.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

اصبروا وإن خذلتم

2460

العلم والدعوة والجهاد

القتال والجهاد

محمد أحمد حسين

القدس

29/1/1423

المسجد الأقصى

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- دعوة للصبر والمرابطة في ظل الاحتلال الإسرائيلي والصمت العربي المطبق. 2- حرص المؤمن على العزة والشهادة. 3- تخاذل حكام المسلمين عن نصرة شعب فلسطين. 4- أهل فلسطين وشرف الشهادة والرباط. 5- وقفة الشعوب المسلمة مع الشعب الفلسطيني.

الخطبة الأولى

أما بعد:

فيقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الاْعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلاْيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ [آل عمران:139، 140].

أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، في ظل الضعف الإسلامي والعجز العربي والصمت الدولي يستمر العدوان الإسرائيلي في أسوء صورة في حربه البشعة ضد شعبنا المرابط.

هذه الحرب التي استهدفت وتستهدف الأرض والبشر والحجر والشجر وكل مقومات الحياة لإنساننا الفلسطيني منتهكاً بذلك أبسط الحقوق الإنسانية التي ضمنتها كل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية في حماية المدنيين في ظل الاحتلال والحروب.

إن الإنسان الفلسطيني الذي يتوق للحرية ويرفض القهر والظلم والاحتلال يسعى ليموت شهيداً محفوظة كرامته، رافعاً هامته، تشده عزة الإيمان، ليطاول الجبال ويدفعه عبق الشهادة، نحو الجنان، في حياة هادئة بعيدة عن الجريمة والهوان مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مّنَ ٱلنَّبِيّينَ وَٱلصّدّيقِينَ وَٱلشُّهَدَاء وَٱلصَّـٰلِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً [النساء:69].

وإذا كان غير المؤمنين من الناس يحرصون على أية حياة في الدنيا، فإن المؤمن لا يرضى دون الحياة الكريمة في الدنيا والفوز العظيم في الآخرة، وهو في ذلك يجمع بين الحسنيين وصدق الله العظيم: قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبّصُونَ [التوبة:52].

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني لكافة أنواع البلاء من قتل وجرح وترويع وحصار خانق، وما تشهده المدن والقرى والمخيمات من اجتياح وتدمير للمساكن والممتلكات والمؤسسات، تقف الأنظمة الحاكمة في دنيا العروبة والإسلام موقف التخاذل مما يجري في أرض الإسراء والمعراج، أرض الرسالات، أرض المسلمين والتي ينتسب إليها المسلمون من خلال الإسلام وعقيدته السمحاء والذي يستمدون أخلاقهم وعفتهم من إيمانهم بها وانتسابهم إليها.

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، خارج الأزمات يبدو حكام الشعوب الإسلامية أنهم ما زالوا حريصين على مصالحها وحقوقها ومقدراتها، يجيشون الجيوش ويصاحبونها في أيام الاستقلال المزعوم والمناسبات، يطلقون على بنادقها أسماء الصحابة الكرام والبررة العظام: عمر وسعد وخالد وصلاح الدين.

 ويخال للمواطنين أن حكام الأمة يتحينون الفرصة لرفع الظلم والبطش عن شعوبنا لتسترد حقوقها المسلوبة وكرامتها المنصوبة، وسرعان ما تتكشف الحقيقة حين التراجع عن ميادين التضحية، فيتراكع المنهزمون لتجتر الشعوب الثائرة مرارة الهزيمة بقمع إرادتها وعدم تمكينها من أهدافها ولقد أصاب واصفهم:

أسـد علي وفي الحروب نعامـة   فتخاء تجفل من صـفير الصافـر

ألقاب مملكة في غير موضعهـا      كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

فساح الوغى يفقدهم والمروءة تندبهم

مررت على المروءة وهي تبكي    فقلــت: عـلام تنتحـب الفتـاة

فقالت: كيف لا أبكـي وأهلـي     كلهـم مـن دون خلق الله مـاتوا

جاء في الحديث الشريف عن كعب بن عجرة رضي الله عنه فقال: كنا جلوساً بباب النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج علينا، وقال: اسمعوا. قالوا: سمعنا، قال: ((سيكون من بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا يرد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه، وسيرد علي الحوض)).

فيا فوز المستغفرين استغفروا الله وأنتم موقنون في الإجابة.


 

الخطبة الثانية

الحمد لله الهادي إلى الصراط المستقيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.

وبعد أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، أيها المرابطون في هذه الديار، لقد اختاركم الله حلقة ممتدة في سلسلة الرباط الممتد في هذه الديار إلى يوم الدين، فكنتم أهلاً لذلك، تذودون عن شرف أمتكم وكرامتها، وتحرسون مقدساتها، وكنتم طليعة متقدمة للأمة، وقد اتخذ الله منكم شهداء، ففازوا بأوسمة الشهادة فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

نلتم شرف الرباط في سبيل الله الذي يقول عنه نبيكم رسول الله: ((رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها)). فكم من شهيد يتمنى الرجوع إلى الدنيا ليذوق ثانية حلاوة الشهادة.

وصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشرة مرات لما يرى من الكرامة)) وأي شعب صابر على البلاء يتسامى فوق الجراح والمصائب عملاً بقول الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْء مّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ ٱلاْمَوَالِ وَٱلاْنفُسِ وَٱلثَّمَرٰتِ وَبَشّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ ٱلَّذِينَ إِذَا أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رٰجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157].

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إن أمتكم تملك من أسباب القوة وعوامل النصر ما لا يتوفر في أمم أخرى، فعقيدتكم السمحاء مصدر قوتكم وتاريخكم الحافل بالمجد والعزة كلها طاقات هائلة يمكن توظيفها لخدمة قضايا الأمة لنصرة شعوبها، هذه الشعوب التي انطلقت من العواصم العربية والإسلامي تطالب حكامها باتخاذ موقف موحد من العدوان الإسرائيلي على شعب فلسطين واستغلال كل الثروات في معركة صمود هذا الشعب في وجه هذا العدوان الغاشم.

ومن على هذا المنبر الشريف نحيي وقفة الشعوب العربية والإسلامية التي انطلقت في مسيرات الدعم والتأييد لصمود أبناء شعبنا مطالبة حكام الأمة باتخاذ المواقف الحاسمة في علاقاتها مع حكومة العدو وحكومة الولايات المتحدة الداعمة والراعية لهذا العدوان على أبناء شعبنا، من خلال مواقفها وموفديها إلى المنطقة تحت ستار السلام أو شعار محاربة الإرهاب، في الوقت الذي ترعى فيه الولايات المتحدة إرهاب الدولة بكل أشكاله ضد أبناء شعبنا الذين يقتلون بالسلاح الأمريكي.

ولا بد في هذا المقام من الإشادة بالقرار العراقي الشجاع باستخدام سلاح النفط في معركة دعم الصمود الفلسطيني في أرض الإسراء والمعراج، أرض المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، كما لابد من الإشادة بالدعوات الصادرة في كثير من أقطار العالم الإسلامي بمقاطعة السلع والبضائع الأمريكية وإعادة النظر بالمصالح المتبادلة بين أمريكا وبلدان العالم الإسلامي.

أيها المسلمون أيها المرابطون في بلاد الإسراء والمعراج، أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَاء وَٱلضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214]، وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ [الحج:40].

اعلموا أيها المسلمون المرابطون أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً، ولن يغلب عسر يسرين.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً