.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

الحج

2775

فقه

الحج والعمرة

عادل بن عدنان النجار

الكويت

8/11/1421

العثمان

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضل الحج ومكانته في الإسلام. 2- أذان إبراهيم بالحج وتلبية المؤمنين له. 3- من فضل يوم عرفة. 4- فرضية الحج والدعوة للمبادرة إليه.

الخطبة الأولى

أما بعد: الحج ركن من أركان الإسلام، وشعيرة من شعاره العظام دعا إليه رب العالمين، وأوجبه على عباده المستطيعين، قال تعالى: وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97].

ولقد بَيّن النبي فضله فقال: ((مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)) البخاري.

الرفث: الجماع ـ الفسق: المعاصي.

وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : ((تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ)).

وقد أمر الله نبيه الخليل بعد بناء بيته الجليل أن ينادي عبيده إلى الفضل الجزيل ليحط عنهم مولاهم كل وزر ثقيل فقال سبحانه وتعالى: وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرٰهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً وَطَهّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْقَائِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ [الحج:26، 27].

وقد جاء عن جمع من الصحابة والتابعين أن إبراهيم عليه السلام لما أمره الله تعالى أن يُؤذن في الناس بالحج نادي بأعلى صوته: يا أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فأجيبوا ربكم، فأجابوه بالتلبية: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ.

وقد أبلغ الله تعالى صوت إبراهيم عليه السلام عندما نادي بالحج كل مكان، فلما علم عباد الله المؤمنين بذلك الدعاء وذلك النداء تفتحت له أسماعهم وتفتحت له قلوبهم، فصاروا له مجيبين، ولداعيه ملبين، قطعوا الوِهاد، وساروا الفيافي، وجاوزوا النجاد، محبة ومرضاة لرب العباد، صاروا إلى الله ملبين، ولرحمته راجين، خرجوا، وما للدنيا خرجوا، خرجوا لرحمة الله طامعين، وفي جوده وإحسانه وعظيم كرمه آملين، خرجوا إلى الله يرجون رحمة الله بقلوب مليئة بالإجلال والشوق والحنين إلى عفو الله، خرجوا وكلهم أمل في الله تعالى أن يناديهم: حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور.

إلهنا مــا أعـدلك          مليك كـل من ملك

لبيك قــد لبيتُ لك        لبيك إن الحـمد لـك

والملك لا شريك لك          مـا خاب عبد سألـك

أنت لـه حيث سلك          لولاك يـا رب هلـك

لبيك إن الحمـد لك          والملك لا شـريك لك

والليل لما أن حـلك           والسابحـات في الفلك

وكـل من أهـل لك         سبحـا أو لبا فــلك

يـا مخطأ ما أغفلك           عجل وبــادر أجلك

اختم بخيرٍ عـام لك           لبيك إن الحــمد لك

والملك لا شريك لك          والحمـد والنعمات لك

اعلموا عباد الله أن بين أيديكم يوم عرفة، يوم سعُد الواقفون فيه وفازوا، الذين لبسوا ثياب الإحرام وخلعوا ملابس الترفيه، فهنالك تسكب العبرات وتقال العثرات وتغفر السيئات، إنه عرفات وما أدراك ما يوم عرفات؟ يوم تفطرت فيه القلوب لرب البريات، ما طلعت الشمس على يوم أفضلَ عند الله من يوم عرفة، عن عائشة رضي الله عنها عن النبي قال: ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ)).

والله إنه لموقف عظيم يجل عن الصفة وموقف جسيم، طوبى لمن وقفه حيث توضع الأثقال وترفع الأعمال، فمن خائف سطوة الملك الديان، ومن راج كرم الكريم المنان، أولئك يباهي بهم الله ملائكته الأبرار ويشملهم برحمته التي ملأت الأقطار فوا أسفاً لمن أبعدته الخطايا عن ذلك المقام وأبعدته عن موقف عرفات قبائح الآثام. يدخل أولئك مثقلين، يخرجون منها من الذنوب والخطايا مغسولين، ما أعظمها من نعمة وما أجلّها من منة، يسيرون بين تلك الشعاب يسيرون بين تلك الأودية كيوم ولدتهم أمهاتهم مغسولين مطهرين مرحومين، فيا لله كم من دعوة كتبت لصاحبها سعادة لا يشقى بعدها أبداً، ويا لله كم من دعوة تكتب لصاحبها رحمة لا يعذب بعدها أبداً.

يـا راحليـن إلى مِنى بقيـادي           هيجتم يـوم الرحـــيل فؤادي

سرتم وسـار دليلك يـا وحشتي                   الشـوق أقلقني وصوت الحـادي

ويطيب لي ما بين زمزم والصف           عند المقام سمعت صوت منـادي

من نال من عرفات نظرت ساعة                     نال السرور ونـال كـل مرادي

قال تعالى: َللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَـٰعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ [آل عمران:97].

إخواني، من أنكر فريضة الحج فقد كفر، ومن أقر بالحج وتهاون في فعله مع قدرته عليه فهو على خطر، فإن الله قال بعد إيجابه على الناس وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ [آل عمران:97].

ولهذا قال بعض أهل العلم أن تارك الحج وهو قادر مستطيع كافر لقوله تعالى.. وعن عمر بن الخطاب أنه قال: (لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جِدَ ولم يحج أن يضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين).

ولا شك أن من ترك الحج لا يخشى عقابه ولا يرجوا ثوابه أنه كافر لأنه حينها لا يقر بوجوبه ولا يرى فرضيته ولا شك أن من اعتقد ذلك أنه قد كفر، وكذلك كل من ترك الحج استهانة به وتقليلاً من شأنه فهو كافر لأنه لا يعظم حرمات الله جل وعلا ولا يعتقد إيجابه وإلزامه أيضاً، أما من ينوي حج الفريضة، ولكنه يؤخر ويسوف ويقول: أحج العام، وأحج بعد العام حتى جاءه الأجل، وهو لم يحج، فليس داخلا في هذا، وإن كان الحزم أن يعجل الإنسان بالحج لقول النبي : ((تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ)).

وكيف تطيب نفس المؤمن أن يترك الحج مع قدرته عليه بماله وبدنه، وهو يعلم أنه من فرائض الإسلام وأركانه، كيف يبخل على نفسه في أداء هذه الفريضة، وهو ينفق الكثير من أمواله فيما تهواه نفسه، وكيف يخاف على نفسه من التعب وهو يرهق نفسه في أمور دنياه وكيف يتثاقل فريضة الحج وهو لا يجب في العمر سوى مرة واحدة، وكيف يتراخي ويؤخر أداءه وهو لا يدرى لعله لا يستطيع الوصول إليه بعد عامه.

فيا من لم تحجوا فرضكم، عما قليل سوف يسارع المشمرون ويتركونكم، ويمضي المجدون ويخلفونكم، ويرتحل حجاج بيت الله العتيق وأنتم تبقون أسارى قيود التعويق، قعدت بكم الهمم الفاترة، وآثرتم المساكن الطيبة والمراتب الفاخرة، تريدون عرض الدنيا، والله يريد الآخرة.

فحيهـلا إن كـنت ذا همـة فقـد                حدا بك حادي الشوق فطوي المراحلا

وقـل لمنادي حـبهم ورضــاهم                 إذا مــا دعــا لبيك ألفا كوامــلا

ولا تنظر الأطلال من دونهم فـإن                  نظــرت إلى الأطلال عُدن حوائـلا

ولا تنتظر بالسيـر رفقة قاعــد                  ودعـه فـإن الشــوق يكفيك حاملا

وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة                  فعنــد اللقا ذا الكــد يصبح زائلا

مــا هي إلا ســاعة ثم تنقضي                 ويصبح ذو الأحزان فرحــان جاذلا

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً