.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

حاجة المجتمع إلى الزواج

2419

الأسرة والمجتمع, فقه

النكاح, قضايا المجتمع

ماجد بن عبد الرحمن الفريان

الرياض

سليمان بن مقيرن

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1 ـ كثرة الفساد وانتشاره في الأرض. 2 ـ عزوف الشباب والفتيات عن الزواج وأسبابه وآثاره السلبية. 3 ـ فوائد النكاح. 4 ـ عوائق المجتمع في وجه النكاح.

الخطبة الأولى

أما بعد : فيا عباد الله اتقوا الله حق التقوى

معاشر المسلمين : لقد كتب المصلحون ونادوا، بأعلى صوت وأوضح بيان، داعين إلى تقويم الأخلاق، ومحو الفساد، وقهر الشهوات؛ حتى كلت منهم الأقلام، وملت الألسنة، ومع ذلك لم يصنعوا شيئاً، ولم يستأصلوا منكراً ،بل إن المنكرات لتزداد، وإن الفساد لينتشر، والسفور والحسور والتكشف تقوى شرته، وتتسع دائرته، ويمتد من بلد إلى بلد ، حتى لم يبق بلد إسلامي في نجوة منه ، حتى هذه البلاد التي كانت تبالغ في حفظ الأعراض، وستر العورات؛ انتشر فيها كثير من اللمم، وخرج البعض من النساء حاسرات سافرات كاشفات السواعد والنحور.

ما نجحنا أيها الإخوة ، وما أظن أننا سننجح إذا لم نهتد إلى بوابة الإصلاح وطريقه، وباب الإصلاح أمامَنا، ومفتاحه بأيدينا، فإذا آمنا بوجوده ، وعملنا على دخوله، صلحت حالنا، وتحسنت مسيرتنا.

إن بوابة الإصلاح هي في علاج مشكلة من أعقد المشاكل وأعمقها أثراً في حياة الأمة.

ولعلي أبادر فأقول: إن نتائج هذه المشكلة هي هذا الفساد الأخلاقي الذي يشتكي منه كل بلد من البلدان، وهذا التفسخ الخلقي الذي يعج منه هذا الزمان.

إن المشكلة تتلخص في جملة واحدة مفادها، أن فينا فئاماً من البنات يملأن البيوت وينتظرن الزواج، وفئاماً من الشباب يجوبون الطرقات ويطلبون الزواج .

ولكنَّ.. بين الفريقين سداً منيعاً يمنعهما من الاتصال ،وهذا السد المنيع هو: عادات المجتمع وتقاليده، وشريحة من المجتمع لم تدرك إلى الآن، أن في المجتمع وباء فتاكاً، يدمر الأخلاق، ويبدد الأعراض، وأنه لا دواء له، ولا منجى منه، إلا بعلاج المشكلة وهو الزواج  .

ولست أدري من سيتولى علاج المشكلة غيرَنا ؟؟؟ ، هل ستحلها مراكز الدراسات الغربية ؟؟؟ أو منظمات حقوق الإنسان ؟؟؟؟ أو هواة الثرثرة والتشدق من المتاجرين بالكلمة والمسترزقين بالأقلام ؟؟؟.... فمن غيرنا يعنى بأمرنا؟؟؟ ومن للشباب غير آبائهم وإخوانهم ؟؟؟؟؟.

لا بد أن نسعى جميعاً في علاج المشكلة، ونعلم علم اليقين أن كل من يمنع الزواج، أو يضع في طريقه العراقيل، أو لا يسهله وهو قادر على تسهيله أنه يكون عاملاً على زيادة هذا الوباء ونشره .

وإن خطر عرقلة الزواج على الجنسين جميعاً ولكنه على البنات أشد ، ذلك أن الشاب يجني جنايته ويمضي، والبنت هي التي تحمل العواقب .

ولأن المجتمع يغتفر للشاب ويقول : ولد أثم وتاب، ولكنه لا يغفر للمرأة أبداً ، ولا يقبل لها توبة ،وإن والد البنت لو عقل لسعى هو في زواجها.

إخوة الإسلام، ولقد شرع الزواج لمصالح عظيمة زيادة على كونه عصمة للمجتمع من الانحلال والتفسخ والمجون.

فالزواج : يصون النظر عن التطلع إلى ما لا يحل ويحصن الفرج ويحفظه كما قال : ((يا معشر الشباب من استطاع منك الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)) متفق عليه .

كما أن الزواج يبعث الطمأنينة في النفس ويحصل به الاستقرار والأنس.

وبالزواج تحصل الذرية الصالحة التي ينفع الله بها الزوجين وينفع بها مجتمع المسلمين قال : ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) رواه أبو داود والنسائي والحاكم.

ولما كان الزواج بهذه الأهمية في الكتاب والسنة وفيه هذه الفوائد العظيمة وجب على المسلمين أن يهتموا بشأنه ويسهلوا طريقته ويتعاونوا على تحقيقه ويمنعوا من أراد تعويقه من العابثين والسفهاء والمخذلين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون .

وأنتم يا شباب الإسلام من استطاع منكم الزواج فليعجل به، فإنكم لا تطيعون الله بعد إتيان الفرائض وترك المحرمات بأفضل من الزواج تصونون به أخلاقكم وتحفظون به دينكم .

معاشر المسلمين، ولقد تحمل الشاب الراغب في النكاح آصاراً وأثقالاً بسبب إعراض المسلمين عن سنة سيد المرسلين، قيود فوق قيود، وآصار فوق آصار .

في مجتمعنا في هذه البلاد يحاط بستان الزواج بحيطان شاهقة ثم بأسلاك شائكة ووضعه الناس فوق جبل وعر بعدما صيره غثاً ، وألقوا العثرات في طريق ارتقائه والتمتع بأفيائه ، حتى ليظن الظان أن سبيل الحرام أسهل من سبيل الحلال لما يرى من هذه العراقيل التي ما أنزل الله بها من سلطان .

فهذه التكاليف الباهظة من ارتفاع المهور والمباهاة في إقامة الحفلات واستئجار القصور مما لا مبرر له إلا إرضاء السفهاء ومجاراة المبذرين والسخفاء : إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوٰنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِرَبّهِ كَفُورًا [الإسراء: 27].

ولقد استنكر النبي المغالاة في المهور كما روى أبو هريرة أن النبي قال لرجل: ((على كم تزوجت ؟)) قال : على أربع إواق ، فقال : ((على أربع إواق؟! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل)).

قال عمر بن الخطاب : (لا تغلوا في ُصُدق النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي ما أصدق عليه الصلاة والسلام امرأة من نسائه، ولا أُصْدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتا عشرة أوقية) أي مائة وعشرين ريالا . رواه الخمسة وصححه الترمذي .

أيها المسلمون، وفي الشباب اليوم رغبة في الزواج ولكن من يستطيع أن يتكلم  قبل أن يتخرج ويتعين؟!

لقد وضع الله الغريزة في نفس الشاب والشابة ، وقدر لظهورها سن الخامسة عشرة أو نحوها، فإذا بلغها الولد أو البنت تنبه في نفسه ما كان غافلاً وتيقظ ما كان نائماً .

ونظام التعليم يوجب على الشاب أن يبقى في الدراسة إلى سن الثالثةَ والعشرينَ وما بعدها ........ وهو مضطر بحكم هذا النظام أن يبقى بلا كسب ولا مورد، ويبقى عالة على والده حتى يبلغ هذه السن ، ثم بطبيعة الحال يبقى بعد ذلك بضع سنين لكي يجمع تكاليف الزواج الباهظة  ؛ فيتأخر زواجه جداً .

ويا ليت شعري،  ما هي حال الشباب فيما بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين؟

الشباب منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ...... فمنهم من يعمل بالوصية النبوية من الصوم وغض البصر  مع التقوى والعفة والصلاح .

ومنهم من لا يفعل شيئاً من ذلك ..... بل زيادة على العزوبة يقرؤون الروايات ويشاهدون الفضائيات وليس لهم همٌ إلا أن يتطيبوا ويتعطروا ويتبختروا في عشيات الصيف ، في الأسواق ونواصي الطرقات، يراقبون المارين والمارات .

منعهم المجتمع بعوائده المقيتة من الزواج ، ثم لم يترك وسيلة لزيادة نار الشهوة فيهم إلا عمد إليها ....... يغريهم بالرذيلة بالصور العارية والعورات البادية والفضائيات والمقاهي المنتشرة.

ونحن نوجب عليهم أن يتحملوا ذلك العبء عشر سنواتٍ أو تزيد ونقول لهم بعد ذلك : انصرفوا إلى دروسكم وإلى مطالعاتكم ، وإياكم أن تفكروا في الفاحشة أو تقربوا منها.

والحق أن هذا أمر مقارب للمستحيل، فلا شك أن كثيراً منهم سيقع في غائلة الرذائل ، وسنكون جميعاً بتواطئنا المقيت على هذه العوائد سببًا في فساد المجتمع وإفساده .......

وليست الملامة على الشباب وإنما اللوم علينا جميعاً إذا لم نتدارك الوضع ونبدأ في العلاج .

ألا إن العلاج يكمن في الاقتناع بتبكير الزواج في وقت الحاجة إليه ،،،،،،، ثم التعاون على تسهيل تكاليفه التي جَعلتْ كثيراً من المقدمين عليه لا يستطيعه إلا بمساعدة أهل الخير ومال الزكاة ،،،،،، أو الدَّيْن وإثقال الكاهل ، وانتشرت مشاريع مساعدة الشباب الراغب في الزواج، ومع ذلك لم يتفهم المجتمع قضيته ،ولم يعرف مصلحته .

حق على أصحاب القدوة من الوجهاء والعلماء، والرموز والأغنياء، أن ينشروا في الناس خلق القناعة بما يسر الله ورزق، ويرسموا ذلك بفعالهم قبل أقوالهم فإن تأثيرهم عظيم، والناس لهم تبع ، بدل أن يكونوا مصدر فتنة وكسر لقلوب الفقراء  الذين يتطاولون بدورهم حفظاً لماء وجوههم من هذا المجتمع الذي لا يرحم ، والدين مقض لمضاجعهم هماً، وفي نهارهم مورثهم ذلاً .

أيها المسلمون، وبعضل بعض الآباء حرم الكثير من الفتيات من الزواج ؛ فإذا تقدم لها خاطب كفءٌٌٌ منعت منه ، وتمحل الأب شتى الحيل لرده ......

فهذا ضيق ذات اليد، وذاك جاهل، والآخر من أسرة مجهولة ،وهذا مقطوع ليس له أحد، وهذا كثير الأهل له أم وأخت وامرأة أخ ، فهو يخشى أن يظلمن ابنته، وإذا جاء خاطب لم يجد له علة أغلى عليه المهر وأرهقه بالتكاليف حتى يهرب ويفر.

والرسول يقول : ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)) رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

ولربما كان العضل بسبب دريهمات يتقاضاها الأب من مرتب ابنته غير مبال بمستقبل هذه الفتاة وما تتعرض له من الفتنة وما يفوت عليها من المصالح العظيمة.

يا أيها الأب :ليس من مؤهلات القبول للشاب الخاطب أن يكون (ابن حمولة)، أو أبوه رفيقًا لك، أو أمه إحدى محارمك  فابنتك لن تتزوج الحمولة، أو الأب أو الأم، إنما ستعاشر الشاب، وإن غنى النفس مقدم على غنى المال ، والعبرة كل العبرة في كريم الخصال، لا في زين الأجسام وكثرة الأموال .

ألا فاتقوا الله أيها المسلمون، واعلموا أنه لا يَصْلُح ما نشكو من الفساد إلا بتسهيل الزواج والتبكير به .

وإن من يسعى في زواج ويعمل على إتمامه يكون ساعياً في خير وبر وعاملاً لمكرمة وفضيلة ، وقائماً بطاعة الله وخدمة مجتمعه.

فيا من عندهم بنات، لا تردوا الخاطب الصالح إذا جاءكم ولا ترهقوه بالمطالب.

ويا أيها الشباب، عجلوا بالزواج .

ويا أيها الآباء : أعينوا أبناءكم .

ويا عقلاء الحي ويا دعاة الإصلاح ويا أصحاب النفوذ، اجعلوا الزواج من أول ما تعملون له وتسعون لتيسيره، واللهَ أسأل أن يوفقكم ويجزل ثوابكم .

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لايَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة وعصيان فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

 

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً