.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

فعليكم النصر

3182

الإيمان, العلم والدعوة والجهاد

المسلمون في العالم, الولاء والبراء

عكرمة بن سعيد صبري

القدس

2/2/1424

المسجد الأقصى

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- واجب النصرة والمؤازرة لإخواننا في العراق. 2- الوقوف مع الغزاة في حربهم ضد الأشقاء. 3- الشامتون بجراحات إخوانهم. 4- أدلة تحريم خذلان المسلمين في محنهم. 5- تحية لشعب العراق على ثباته.

الخطبة الأولى

أما بعد: فيقول الله عز وجل في سورة الأنفال: وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِى ٱلدّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مّيثَاقٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الأنفال:72]، صدق الله العظيم.

أيها المسلمون، يا أحبة الله، تفيد هذه الآية الكريمة بأن المسلمين إذا طلبوا النصرة والنجدة من إخوانهم، فيتوجب عليهم أن يلبوا النداء وأن ينصروهم وأن يقفوا إلى جانبهم إلا إذا وجد عهد وميثاق مع الدول المعاهدة والمسالمة، كما نصت الآية الكريمة.

أما أمريكا المجرمة فهي دولة معادية محاربة، وكذلك بريطانيا الحاقدة، فلا يجوز شرعاً إجراء أي عهد وميثاق مع هاتين الدولتين المعتديتين على أرض العراق.

وعلى المسلمين جميعاً الوقوف ضد هذه الحرب.

وهاتان الدولتان تهددان الآن بغزو سوريا وإيران، وسبق لأمريكا أن غزت دول الخليج فليست أمريكا دولة معاهدة كما يزعمون، بل هي دولة معادية ومحاربة، ولا يجوز شرعاً أن نفسر هذه الآية الكريمة حسب الأهواء والأمزجة.

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، وعليه لا يجوز شرعاً أن تقف الأنظمة في الدول العربية والإسلامية مكتوفة الأيدي، بل لا يحوز شرعاً أن نساعد أو نعاون أمريكا وبريطانيا على غزوهما واحتلالهما لأرض الرافدين، فالإثم أشد وأشد.

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة: وَإِنْ أَحَدٌ مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ [التوبة:6]، ويفهم من هذه الآية الكريمة أنه إذا طلب أحد من المشركين الضعفاء النصرة والحماية، فينبغي حمايته والدفاع عنه حتى يسمع كلام الله، وحتى يصل إلى المكان الآمن له، فما بالكم ـ يا مسلمون ـ إذا كان المستجير والمستنجد مسلماً، فمن باب أولى أن نجير المسلم، وأن ننجده، ونقدم له الحماية وندافع عنه، ونقف إلى جانبه، ونحمي ظهره لا أن نطعنه من الخلف، حتى العرب في الجاهلية كانوا يجيرون وينجدون ويحمون من يستجير بهم، فكيف ببعض الأنظمة العربية تعين القوات الأمريكية والبريطانية في عدوانها على العراق، إنهم يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر، وما ينطبق على العراق فإنه ينطبق على أي قطر من أقطار العالم الإسلامي بما في ذلك فلسطين.

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إننا نؤكد على حقيقة ناصعة لا جدال فيها، وهي أن المؤمن هو أخ للمؤمن، وأن المسلمين جميعاً بمختلف ألوانهم وأصولهم وقومياتهم يشكلون أمة إسلامية واحدة ذات رسالة خالدة، هي رسالة الإسلام العظيم، فأين المؤمن الصادق في هذه الأيام الذي يقف إلى جانب أخيه ويشد من أزره؟ ما الذي نراه على أرض الواقع في العراق؟ إنه يشد على أخيه ليقتله! ولا يشد معه! فأين الأخوة الإيمانية في ما بين المسلمين؟ اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إننا نذكر الحكام والملوك والأمراء والرؤساء في البلاد العربية والإسلامية أن يتقوا الله في أنفسهم وفي شعوبهم وفي بلادهم، ونذكرهم بواجباتهم تجاه فلسطين والقدس والأقصى وتجاه العراق الشقيق، العراق الجريح، أرض الرافدين، بلد المنصور والرشيد والمعتصم وصلاح الدين، ونقول لهؤلاء الحكام: لا يجوز شرعاً التخلي عن مسؤولياتكم، لا يجوز شرعاً معونة الكفار على المسلمين، يتوجب عليكم شرعاً الوقوف إلى جانب إخوانكم في أرض العراق، وإن الله عز وجل سائلكم يوم القيامة عن أعمالكم وعن مواقفكم، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

 كما لا يجوز شرعاً التشفي بما يحصل بإخوانكم في العراق، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله، ويبتليك))[1]. أكرر: لا تظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك.

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، نذكر الحكام، ونذكركم بثلاثة أحاديث نبوية شريفة تنص على وجوب النصرة وعلى تحريم الخذلان والتقاعس، فيقول رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن الله عز وجل: ((وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوماً، فقدر أن ينصره فلم ينصره))[2] فالله عز وجل يحذر الظالمين بسبب ظلمهم، وأنه سينتقم منهم، وأنه سيحاسبهم عاجلاً أم آجلاً، كما سينتقم من الشخص الذي يتخلى عن نصرة المظلوم، وفي حديث نبوي آخر: ((ما من امرئ يخذل مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته))[3] وهذا ما هو مشاهد في علاقات المسلمين فيما بينهم من الخذلان والطعن من الخلف لبعضهم بعضاً.

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، وفي حديث نبوي ثالث: ((من أذل عند قوم، فلم ينصره، وهو يقدر على أن ينصره أذله الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة))[4]. اللهم اخذل من خذل المسلمين وأذل يا رب الشرك والكافرين.

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إن إخوانكم في العراق كما عهدناهم ثابتون مجاهدون رافضون للعدوان الأمريكي البريطاني، ومقاومون للمحتلين، وإنهم لن يستسلموا لغطرسة المعتدين، لقد هزني هتاف انطلق من آلاف الجماهير المتظاهرة في مصر وفي المغرب وفي عواصم ومدن الدول الغربية، هذا الهتاف يقول: بغداد اثبتي ولا تستسلمي، ونحن نثني على هذا الهتاف، ونقول: بغداد اثبتي ولا تستسلمي، وحماك الله يا بغداد يا بلد الرشيد.

اللهم انصر العراق وشعبه، اللهم ألحق الهزيمة بأمريكا، اللهم ألحق الهزيمة ببريطانيا، اللهم ألحق الهزيمة بمن والاهم ومن تعاون معهم سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ [القمر:45]، ستتحقق الآية إن شاء الله.

قولوا: اللهم حققها في أرض العراق، قولوا: آمين آمين آمين.

ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله.




[1]  رواه الترمذي في سننه (2506)، من حديث واثلة بن الأسقع، وقد ضعفه الألباني في ضعيف الترمذي (450).

[2]  رواه الطبراني في الكبير(10652)، والأوسط (36)، من حديث ابن عباس، قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم. (مجمع الزوائد 7/267).

[3]  رواه أبو داود من حديث جابر وأبي طلحة (4884)، وأحمد في المسند (15933)، وقد ذكره الألباني في ضعيف أبي داود(1040).

[4]  رواه أحمد في المسند من حديث سهيل بن حنيف(15555) قال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد والطبراني،  وفيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات(مجمع الزوائد 7/267)، وقد ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (2402).

الخطبة الثانية

نحمد الله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.

أيها المسلمون، توجه لي صحفي أمريكي أمس بسؤال مفاده: ما حكم الدين الإسلامي بحق الجنود العراقيين الذين يتترسون في مسجد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في مدين النجف الأشرف، ويدعي هذا الصحفي أن هؤلاء الجنود العراقيين يطلقون الرصاص على الجيش الأمريكي من هذا المسجد - حسب زعمه - فكأن الأمريكان يظهرون حرصهم على بيوت الله ويتحرون معرفة رأي الإسلام في هذه المسألة الجزئية، ويتناسون ما قاموا به من قتل للأطفال والنساء والأبرياء وتدمير للمساجد والمستشفيات ودور العلم والكليات، كما يحصل في فلسطين، ولا ينظرون إلى أيديهم الملطخة بالدماء، فقلت لهذا الصحفي: إن الجنود الأمريكان والبريطانيين هم محتلون ومعتدون ويجب عليهم الخروج والانسحاب من أرض العراق، وإن أمريكا استعملت كافة الأسلحة، أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك القنابل العنقودية والصواريخ الفتاكة، وإن أسلحة الدمار الشامل ليست بأسلحة ذكية كما يزعمون إنما هي أسلحة إجرامية غبية، لأنها تصدر عن مجرمين أغبياء.

فلم تعجبه هذه الإجابة، فكرر السؤال مرة أخرى، فقلت له: حينما تنسحب القوات الغازية المحتلة للعراق حينئذ أجيبك عن سؤالك.

أيها المسلمون، لم يعد خافياً على أحد أن العدوان على العراق يهدف إلى سرقة العراق وسرقة ثرواته ونفطه، وليس تحرير الشعب العراقي كما يدعون ويزعمون.

أيها المسلمون، إننا نحيي من على منبر المسجد الأقصى المبارك صمود وثبات شعب العراق بمختلف فئاته كما عهدناه، وتحية إكبار وتقدير للذين أبلوا بلاء حسناً في صد الهجمات التتارية في جنوب العراق، ونقول لإخوتنا الأكراد: إنكم أحفاد صلاح الدين الأيوبي الذي حرر الديار من غزو الفرنجة الصليبيين، فلا تكونوا أيها الأكراد طعماً للأمريكان، وتذكروا أيها الأكراد أنكم مسلمون، وأنكم جزء من الأمة الإسلامية، ونقول لأهلنا في العراق وفلسطين: اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.

أيها المصلون، وقال ربكم ادعوني أستجب لكم، فأمنوا من بعدي لعل أن يكون فيكم أنفاس طاهرة وقلوب منكسرة، فيستجيب الله لها.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً