.

اليوم م الموافق ‏15/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

زينة المرأة المسلمة

1031

الأسرة والمجتمع, الرقاق والأخلاق والآداب

اللباس والزينة, المرأة

محمد الحكمي

الطائف

15/3/1419

جامع الجفالي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- أول فتنة بني إسرائيل في النساء 2- فضل من حرص على تربية البنات والإحسان إليهنّ أن حب الزينة والتجمّل من عادات النساء فلا يُلَمْن على هذا 4- بعض أساليب أهل الضلال لإفساد المرأة 5- الضوابط الشرعية التي يُعرف بها ما يصح ومالا يصح من الزينة

الخطبة الأولى

عباد الله:

أوصيكم ونفسي بتقوى الله ولنكن على ذكر دوما من حديث حبيبنا عليه الصلاة والسلام حين قال: ((من عال جاريتين حتى يدركا دخلت أنا وهو الجنة كهاتين)) وفي رواية: ((من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن، كن له ستراً من النار)).

وإن من أعظم الإحسان إليهن عدم الإذن لهن بالتبرج والسفور والاختلاط وتقليد من لا خلاق لهن في زيهن أو طباعهن حتى ينشأن طاهرات عفيفات قد أرخين عليهن الستور واحتجبن حياء عن أهل الفجور فكن من ذوات الخدور.

أيها المؤمنون

حديث اليوم بإذن الله إلى كل عائل قوّام على المرأة أختاً كانت أو زوجة أو ابنة أو يتيمة أو محرماً من محارمه نتأمل فيه ما يتعلّق بزينة المرأة بين المشروع والممنوع والجائز والمحرم لأنهن أمانة في أعناقنا وعنهن سنسأل يوم العرض الأكبر، وقبل الشروع في قضايا هذا الموضوع ليعلم أخي السامع أنني توخّيت قدر الإمكان عرض الراجح من الأقوال في المسائل المعروضة لا بترجيحي ولكن بترجيح العلماء الأثبات من أهل العلم وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

أخي في الله:

بادئ ذي بدء ينبغي أن يعلم أن المرأة لا تلام على حب التجمّل والزينة اومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين قال ابن كثير رحمه الله: أي المرأة ناقصة يكمل نقصها بلبس الحلي منذ تكون طفلة.

وما الحلي إلا زينة من نقيصة           يتمم من حسن إذا الحسن قصّرا

و أما إذا كان الجمـال موفراً            كحسنك لـم يحتج إلى أن يزوّر

بل إن ذلك مطلوب منها شرعاً وهي مأمورة به بمثل قوله عليه الصلاة والسلام: ((خير النساء التي تسرّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره))، وفي رواية: ((المرأة الصالحة تراها فتعجبك)).

بل إن الحبيب المؤدم بين الأزواج الباعث على توثيق الرباط وزيادة الألفة والمودة بين شريكي الحياة قد نهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً من أجل أن تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة إذ المرأة في الغالب حال غياب زوجها لا تعتني بزينتها وتطيبها كما لو كان موجودا فخشية أن يفاجأها الزوج بمقدمه فيرى منها ما يكره ورد هذا النهي، والحكم يدور مع علّته وجوداً وعدماً، فإذا ما اتصل الرجل على أهله وأعلمهم بمجيئه ارتفع النهي.

أخي شريف العرض زكي الجناب:

((قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)).

إننا في زمن نواجه فيه هجمة شرسة ورماحاً مسددّة حاكها ودبّرها يهود وأذنابهم، يقول الدكتور الخائب أوسكار ليفي: نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه ومحركي الفتن فيه وجلاديه.

إنها بيوت أزياء ودكاكين تجميل ومحلات مساحيق ومناكير وكوفيرات نمص وقص ونتف وحلق وصرخات موضات من باب، إن أردت الرشاقة وخفّة الحركة فعليك بلبس كذا أما إن أحببت أن تكوني خفيفة الظل جذّابة ناعمة فصففي شعرك وقصيه على طريقة كذا، وهكذا شعارات برّاقة ومجلات فاتنة ودعايات زائفة حتى صدق فينا قول ربنا وفيكم سمّاعون لهم واستبانت في حقنا معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم: ((حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)).

تقليد أعمى وتشبه مقيت وهوان مستحكم فهل من عودة إلى شرع حنيف وزينة مباحة وتجمّل جائز؟ وقبل الحديث عن بعض أحكام الزينة للنساء يحسن ذكر ضوابط عامة وسياجات شرعية يعرف بها ما يصح وما لا يصح من هذه الزينة وذلكم التجمّل:

1-   عدم جواز التزين بما هو محرم:

كوصل للشعر أو نتف للحواجب أو لبس لما يحسر عن شيء من الجسد ويبديه.

2-   ألا تتزين المرأة بما يشبهها بالرجل:

سواءً باتخاذ مشية كمشيتهم أو ارتداء حللهم أو قص للشعر كقصهم أو نحو ذلك عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء)) وفي رواية: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال)) وفي رواية: ((ليس منا)) وفي أخرى ((ثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والديوث ورجلة النساء)).

إنه التمايز المطلوب والتباعد الطبيعي بين ما يليق بالمرأة وما يختص بالرجل، يتملك العجب عندما تدخل إلى بعض المحلات فتسأل عن بعض الألبسة أنسائية هي أم رجالية؟ فيكون الجواب: كما تشتهي هي صالحة لكل من الجنسين أبلغ بنا الحال هذا المبلغ؟ أما الجنس الثالث فشر بدأ منذ زمن ليس بالبعيد انتشاره ولا حول ولا قوة إلا بالله.

3-   عدم جواز التزين بما فيه تغيير لخلق الله.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمّصات والمتفلجات للحسن المغيّرات خلق الله)) وفي رواية: ((والواصلة والمستوصلة)).

الوشم: هو غرز الإبرة في الجلد ثم حشو ذلك المكان أو نثر الحناء عليه وفيه ليزرق الجلد أو يخضّر.

النمص: نتف شعر الحواجب أو الوجه.

أما التفلّج: فهو توسيع ما بين الأسنان لتظهر فيه المرأة المسنة أنها لا زالت في ريعان الشباب وقد تفعله غيرها يردن بذلك الحسن.

الواصلة: وهي التي تصل شعرها بشعر غيرها أو تلبس ما يسمى بالباروكة الشعر المستعار الصناعي.

وصدق الله يوم أن أخبر عن مكر وكيد الشيطان فقال: ولآمرنهم فليغيرن خلق الله .

4-   ألا يكون في ذلكم التزين تشبه بالكافرات.

فمن تشبه بقوم فهو منهم قال عليه الصلاة والسلام: ((ليس منا من تشبه بغيرنا ولا تشبهوا باليهود ولا النصارى)).

رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على علي رضي الله عنه ثوبين معصفرين [أي مصبوغين بصبغ أصفر اللون] فقال عليه الصلاة والسلام: ((إن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها)).

تعرّضت إحدى النساء للنظرات المتعجّبة من زميلاتها عندما جاءت إليهن وقد لبست ثوبا بكم واحد، فلما سألنها عن الكم الآخر وقد شعرن أن الثوب حتماً لم تكتمل بعد خياطته قالت لهن: إن هذه إحدى آخر الموضات في بلد أوروبي.

((حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)).

بل لقد رأيت في بعض أسواقنا من الألبسة النسائية المعروضة ما لو ارتدته المرأة لكان لها فوق الركبة والعياذ بالله، فعلام هذه التبعية والإمعية الحرفيّة ونحن أمة قائدة لا مقودة ومتبوعة لا تابعة لنا شخصيتنا المتميزة وهدينا الأسنى والأسمى، صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون .

فيا عجباً أن تتشبه المؤمنة بالكافرات فتدمم أظفارها أو تلبس الصليب أو ما يسمونه بمفتاح الحياة فالتشبه في الظاهر بهن مظهرا وسلوكاً جالب ومورث ومشعر في الباطن بلون تقارب ومودّة وتناسب وتشاكل كل يقود إلى الموالاة المنهي عنها الفاصمة لأوثق عرى الإيمان الآتية على بنيانه من القواعد.

5-   ألاّ تتزين المرأة المسلمة بما يكشف شيئا من العورات ونهتك بذلك ستر حيائها وجلباب حشمتها فتصبح نهشاً لذئاب ضارية وفريسة لأعين آثمة ومعاكسات جارحة.

إن عز المسلمة وسؤددها في حيائها واستحيائها فإذا تجمّلت أو تزينت بما يخدش هذا المعنى أو يخل به فقد أزرت بنفسها وأنقصت من قدرها وتعرضت بعد ذلك لما يشينها عندها تندم حيث لا ينفع الندم.

6-   ومن بدع الزينة لبس ملابس معينة في أحوال محددة كالتزام لبس السواد فترة الحداد أو في يوم عاشوراء كما تفعله الشيعة الرافضة أو نحو ذلك مما لم تشهد به آية أو تنطق به سنة ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).

7-   ألا يكون تزين المرأة بما فيه إسراف ومخيلة وشهرة فليس صحيحاً أن تستنزف أموالنا جرياً وراء كل جديد أو لهاثاً خلف كل صيحة أو تقليعة مع أن المرأة في المقابل مطلوب منها على وجه الخصوص الإسراع إلى النفقة في وجوه الخير.

ومن الإسراف تبديد الأوقات وتضييع الساعات الطوال والوقوف طويلاً أما المرآة من أجل تحسين الهيئة وتعديل الشكل مما يفوّت على المرأة المسلمة حظها من العلم النافع والعمل الصالح والتربية المثلى لأبنائها بل قد يفوّت عليها ذلك الاهتمام الزائد والسرف المخلّ أداء حقوقٍ كثيرة للزوج إذ تزيّنها في الغالب لغيره.

أما إن كان في لباس المرأة وزينتها ما ينفخ في منخريها إزدراء الآخرين وتكبرها عليهن ورؤيتها لنفسها فذاك والله عين صغارها واحتقارها إذْ ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)).

أما إن كان لبس المرأة وزينتها سبب شهرة بين النساء مما يميزها عنهن ولم يعتدن لُبس مثله فهذا محرم لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من لبس ثوب شهرة ألبسه الله إياه يوم القيامة ثم ألهب في النار)).


 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على نعه السابغة وامتنانه القائل سبحانه:  يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير، ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون وقال عز في علاه ناهيا محذراً ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى .

والصلاة والسلام على رسولنا ومصطفانا القائل: ((صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أيها المؤمنون:

ومن ضوابط الزينة وشروطها المعتبرة شرعا اللازمة حكما وعملاً:

1-   ألا يكون في زينة المرأة ما يمنع من إتمام طهارتها من الحدث الأصغر كالذي يكون مانعاً من وصول الماء إلى بشرتها كبعض المناكير والمكاييج وما قد تخشى معه المرأة لو غسلت وجهها، لأذهب وأفسد عليها كثيراً مما تجملت به وصبغت به محياها أو وضعته عل عينيها.

أو كأن تلبس ثياباً كثياب العروسة ليلة زواجها وهو ما يسمى بالشرعة مما يتعذر معه أداءها لوضوئها أو صلاتها بالصورة المطلوبة شرعاً خصوصاً إذا كانت قد خرجت من عند الكوفيرة مع المغرب أو قبله أو نحو ذلك مما قد يؤدي إلى ترك الفريضة بالكلية أو جمعها مع غيرها بدون موجب شرعي للجمع.

2-   ألا يكون في تزينها وتجملها ما يضر بها صحيا أو جسديا على المدى القريب أو البعيد فهذه الأخلاط من المساحيق والبودرات وأدوات التجميل ذات الألوان المتعددة والمواد المختلفة قد ثبت طبياً ومن خلال الواقع المشاهد ما لها من أضرار على البشرة كذا الحال لمن تلبس الكعب العالي إلى غير ما هنالك مما سيأتي تفصيله بإذن الله تعالى في موضعه.

3-   ألا يكون إبداؤها لزينتها الا لمحارمها كل بحسبه فما يظهر للزوج ليس كالذي يظهر للأب وليس كالذي يظهر للأخ من الرضاع وما قد يظهر من زينتها أمام المرأة المسلمة ليس كالذي يظهر أمام الكافرة أو الكتابية وهكذا ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها .

أما الطبيب والسائق والبائع والخادم والخياط وغيرهم فلا يصح أبداً إبداء الزينة لهم ولا كشف الوجه لديهم أو إبراز شيء من الجسد عندهم.

ولا يخدعنا الواقع المرّ أو ننجرف وراء من قلّ حياؤهنّ فكشفن المستور وحسرن عن المخبؤ.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً