قال تعالى: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن [البقرة: 187].
إن من سنن الله في الخلق والتكوين أن الرجل متمم للمرأة، والمرأة مكملة للرجل، ولا غنى لأحدهما عن صاحبه حيث الوحدة في المشاعر والآمال والإنجاب والمضجع.
فما الزوجة؟ ولماذا الزوجة الصالحة؟ وما هي حقوق الزوجة على زوجها؟ وما موقف المسلم من ذلك كله ؟
الزوجة لغة: امرأة الرجل، ويقال لها زوج، وبها جاء القرآن اسكن أنت وزوجك الجنة [البقرة:35].
وينبغي أن تعلم:
1- أن الله سبحانه شرع النكاح وجعله السبيل الوحيد الكريم الحلال الذي أذن الله به وحرّم ما سواه فقال تعالى: والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون [المؤمنون:5-8].
لما فيه من تكريم للرجل وصيانة للمرأة وحفظ للأبناء من الضياع وسلامة المجتمع من الانحلال ونجاة من الأمراض التي كتبها الله على المنحرفين من طلاب المتعة الحرام من السفلس والهربس والإيدز مصداقا لقول رسول الله : ((لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا ظهرت فيهم الأوجاع والأسقام التي لم تكن في أسلافهم)).
2- وقد سمى الله تعالى ما بين الرجل وزوجه ميثاقا غليظا قال تعالى: وأخذن منكم ميثاقا غليظا [النساء:21]. وهو العقد، وقد لعن رسول الله كل من كان سببا في التهوين أو الهدم والإفساد لذلك العقد الغليظ فقال في حق الرجل: ((لعن الله كل ذواق طلاق)) وقال في حق المرأة: ((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة)) وقال في حق من يسعى لإفساد المرأة على زوجها: ((ليس منا من خبب (أي أفسد) امرأة على زوجها)).
3- واستئذان المرأة فيمن يكون زوجا لها واجب ولها حق المطالبة بالفسخ للحديث: ((عن خنساء بنت ضرام أن أباها زوجها وهي ثيب. فأتت رسول الله فرد نكاحها))،((الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وأذنها صماتها)).
وأما لماذا الزوجة الصالحة؟ فلابد من الزوجة الصالحة أن تحرص عليها في اختيارك، وانتقائك وذلك:
لأنها خير متاع للحديث: ((الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة)).
سبب لسعادتك للحديث: ((ثلاثة من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح ومن شقاوة ابن آدم: المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء)).
فالزوجة سلاح ذو حدين فمن شاء الله إسعاده كتب له الزوجة الصالحة ومن أراد الله شقاءه كتب له الزوجة السوء، سئل أحد الأعراب: عن صفات المرأة السوء، فقال: هي المرأة التي تدفن الحسنات وتفشي السيئات، هي المرأة التي تعين الزمان على زوجها ولا تعين زوجها على الزمان، هي التي إذا بكى زوجها ضحكت وإذا ضحك زوجها بكت، هي التي تبكي وهي ظالمة هي التي يكون صبيها مهزول، هي الحنانة أي التي تحن إلى أهلها مما فيه إنقاص في حق الزوج هي الأنانة أي التي تتشكى من غير مرض ومن غير سبب، هي المنانة أي التي تمن على زوجها بكل عمل تعمله.
هي التي تأمنها على عرضك وشرفك: فإذا خرجت من بيتك لا تلتفت وراءك أبدا مطمئنا إلى عفتها في غيبتك عنها كذا عرّف رسول الله المرأة الصالحة فقال: ((المرأة الصالحة تراها تعجبك وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك، المرأة (أي المرأة السوء) تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك وإن غبت عنه لم تأمنها على نفسها ومالك)).
وأما حقوق الزوجة على زوجها:
قال تعالى: وعاشروهن بالمعروف [النساء:19].
العشرة هي المخالطة والممازجة والصحبة وقد أمر الله تعالى بحسن صحبتهن والحديث: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)).
وذلك يكون:
بالتبسط معهن ومداعبتهن للحديث: ((كان رسول الله من أفكه الناس مع نسائه)) وسابق يوما عائشة رضي الله عنها فلما حملت اللحم (أي السمنة) سابقها فسبقها فقال: ((هذه بتلك)).
أن يتجمل لها ويتزين، يقول ابن عباس : (إني أحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين المرأة لي) فينظف نفسه ويزيل عرقه ويقلم أظافره كل هذا ما يتفق مع رجولته من غير تشبه بالنساء.
تعليمها أمور دينها: فالرجل مسؤول عن المرأة بين يدي الله سبحانه للحديث: ((إن الله سائل كل راع عما استرعاه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته)). يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا [التحريم:6]. فالرجل مسؤول أن يعلمها.
أ - ما يتعلق بالعبادات من أحكام الطهارة والوضوء والحيض والنفاس والصلاة والصيام.
ب- يعلمها حقوق الزوج والأهل والأقارب والجيران.
ج - يعلمها أدب التعامل مع الآخرين فلا سخرية ولا غيبة ولا نميمة ولا حسد.
د - يعلمها الحذر من ألفاظ الكفر وسب الدين والفاحش من القول أو الدعاء على الأبناء بالسوء أو على نفسها لئلا توافق ساعة إجابة تكون قد جنت على نفسها وبيتها بيدها.
عن أبي موسى قال: ((ما أشكل علينا - أصحاب رسول الله - حديثا قط سألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علما)).
بل إن النساء لابد أن يكون لهن درس خاص مع رسول الله فعن أبي سعيد قال: قالت النساء للنبي : يا رسول الله: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا من نفسك فوعدهن يوما فوعظهن وأمرهن وكان فيما قال لهن: ((ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان ذلك لها حجابا من النار فقالت امرأة: يا رسول الله واثنين: قال واثنين)).
ويمكن إيصال ذلك بالمحاضرة أو الكتاب أو الشريط الإسلامي ومدارسة ذلك في لقاء أسري كريم تحفه الملائكة.
الغيرة والاعتدال فيها: المرأة تحب الرجل الذي يحميها من ذئاب الحياة وكلابها، وينأى به عن مواطن الريبة والتحلل.
أ- ومن دلائل الغيرة المحمودة أن يلزم أهله باللباس الشرعي، قال تعالى: ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى [الأحزاب:33].
ب- ومن دلائل الغيرة المحمودة أن ينأى بها عن الجلسات المختلطة: ((إياكم والدخول على النساء)).
ج- ومن دلائل الغيرة المحمودة أن يصونها عما يخدش حياءها من الكلمة المسموعة والمقروءة والمرئية من كلاب المتعة الحرام وطلابها ومن الذين لا يحسنون إلا أدب الفراش وشعراء الهوى، والغيرة من سمات الرجل السوي للحديث: ((إن الله تعالى يغار والمؤمن يغار)) .
وفاقد الغيرة محروم من الجنة للحديث: ((لا يدخل الجنة ديوث)).
ومن صور فقدان الغيرة أن يرضى لزوجته أو ابنته أو أخته أن تمشي عارية الساقين والصدر والظهر وأعين الذئاب تلتهمها بنظراتهم أو أن تجالس الرجال وقد وضعت فخدا على فخد أو أن تذهب إلى الكوافير الرجل أو الخياط الذي يقيس لها فستانها مع ما يصحب ذلك من اللمس والكلمات المائعة وكشف الأستار والواقع يشهد بما هو أنكى وأقبح وقد أعرضنا عنه لانحطاطه وما ذكرناه إنما هو إشارة للعاقل الرشيد.
المهر والنفقة: قال تعالى: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة [النساء:4]. صدقاتهن: أي مهورهن نحلة: أي فريضة وللحديث: ((أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو أكثر ليس في نفسه أن يؤدي إليها حقها خدعها، فإن مات ولم يؤد إليها حقها لقي الله يوم القيامة وهو زان)).
وكذا النفقة لقوله تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم [النساء:34]. وللحديث: ((كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول)).
وعليك أن تتحرى الحلال فلا تطعمهم الحرام ولقد كان نساء الأنصار يودعن أزواجهن في الصباح ويقلن لهم: (اتقوا الله فينا واطلبوا الحلال فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار) وللحديث: ((كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به)) .
العدل في القسم بين الزوجات لمن له أكثر من زوجة فيجب على الرجل، أن يعدل بين نسائه إن كان له زوجتان أو أكثر في المبيت والنفقة والسكن والعطاء وفي كل أمر يمكنه العدل فيه وهو معفي فيما لا يمكنه العدل فيه من ميله إلى واحدة دون الأخرى في المحبة لذا كان رسول الله يقول: ((اللهم هذا جهدي فيما أملك، ولا طاقة لي فيما تملك ولا أملك)). وكان حبه لعائشة رضي الله عنها أكثر من حبه للأخريات من غير أن ينقص من حقهن شيء.
ثم الحذر من الظلم والميل إلى واحدة دون الأخرى للحديث: ((من كان له امرأتان فمال: إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة واحد شقيه مائل)).
وأي ظلم أعظم من أن تستأثر واحدة به فتحرم الأخرى النفقة والمبيت فتصير كالمعلقة لا هي بالزوجة ولا هي بالمطلقة.
أن يرقى بزوجته فهما واهتماما: الزوجة هي من نتاج هذا المجتمع البعيد عن إسلامه المتأثر بانحرافات الأمة فلا تفترض فيها الفهم الإسلامي الكريم ولكن لما كانت هناك بذور صلاح وأصول طيبة فالمعالجة ممكنة.
فعن عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة وتصدقوا بها إلا كتفها، فقال النبي : ((ما بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إلا كتفها فقال رسول الله : بقي كلها غير كتفها)) .
بعد ذلك كانت عائشة رضي الله عنها يأتيها عطاؤها فتفرقه كله فتقول لها مولاتها: (لو أبقيت شيئا تفطرين عليه، فتقول الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها: والله لو ذكرتني لفعلت).
موقف المسلم من الزوجة:
في حالة الشقاق بين الزوجين: فإن كان السبب هي الزوجة فيعالج الرجل الأمر بالوعظ والتذكير فإن لم ينفع هجرها فلا جماع ولا لهو ولا مزاح ويستمر من 3 أيام إلى شهر ولا يزيد فإن لم ينفع فله أن يضربها تأديبا قال العلماء: يضربها بالسواك وهو عود لا يزيد عن غلظ أصبع وقيل بيده من غير أن يكسر عظما أو يسيل دما أو يمس الوجه قال تعالى: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا [النساء:34]. وإذا كان السبب هو الزوج أو كلاهما معا فإن الله يأمر أن يُبعث حكم من أهل الرجل وحكم من أهل المرأة للإصلاح: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليها أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير [النساء:35]. وإن خفتم شقاق بنيهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريد إصلاحا يوفق الله بنيهما [النساء:138].
فيقومان بالصلح أو التفريق إذا لم ينفع الصلح.
زيارة الزوجة لوالديها: ذهب المالكية والحنفية أن للمرأة الخروج لزيارة والديها كل جمعة ومحارمها كل سنة وأن الزوج لا يمنع أبوي الزوجة من الدخول عليها في كل جمعة، وإن اتهم والديها بإفسادها فله أن يدخل امرأة من جهته وذهب الحنابلة إلى إنه عرف بقرائن الحال حدوث ضرر بزيارتهما أو زيارة أحدهما فله المنع .
فإن امرأة بدون أخطاء تريد رجلا بدون أخطاء ولما كان الخطأ وارد وهو من طبيعة ابن آدم، بل إن أخطاء الزوجة هي سر حاجتها وانجذابها إلى الرجل وتلك من حكمة الحق سبحانه لذا كان لابد من المداراة والمعرفة بطبيعة المرأة وعدم حمل انفلاتها في عاطفتها محمل الجد الذي تبني عليه المواقف التي تؤدي إلى انهيار الأسرة بسبب كلمة قالتها فذلك جهل وعدم تقدير للمواقف وللحديث: ((استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع أعوج وأعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستمتعوا بهن على عوجهن)).