.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

خطبة استسقاء 14/9/1422هـ

2531

الرقاق والأخلاق والآداب

آثار الذنوب والمعاصي

محمد بن عبد الله السبيل

مكة المكرمة

14/9/1422

المسجد الحرام

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- ابتهال. 2- ما نزل بلاء إلا بذنب. 3- هديه في الاستسقاء. 4- دعاء.

الخطبة الأولى

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى وتوبوا إليه، واستغفروه وأخلصوا له العبادة وحده، فقد خلقكم من أجلها، وهو المستحق لها وحده لا شريك له.

عباد الله، إنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة، وإن تأخُّر المطر عن بلادكم واحتباسه عن حروثكم وأشجاركم سببه الذنوب والمعاصي، وعدم التوبة النصوح والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى. إن الابتهال إلى الله في طلب الرزق وطلب السُقيا ونزول الغيث الذي به حياة الأشجار وتوفر الثمار وكثرة الأرزاق أمرٌ مطلوب، ولقد شرعه الله تعالى ورسوله للأمة، ولقد شُكِي القحط في زمنه كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله عنها وغيرها قالت: شكا الناس إلى رسول الله قحوطَ المطر، فأمر بمنبر، فوُضع في المصلى أي مصلى العيد، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، قالت عائشة رضي الله عنها: فخرج رسول الله حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر وحمد الله عز وجل، ثم قال: ((إنكم شكوتم جدْب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم)) ثم قال : ((الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته لنا قوة وبلاغاً إلى حين)) ثم رفع يديه ، فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سبحانه وتعالى سحابة، فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكِنّ ضحك حتى بدت نواجذه فقال: ((أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله))[1].

ألا فابتهلوا ـ عباد الله ـ إلى ربكم، واسألوه وألحوا في الدعاء، واعلموا أن الذنوب ومنع الزكاة وبخْص المكاييل والموازين والغفلة عن الله وعن ذكره من أسباب القحط ومنع الغيث ومحق البركات وشدة المؤونة والضيق في الأرزاق، مَّا أَصَـٰبَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَا أَصَـٰبَكَ مِن سَيّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ [النساء:79]، ويقول سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186]، ويقول عز وجل: أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاء ٱلأرْضِ أَءلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ [النمل:62]، ويقول سبحانه عن هود عليه السلام: وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ [هود:52]، وقال عن نبيه نوح عليه السلام: فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10-12].

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أسقنا غيثاً هنيئاً مريئاً طبقاً مجلِّلاً سحاً عاماً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل، اللهم تحيي به البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرقِ، اللهم أسق عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت، اللهم أنبت لنا الزرع، وأدرَّ لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك، واجعل ما أنزلته علينا قوة لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين، اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، على الله توكلنا، على الله توكلنا، ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين. رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَـٰنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ [البقرة:286].

عباد الله، إن نبيكم حينما استسقى قلب رداءه[2]، واستقبل القبلة، ودعا ربه، وأطال الدعاء، فاقتدوا به، وألحوا في الدعاء، فإن الله يحب الملحين في الدعاء، اسألوه أن يغيث قلوبكم بالرجوع إليه، وبلدكم بإنزال الغيث عليه.

وصلوا وسلموا على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 



[1] أخرجه أبو داود في الصلاة (3/111)، والبيهقي (3/349)، وقال أبو داود: "هذا حديث غريب، إسناده جيد، أهل المدينة يقرؤون ملك يوم الدين، وإن الحديث حجة لهم"، وصححه ابن حبان (991)، والحاكم (1/476)، وأبو علي بن السكن كما في التلخيص الحبير (2/99)، وحسنه الألباني في صحيح السنن (1040).

[2] سنة قلب الرداء أخرجها البخاري في الجمعة (1011)، ومسلم في الاستسقاء من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه.

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً