لقد كتب الله الجهاد على هذه الأمة وجعله طريق عزتها وأساس قوتها ومصدر رزقها كما قال النبي : ((بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له, وجعل رزقي تحت ظل رمحي, وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري, ومن تشبه بقوم فهو منهم)).
لقد كفّ الله المسلمين عن القتال في مكة؛ لما كان فيه المسلمون من الضعف ولأن الدعوة لم تكن بحاجة إلى الجهاد في ذلك الوقت، وقيل للمسلمين: كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة. ثم أذن لهم في الجهاد، فقيل لهم: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور. ثم فرض عليهم القتال بعد ذلك لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم فقيل لهم: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم. ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة فقيل لهم: وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة. وقيل لهم: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. فكان القتال - كما يقول الإمام ابن القيم - "محرماً، ثم مأذوناً به، ثم مأموراً به لمن بدأهم بالقتال، ثم مأموراً به لجميع المشركين".
إن كثرة النصوص القرآنية الواردة في الجهاد؛ وكثرة الأحاديث النبوية التي تحض عليه؛ وجدية الوقائع الجهادية في صدر الإسلام، وعلى مدى طويل من تاريخه، إن هذه الجدية الواضحة والنصوص الكثيرة لتمنع ذلك التفسير الذي يحاوله المهزومون أمام ضغط الواقع الحاضر وأمام الهجوم الغربي الماكر على الجهاد الإسلامي! فيقولون بأن الجهاد للدفاع فقط.
ومن ذا الذي يسمع قول الله سبحانه في هذا الشأن وقول رسوله ويتابع وقائع الجهاد الإسلامي؛ ثم يظنه يقف عند حدود الدفاع لتأمين الحدود؟!
بل إن الجهاد فرض على هذه الأمة إذا أوصدت الأبواب في وجه الدعوة. وهو فريضة على المسلمين حتى لو كان عدد أعدائهم أضعاف عددهم. وأنهم منصورون بعون الله على أعدائهم، وإن الواحد منهم كفء لعشرة من الأعداء، وكفء لاثنين في أضعف الحالات, وفريضة الجهاد لا تنتظر تكافؤ القوى الظاهرة بين المؤمنين وعدوهم؛ فحسب المؤمنين أن يعدوا ما استطاعوا من القوة، وأن يثقوا بالله، وأن يثبتوا في المعركة، ويصبروا عليها؛ والبقية على الله. ذلك أنهم يملكون قوة أخرى غير القوى المادية الظاهرة، إنهم يملكون قوله تعالى: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم. فليس عليهم إلا تحقيق هذا الشرط فيتحقق المشروط.
أيها المسلمون: لا يخفى على أحد منكم ما يحدث هذه الأيام لإخواننا في الشيشان وداغستان على أيدي التحالف الأرثوذكسي الشيوعي في روسيا.
لقد عانى مسلمو القوقاز أشد المعاناة في سبيل الإبقاء على دينهم وهويتهم الإسلامية فمنذ مائة سنة وأهل الإسلام يلاقون أعنف وأبشع حملات القتل والتشريد هناك، لا لذنب اقترفوه إلا أنهم يدينون بدين الإسلام ويريدون أن يعبدوا الله كما يحب ويرضى وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، فقد توالت عليهم مسلسلات القتل الصامتة التي تمارسها الحكومات الروسية، من عهد القياصرة قبل ثورة البلاشفة الشيوعية وحتى اليوم، وقد راح ضحية ذلك الاضطهاد أكثر من تسعة ملايين نسمة من مسلمي القوقاز وآسيا الوسطى، فقد استخدمهم الروس دروعاً بشريةً في الحربين العالميتين، ثم هجرهم ستالين إلى جليد سيبيريا حفاةً عراةً في فصل الشتاء فهلك منهم من هلك, ورجع الباقون منهم بعد مدة من العناء.
وقبل حوالي خمس سنوات أراد المسلمون في الشيشان أن يستقلوا بهويتهم عن روسيا كما استقلت الدول النصرانية, فأعلن المسلمون هناك رغبتهم في الاستقلال، فما كان من الحكومة الروسية إلا أن بادرت بكل بشاعة إلى قصف المدن الشيشانية قصفاً وحشياً، وإنزال القوات بها والتي مارست بها أحدث طرق الإبادة الجماعية، على مرأى ومسمع من العالم والذي كان يبارك مثل هذه العمليات الوحشية، و يقول: هذا شأن روسيا الداخلي.
وبعد سنة من التنكيل والعذاب أعلن الروس انسحابهم وأعلنت الشيشان استقلالها من جانب واحد، وكان حصاد ذلك الحقد آنذاك قتل أكثر من مائة ألف مسلم غير الجرحى والمشردين.
ولكن الروس منذ خروجهم من الشيشان وحتى الآن وهم يحاولون جاهدين قمع كل صوت ينادي بالحرية الإسلامية في القوقاز رغم أن الغالبية فيه من المسلمين، فكانت داغستان ذات المليوني نسمة من الجمهوريات الاستراتيجية بالنسبة لهم، فحاولوا تغييب أهلها عن الإسلام وقمع الحركات الإسلامية هناك ما عدا الحركات الصوفية التي تُسبّح بحمد الروس، بينما الحركات التي كانت تنادي بالإسلام الخالص، على المنهج القويم نالها ما نالها من القمع والقتل والتشريد، خاصةً العلماء والدعاة والأئمة منهم، فهدموا مساجدهم ومدارسهم وأغلقوا مراكزهم الإسلامية، وأرهبوهم بكل أنواع الإرهاب، فاستغاثوا بإخوانهم في العالم الإسلامي ليدفعوا عنهم هذا العدو المتوحش، الذي تعدى على الدين والأنفس والأموال والأعراض وسامهم سوء العذاب، فلم يجبهم أحد من الناس إلا إخوانهم الشيشانيون وبعض المجاهدين العرب الذين نصروهم ودافعوا عنهم بأنفسهم وأموالهم، فانتفض الروس عندما وجدوا مقاومة من المسلمين، فهم على عادتهم يريدون أن يمارسوا تشريد المسلمين وقتلهم واغتصاب أعراضهم، من غير معترض عليهم ولا مدافع، فلما وجدوا رجالاً دافعوا عن دينهم وأعراضهم وأنفسهم وأموالهم، قالوا: إرهابيون مدعمون من بعض الدول الإسلامية، ليقطعوا بذلك الطريق على من يريد نصرتهم من غير الشيشانيين، وشوّهوا سمعتهم فقالوا: إنهم تجار مخدرات وقطاع طرق ومرتزقة لصوص وغيرها من التهم والتي روجت لها كل وسائل الإعلام، بينما هم في الحقيقة شباب أرادوا إيقاف العنجهية الروسية عند حدها، والدفاع عن دينهم ضد العدو الصائل، وأي جرم يرمى به من يدافع عن دينه و نفسه؟
فبدأ الروس في الخامس والعشرين من شهر ربيع الثاني لهذا العام بالقصف الوحشي على كل القرى الداغستانية، التي أبى أهلها أن يخضعوا للإلحاد الروسي، وحاصروها حصاراً شديداً وخاصةً إقليم (كرماخي)، فقتلوا على إثر ذلك أكثر من عشرة آلاف مسلم، وأضعاف هذا العدد من المشردين.
كانت روسيا تستنكر على قوات حلف شمال الأطلسي قصف يوغسلافيا، بحجة الدفاع عن المدنيين العزل فما بالها الآن تتناسى حقوق المدنيين, فتقتل الآلاف منهم وتشرد عشرات الآلاف خلال أقل من شهرين، وتمارس أضعاف ما مارسته قوات الأطلسي؟
وفي نفس الوقت لماذا لم تستنكر القوات الأطلسية على الروس ما استنكروه عليها من قتل المدنيين وتشريدهم؟
والجواب سهل جدًا: لأن الضحايا من المسلمين أصحاب الدماء الرخيصة.
فوقفت الدول الغربية المحبة للسلام تتفرج على ذبح المسلمين.
ليس ذلك فقط بل إنها قد ضربت بمبادئها المزيفة عرض الحائط وتدخلت في الحرب ووقفت مع الجيش الروسي المنهار لدعم المجازر التي ترتكبها القوات الروسية في داغستان والشيشان ضد المدنيين.
والكفر ملة واحدة. وبعضهم أولياء بعض.
أعلنت حكومة إسرائيل أنها كلفت جهاز الموساد بمساعدة القوات الروسية في القضاء على التمرد الإسلامي في داغستان.
و أعلن كذلك رئيس مكتب التحقيقات الأمريكي عندما زار موسكو بعد الانفجار الذي وقع بها، أنه سوف يقف بكل ما يملك و جهازه الإستخباراتي بجانب القوات الروسية في القضاء على (الإرهابيين).
وهذا ما أكده وزير الدفاع الأمريكي الذي زار موسكو لتنسيق المشاركة معهم، وبعدها بأيام أكد الرئيس الأمريكي عندما التقى رئيس الوزراء الروسي، أنه سوف يدعم المساعي الروسية لإحلال الأمن في روسيا وفي داغستان بكل الوسائل ورافق هذا الإعلان استعداد الاستخبارات البريطانية تقديم المساعدة للروس للقضاء على الإسلاميين.
أما رئيس الوزراء الكندي فقد قال نحن نؤيد الحكومة الروسية في استخدامها للقوة لوقف التمرد. قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر.
ونحن لا نستغرب هذا العداء الموحّد من الكافرين ضد المسلمين فهذا بيّنه الله تعالى بقوله: ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا وقوله: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم وبيّنه الرسول بقوله: ((يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها)).
ولكن الذي نستغربه هو أن المسلمين صدّقوا ما تنقله وسائل الإعلام الغربية أن القوات الروسية تدافع عن نفسها من اعتداءات المسلمين الذين بدءوا بالهجوم على القوات الروسية البريئة!!. وبادرت الدول الإسلامية بإعلان برائتها من تقديم أي مساعدة للمجاهدين.
وعندما رأى الروس أن الذين نصروا المستغيثين من داغستان هم أهل الشيشان قاموا في الثالث عشر من جمادة الثاني، بإنزال قواتهم على الحدود الشيشانية من جميع الجهات، وذلك بدعم المادي من الدول الغربية التي دعمت الروس بالأموال حتى رفعوا راتب الضابط الروسي إلى 1400دولار و الجندي إلى 1000دولار، في الوقت الذي يتقاضى فيه نائب رئيس مجلس الدوما الروسي مرتباً قدره 250دولاراً، كل ذلك لوقف إقامة دولة مستقلة للمسلمين هناك.
ولكن رواتب الجنود المغرية لم تمنعهم من الفرار عند مقابلة طلاب الموت في سبيل الله فتراجعت القوات الروسية عشرات الكيلومترات مما اضطر وزارة الدفاع الروسية إلى قصف مؤخرة جيشها بالطائرات حتى تمنعهم من الهرب. فروسيا هي الدولة الوحيدة التي تقتل جنودها. وصدق الله تعالى فيهم وفي أمثالهم من اليهود عندما قال: لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من ورآء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون.
ونحن بحمد الله واثقون من نصر الله تعالى إذا قام المسلمون هناك بأداء ما عليهم. والشيء المهم أن تكون نية الحرب هي إعلاء كلمة الله وتطبيق شرع الله على عباد الله في أرض الله.
وقد سمعنا بحمد الله تعالى من المجاهدين هناك ما يدل على صدق هذه النية:
فهذا أحد قادة الحرب في المنطقة وهو شامل باساييف يقول: إن ما يحدث هو الجهاد لإخراج الكفار من الأراضي الإسلامية التي ظلت إسلامية على مدار ثلاثة عشر قرنا، ونحن نسعى لضم الشيشان وداغستان وإنغوشيا في دولة مسلمة واحدة.
أيها الإخوة: لقد تمركز المجاهدون في المرتفعات التي لم تستطع القوات الروسية الوصول إليها. ووضع المجاهدين من الناحية الميدانية والقتالية جيد إلا أنه ينقصهم المال لشراء الأسلحة والذخائر, وهذه فرصتكم للجهاد بالمال.
أما القرى الشيشانية التى اجتاحتها قوات الروس فهي تعيش تحت مستوى الفقر بالإضافة
إلى المشردين في العراء الذين يقدرون بعشرات الآلاف لا يمنعهم من الروس إلا رب السماء.
إن القوات الروسية تقصف القرى والمدن بصواريخ سكود وأراغون المحرمة دوليا.
وقد خرج المجاهدون من جميع منطقة القوقاز يجاهدون بجانب إخوانهم الشيشان، حيث نفر المجاهدون من داغستان وقرتشاي وكابردين بلغار وأنغوشيا.
حاولت القوات الروسية التقدم لاحتلال إحدى المرتفعات المطلة على العاصمة غروزني، و قد تصدى المجاهدون لهذا الهجوم، حيث قُتل أكثر من عشرة من الروس ودُمرت دبابة وفُجرت شاحنة ذخيرة.
تقدمت القوات الروسية من جهة الغرب إلى الشرق خمسة كيلو، وقد قُتل من جراء هذا التقدم خمسون من الروس ودُمرت ثلاث آليات، وأُسقطت طائرة مروحية.
لا يزال القتال مستمراً في منطقة باموت على الحدود الشيشانية الأنغوشية، و قد قُتل في هذه المنطقة منذ بداية القتال مائتان من الروس، ودُمرت اثنا عشر آلية. وأسقط المجاهدون عددا من الطائرات.
قصف المجاهدون بقذائف الهاون القوات الروسية التي تحاول احتلال المرتفعات المطلة على العاصمة، وقد قُتل وجرح من الروس ما لا يقل عن خمسين.
تستخدم القوات الروسية في إبادتها للمدنيين صواريخ تحمل قذائف عنقودية تنفجر في الهواء وتؤدي إلى إبادة جماعية، وقد أعلنت الحكومة الروسية أن الروس يستخدمون الصواريخ العنقودية التي تؤدي إلى إبادة جماعية, وأكثر القتلى بسبب هذه الصواريخ من النساء والأطفال
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون.
|