أيها الإخوة والأخوات في العقيدة: إن مايحدث اليوم في فلسطين وفي القدس الشريف بالذات ليس وليد الساعة, وإنما هي سياسة يهودية منذ القدم, إنها نتائج وقرارات مؤتمر بال بسويسرا الذي أنعقد في سنة 1315هـ الموافق 1898م.
إن ما يحدث اليوم شبيه بما حدث عام 1929م عندما سقط 116 شهيد 232 جريح من المسلمين عندما قامت حركة البراق بثورة ضد اليهود بمساعدة الإنجليز إثر إعتداء اليهود على حائط البراق ورفعوا العلم الصهيوني فوقه, وأنشدوا النشيد الصهيوني, وشتموا المسلمين.
إن ما يحدث اليوم هو إمتداد لما حدث عام 1948 و 1967.
في هذه السنة الأخيرة حاولت إسرائيل إزالة المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، حين هرع الحاخام (شلوموغورين) حاخام الجيش اليهودي إلى ساحة المسجد الأقصى مصطحباً مجموعة من مساحي السلاح الهندسة في الجيش الصهيوني وأخذ المقاييس ليحدد وفق توراته المزعومة مكان قدس الأقداس الذي سيبنى عليه الهيكل اليهودي, فحدد المكان الذي يقع تحت قبة الصخرة المشرفة، كما دعا اليهود إلى إقامة كنيس يهودي في ساحة المسجد الأقصى, كما حرق المنبر عام 1969.
ولقد حاول أحد أعضاء منظمة كاخ اليهودية تدمير المسجد بوضع قنابل موقوتة بجانب حوائطه، وبعدها قام ثمانية من الشُبّان اليهود الذي ينسبون إلى الليكود الإرهابي باقتحام الحرم والاعتداء على المصلين بمساعدة قوات الجيش الإسرائيلي كما قامت مجموعة أخرى إرهابية تطلق على نفسها اسم أبناء يهوذا بمحاولة لنسف الصخرة بالديناميت, وتم تخطيط أعضاء التنظيم الإرهابي بمشاركة ضبّاط في الجيش والحكومة بمحاولة قصف الحرم القدسي بطائرات سلاح الجو الصهيوني، كل هذا والضربات كانت مستمرة تحت الحرم, يساند هذا كله تبرعات اليهود من أمريكا ومن بقاع العالم بدعوى إعادة بناء المعبد اليهودي مكان قبة الصخرة.
إن ما يقع هو منبثق من عقيدة اليهود, وهم يحاربون عن عقيدة يريدون طمس القدس وإزاحته, يريدون الاستيلاء عليه كما استولوا على الأرض، لقد استعملوا كل الأساليب من أجل الحصول على ذلك, اشتروا الأرض بعدما اشتروا النفوس باع العرب أرضهم وضمائرهم لليهود يوم أن جلسوا معهم للتفاوض بدءاً بخيانة كامب ديفيد عام 1978, واستمراراً في مشروع السلام بل الاستسلام من مدريد, والدليل على ذلك أن قضية القدس لم يَرِد ذكرها في تلك المعاهدة المشؤومة, في الوقت الذي أعلن فيه أن القدس عاصمة إسرائيل إلى الأبد, بل اتخذ اليهود بذلك قرارهم الرسمي من الكنيست الإسرائيلي باعتبار القدس العاصمة الأبدية لإسرائيل, وكانت تلك بداية التنازلات بالنسبة لقضيتهم فلسطين والقدس, ومن ثمّ كلما قام اليهود بعمل إرهابي أو باعتداء على الأبرياء والمؤسسات إلا وقام العرب والمسلمون بالاستنكار وتذكير الأمم المتحدة بالقرارات, بالرغم أن إسرائيل احتلت فلسطين وتوطدت بقرار من هيئة الأمم المتحدة.
إن فتوى علماء الأزهر عام 1375 تَنُص على أن الصلح مع إسرائيل لا يجوز شرعاً لما فيه من إقرار الغاصب على الاستمرار في غصبه والاعتراف بأحقيّة يده على ما اغتصبه وتمكين المعتدي من البقاء على عداونه، فلا يجوز للمسلمين أن يصالحوا هؤلاء الذين اغتصبوا أرضهم بل يجب عليهم أن يتعاونوا جميعاً على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأجناسهم لرد هذه البلاد إلى أهلها، وصيانة المسجد الأقصى مهبط الوحي ومصلى الأنبياء الذي بارك الله حوله, وأن يعينوا المجاهدين بالسلاح وسائر القوى على الجهاد في سبيل الله، وأن يبذلوا فيه كل ما يستطيعون حتى تطهير البلاد من آثار هؤلاء الطغاة المعتدين, ومن قصر في هذا أو فرط فيه أو خذل المسلمين أو دعا إلى ما من شأنه تفريق كلمة المسلمين وتشتيت الشمل والتمكين لدولة الاستعمار والصهيونية فهو في حكم الإسلام مفارق لجماعة المسلمين، وقد أشار القرآن الكريم أن موالاة الأعداء إنما تنشأ عن مرض القلوب الذي يدفع أصحابها إلى هذه الذلة التي تظهر بموالاة الأعداء، قال الله تعالى: فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين.
|