.

اليوم م الموافق ‏21/‏جمادى الأولى/‏1446هـ

 
 

 

الجذور التاريخية للحركة الحوثية

6552

أديان وفرق ومذاهب

فرق منتسبة

صالح بن عبد الله الهذلول

البدائع

1/1/1431

جامع الدهامي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- تعريف الزيدية وبيان نشأتهم. 2- قرب الزيدية من أهل السنة. 3- تفرق الزيدية وعدم انتظام أمرهم. 4- خطر الحركات الباطنية. 5- فرقة الجارودية. 6- قراءة في تسلل الحوثيين وعدوانهم.

الخطبة الأولى

أما بعد: (الزيدية هم أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة رضي الله عنها، ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم).

(وزيد بن علي لما كان هذا مذهبه أراد أن يحصل الأصول والفروع حتى يتحلى بالعلم، فتتلمذ في الأصول على واصل بن عطاء رأس المعتزلة ورئيسهم... فاقتبس منه الاعتزال وصار أصحابه معتزلة. وكان من مذهبه جواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل والخروج على أئمة الجور. فقال: كان علي بن أبي طالب أفضل الصحابة، إلا أن الخلافة فوضت إلى أبي بكر لمصلحة رأوها وقاعدة دينية راعوها؛ من تسكين ثائرة الفتنة، وتطييب قلوب العامة. فكانت المصلحة أن يكون القائم بهذا الشأن مَنْ عرفوه باللين والتؤدة والتقدم بالسن والسبق في الإسلام والقرب من رسول الله ... ولما سمعت شيعة الكوفة هذه المقالة منه وعرفوا أنه لا يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما رفضوه. ولما قتل زيد بن علي وصلب في الكوفة قام بالإمامة بعده ابنه يحيى بن زيد، فمضى يحيى إلى خراسان، فاجتمعت عليه جماعة كثيرة. وقد وصل إليه الخبر من ابن عمه جعفر الصادق بأنه يقتل كما قتل أبوه، ويصلب كما صلب أبوه، فجرى عليه الأمر كما أخبر. ولم ينتظم أمر الزيدية بعد ذلك) [الملل والنحل للشهرستاني ص154-158. وانظر: مقالات الإسلامية للأشعري ص136]. ثم تفرقوا فرقًا عدة.

أيها المسلمون، عامة الزيدية قريبون من أهل السنة في شأن الصحابة، يترضون عليهم، ويتولون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وقد تأثر كثير جدًا منهم في اليمن بأهل السنة، لنشاط الدعوة السنية هناك، وقدوم عدد كبير منهم للعمل في المملكة على مدار الخمسين سنة الماضية ودراسة عدد منهم في الجامعات السعودية، وسلفُهم في ذلك علماء أجلاء كانوا على مذهب الزيدية ثم تحولوا لمذهب أهل السنة والجماعة، منهم الأمير الإمام الصنعاني توفي سنة 1182ه، والإمام محمد بن علي الشوكاني توفي سنة 1250ه، وهم من أعلام أهل السنة والجماعة في عصرهم، ومن المعاصرين الشيخُ مقبل الوادعي فقد كان زيديًا ودرس في الجامعة الإسلامية في المدينة فصار من أعلام أهل السنة، وغيرهم كثير ممن لهم جهود مشكورة في بلادهم.

معشر الأفاضل، لما قتل زيد بن علي في الكوفة سنة 121ه، ثم قتل من بعده ابنه يحيى بجوزجان من بلاد خراسان سنة 126ه، وقتل من بعدهم الإمامان محمد وإبراهيم، لم ينتظم أمر الزيدية، ومالت فرقة منهم عن القول بإمامة المفضول، فطعنت في الصحابة رضي الله عنهم كما فعل الرافضة الذين رفضوا زيدًا من قبل، وهؤلاء هم الجارودية من الزيدية، فهم غلاة، معتقدهم قريب من معتقد الرافضة الاثني عشرية، زعموا أن النبي نصّ على علي بالوصف دون التسمية.

(والتشيع ثوب يتستر وراءه كل من يريد أن يبذر الفتن ضد الإسلام والمسلمين، ومأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام بإدخال تعاليم آبائه وأجداده من يهودية ونصرانية ومجوسية وهندوسية وأفلاطونية وغيرها من كافة الفرق الباطنية)؛ ولهذا قال الإمام القاضي ابن الباقلاني عن هؤلاء: "إن ظاهرهم الرفض وحقيقتهم الكفر المحض". فهم يبطنون خلاف ما يظهرون، ويكتمون اعتقادهم فلا يظهرونه إلا لمن وثقوا به، ويعتقدون أن لظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري في الظواهر مجرى اللب من القشر، وهي في حقيقتها كما يزعمون رموز وإشارات لا يفهمها غيرهم.

أيها المؤمنون، (يرى بعض العلماء ومؤرخي الفرق أن الأصل التاريخي للباطنية يرجع إلى المجوس، وذهب آخرون في نسبتها إلى الصابئة بحران. إلا أن هذا الاختلاف لا يعني شيئًا كثيرًا عندما نعرف أن الأصول التي تعتمد عليها الباطنية بكل فرقها وطوائفها نابعةٌ من الفلسفة اليونانية التي غذت بأفكارها الكثير من هذه الفرق).

(والمتتبع لتطور عقائد الشيعة، والتي بدأت بفكرة الدفاع عن حق آل البيت في الخلافة، إلى اتخاذ هذا البيت الكريم والنسب الشريف وسيلةً لنشر مذاهب دينيةً خاصة تهدف إلى أغراض سياسية يَجزم أن وراء هذه التطورات يدًا خبيثة سوداء تحيك في الظلام مؤامرة ضد عقائد الإسلام.

والراجح تاريخيًا أن اليهود لا يستطيعون الانتقام بحد الحسام، فلجؤوا إلى الحيلة والمؤامرة لزرع الفرقة بين المسلمين، ليضربوا بعضهم ببعض، حيث تقدم عبد الله بن سبأ ذلك الحبر اليهودي الذي تظاهر باعتناق الإسلام، وحاول أن يظهر بمظهر المشفق على الحياة الإسلامية، فاستطاع من خلال ذلك أن يجذب إليه الذين زعموا في تصرفات عثمان خروجًا عن منهج سلفيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وكان دور ابن سبأ أن ينشر هذا الخلاف في شكل يلفت النظر ويثير النفوس على عثمان . وفي هذا الجو تمكن اليهودي الذي تدثر بالإسلام أن يوحي إليهم بمؤاخذة عثمان أو انتقاصه. وفي هذا الجو المعتم كانت الباطنية بقيادة ابن سبأ اليهودي تحيك مؤامراتها بابتداع وترسيخ مناهج الباطنية في تأويل نصوص الشريعة على نحو يفضي إلى نسخها والاستعاضة عنها بخليط عجيب يجمع بين خرافات الفرس ووثنية الإغريق وعقائد اليهود الذين حرفوا دينهم) [انظر: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي د. محمود الخطيب ص19-21]. والغاية من هذا كله هدم الإسلام وتقويض بنائه الذي عجزوا عن مواجهته.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق لظهروه على الدين كله ولو كره المشركون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مضى في سابق علمه وقدره أن يظل الصراع والتدافع بين الحق والباطل إلى أن تقوم الساعة، يَمنُّ على من يشاء من عباده بفضله، فيشرفوا بالدفاع عن هذا الدين والذود عن حياضه وردِّ شبه المبطلين والأفَّاكين، وشقي مَنْ شقي فاجتالته الشياطين، وصرفته عن الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبد ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسحبه وسلم.

أما بعد: الجارودية من الزيدية من الفرق التي وجدت باليمن، ونشروا دعوتهم في بعض أقاليمه، وخاصة الشمال الغربي منه؛ في صعدة وحراز وما حولهما، وهذا لا يعني أن كل أهل تلك الأقاليم يعتنقون مذهب الجارودية. وفي الموضع ذاته -أي: في شمال غرب اليمن أو غربه أي: في حراز- قامت الدولة الباطنية الصليحية في القرن الخامس الهجري على يد مؤسسها علي بن محمد الصليحي، الذي كان شافعيًا كعامة أهل اليمن، ولد سنة 403ه، ونشأ على معتقد أهل السنة، ثم تأثر بدعوة القرامطة والعبيديين الباطنية، فاعتنق مذهبهم، ثم سعى في نشر باطلهم. وكان رجلًا شجاعًا مقدامًا سفاكًا للدماء، على صلة وثيقة بالقرامطة والعبيديين، فأمدوه وأعانوه بالخبرة والرجال، فبدأ عملياته العسكريةَ في اليمن سنة أربعمائة وتسع وثلاثين بتسعمائة وخمسين رجلًا، فاستولى على عدد من البلدان اليمنية.

وقد ذكر محمد بن مالك الحمادي الذي دخل في نحلته تظاهرًا أنه رأى وسمع من الصليحي ومن أقطاب تلك النحلة كل ضلالاتهم وكفرياتهم وبدعهم، وقال عنه: "سمعت علي بن محمد الصليحي مرارًا وأسفارًا يقول لأصحابه: قد قرب كشف ما نحن نخفيه، وزوالُ هذه الشريعة المحمدية". ويقول عنه أيضًا: "إنه -أي: الصليحي- ومن على مذهبه يدعون إلى ناموس خَفِيِّ كلَّ جهول غبي، بعهود مؤكدة، ومواثيق مغلظةٍ مشددة على كتمان ما بويع عليه، ودُعي إليه"... ثم يقول: "وقصارى أمره إبطال الشرائع، وتحليل جميع المحارم، فسارع إليه مَنْ لم يكن له بالشرع معرفة، لأنه صادف أكثر الناس عوامّ، فأجابه إلى دعوته الرعاع والطغام، ومن لم يكن له معرفةٌ قبلُ بالإسلام" [كشف أسرار الباطنية محمد بن مالك الحمادي ص74-75].

معشر الإخوة الفضلاء، إن ما يجري على الحدود الجنوبية للمملكة من حرب إنما هي حرب عقيدة، والمتسللون الحوثيون لهم مخططات بعيدة، وأعوانهم من الرافضة والباطنيين يمدونهم ويباركون خطواتهم، وأقطاب الشر من أمريكا واليهود يغضون الطرف عنهم.

وما يقوم به الحوثيون إنما هو محاولةٌ لتكرار ما عمله أسلافهم الصليحيون من نشر مذهب الباطنية، وإسقاط الشريعة المحمدية، وهدم توحيد رب العالمين. ونرجو ونسأل الله تعالى أن يحيق بهم مكرهم، وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ.

والمبشرات في هذا بدأت تظهر ولله الحمد، ولكن ينبغي أن لا نفرط في التفاؤل، فالعدو شرس، وقد تخندق في مناطق تضاريسها غايةٌ في الصعوبة، ومنذ سنوات طويلة وهو يتهيأ لهذه الحرب.

وفي المقابل فمن الناس من يبالغ في التشاؤم، وهذا الموقف خاطئ وغير صحيح أيضًا، ولا ينبغي؛ لأن أولئك الحوثيين مفسدون وظالمون والله لا يصلح عمل المفسدين، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ. ولكن على هؤلاء وأولئك المتفائلين والمتشائمين وعلينا جميعًا أن نعي وندرك أن الحوثيين أصحابُ عقيدة ومبدأ يقاتلون من أجله، ولهم أهداف وأطماع، وهم يخوضون حرب عصابات، ومن المعلوم تاريخيًا وواقعيًا أن حرب العصابات تكلف الجيوش النظامية كثيرًا، فالقضاء عليها شاق. وقد شهدنا نحن قبل سنوات كيف انهزم الروس، واندحروا، وذهبت حضارتهم، وولوا الأدبار أمام المجاهدين الأفغان. ونشاهد الآن كم تعاني أمريكا في حربها في العراق، وفي أفغانستان، رغم امتلاكها أفتك الأسلحة وأشدها دمارًا وأعلاها تقنية أمام عصابات لا تملك إلا أسلحة تقليدية بسيطة، وقد دفعت مؤخرًا بعشرات الألوف من المقاتلين لحربها في أفغانستان، في خطوة توصف بأن أمريكا تسير على خطى روسيا في تكتيك الانسحاب، بأن تدفع بهذا العدد الهائل من المقاتلين حتى تحرز نصرًا موهومًا لتنسحب. وقد حفظت ماء وجهها أمام العالم إن كان في الوجه ماء!

والحاصل من هذا أن الحوثيين يخوضون حرب عقيدة، فلن يفلهم أو يهزمهم إلا أن يقابلوا بعقيدة أقوى وبأس أشد، وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً، عقيدتهم باطنية خرجت من رحم الشيعة الرافضة الذين يعتمدون الكذب والبهتان والإفك دينًا وعقيدة يتدينون به، فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.

وإذا أضافوا إليها السحر والتنجيم، وهم يعتمدونه في حروبهم السابقة واللاحقة حقت عليهم كلمة ربك أنهم لا ينصرون. لكن قدّر الله تعالى أن يتم ذلك إذا قوتلوا بجند الحق، وتحت راية الإسلام، والله جل وعلا يقول: وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ. ويعد سبحانه، ووعده حق لا يتخلف: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ، وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً