.

اليوم م الموافق ‏22/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

عيد الفطر 1411هـ

2300

التوحيد, الرقاق والأخلاق والآداب

أهمية التوحيد, فضائل الأعمال

عبد العزيز بن صالح

المدينة المنورة

1/10/1411

المسجد النبوي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

فضل يوم عيد الفطر – بروز الوحدة الإسلامية في يوم العيد – الحث على المحافظة على العقيدة والأخوة – الحث على الصلاة والمحافظة عليها – التحذير من الشرك والموبقات والحث على التوبة – العيد الحقيقي لمن؟ - الحث على الثبات والاستقامة في طاعة الله بعد رمضان.

الخطبة الأولى

أما بعد:

فيا عباد الله، اتقوا الله تبارك وتعالى وعظموا أمره، واجتنبوا نهيه، وأطيعوه ولا تعصوه، ثم اعلموا عباد الله أن هذا اليوم أي يوم عيد الفطر هو عيد عظيم وعيد جليل يطلق عليه اسم يوم الجوائز، هو يوم الجوائز وذلك أن الجوائز تقسم على العاملين في رمضان كل على حسب عمله، تقسم في هذا اليوم في المكان الذي يصلون فيه فما ينصرف أحد منه إلا ومعه جائزة، وقد وردت هذه الجائزة في حديث رواه ابن عباس رضي الله عنهما في حديث يرفعه إلى النبي قال: ((إذا كان يوم عيد الفطر هبطت الملائكة إلى الأرض فتكون على أفواه السكك ينادون بصوت عظيم يسمعه جميع من خلق الله إلا الجن والإنس، يقولون: يا أمة محمد اخرجوا إلى رب كريم يعطي الجزيل ويغفر الذنب العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاهم قال الله تبارك وتعالى لملائكته: يا ملائكتي، ما جزاء الأجير إذا عمل عمله، فتقول الملائكة: إلهنا وسيدنا أن توفيه أجره، فيقول الله عز وجل لملائكته: أشهدكم أني جعلت ثوابهم من صيامهم وقيامهم رضائي ومغفرتي، ثم يقول موجهًا إلى المصلين انصرفوا مغفورًا لكم)).

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون، في هذا اليوم العظيم، أي في يوم عيد الفطر يجتمع المسلمون في جميع أقطار المعمورة يجتمعون لصلاة العيد، وهناك حينما يجتمعون تبرز الوحدة الإسلامية في أبهى ثيابها وكذلك في أروع صورها، وذلك لأنه يحضر ويجتمع في المصلى الصغير والكبير والعبد والذكر والأنثى وكذلك أيضًا الرئيس والمرؤوس، كل منهم  لا فارق بينهم، يجتمع الأسود مع الأبيض والأبيض مع الأسود على اختلاف اللغات وعلى اختلاف الألوان، وإنها لوحدة عظيمة يمد أحدهم يده لصاحبه وهو لا يعرفه، وربما أنه لا يعرف لغته فيسلم عليه لأنه يشعر بأنه أخوه في الإسلام يشاركه في آماله وفي آلامه، وهذه المزية لم تكن لأمة من الأمم إلا للمسلمين.

ولكن يا عباد الله، هذه الإخوة الإسلامية التي انبعثت من عقيدتنا الإسلامية، عقيدة المسلمين، عقيدة الشريعة، العقيدة الموحدة هي التي تفرعت عنها الأخوة الإسلامية، فهي ثابتة لا تزعزع إطلاقًا، لا تزعزعها الحواجز ولا الأطماع ولا الأهواء ولا الأغراض، بل إنها ثابتة مهما كان للإنسان ومهما طرأ على الإنسان لا يمكن أن يتنازل عن العقيدة ولا يمكن أن يتنازل عن الإخوة الإسلامية، بل إن الإخوة ثابتة ما دامت العقيدة ثابتة، هذا شأن المسلم يا عباد الله، هذا شأن المسلم الذي يتمسك بعقيدته ويتمسك بالأخوة الإسلامية، ويعطيها حقها ويعطيها واجبها نحو إخوانه المسلمين، إن تألموا تألم، وإذا كان لهم أمل فإن أملهم أمل له، وهكذا يا عباد الله.

أما إذا كانت الوحدة عند البعض هناك أشياء تسيرها، وذلك وفقًا لرغباته هو، من الأهواء المتشعبة والمختلفة ومن الأطماع وغير ذلك، فإذا حصل له ما يريد فهو تجمعه الأخوة الإسلامية، وإذا لم يحصل أو إذا كان هناك حقد أو كان حسد أو كان ما كان من العوامل الهدامة في نفس المسلم التي تهدم العقيدة فإن كل هذا يتلاشى عنده.

ولقد بينت الأحداث الماضية التي نرجو الله ألا يعيدها على المسلمين قد بينت شيئًا من هذا، بينما أناس في أعلى القمة من دعوى العقيدة والأخوة في لحظة واحدة وإذا هو انحدار إلى أسفل ما يكون، لا عقيدة ولا أخوة، بل هي أهواء وأطماع، وأحقاد تحاسد تبين هذا واتضح هذا.

فيا عباد الله ينبغي للمسلم أن يكون مسلمًا مهما كانت الأمور، يجمعه مع أخيه عقيدة إسلامية لا تزعزع ولا تتضعضع، وكذلك الإخوة لا يزعزعها شيء، هذا شأن المسلم يا عباد الله، وهذا شأن المسلم في عقيدته.

والمسلمون يا عباد الله، المطلوب منهم أن يكونوا يدًا واحدة على الظالم إذا ظهر ظلمه يكونون عليه مهما كانت قرابته ومهما كانت صداقته، يقول الله عز وجل: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَاء بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ.

فيا أيها المسلم، الله الله في عقيدتك، الله الله في إخوتك لإخوانك المسلمين، كن ثابتًا عليها، وكن مطمئنًا عليها، ولا يزعزعها شيء في نفسك، ولا يزعزعها شيء في قلبك.

فنسأل الله عز وجل أن يصلح القلوب والنفوس إنه على كل شيء قدير.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله، ينبغي لنا أن نكون على علم يقين أننا إذا كنا كذلك، متمسكين بوحدتنا بعقيدتنا بأخوتنا فإن هذا هو الذي يجعل للشخص المسلم احترامه وهيبته حتى عند غير المسلم ويراه بعين الإكبار ويراه بعين الإجلال، ويعلم أن هذه الفئة لا يغلبها شيء، المسلمون لا يغلبهم شيء إطلاقًا، وأن عندهم قوة وهي قوة العقيدة ولا يمكن أن يقف أمامها شيء مطلقًا من أي قوة كانت فاتقوا الله عباد الله، ولاحظوا هذا الأمر، وكونوا عباد الله كما سماكم الإسلام، كونوا مسلمين حقيقة وعلى عقيدة ثابتة.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله، الصلاة الصلاة إنها عمود الإسلام وناهية عن الفحشاء والآثام، من حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضعيها فهو لما سواها أضيع، والصلاة أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة فإن صلحت صلح سائر دينه، وإن فسدت فسد سائر دينه، فاتقوا الله عباد الله، الصلاة الصلاة.

واحذروا الشرك يا عباد الله فإنه أعظم المنكرات والجنة على صاحب الشرك حرام.

وإياكم عباد الله والموبقات، إياكم والموبقات احذروها.

إياكم والزنا فإن الله عز وجل حرمه بنص كتابه، وإياكم وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، وإياكم عباد الله وبخس الحقوق عن الناس، وإياكم عباد الله واضطهاد الناس وظلم الناس؛ فإن الظلم محرم، حرمه الله على نفسه فقال: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا)).

وإياكم عباد الله وشرب شيء من المسكرات، فإن من مات وهو يشربها كان حقًا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال أي طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله، وما ردغة الخبال؟ قال: ((عصارة أهل النار)).

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله تذكروا في هذا الاجتماع ما أمامنا من الأهوال والأفزاع، تذكروا اجتماع يوم القيامة بين يدي الله تبارك وتعالى، وحين الانصراف من هذا الاجتماع تذكروا الانصراف من الموقف، يوم يأخذ الإنسان كتابه إما بيمينه وإما بشماله، وتذكروا عباد الله من صلى معنا في هذا المكان في العام الماضي من الأبناء والآباء والأحبة والإخوان، ارتحلوا عنا، أتتهم آجالهم، هادم اللذات أخذهم، فكانوا في حفر مظلمة ليس ثمة زيادة في أعمالهم ولا نقص في أعمالهم، من عمل خيرًا لقيه ومن عمل شرًا لقيه.

واحذروا عباد الله فإنَّا إلى ما صاروا إليه صائرون، فعلينا أن نستقبل آجالنا بتوبة صادقة تمحو ما سلف من الذنوب، وعلينا أن نتوب إلى الله توبة صالحة تطهرنا من أدران السيئات. فحذار حذار عباد الله فإنا إلى ما صاروا إليه صائرون ولا نقول: إلا إنا لله وإنا إليه راجعون، وربنا يقول عز وجل في كتابه العزيز وَإِذَا قُرِىء ٱلْقُرْءانُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلاْرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاء وَٱلضَّرَّاء وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَـٰفِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ.

اللهم انفعنا بهدي كتابك واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أعاد الله علينا وعليكم البركة في هذا العيد وأمنا جميعًا من شقوة يوم الوعيد إنه على كل شيء قدير.


 

الخطبة الثانية

الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

الحمد لله الذي خلق الإنسان من طين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل  وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه.

أما بعد:

فيا عباد الله، اتقوا الله تبارك وتعالى وراقبوه مراقبة من يعلم أنه يسمعه ويراه، واعلموا عباد الله أن العيد هو عيد على من قبل الله تبارك وتعالى منه عمله، فلقد صمنا شهرنا كاملاً فنسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا ما عملناه وأن يجزينا عنه من فضله وجوده وكرمه.

اليوم يا عباد الله عيد على من وفقه الله، وعلى من قبله الله، وليس العيد على كل من بهى أو تباهى.

فعليكم عباد الله، علينا عباد الله أن ندرك أن رب الشهرين واحد، رب شهر رمضان ورب شهر شوال والشهور الأخرى، فينبغي للإنسان أن لا يهدم ما عمله في شهر رمضان، فإذا كان قد كسب من الحسنات ومن الخير فعليه أن لا يهدر ذلك وأن يجتنب السيئات التي تحبط الأعمال وأن يحتفل برزقه الذي ربحه في شهر رمضان المبارك والله تبارك وتعالى يجزئ العاملين خير الجزاء إنه غفور رحيم وإنه جواد كريم.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله أمرنا ربنا في كتابه العزيز أن نصلي ونسلم على سيدنا ونبينا محمد فقال جل من قائل: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً، ويقول عليه أفضل الصلاة والتسليم: ((من صلى عليَّ مرة صلى الله عليه بها عشرًا)) اللهم صل  وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن بقية أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين...

 

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً