أما بعد: عباد الله، إن أعداء الإسلام يكيدون للإسلام وأهله كما قال الله سبحانه عنهم: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً. لقد طرقوا أبوابا عديدة وليس هذا بعجيب، لكن العجب أن تنطلي دعواتهم على السذج من الناس والبسطاء فيصبحوا أعداء لنا.
لقد تمكن أعداء الأمة من هز كيانها من خلال بابين: الأول: باب العقيدة، والثاني: من باب المرأة.
أما العقيدة فقد استطاعوا أن ينشئوا مذاهب وأفكارا وعقائد منحرفة عن الصراط المستقيم، فصار المسلمون شيعا وأحزابا، يكفر بعضهم بعضا ويفسق بعضهم بعضا. وسلط هؤلاء على نصوص الوحيين التأويلات الباطلة حين فسد الدين، لولا أن الله تكفل بحفظه، فقيض علماء ربانيين ينفون عنه تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين.
أما الباب الثاني فهو باب المرأة المسلمة، فلم تعد جهة معينة هي التي تتحدث عن المرأة وتهتم بشئونها، فأصحاب الرذيلة ووسائل الإعلام والمنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان كما زعموا أصبحت تتبنى هذه القضية. نعم، هناك حرب ضروس لا هوادة فيها تحاك ضد المرأة المسلمة.
لقد علم أعداء الشريعة مدى حساسية المرأة بشكل خاص في المجتمع، وأنها مربية الأجيال، بل هي المجتمع كله. فبدأ هؤلاء في تغيير نظرة الناس والمرأة بشكل خاص؛ لأنها هي المعنية بالضوابط الشرعية، فأقاموا مئات الندوات وكتبوا ألاف المقالات ونظموا عشرات المحاضرات وضموا إلى ذلك تلك الأفلام والمسلسلات التي تخدم هذا التيار وهذا التوجه.
لم تعرف البشرية حضارة ولا دينا اعتنى بالمرأة كالإسلام، جعلها مرفوعة الرأس عاليه المكان مرموقة القدر، نظر إليها على أنها شقيقة الرجل، خلقا من أصل واحد ليسعد كل منهما بالآخر، قال : ((النساء شقائق الرجال)) رواه أحمد. فالمرأة في التكاليف كالرجل، وكذلك في الثواب قال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا
لقد أشاد الإسلام بفضل المرأة وعدها نعمة من نعم الله، قال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا، وفي مسند الإمام أحمد ((من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة)) رواه أبو داود.
إخوة الإسلام، إن المرأة في ظل الإسلام القويم تعيش حياة ملؤها الحفاوة والتكريم، من أول يوم تقدم فيه إلى هذا الحياة، مرورا بجميع مراحل حياتها حتى الموت. فقد رعى الإسلام حقها طفلة قال : ((من عال جارتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين)) رواه الترمذي، وقال : ((من كان له ثلاث بنات وصبر عليهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار)) السلسلة الصحيحة. ورعى حقها أما قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، وجعل حق الأم في البر آكد، جاء رجل إلى رسول الله فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: ((أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((أبوك)) رواه مسلم. ورعى حقها زوجة وجعل لها حقوقا عظيمة على زوجها من المعاشرة بالمعروف والإحسان والرفق، قال : ((استوصوا بالنساء خيرا))، وقال : ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائه)) رواه أبو داود. ورعى حقها أختا: ((لا يكون لأحد ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا دخل الجنة)) رواه الترمذي. ورعى حقها في حال كونها أجنبية: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالقائم الذي لا يفتر والصائم الذي لا يفطر)) رواه مسلم.
وهذه بعض حقوق المرأة، فلقد أعطاها الإسلام من الحقوق ما يليق بخلقتها، كيف لا والذي منحها الحقوق هو خالقها، أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.
وعلى الرغم من أن الإسلام احترم المرأة وأعلى مكانتها وأعطاها حقوقها، لكن الأعداء لم يرق لهم وضع المرأة المسلمة، فأرادوا أن تخرج من بيتها تزاحم الرجال، وأثاروا ضجة حول تحرير المرأة عبر وسائل الإعلام وظهروا على أنهم يدافعون عن المرأة.
إنه يجب علينا أن نفهم مصطلح (تحرير المرأة)، إنها حرب على الإسلام ولكن هذه المرة من خلال بوابة المرأة، فالمرأة تواجه تحديات وصراعات متعددة، فأنتَ لا تدري هل تحميها من ذئاب الإعلام أم تحافظ عليها من فساد الشارع والسوق.
إن هؤلاء المسعورين من العلمانيين والغرب ومن سار في فلكهم ممن يتباكون على وضع المرأة هم أعداؤها، وإنهم يريدون انحلال المرأة من دينها، وأن تخلع حجابها وتترك بيتها، يريدون إفساد أخلاقها، وذلك في غفلة وقلة إنكار من أهل العلم والصالحين.
بدأ مسلسل ما يسمى (تحرير المرأة) قبل مائة عام أي: عام 1899م، حتى خرج كتاب (تحرير المرأة) لقاسم أمين الذي دعا فيه إلى سفور المرأة ونبذ الحجاب واختلاطها بالرجال، ولم تكن في مصر امرأة تختلط بالرجال سوى امرأة واحدة هي "ناظلي فاضل" حفيدة محمد على باشا.
وفي تركيا دعا أحمد رضا عام 1908م إلى فساد المرأة فقال: "ما دام الرجل التركي لا يقدر أن يمشى علنا مع المرأة في تركيا وهي سافرة الوجه فلا أعد في تركيا دستورا ولا حرية". وانظر إلى ما هو واقع اليوم في تركيا: مراقص ودور للبغايا.
ولقد شغلوا المرأة وجعلوها تزاحم الرجال على الوظائف، فحصلت البطالة في أوساط الرجال المطالَبين أصلا بالنفقة، وبالتالي لا مردود لعمل المرأة سوى العلقم: حدت من نسلها، أهملت أسرتها، حصلت تأثير نفسي على أولادها إذ إنهم تربوا إما على خادمات أو عند الجيران أو في الشوارع، كثرة حالات الطلاق، المرتب يذهب للخادم والمواصلات وطعام السوق.
بارك الله لي ولكم بالقرآن, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر والبيان، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
|