الحمد لله وحده، نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: الشعوب عامة قديمًا وحديثًا لا بد لها من دين تتدين به، وتنتسب إليه، سواء كان الدين على هدى من الله أم من صنع البشر. وهذه ضرورة أدركها القادة والزعماء ورواد الفكر في كل زمان، وغابت هذه الحقيقة عن الشيوعية المعاصرة، فحرّموا التدين، وزعموا أن الدين أفيون الشعوب، ورفعوا شعار: "لا إله والحياة مادة"، فما كان من حضارتهم إلا أن تهاوت، فلم تصمد أكثر من سبعين سنة، رغم الإمكانات المادية الهائلة التي امتلكتها، فتمزقت دولتهم، وانهدمت حضارتهم، وشمت بهم أعداؤهم، ولعنتهم شعوب الأرض كلُّها.
وقد أدرك ملوك فارس قبل الإسلام هذه الحقيقة من أنه لا بد للشعوب من دين تتدين به، فأولوا هذا الأمر عنايتهم منذ القدم، بل جعلوه من أوليات حياتهم، في سعيٍ جاد للمحافظة على مجدهم، والتعصب لعرقهم، وطمعًا أن تمتد حضارتهم فتستمر، وأوكلوا هذا الأمر إلى عائلة منهم، أضفوا عليها ثوب القداسة تتولى شؤون الدين، ويكون منها الحكام وسدنة بيوت النار، ومن تلك العائلات "ميديا" و"المغان"، حتى ظهر نور الإسلام فأطفأ نار المجوسية، وهدم بيوت الشرك والوثنية، ودخلت بلاد فارس في دين الله تعالى. لكن بقيت بقايا منهم قطّع الحسد قلوبهم، وشرقوا بالإسلام فدخلوه نفاقًا، في انتظار وترقب فرصةٍ للانقضاض عليه.
معشر الفضلاء، "في تشيع الفرس لآل البيت محاولةُ إحياء لعقائدهم البائدة التي نادى بها ملوكهم في الجاهلية: زرادشت، ومانوا، ومزدك، وغيرهم. وكل الذي فعلوه أنهم استبدلوا عائلة المغان المقدسة لديهم قبل الإسلام بآل البيت، وقالوا للناس: بأن آل بيت رسول الله هم ظل الله في الأرض، وأن أئمتهم معصومون، وتتجلى فيهم الحكمة الإلهية". ولفقوا أكاذيب عليهم، ونسبوا أقولًا إليهم توافق أهدافهم البعيدة، آلُ رسول الله المتقدمون منهم برآء من كل ذلك.
ولا زال للحديث في هذا الموضوع بقية نأتي عليها في جمعٍ قادمة إن شاء الله تعالى.
اللهم انتقم ممن نال عرض نبيك، وخوّن صحابته، وكفرهم، واستحل دماء المسلمين، وسعى جاهدًا لهدم التوحيد، ورفع راية الوثنية وإيقاد نار المجوسية.
|