أما بعد :
معاشر المسلمين فعظمـوا ما عظم الله وأحلوا ما أحل الله، فذلك من التقوى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [الحج:32]، وقد ورد في شأن بيت المقدس – رده الله إلى المسلمين – نصوص كثيرة منها ما ورد عن أبي ذر قال: (( قلت : يا رسـول الله أي مسجـد وضـع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحـرام. قـال: قلت:ثم أي؟ قال: ثم المسجد الأقصى. قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة ثم أينما أدركتك الصلاة فصل، فهو مسجد ))رواه البخاري ومسلم.
وروى ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي قال: (( لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس. سأل ثلاثاً: حكماً يصادف حكمه، وملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه . فقال النبي : أما اثنتان فقد أعطيها، وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة ))، وما ذاك معاشر المؤمنين إلا بفضل هذا الموطن المبارك .
ومن فضله أن الرحال تشد إليه قال النبي : (( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا )).
(( فضلت الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاة، وفي مسجدي هذا ألف صلاة، وفي مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة ))أخرجه الطحاوي.
وقد ورد أن الصلاة فيه تضاعف وأن المسيح الدجال لا يدخله، عن مجاهد قال : كنا ست سنين علينا جنادة بن أبي أمية فقام فخطبنا فقال : أتينا رجلا ًمن الأنصار من أصحاب رسول الله فدخلنا عليه فقلنا: حدثنا ما سمعت من رسول الله ولا تحدثنا ما سمعت من الناس فشددنا عليه فقال: (( قام رسول الله فينا فقال: أنذرتكـم المسيح وهو ممسوح العين، قال أحسبه قال: اليسرى، يسير معه جبـال الخبز وأنهار الماء، علامته يمكث في الأرض ومسجد الرسول والمسجد الأقصى والطـور. ومهما كـان من ذلـك فاعلموا أن الله عز وجل ليس بأعور)).
ويكفي شرفاً لبيت المقدس أن إليه أسري نبينا ، ومنه كان المعراج حيث صعد منه إلى السماء وقيل: إنه هو الذي تصعد منه الأرواح إلى السماء حيث ينظر إليه العبد إذا شخص بصره عند طلوع روحه.
وقد وردت آثار في فضل من اعتمر من بيت المقدس وفعل ذلك عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما وأرضاهما – .
وفي مسجدها الصخرة المشرفة، وفيه الحلقة التي ربط النبي بها البراق وبمسجدها صلى النبي إماما بالنبيين والمرسلين. روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله : (( من أراد أن ينظر إلى بقعة من بقع الجنة فلينظر إلى بيت المقدس ))، وقال عبد الله بن عمر: بيت المقدس بنته الأنبياء وعمرته، وما فيه موضع شبر إلا وقد سجد عليه نبي أو قام عليه ملك.
وفي بيت المقدس بشر الله زكريا بيحيى عليهما السلام. وسخر الله لداود الجبال والطير في بيت المقدس. ويهلك الله يأجوج ومأجوج في بيت المقدس. وولد عيسى عليه السلام في المهد في بيت المقدس وأنزلت عليه المائدة فيها ورفعه الله إلى السماء منها وينزل من السماء فيها ليقتل المسيح الدجال. وصلى النبي إلى البيت المقدس قبل توجهه إلى الكعبة ستة عشر أو سبعة عشر شهراً. وورد في آثار أن المحشر والمنشر في بيت المقدس . وغير هذا من الفضائل كثير.
|