطعن من الخلف لبعضهم بعضاً.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، وفي حديث نبوي ثالث: ((من أذل عند قوم، فلم ينصره، وهو يقدر على أن ينصره أذله الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة))[4]. اللهم اخذل من خذل المسلمين وأذل يا رب الشرك والكافرين.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إن إخوانكم في العراق كما عهدناهم ثابتون مجاهدون رافضون للعدوان الأمريكي البريطاني، ومقاومون للمحتلين، وإنهم لن يستسلموا لغطرسة المعتدين، لقد هزني هتاف انطلق من آلاف الجماهير المتظاهرة في مصر وفي المغرب وفي عواصم ومدن الدول الغربية، هذا الهتاف يقول: بغداد اثبتي ولا تستسلمي، ونحن نثني على هذا الهتاف، ونقول: بغداد اثبتي ولا تستسلمي، وحماك الله يا بغداد يا بلد الرشيد.
اللهم انصر العراق وشعبه، اللهم ألحق الهزيمة بأمريكا، اللهم ألحق الهزيمة ببريطانيا، اللهم ألحق الهزيمة بمن والاهم ومن تعاون معهم سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ [القمر:45]، ستتحقق الآية إن شاء الله.
قولوا: اللهم حققها في أرض العراق، قولوا: آمين آمين آمين.
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله.
|