.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

الهجرة والسنة الهجرية

1917

سيرة وتاريخ

السيرة النبوية

أحمد بن عبد السلام مارسو

سانت لويس

29/12/1421

المركز الثقافي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- شرح مقدمة سورة المدثر. 2- صفات الداعية المسلم. 3- لماذا كفرت قريش برسول الله.

الخطبة الأولى

استجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأوامر عديدة من حين أمره الله بالقيام بالدعوة إلى الله، وكان ذلك في قوله تعالى: يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّر وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ [المدثر:1-7].

 المعنى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ المتلفف في ثيابه عند نزول الوحي. قُمْ فَأَنذِرْ أي لا تترك أحداً ممن يخالف مرضاة الله إلا وتنذره بعواقبه الوخيمة، وتوقع زلزالاً في قلبه وروعه. وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُمْ مّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مّن زَوَالٍ وَسَكَنتُمْ فِى مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلامْثَالَ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنتِقَامٍ [إبراهيم:44-47].

وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ أي لا تترك لأحد كبرياء في الأرض إلا كبرياء الله تعالى فهو الذي يستحق التكبير والتقديس والتنزيه. لا تتخذ ولياً غيره, ولا تعبد أحداً سواه, ولا ترى لغيره فعلاً إلا له, ولا نعمة إلا منه.

وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ فيه ثمانية أقوال: أحدها أن المراد بالثياب: العمل. الثاني: القلب. الثالث: النفس. الرابع: الجسم. الخامس: الأهل. السادس: الخلق. السابع: الدين. الثامن: الثياب الملبوسات على الظاهر.

وكل هذا مطلوب من الداعية تطهير عمله ونفسه وجسمه وخلقه ودينه وملبوساته وأهله حتى يكون القدوة الحسنة والسراج المنير فتجتذب إليه القلوب السليمة وتحس بهيبته وفخامته القلوب الزائغة، فيكون في نظر الأعداء كما قال الله: لاَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِى صُدُورِهِمْ مّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ [الحشر:13]. وفي نظر المؤمنين كما قال الله عز وجل: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُون [آل عمران:159-160].

وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ العمل المؤدي إلى العذاب. وأصل الرجز العذاب, قال الله تعالى: لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ [الأعراف:134]. وقال تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مّنَ ٱلسَّمَاء [الأعراف: 162]. فسميت الأوثان رجزاً، لأنها تؤدي إلى العذاب.

وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ لا تنظر إلى فعلك وجهدك، ولكن كن مجتهداً في عمل بعد عمل، وابذل الكثير من الجهد والتضحية والفناء ، ثم انسَ كل ذلك بحيث لا تحس ولا تشعر بما بذلت وقدمت، فليكن همك أن تكون عبداً شكوراً قال ابن كيسان: لا تستكثر عملك فتراه من نفسك, إنما عملك منة من الله عليك; إذ جعل الله لك سبيلا إلى عبادته.

وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ في هذه إشارة إلى ما سيلقاه من أذى المعاندين من المخالفة والاستهزاء والسخرية إلى الجد والاجتهاد في قتله وقتل أصحابه وإبادة كل من التف حوله من المؤمنين، فيأمره الله تعالى بالصبر على كل ذلك بقوة وجلادة، صبراً في الله وفراراً إليه وطمعاً في رضاه لا لينال حظاً من حظوظ نفسه.

 فاصبر على أداء فرائضه وعبادته. واصبر على ما أوذيت. واصبر على البلوى; لأنه يمتحن أولياءه وأصفياءه. واصبر على أوامره وناهيه. واصبر على فراق الأهل والأوطان. وكن خير عبرة وقدوة لمن يحمل الأمانة بعدك ويدعو إلى سبيل ربك، تلك سنة الله مع أوليائه وأصحابه ومن بعدهم.

ولنضرب مثلاً من الواقع الذي صبر فيه محمد ، كان أبو جهل إذا سمع بالرجل قد أسلم وتابع محمداً على دينه تتبعه وتعقبه فإن كان له شرف ومنعة أنبه وأخزاه وقال له: تركت دين أبيك وهو خير منك لنسفهن حلمك ولنبطلن كيدك ولنضعن شرفك، وإن كان تاجراً قال: والله لنكسدن تجارتك ولنهلكن مالك حتى لا يبقى لك مال ... وإن كان ضعيفاً ضربه وأغرى به!. وقد فعل.

وفعل أمثاله مثله، ولا زالوا يفعلون مثله إلى يومنا هذا وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِىّ عَدُوّاً مّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ وَكَفَىٰ بِرَبّكَ هَادِياً وَنَصِيراً [الفرقان:31].

وجاءت الهجرة لتكون بداية النصر ومنطلق التأسيس. يبقى السؤال لماذا هذه العداوة التي لا تقف عند حد، ولرجل بالذات وصف عندهم بالأمانة والعفة والنزاهة، حتى وصفوه قبل بعثته بالأمين؟ أبغضاً في محمد؟ كما كانوا يقولون: وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف:31]. أجحداً ونكراناً بأن الله خالق السماوات والأرض؟ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ [العنكبوت:61]. أم ماذا إذن؟ أكراهية لسماع القرآن؟ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت:26].

إن ابن إسحاق يروي عن ابن شهاب الزهري: أن سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام والأخنس بن شريق خرجوا ليلة يستمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل فأخذ كل رجل منهم مجلساً يستمع فيه، وكلُّ لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فتلاوموا. وقال بعضهم لبعض: لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً.

ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثانية أخذ كل واحد منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض: لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا. فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته فقال: أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد. فقال: يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها وما يراد بها. قال الأخنس: وأنا ..والذي حلفت به.

ثم خرج من عنده حتى أتي أبا جهل فدخل عليه بيته فقال: يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ فقال: ماذا سمعت..تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف؟.. أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تحاذينا على الركب، وكنا كفرسي رهان.. قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه ؟ . والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه.

فقام عنه الأخنس وتركه.

هذه هي القضية .. قضية الصراع على الجاه والمنصب.. قضية التسابق والتكالب على عرض الدنيا الزائل. إنه لم يغب الحق عنهم ساعة، بل كانوا يعرفونه، ولكنهم كانوا كارهين لهذا الحق الذي جاء عن طريق بني عبد مناف بينما هم الذين كانوا دائماً سباقين لإطعام الطعام وتقديم العطايا ونصرة الضعيف والدفاع عن قريش.

والله يعلم حيث يجعل رسالاته. ولقد كانوا يحاولون دائماً أن يلحقوا بهم ولكن هيهات هيهات فرق بين الحيلة والتصنع، بين الحق والباطل بَلْ جَاءهُمْ بِٱلْحَقّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقّ كَـٰرِهُونَ [المؤمنون:70]. وإذا كان لأبي جهل دوره في الصد عن الهدى ومحاولة طمس أنوار الحق وانتهى ذلك بقتله في غزوة بدر... فإننا نجد في كل عصر ومصر (أبا جهل) جديد. في كل ميدان من ميادين الحياة، استبدوا برأيهم وتحكموا في مصائر الشعوب وأقدارها. وهم كالذين من قبلهم قالوا مثل قولهم، فعلوا مثل فعلهم، تشابهت قلوبهم. كَذٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَـٰبَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا ٱلآيَـٰتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [البقرة:118].

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً