.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

عيد الأضحى 1418هـ

983

سيرة وتاريخ, فقه

الذبائح والأطعمة, القصص

إسماعيل الخطيب

تطوان

10/12/1418

الحسن الثاني

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

قصة إبراهيم عليه السلام وكيف تبرأ من الشرك وأهله بل وحطّم الأصنام وكيف هاجر إلى ربه وكيف ابتلاه الله بأمره بذبح ابنه فأجاب لذلك ففداه الله بِذِبْح عظيم –حثّ الناس على الاقتداء بإبراهيم عليه السلام وذبح الأضاحي في هذا اليوم

الخطبة الأولى

 

أما بعد:

يقول الله تعالى: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إِبْرٰهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَـٰهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ [البقرة:130، 131].

عباد الله، في هذه الأيام المباركة التي فضلها الله وشرفها، في هذا اليوم يوم النحر، يوم العيد الأكبر والمسلمون في بقاع الدنيا يكبرون الله تعالى على ما هداهم إليه من دين قويم وصراط مستقيم، حق للمسلم أن يذكر أبا الأنبياء، وخليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي أعلن في الناس عقيدة التوحيد في وقت طغى فيه الشرك والضلال، فعبدت الأصنام وهجرت شريعة الرحمن، فعم الفساد، فنادى في قومه: مَاذَا تَعْبُدُونَ أَءفْكاً ءالِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ [الصافات:85-87]، ولم يكتف بالدعوة باللسان بل عمد إلى أصنامهم، وهي رمز انحرافهم وضلالهم، فحطمها، وقال لقومه قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ أُفّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [الأنبياء:66، 67]، هكذا بكل ثبات أعلن كلمة الحق في وجه من أشرك وعاند وكفر، الله أكبر.

وعلى منهج إبراهيم سار هذا الركب المبارك من أنبياء الله ورسله فدعوا إلى عبادة الله وحده، وتحكيم شرعه قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّـٰغُوتَ [النحل:36]، والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من متبوع ومطاع في معصية الله، والتشريع حق من حقوق الله، وقد شرع الله لعباده المنهج الواضح والطريق السليم، وقال لرسوله: ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا [الجاثية:18]، فبين سبحانه في كتبه المنزّلة وعلى السنة رسله: الحلال والحرام، وسائر الأحكام وشريعة الله لم تترك صغيرة ولا كبيرة من أمور الناس إلا وبينت حكم الله فيها، وإنك لتجد فيما بقي سليما من صحف أهل الكتاب، تطابقا واضحا في كثير من الأحكام الشرعية فالمحرمات من خمر وقمار وربا وزنا وسرقة وغصب وغيرها من الفواحش كانت محرمة في سائر الشرائع كذلك الأمر في الأخلاق والمعاملات فقد جاء الرسل الكرام بمكارم الأخلاق، وما كان للبشرية أن تعرف مكارم الأخلاق إلا بواسطة الرسل والأنبياء فبهم عرف الناس الطيب والخبيث، والجميل والقبيح والخير والشر، الله أكبر.

ولا عجب في ذلك فدين الله واحد، قال تعالى: شَرَعَ لَكُم مّنَ ٱلِدِينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ [الشورى:13]، فالدين الذي جاءت به الرسل كلهم هو عبادة الله وتوحيده وطاعة رسله وقبول شرائعه، وقد ألزم الله تعالى الأمم السابقة بتحكيم شرعه وعمل الرسل الكرام على تطبيق حكم الله وشنع رب العزة تعالى على أولئك الذين امتنعوا من تطبيق حكم الله فقال: أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مّنَ ٱلْكِتَـٰبِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَـٰبِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ [عمران:23].

وبين حقيقتهم فقال: سَمَّـٰعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّـٰلُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة:42]. لذلك تجدهم يرفضون تحكيم شرع الله الذي أنزله الله في التوراة، كما رفض أهل الإنجيل الحكم بما أنزل الله وبذلك كانوا كفارا ظلمة فاسقين، لا رابطة بينهم وبين إبراهيم مَا كَانَ إِبْرٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلاَ نَصْرَانِيّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا [عمران:67]، وقد سمي إبراهيم حنيفا لأنه مال إلى دين الله وهو الإسلام والإسلام هو الخضوع والطاعة والخشوع لله.

فإبراهيم كان مسلما، وقد سمى الله تعالى من اتبع دينه وأطاع أمره مسلما، قال تعالى: هُوَ سَمَّـٰكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَـٰذَا [الحج:78]، فسمانا الله تعالى مسلمين من قبل نزول القرآن وفي القرآن فالمسلم حقا من اتبع ملة إبراهيم وآمن بجميع الرسل وبخاتمهم وإمامهم نبينا محمد سيد البشر، الله أكبر.

والمسلم المستسلم الخاضع لأمر الله لا يرضى إلا بحكم الله، ولا يحكم إلا بشرع الله، ولا يطبق إلا أمر الله، فقد هداه الله إلى الدين الحق، والصراط المستقيم، والمنهج القويم قُلْ إِنَّنِى هَدَانِى رَبّى إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ [الأنعام:161]، أما من زهد في دين الله وشرعه وهجر أحكامه، فقد جهل أمر نفسه وأهلكها.

اللهم اجعلنا مسلمين لك، عاملين بأمرك إنك جواد كريم، غفور رحيم.

الخطبة الثانية

 

الله أكبر... لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد، نشهد أنه الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.

عباد الله: نذكر في هذا اليوم خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام الذي ضرب المثل للأمم والأجيال من بعده: ثار ثورة عملية على الأصنام فحطمها، استهان بطغيان الكفرة الذين أرادوا حرقه بالنار، فكانت بردا وسلاما عليه. تبرأ من أبيه عندما تبين له أنه عدوا لله، هجر قومه فرحل من بلد لبلد وهو يقول: إِنّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبّى سَيَهْدِينِ [الصافات:99]، وسأل الله تعالى أن يهب له ولدا صالحا يعينه على الطاعة ويؤنسه في الغربة، فبشره الله بإسماعيل فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ [الصافات:102]. أي صار شابا قادرا على مساعدة أبيه قَالَ يٰبُنَىَّ إِنّى أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ أَنّى أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ [الصافات:102]، الله أكبر.

إنه الامتحان الذي ظهرت نتيجته الباهرة فإبراهيم صدّق الرؤيا وإسماعيل صدّق أباه، والأمر شاق وصعب، إبراهيم شيخ كبير مهاجر ترك الأرض والوطن، رزقه الله غلاما حليما، ما كاد يستأنس به حتى أمره ربه بذبحه، والإبن تلقى الأمر في طاعة واستسلام ورضى فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَـٰدَيْنَـٰهُ أَن يٰإِبْرٰهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَا [الصافات:103-105]، هذا هو الإسلام، إنه الإستسلام لأمر الله، إنه الطاعة والتسليم والتنفيذ وذاك ما يريده الله من عبده، فلما ظهر ذلك منهما فدى الله هذه النفس المسلمة بذبح عظيم.

وها أنتم معاشر المسلمين ستذبحون ضحاياكم ذكرى لهذا الحادث العظيم، ذكرى لعظمة الإستسلام والطاعة لرب العالمين، فاحمدوا الله على نعمه، واشكروه على أن وفقكم لطاعته، واذكروا أبا الأنبياء الذي هو أبو هذه الأمة المسلمة التي كتب الله عليها أن تقود البشرية بالقرآن على ملة إبراهيم عليه السلام، فأبشروا بالثواب الجزيل والخير الذي لا يحصر، الله أكبر.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً