.

اليوم م الموافق ‏22/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

حقوق الزوجة

971

الأسرة والمجتمع

المرأة

محمد النمر

الطائف

9/5/1420

الهويش

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

– على كل من الزوجين حقوق عليه مراعاتها لتستمر الألفة بينهما والمودة – حقوق الزوجة على زوجها

الخطبة الأولى

وبعد:

فيا عباد الله: لن ينعم بالسعادة من عاش خارج دائرة الإسلام، وإن بدا متظاهرا بتحصيلها، ذلك لأن الإسلام منهج رباني تساوي دقته دقة نظام هذا الكون، ودقة عضوية أي كائن فيه لأن المصدر واحد هو الله عز وجل، وكم يحدث من الخلل والإفساد من أراد أن يغير شيئا مما شرعه الله عز وجل مع ما في ذلك من مخالفة لأمره سبحانه، وما أسعد من عاش الإسلام واقعا يعرف واجبه كما يعرف حقه.

ولئن كشفنا عما ينبغي أن تكون عليه المرأة لتكون زوجة صالحة فإن من الحق أن نشير إلى ما ينبغي أن يراعيه الرجل ليكون زوجا صالحا فيعيش عندئذ الزوجان متآلفين متوازيين متراحمين يسعد كل منهما بصحبة صاحبه وينعم من حولهما بثمرات ذلك.

ولن أعرض إلى الحقوق المادية التي رتبها الإسلام على الرجل فتلك لها أحاديث أخر وإنما أشير إلى الحقوق الأدبية التي يجب أن يراعيها الرجل وعلى رأس هذه الحقوق أن يعاشرها ولا يتعمد هجرها فهو مأمور بأداء حقها بقدر حاجتها وقدرته فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل، قلت: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا)).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي خويلة بنت حكيم بن أمية وكانت عند عثمان بن مظعون قالت: فرأى رسول الله بذاذة هيئتها، فقال لي: ((يا عائشة ما أبذ هيئة خويلة: قالت: قلت: يا رسول الله امرأة لها زوج يصوم النهار، ويقوم الليل، فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها، قالت: فبعث رسول الله إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال: يا عثمان أرغبة عن سنتي؟ قال: فقال: لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب، قال: فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، فصم وأفطر، وصل ونم)).

هذه الشريعة الحنيفية تقرر أن الزوج لو آلى (حلف) ألا يقرب زوجته، يلزم أن يحنث في يمينه قال تعالى: للذين يؤلون منكم من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم  وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم فقد نص على أن الذين يحلفون على ألا يقربوا زوجاتهم يمهلون أربعة أشهر، فإن عاد أحدهم إلى الإنصاف وأداء الحق لها فعليه كفارة يمين، وإلا كان إصراره إضرارا موجبا للفراق.

وما أكثر ما يقع مثل هذا الظلم عند المعددين للزوجات يستغني الواحد منهم بواحدة منهن وهو بعيد عن الأخريات وكأنه لاحق لهن عليه ولا يجب عليه إحصانهن.

وعلى الزوج أن يتزين لزوجته كما يحب أن تتزين له، فإنها يعجبها منه ما يعجبه منها وقد فهم السلف ذلك من قوله تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي لهذه الآية.

ومن حق الزوجة أن يعلمها أصول دينها: كيف تؤمن بالله الإيمان الحق وتوحده التوحيد الخالص، وتؤمن بأسمائه وصفاته على الوجه اللائق بجلاله سبحانه وتعالى، وتعرف ما يجب لله تعالى، وما يجوز له سبحانه، وما يستحيل عليه تبارك وتعالى، وتؤمن بما جاء من عند الله من أركان الإيمان وسائر أحكام الإسلام الواجبة عليها وأصول معرفة الحلال والحرام. وأن يعلمها أحكام العبادات، ويحضها على القيام بها خاصة الصلاة في أول الوقت وشروطها وأركانها ومفسداتها ومكروهاتها وسائر العبادات وحقوق الله تعالى عليها وحقوق الزوجية، وأن يعلمها مكارم الأخلاق من وقاية القلب من أمراض الحسد والبغضاء ووقاية اللسان من الغيبة والنميمة والسب والكذب، ويراقبها في ذلك كله ما استطاع إلى المراقبة سبيلا يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ، قال علي : أدبوهم وعلموهم، وقال الألوسي: واستدل بها على أنه يجب على الرجل تعلم ما يجب من الفرائض وتعليمه لهؤلاء.

وقد أثنى الله عز وجل على نبيه إسماعيل عليه السلام فيما أثنى بقوله: وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا .

ومن حقها عليه أن يغار عليها ويصونها من كل نظرة أو كلمة فهي أعظم ما يكنزه المرء فلا يليق أن يجعلها مضغة في الأفواه تلوكها الألسنة، وتتقبحها الأعين، وتجرحها الأفكار والخواطر، كلا إن الغيرة أخص صفات الرجل الشهم الكريم، وإن تمكنها منه يدل دلالة فعلية على رسوخه في مقام الرجولة الحقة الشريفة، ومن هنا كان كرام الرجال يمتدحون بالغيرة على نسائهم، والمحافظة عليهن، وإن من شر صفات السوء ضعف الغيرة وموت النخوة ولا يركن إلى ذلك إلا الأرذلون.

ولا يقصد بالغيرة سوء الظن والتماس العثرة فعن رسول الله أنه قال: ((إن من الغيرة غيرة يبغضها الله وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة)).

وقد روى الإمامان البخاري ومسلم رحمهما الله قول رسول الله : ((أتعجبون من غيرة سعد؟ أنا أغير منه والله أغير مني)).

والغيرة المحمودة ما كانت في محلها، أما ما جاوز الحد، وكان ظناً باطلا لا أساس له إلا وسوسة الشيطان فهي غيرة مكروهة قال عنها رسول الله : ((إن من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل، وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة)).

ومن حقها أن لا يتخونها ولا يتلمس عثراتها، وذلك بأن يترك التعرض لما يوجب سوء الظن بها، وقد دل على ذلك أحاديث منها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ((كان النبي يكره أن يأتي الرجل أهله طروقا))، وعنه: ((نهى رسول الله أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهم، أو يطلب عثراتهم)).

بل على الرجل أن يعلم أهله بقدومه كي يتأهبوا لاستقباله فلا يرى ما ينفره وقد أشار إلى ذلك بقوله لجابر حين قدم معه من سفر: ((إذا دخلت ليلا فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة)).

كل ذلك لتبقى العلاقة سليمة بعيدة عن كل ما يوهنها.

الخطبة الثانية

أما بعد:

إن أحسن الحديث كتاب الله عز وجل وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فاهتدوا بكتاب ربكم وسنة نبيكم واحذروا كل مخالفة عن أمره فإن الخير كله في الاتباع.

واعملوا رحمكم الله: أن من أعظم حقوق الزوجة أن يعاشرها بالمعروف ولنتأمل طويلا قول الله تعالى: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا قال السدي: خالطوهن وقال ابن جرير: صحفه بعض الرواة، وإنما هو خالقوهن، ومعنى بالمعروف: ما لا ينكره الشرع والمروءة، والمراد هنا النصفة في القسم والنفقة، والإجمال في القول والفعل، وقيل بالمعروف: هو أن لا يضربها، ولا يسيء الكلام معها ويكون منبسط الوجه معها، ولا ينبغي للرجل أن يبغضها إذا رأى منها ما يكره لأنه إن كره منها خلقا رضي منها آخر فيقابل هذا بذاك، وقد روي أن عمر قال: لرجل طلق امرأته: لم طلقتها؟ قال: لا أحبها، فقال: أوكل البيوت بني على الحب، فأين الرعاية والتذمم.

وليذكر الرجل قول رسول الله : ((إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها)).

ومن المعاشرة بالمعروف أن يتحبب إليها ويناديها بأحب الأسماء إليها.

ولقد كان رسول الله نبراسا لمن أراد أن يمتثل قول الله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ، قال ابن كثير رحمه الله: وكان من أخلاق النبي أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف معهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه.

واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها والحلم عند طيشها وغضبها، اقتداء برسول الله فقد كانت أزواجه يراجعنه الكلام، وتهجره الواحدة منهن يوما إلى الليل وراجعت امرأة عمر ، فقال عمر: أتراجعيني، فقالت: إن أزواج رسول الله يراجعنه وهو خير منك.

ويستحب للرجل إذا وجد فراغا أن يشارك المرأة في خدمة البيت فإن هذا من حسن المعاشرة المأمور به، قالت عائشة رضي الله عنها وقد سئلت عنه ما يعمل في بيته: كان يكون في مهنة أهله، يقم بيته، ويرفو ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته.

فما أسعد بيوتا عرف أهلها هذا فنهضوا به عرف كل من الزوجين عظم الرابطة التي جمعتهما والغاية من ذلك فأحسن معاشرة الآخر فكانا قدوة لأبنائهما في التواد والتراحم، فاتقوا الله عباد الله. . . .

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً